الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطاول الجوزاء له مهارة في علوم الأدب وغير ذلك وكان أوحد عدول مدينة فاس. قال ابن القاضى في الجذوة: حدثني بخبره شيخنا ابن راشد، وذكر أنه أتى القاضى نيابة عن الونشريسى أبا الحسن عليا الشامى ليؤدى عنده وكالة، فقصد تحقيره فهجاه بقصيدة مطلعها:
فآه ثم آه ثم آه
…
على أسد تمزقه الكلاب
فاشتكى الشامى المذكور على القاضى أبى مالك عبد الواحد بن أحمد الونشريسي بالوقاد الذى هجاه بالقصيدة المذكور مطلعها، فبعث إليه أبو مالك وعاب عليه هجوه، فأجابه الوقاد بأن قال له وهبه هجوًا كان ماذا؟ أشهد على أنى لا أشهد [أبدا](1) عندى ثلاث من الإماء يغزلن وآكل حتى لا أحتاج إليه أبدا هـ.
219 - محمد بن أحمد بن محمد التلمسانى أبو محمد قاضيها يعرف بابن الوقاد
.
حاله: إمام له مشاركة ومهارة في التفسير والحديث والفقه، المرجوع إليه في الأصول والفروع والعلوم العربية بسائر أنواعها، وإليه المرجع في الإفتاء، وعليه التعويل في النوازل والأحكام، ومعرفة الخلافات المذهبية، خطيب مصقع بليغ، أصله من تلمسان، وبها نشأ ثم انتقل بعد التحصيل لسوس الأقصى، ونزول مدينة ترودانت، وتولى خطة القضاء بأعمالها وخطابة جامعها الأعظم، ثم ولى قضاء الجماعة بها نحو ستة أشهر، فأعفى لكون أهلها برابر لا يعرف لسانهم.
ثم وجهه أمير وقته قاضيًا لسجلماسة وخطيبًا، فبقى بها مدة، ولقى بها الولى الصالح سيدى عبد الرحمن وغيره من أعلامها، ثم نقل لمكناسة الزيتون وتولى القضاء بها والخطبة بجامعها، ثم خطب بجامع الأندلس بفاس المحروسة،
(1) من جذوة الاقتباس.
ثم رد لتارودانت قاعدة السوس وولى الإمامة والخطبة بجامعها الأكبر، وتصدر للإفتاء والتدريس بها قائمًا على مختصر ابن الحاجب الفرعى، والشامل لبهرام وغيرهما، صلب في دينه، لين الجانب متواضع، متحمل للأذى؛ صابر على جفاء الفدادين من الطلبة وغيرهم، حسن العشرة، حلو الشمائل، كريم المائدة مبسوطها، مقصود للأرامل والأيتام، مشفق على القوى والضعيف، لا يقدر للدنيا قدرا ولا يستقر بيده شئ منها مع وفور ما ينصب إليه من الجرايات والجوائز.
وحصل له جاه ووجاهة عند الخاصة والعامة، تعظمه الملوك فمن دونها ويقدرون قدره، ويجرون عليه الجرايات التي لم ينلها من قبله، وهو أول من سن إبداء الأفراح بتارودانت في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وبذل النفقات فيها على السنن الشرعى، كان يجمع الناس في منزله ليلة العيد النبوى على قراءة الأمداح النبوية بالأناشيد المطربة، وينفق في ذلك نفقة عظيمة إجلالا وتعظيما ومحبة في جانب خير الأنام صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واهتماما بإقامة موسم ذكرى مولده.
وهو أول من قرأ بها الجامع الصحيح للإمام البخارى قراءة ضبط وإتقان، وأول من خطب بها بلسان عربى مبين وقرط الآذان، بمواعظ توقظ الوسنان، حسن العبارة، لطيف الإشارة، فصيح اللسان، ثبت الجنان، ينشئ الخطيب البديعة الرائقة العذبة، الخالية عن التكلف على حسب ما تقتضيه الأزمنة وما يقع من الحوادث، قال أمير وقته الإمام المنصور في حقه: ليس عنده في المغرب أخطب منه إلا أن الله اختاره لمدينة ترودانت وأن لم تكن كرسى الخلافة.
مشيخته: أخذ عن الإمام أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الجليل التنسى خطيب جامع تلمسان وعن مفتى تلمسان وفقيهها الفقيه أبى عبد الله محمد ابن هبة الله الزناتى المعروف بشقرون المتوفى سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وعن أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن جلال التلمسانى المتوفى ثامن رمضان سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، والعلامة المشارك أبى عبد الله اليسيتنى