الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصحتها، بخط العلامة المتفنن أبى العباس أحمد بن محمد الأغزاوى الشهير بالجبلى المكناسى المترجم فيما مر.
272 - محمد بن الكبير العوفى
.
حاله: فقيه متفنن كاتب موثق فاضل خطيب مصقع ولى خطبة جامع بريمة من حضرتنا الهاشمية المكناسية.
مشيخته: أخذ عن والده وغيره ممن هو في طبقته.
وفاته: توفي بعد المترجم قبله يليه بأيام قلائل مطعونا أيضا، ودفن بمباح ضريح ابن حمد المذكور آنفا.
273 - محمد فتحا بن أحمد بن محمد بن الولى الصالح
أبي يعقوب يوسف بن على الحاج المدعو بركْشة (1) بفتح الباء وكسر الراء وسكون الكاف الرهونى.
حاله: حامل لواء تحقيق الفقه المالكي في زمانه، مرجوع إليه في تمييز لجينه من لجينه، ورد فروعه لأصوله، أحد أفراد رجال الديار المغربية علما وعملا وفضلا وصلاحا وتقى وهديا وتواضعا وورعا ونسكا وصلابة دين، وضبطا وإتقانا ومعرفة وتحريرا وتحبيرا ونقدا، وقبولا وردا، له مشاركة تامة وباع مديد، انتهت إليه رياسة الفتيا في زمنه ببلاد الهبط، وكان له القدم الراسخ في إدراج الجزئيات تحت الكليات، والتصرف في المذهب بقواعده، ينسب الأقوال لأربابها على طريق المتقدمين، وحاشيته على الزرقانى وبنانى أعظم دليل على تضلعه في الفروع والأصول ومديد باعه، وسعة اطلاعه، وبلوغ الغاية القصوى في إصابة المرمى،
273 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في الموسوعة 7/ 2493.
(1)
في إتحاف المطالع: "المدعو بروكشة".
والاقتدار التام على الخوض في عباب الفقه المالكي، ومعرفة أسرار منطوقه ومفهومه، وتفوقه على كثير ممن تقدمه وعاصره، وكان سريع الدمعة دائم الخشية والذكر والتهجد بالأسحار، محبا للصالحين منحاشا لأهل الفضل والخصوصية من المتقين لا تأخذه في الله لومة لائم، وبذلك نما حاله وتم أمره وأثمر غرسه.
وكان أكثر مقامه بوزان، وقد خطب بها بمولاى سلامة بن محمد بن عبد الله بن مولانا إسماعيل أول جمعة عندما بويع له بها وذلك يوم الجمعة متم رجب الفرد الحرام عام ستة ومائتين وألف، وكان المتولى حمل راية بيعته سيدي على بن أحمد بن الطيب الوزانى المتوفى يوم الثلاثاء تاسع ربيع الأول عام ستة وعشرين ومائتين وألف، وأعانه على ذلك جماعة أبناء عمه وسيدى على بن ريسون، ودامت دولة المولى سلامة بوزان شهرين، أفاض فيها الأموال الطائلة والملابس الفاخرة على أهل وزان، ثم خلع نفسه وخرج فارا من وزان ناجيا بنفسه ليلة السبت تاسع عشرى شعبان عام ستة ومائتين وألف على ما في تاريخ الضعيف، ويأتى إيضاح ذلك بحول الله وقوته في ترجمته وفي القسم الدولى.
ثم إن المترجم قد استوطن مكناسة مدة، وكان محل استقراره بها بمدرسة الخضارين كما يشير إليه ما يأتى عنه، وذلك مدة نقل شيخه الجنوى إليها.
ومن فوائد المترجم في حاشيته على الزرقانى وبنانى ما قاله في قول المتن في باب قصر الصلاة ولا تنقل بينهما ولم يمنعه ولا بعدهما ونصه، انظر هل يدخل في النقل بعده أي بعد الجمع ليلة المطر سجود التلاوة، كما إذا قرئ الحزب على الوجه المعتاد بعد الجمع بالمسجد، وقد وقعت هذه المسألة بمكناسة الزيتون زمن قراءتى فيها على شيخنا الجنوى بمدرسة الخضارين، فمن الطلبة من ترك السجود، ومنهم من سجد، ثم تنازعوا بعد الفراغ في ذلك، ثم تكلموا أو بعضهم معى في ذلك فقلت لهم: ترك السجود أولى، فلما أصبحنا سألت شيخنا الجنوى، فقال:
السجود أولى فقلت له: لم؟ فقال: لأنه أرفع رتبة من مطلق النوافل، بدليل أنه يسجد بعد الصبح قبل الإسفار وبعد العصر قبل الاصفرار، فقلت له: ولم لا يسجد بعد الإسفار والاصفرار؟ فقال: لأن الكراهة إذ ذاك أشد، فقلت له: فإذا لم يفعل ذلك لشدة الكراهة فهنا أحرى لمنع النفل بعد الجمع، فقال لي: من قال بالمنع؟ فقلت له: المواق نقلا عن عرفة والزرقانى، فأمر طيب الله ثراه بإحضارهما فأحضرا، فوجد الأمر كما قلت فَسكَتَ فسكت فانفصل الأمر على ذلك، ولم أزل بعد أبحث على النص في ذلك البحث الشديد، وأطلبه الطلب الأكيد، إلى وقتنا هذا فلم أجد من تعرض لذلك أصلا، والظاهر عندي أنه لا يفعل لما ذكرته، ولأن القول بأن سجود التلاوة كمطلق النفل لا يفعل بعد الصبح ولا بعد العصر قوى. هـ وقد تابعه مختصره فيما استظهره والله اعلم
مشيخته: أخذ عن الشيخ التاودى ابن سودة المرى المتوفى يوم الخميس تاسع عشرى حجة عام تسعة ومائتين وألف عند صلاة العصر ودفن من غده بعد الظهر، سمع عليه موطأ الإمام مالك بقراءته عليه، وصحيح الإمام البخاري بعضه بقراءته وجله بقراءة غيره عليه وهو يسمع، وسمع منه مواضع من التفسير وشيئا من صحيح الإمام مسلم، وشيئا من لامية الأفعال لجمال الدين بن مالك في التصريف، وذاكره في عدة مسائل فقهية وأجازه عامة.
وأخذ عن الشريف أبى عبد الله محمد بن الحسن الجنوى المترجم قبل، وهو عمدته وعليه معوله لازمه في الحضر والسفر، ومن ذلك ملازمته له بمكناس لما أسكنه السلطان بها بقصد بث العلم ونشره فيها كما تقدم، قرأ عليه التفسير إلى سورة الرعد، وصحيحى البخاري ومسلم بقراءته عليه، والأربعين النووية، ومختصر الشيخ خليل غير ما مرة قراءة تحقيق وتدقيق، ورسالة ابن أبي زيد القيروانى، والمرشد المعين لابن عاشر، والتحفة لابن عاصم، إلا أنه لم يختمها
عليه أيضًا، وألفية ابن مالك غير مرة، ومقدمة الشيخ ابن آجروم، وتلخيص المفتاح، وجمع الجوامع لابن السبكى إلا شيئا يسيرا من آخره، والحكم العطائية كل ذلك قراءة حسنة ذات أبحاث رائقة، وتحريرات فائقة، كما صرح بذلك كله المترجم عن نفسه في ديباجة حاشيته على بنانى والزرقانى قال: ولقد منَّ الله علىَّ بمعرفته وصحبته وخدمته سفرا وحضرا زمنا طويلا، قال: ومن أعظم منن الله علىّ أن غطى عنه مساوئى الكثيرة، وذنوبى الغزيرة التي لا يعلمها إلا الله تعالى، فكان يحبنى حبا شديداً، ويظهر ذلك. هـ وأجازه عامة.
وأخذ الطريقة الوزانية عن سيدي على بن أحمد بن الطيب الوزانى وكان من خاصته الملازمين له المتهتكين في محبته من غير غلو ولا تفريط شأن العلماء العاملين.
الآخذون عنه: أخذ عنه السلطان العادل مولانا سليمان بن محمد بن عبد الله وقرظ له حاشيته على البنانى والزرقانى وكفى كلا منهما شرف بصاحبه، وأخذ عنه أديب الرباط العلامة ابن عمرو، وقاضى العدوتين ومكناسة العلامة السيد الطيب بن إبراهيم بسير وجماعة من الأعلام.
مؤلفاته: ناهيك منها بحاشيته على الزرقانى وبنانى الموسومة بأوضح المسالك وأسهل المراقى، إلى سبك إبريز الشيخ عبد الباقي، وحاشيته على الشيخ ميارة الكبير للمرشد المعين، وأظنها لم تكمل، ومجموعة خطب، والتحصن والمنعة، ممن اعتقد أن السنة بدعة، وإظهار ما يفكر أهل الفطنة، ليعرض على ذوى الذكاء والفطنة، وهذا أدرجه في حاشية الزرقانى، إلى غير ذلك مما هو مدرج في الحاشية المذكورة وما هو مستقل بنفسه.
نثره: من ذلك قوله في استدعائه الإجازة من شيخته التاودى ابن سودة ولفظه: الحمد لله الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السما،
الذي من استند إليه ارتقى في ذروة الكمال وسما. والصلاة والسلام على أشرف خلقه سيدنا محمد أجل من أسند عنه الرواة والعلما. وأفضل من ارتوى من رشح علومه وحكمه الأولياء والحكما. وعلى آله وأصحابه الذين نقلوا من أقواله وأفعاله وتقريراته ما أزالوا به عنا كل غشاوة وعما، صلاة وسلاما دائمين ما أرسلت السماء قطرا وبدا بها صحو أو غما، والرضا عن ساداتنا التابعين لهم بإحسان وكل من انتسب إليهم إلى يوم الدين وانتمى.
وبعد: فليتفضل سيدنا وسندنا ووسيلتنا إلى ربنا الحبر الهمام، ذو الثبات والرسوخ شيخ الشيوخ الجهابذة الأعلام، الذي ألقت إليه العلوم كل زمام، فالناس له تابعون وبه مؤتمون وهو الإمام، أبو عبد الله سيدي محمد التودى ابن سودة المرى، لازال الكريم بنفائس المعارف إليه يقرى، بالإجازة لهذا العبد الضعيف، الذي قطع عمره في البطالة والتسويف محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف الحاج الرهونى، وهو وإن لم يكن لذلك أهلا، فاقبلوه منًّا منكم وفضلا، كى تهب عليه نفحاتكم العظمى، ويستوجب بذلك من الله مزيد الرحمى، ويرتفع بالإسناد إليكم قدر هذا الخسيس، وكيف لا وأنتم القوم لا يشقى بكم الجليس، أجازكم الكريم بأنفس ما أجاز به وفده المقربين، وأطال بكم النفع للخاصة والعامة من المسلمين، بجاه سيد الأولين والآخرين، وأختم استدعائى هذا بما قال القائل:
بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله
…
وهذا دعاء للبرية شامل
ولادته: ولد في ذى القعدة الحرام عام تسعة بتقديم المثناة وخمسين ومائة وألف.
وفاته: توفي بعد فجر يوم السبت ثالث عشر وقيل موفى عشرى رمضان سنة ثلاثين ومائتين وألف، ودفن يسار محراب روضة شيخه سيدي على بن أحمد المذكور بوزان، رحم الله الجميع بمنه آمين.