الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
286 - محمد فتحا ابن الهادى غريط المكناسى النشأة والدار المراكشى الإقبار
.
حاله: من أهل المشاركة في العلوم، ومن يشار إليهم في تجرير المنطوق منها والمفهوم، حصل على الإجادة والإتقان، وأصبح علما يهتدى به، قوى العارضة، جيد النظم والنثر، ماهر في علم الطب وخواص النباتات، تقى نقى، هين لين، صالح خاشع متواضع، انتقاه سيدنا الجد السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام لنفسه وحرمه وجعله الطبيب الخاص به، له فيه الثقة الكاملة، يعتقده ويعظمه ويقدره، ويأتمنه على حياته، لا يفارق على بابه، يظعن بظعنه ويقيم بإقامته.
وكان رحمه الله مغرمًا بحب الصالحين وأهل الفضل، معتقداً خصوصيتهم منتسباً ظاهراً وباطنًا إليهم، وعلى الأخص العارف الكامل أبو محمد عبد القادر العلمى فكان ملازمًا لخدمته، فانيًا في محبته. مستغرق الأوقات في مجالسته. والثناء عليه والحض على صحبته. والعض عليها بالنواجذ، وقفت على عدة مكاتيب له أصدرها لخاصة أصدقائه بما ذكر ودونك بعض نصوص بعضها ومن خطه نقلت:
عوض أخى وولدى حقًا وصدقًا، الطالب السيد الهادى بصرى أصلحك الله وحفظك، وسلام عليك ورحمة الله عن خير ولله الحمد.
وبعد: فقد وصلنى يا أخى كتابك، وأفهمنى مضمونه خطابك، وقد لوحت إشارتك، ووضحت عبارتك، وإنى وأنت يا أخى كلمحة برق في بعض العوالم، غير أن الله تعالى تفضل علينا جميعًا بنفحة كرمه تنسمت نسمات طيبها العاطر في مظهر منة العلمية، فاستوجبت منا جميعا أن ننفق بضاعة عمرنا في أداء شكر من بسط ضياء شمس وجودها علينا جميعًا، ومتعنا بوسع كرمه اللدنى فيه حتى شملتنا مبرته فأوسعنا خاطره رضى الله عنه بالتنزل الرحمانى الربانى، حتى إنه
رضى الله عنه مع ثقوب نورانية كوكبه الدرى في بسط خلقه معنا جميعا كأحدنا، وأحني وأشفق علينا جميعا من والدينا، يهتم لما أهمنا وما يهمنا أكثر من اهتمامنا لأنفسنا.
وهذا الأمر يا أخى في كثير من المعارف والأحباب صار كعنقا مغرب في زماننا، بل وفيما قبله في غالب غابر القرون الماضية، فلم يبق لنا جميعا يا أخى والله إلا حصر الشوفة القلبية والقالبية في انتظار كرم الكريم فيمن أظهر لنا كرامته، وأوسعنا مبرته، ففيه بربنا وربه غاية المنى، وشفاء الضنا، وفى إقبالنا بالله عليه تسهيل المقاصد، لكل قاصد، وسترى أنت وأنا وجميع أهل محبته رضى الله عنه من فضل الله ورحمته ما لم يكن لنا في حساب، فالله يا أخى معنا حيثما كنا حاضر لا يغيب، ودائم الحياة لا يموت، وعلى ما يشاء قدير لا يعجز أبدًا.
هذه مذاكرة معك فيما لا يخفى عليك، والحمد لله يقننا الله وإياك بكمال اليقين، وطوى طويتنا وطويتك على إخلاص الموقنين، ورزقنا وإياك شكر الصابرين وتوبة الصديقين إلى الآخرة.
وما أوسع يا أخى حلم الحليم، ورحمة الرحيم، وإن ربى لطيف لما يشاء، ولا تغفل يا أخى عنى وعسى نصر من الله وفتح قريب، متعنا الله جميعًا يا محل إخوتى في مطالعة كتب محاسن قدرته، ومحاضرة أنس بشائر ذخائر مبرته، فيما تفضل الله علينا به، فجعله لنا قدوة الاهتداء، وجمعنا به إليه فصار لنا خير في ليل عليه، وبالحقيقة كان الله ولا شئ معه، وفى قريب يرى عبد الله حسن الشفاء والعافية بالضامن الملى جل وعلا، وطالع يا أخى والخير العظيم في قراءة ما شاء الله من القرآن العظيم بالترتيل والتأمل، وفى الأسحار ربيع الأبرار، وملازمة ما تيسر من دلائل الخيرات بالتأمل التام أيضًا، تستلزم جلب المسرات، ودفع المضرات
بمنة الله، واذكرنا بقلبك لله وعلى المحبة والسلام في سابع عشرى محرم عام ثلاثة وستين ومائتين وألف هـ. من خطه.
فانظر هذا النفس النفيس، وتأمل ما منحه صاحبه من الرسوخ وثبوت القدم في توحيد الله وانغماسه في بحر الحقيقة الَّذي هو عبارة عن مقام الإحسان من الله علينا بالولوج فيه على أكمل الحالات وأرضاها لله وكم للمترجم من رسائل على هذا المنوال.
مؤلفاته: منها رجزه المسمى رياض الأنس والفكر والقلب في التصوف والنصائح والمواعظ والرقائق وأحوال طريق القوم وآدابها، وسيرة شيخه العلمي وأوصافه من نشأته إلى وفاته ومعاملة أصحابه وما تلقاه منه من الحكم والأسرار والآداب، يزيد هذا الرجز على ثلاثة آلاف بيت قال في طالعته:
سبحان من كون ما أرادا
…
تكوينه إعدامًا أو إيجادا
والكون محتاج إليه وفقير
…
لفضله سواء صغير وكبير
وفى تسميته يقول:
سميتها رياض أنس الفكر
…
والقلب كى يروى بنيل الشكر
لله في مستودعات الإنسان
…
من فضله جل بمحض الإحسان
وفى بعض أوصاف شيخه المذكور قال:
والجذب معه نحو أربع سنين
…
وبعضنا به من المستيقنين
ومع ذا بسائر الأذكار
…
يصدع بالليل وبالنهار
حتَّى قضى بفجر يوم الاثنين
…
ليلة يوم سادس وعشرين
شعره: من ذلك قوله متوجًا بحروف حسبنا الله ونعم الوكيل:
بحفظ الحفيظ من أذى الغى والأعدا
…
وساتر منه يرعاه من سائر الأدوا
حفظنا وعين الله تكلؤنا ومن
…
يكدنا بسوء في مكايده يهوى
سلمنا من الآفات والله ناصر
…
مجير لنا وقاصد الشر لا يقوى
بك الله لذنا واعتصمنا وحسبنا
…
حماك فلا تلمم بساحتنا بلوى
نواصى العباد في يديك زمامها
…
وتصريفها إلى نهايتها القصوى
أجرنا من أيدى الجائرين ورد من
…
يروم أذانا فاقدا نيل ما يهوى
أعذنا من الخذلان واجعل مآلنا
…
إلى جنة الفردوس يا سامع النجوى
لو المجد ملجأ اللائذين فكن لنا
…
وبالفضل تؤوينا إلى ذلك المأوى
لنا كنت قبل الكون فاجعل عناية
…
لنا منك تحمينا من الضر والأسوا
أسأنا وحمل الوزر أثقل ظهرنا
…
ولكن من الغفران أوزارنا تطوى
هداك لنا المطلوب منك مع الرضى
…
وخيرك يا ربى يزيد ولا يطوى
ومجدك يا ذا النول حتَّى تصوننا
…
وتنقذنا من المهالك والأهوا
نصول بك اللهم فاحم جنابنا
…
ومن كادنا رغمًا على أنفه يلوى
عوائدك الحسنى لنا قد تكاثرت
…
ولولا رضاك ما على نيلها نقوى
موائدك العظمى إلينا تواردت
…
ولا الشكر ودينا وما قدرنا يسوى
أيقوى جميع الخلق شكرًا لبعضها
…
وهيهات يحصى الرمل أو تحصر الأنوا
لك الحمد حمدًا بالمزيد على المنى
…
كفيلًا لنا أشهى من المن والسلوى
ونشكرك اللهم شكر موفق
…
تبر به من دون سؤل ولا شكوى
كفى بك برا واهبًا متفضلًا
…
وفضلك مع رضاك من أعظم الجدوى
يوارى جميع العيب سترك منة
…
فللذنب أول الصفح يا رب والعفوا
لو أذى بوجهك الكريم وقدرك الـ
…
عظيم التماسا للإجابة والدعوى
بجاه عظيم الجاه أعظم شافع
…
ومن شربوا من هديه المشرب الصفوا
عليه الصلاة والسلام مع الرضا
…
على حزبه الألى فضائلهم تروى
وقوله:
وسيلة خير بالخيار محبره
…
بعبد السلام للرسول مشوره
مشيش أبو بكر على وحرمة
…
وعيسى وسلام ومزور حيدره
محمد إدريس فإدريس كامل
…
وبالحسنين أختم بدور منوره
وبالخل في ذات المهيمن يخلف
…
أخى ابن مشيش في الطريق المبرره
وأسلافه الغر الكرام ومن لهم
…
من أخلافهم وأولى المعالى المقرره
كمثل عبيد القادر العلمي ومن
…
له الله بالمختار في الحب خيره
وكل محب مخلص في جميعهم
…
من أهل القلوب النيرات المعمره
بصفو اليقين الراسخين به فهم
…
سرائرهم لله فيه محرره
تجلى لهم نور الرسول وسره
…
فنالوا الكرائم العظام المسطره
فيا ربنا بالفضل عامل جميعنا
…
وصير لنا الخيرات منك مسخره
إليك بجاه الأصل والفرع كن لنا
…
وللشيخ والأحباب دنيا وآخره
وصل وسلم ثم بارك على الَّذي
…
أتى رحمة للعالمين مبشره
وأصحابه والآل مع كل تابع
…
ولله أبحر المواهب زاخره