الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
242 - محمد بن أبى مدين بن الحسين بن إبراهيم السوسى المنبهى
.
الزيادى الأصل المكناسى الدار والإقبار، قاضيها بل قاضى القضاة بالمغرب أبو عبد الله شهر بأبى مدين.
حاله: محدث متفنن ناظم ناثر نحرير الزمان، ونخبة الأعيان، علامة جليل إمام في المعقول والمنقول، وعلم الأبدان والأديان، مرجوع إليه في النوازل والفتيا والأحكام، موثق بارع، موثوق بفتواه وحكمه، ملحوظ بعين الإجلال والاعتبار بين معاصريه لفضله ومتانة دينه، مقتدر على الترسيل، فصيح بليغ سيال القلم، خطيب مصقع بل أخطب أهل زمانه.
ومن براعته أنه خطب بسيدنا الجد السلطان مولانا إسماعيل في موسم عيد اجتمع فيه جمع عظيم وجم غفير من أعيان المغرب وسراة وجوهه، ولما تعرض لذكر السلطان في الخطبة الثانية على العادة المعروفة ورى باسمه فقال: لو رآه والده الجليل، في هذا الجمع الحفيل، لقال: الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل، فأعجب به وخلع عليه وهو من جيد التورية التي يقل من يهتدى لها في مثل هذا.
وفى أواسط شوال عام ثمانية وثمانين وألف أخر عن القضاء وولى مكانه أحمد بن سعيد المجيلدى، ثم أعيد بعد لخطبته، فقد وقفت على عدة خطابات له بعد التأخير وتسجيلات من ذلك رسم مسجل عليه بتاريخ أواخر جمادى الأولى عام ستة عشر ومائة وألف محلى فيه بما لفظه: الفقيه الأجل، العالم العلامة الأكمل، المدرس البركة الحافظ الحجة الخطيب البليغ المحدث الراوية قاضى الجماعة بمكناس ومفتى الأنام بها.
242 - من مصادر ترجمته: التقاط الدرر - ص 303.
مشيخته: منهم أبو على الحسن اليوسى وهو عمدته وغيره من فحول عصره.
الآخذون عنه: منهم أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الواحد بصرى، أخذ عنه شرحه على المسلم، وقرأ عليه مختصر السنوسى والمحلى والسعد وغير ذلك، وابن عاشر الحافى السلوى حضر مجلسه في صحيح البخارى، وأبو نصر عبد الوهاب العرائشى، وأبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بصرى.
مؤلفاته: له شرح على منظومة الأخضرى في المنطق المعنونة بالسلم المرونق، أبدع وأودع فيه من التحقيق الدال على مهارته الكاملة ما شاء. قال في منحة الجبار: وله في الأصلين معا أبحاث وتحقيقات، وفوائد وتدقيقات، وله الخطيب التي لم يسبق بمثلها، التي يقف فحول الأدباء عند حدها.
نظمه: من ذلك قوله مداعبا لرجل يدعى سينو من أهل تطوان كما بكناشة العلامة الأقعد أديب الثغر الرباطى السيد محمد بن التهامي بن عمرو:
تبارك الملك تحمينا وياسين
…
من شر ما نتقيه منك يا (سين)
بالأمس يشكوك إسحاق وجيرته
…
واليوم بها هى تشكوك المواسين
تألف اسمك من ضدين وانتقضا
…
نعم لا وهو بمعنى قولنا (سى)(1)(نو)
نثره: من ذلك ما كتب به للسلطان المظفر سيدنا الجد مولانا إسماعيل: "مولانا الذى لألأت الأكوان غرر شيمه الطاهرة ومفاخره، وملأت الأذان والأذهان درر خيمه البهية الباهرة ومآثره، واستطال نجاد الدين بملازمة حضه على إقامة
(1) في هامش المطبوع: "يشعر بأن له معرفة باللغة الفرنجية فإن معنى (سى) عندهم نعم و (نو) لا. انتهى مؤلف.
منائره الرائقة ومنابره، ظل الآنام، وكهف الإسلام، ملاذ الخاص والعام، مقيم فخر أمة جده عليه الصلاة والسلام، أبقى الله مجد بيته العتيق، تأوى إليه الأعيان خاضعة من كل فج عميق.
السلام التام، على شريف البساط وعلى المقام، والرحمة والبركة ما أدار رائد فلكه، وأنام ثاقب فلكه، هذا وليعلم مولانا، المقيم لشعائر الشرائع المحمدية قواعد وأركانا، أن مملوك نعمك، وغريق بحر جودك وكرمك، قد والله ملئت أردان قلبه شوقًا، وجرت به أفراس التشوق إلى مشاهدة الطلعة العلية طلقا، فلا والذي بعث جدك بالحق، وأقامك مقامه في إقامة الشرائع وسياسة الخلق، ما قطعت بك الصافنات الجياد سبسبا أو وهادا، إلا وسوابق الأرواح بين يدي جحافل مولانا تتهادى، ولا نفحت قواصف أو لمحت هواجر، إلا والعيون من فرط الإشفاق، من معاناة مولانا المشاق الشواق، للذيذ كراها هواجر.
لكن إذا ارتاد المشفق فكره، وبصر بأن الله سبحانه قد ضاعف لخلفاء العدل مثوبته وأجره، حيث جعل سبحانه هاطل المنافع والمصالح من عنان عدلهم يسح وابله وطله، وناهيك بما أتحفهم من مطارف المجازات إذ جعلهم أشرف الأصناف السبعة الذين يظلهم بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فعند ذلك تعم بالحبيب باله، واضمحل لاعج الإشفاق وبلباله، وانقشعت مزن الأتراح والمواجد، وأفترت بواسم الأفراخ حتى أبدت النواجذ.
ويكفى في الباب، قول صفوة الأنبياء ولباب اللباب: لعمل الإمام العادل في رعيته يوما واحدا أفضل من عبادة العابد في بيته مائة سنة كما في حديث أبى هريرة، ولا غرو كما قال الأئمة في أن الأجور باعتبار المشاق، ومقاساة الأمور الشواق، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أزكى الناس مناصب، وأعلاهم مراتب، وقد استحثتني بواعث اشتياقى، واستنجدتنى للقدوم عزائم