المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌366 - المستضئ بنور الله ابن السلطان الأعظم أبي النصر والفدا إسماعيل - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٤

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌206 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن على بن غازى العثمانى الأصل

- ‌207 - محمد فتحا بن عيسى الفَهْدى

- ‌208 - محمد بن مخلوف الضريسى المكناسى

- ‌209 - محمد بن قاسم بن عبد الواحد الكتانى النسب الفاسى الأصل المكناسى النشأة الحسنى الإدريسى

- ‌210 - محمد بن أبي القاسم بن على بن عبد الرحمن بن أبي العافية المكناسى

- ‌211 - محمد بن الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد

- ‌212 - محمد بن حسين العبدلى السهلى، وقيل اسمه أحمد، شهر بأبى الرَّوَايَن

- ‌213 - محمد بن قاسم بن على بن أبى العافية المكناسى

- ‌214 - محمد بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الرحمن

- ‌215 - محمد بن عبد الرحمن بن بصرى الولهاصى

- ‌216 - محمد فتحا بن الشيخ أبى المحاسن يوسف الفاسى وأكبر أولاده

- ‌217 - محمد فتحا بن محمد بن موسى المكناسى المدعو العشير

- ‌218 - محمد الوقاد المكناسى

- ‌219 - محمد بن أحمد بن محمد التلمسانى أبو محمد قاضيها يعرف بابن الوقاد

- ‌220 - محمد بن قاسم بن محمد الأنصارى المالقى الضرير الشهير بابن قاسم نزيل مكناسة الزيتون

- ‌221 - محمد بن محمد الغمارى بالمعجمة الكومى المكناسى

- ‌222 - محمد بن مبارك الزعرى الأصل المكناسى النشأة

- ‌223 - محمد السبع بن عبد الرحمن المجذوب الولى الشهير

- ‌224 - محمد بن أبى القاسم بن محمد بن محمد بن قاسم بن أبى العافية الشهير بابن القاضى المكناسى

- ‌225 - محمد بن أحمد بن عزون الجزنائى أبو عبد الله المكناسى

- ‌226 - محمد بن أحمد بن عزوز المكناسى

- ‌227 - محمد بن أحمد الصباغ لقبا البوعقيلى نسبا

- ‌228 - محمد فتحا ابن الحافظ الضابط أحمد بن أبى المحاسن يوسف الفاسى

- ‌229 - محمد العرائشى أبو عبد الله

- ‌230 - محمد الغمارى

- ‌231 - محمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن جابر الغسانى الأصل

- ‌232 - محمد بن الحسن المجاصى

- ‌233 - محمد بن أحمد المزطارى المكناسى الشاذلى

- ‌234 - محمد بن محمد العناية

- ‌235 - محمد بن عمر السجلماسى الأصل الزرهونى الزاووى الدار والإقبار

- ‌236 - محمد البصرى المكناسى

- ‌237 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بصرى المكناسى الشيخ المقرئ

- ‌238 - محمد بن محمد الكاتب القيسى الأندلسى نجارًا، الفاسى منشأ ودارا وقرارا

- ‌239 - محمد المدعو حم بن عبد الوهاب الوزير الغسانى الأندلسى الأصل الفاسى الدار والوفاة المكناسى الوظيف

- ‌240 - محمد فتحا بن مولانا الجد الأعظم أمير المؤمنين مولانا إسماعيل

- ‌241 - محمد بن الفقيه البركة أبى القاسم عليلش الحضرمى القرشى البكرى الصديقى التيمى

- ‌242 - محمد بن أبى مدين بن الحسين بن إبراهيم السوسى المنبهى

- ‌243 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد فتحا

- ‌244 - محمد أبو عبد لله بن محمد العكارى الرباطى

- ‌245 - محمد بن العربى الغمارى

- ‌246 - محمد فتحا الحاج بن عبد القادر التستاوتى

- ‌247 - محمد بن العلامة أبى عبد الله محمد بن الإمام المتقن أبي زيد عبد الرحمن بصرى الولهاصي

- ‌248 - محمد بن العياشى أبو عبد الله المكناسى

- ‌249 - محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف الفاسى

- ‌250 - محمد أبو عبد الله المكناسى الأصل الفاسى الدار والإقبار

- ‌252 - محمَّد حنوش

- ‌254 - محمَّد البوعصامى:

- ‌255 - محمَّد بن عبد الله بن مصالة الفازازى المعروف بابن عبود المكناسى

- ‌256 - محمَّد بن الطيب بن عبد القادر بن الحاج حم سكيرج

- ‌257 - محمَّد البوعصامى المكناسى أصلا الفاسى داراً ومنشأ وقراراً

- ‌258 - محمَّد المدعو البهلول بن عبد الرحمن الفيلالى البوعصامى

- ‌259 - محمَّد بن عبد السلام البيجرى

- ‌260 - محمَّد بن الحسن الملقب بالجنوى الشريف الحسنى العمرانى.نزيل مكناس

- ‌261 - محمَّد بن العلامة النظار محمَّد بن عبد السلام البيجرى المكناسى

- ‌262 - محمَّد بن عبد الواحد بن الشيخ الأموى المكناسى

- ‌263 - محمَّد بن الحسن الوكيلى

- ‌264 - محمَّد فتحا بن محمَّد بن سميه بن عبد الرحمن بن عبد الله

- ‌265 - محمد بن العلامة القاضى أبى عبد الله محمد الطيب

- ‌266 - محمد بن عبد الوهاب بن عثمان الكاتب السفير الرحالة الوزير الكبير المكناسى النشأة والدار

- ‌267 - محمَّد بن قاسم بن حَلَّام المكناسى الدار والقرار

- ‌268 - محمد بن عبد القادر بن محمد فتحا بن عبد القادر بن على بن موسى بن المير الصبيحى النافعى الغربوى أصلا الزرهونى داراً ومدفنا يعرف بابن قدور

- ‌269 - محمد بن العربى الزمورى، من زمور الشلح القبيلة البربرية الشهيرة، الحدرانى بفتح الدال وتشديد الراء نسبا المكناسى دارا

- ‌270 - محمد بن عيد الرحمن الشهير بابن هنو اليازغى قاضيها

- ‌271 - محمد بن أحمد بن الكبير العوفى قاضيها

- ‌272 - محمد بن الكبير العوفى

- ‌273 - محمد فتحا بن أحمد بن محمد بن الولى الصالح

- ‌274 - محمد بن عبد الوهاب أجانا

- ‌275 - محمد بن عمر الصنهاجى الأصيل المكناسى الدار

- ‌276 - محمد بن حمادى الصنهاجى الأصل المكناسى الدار

- ‌277 - محمد السلاوى أحد موالى السلطان مولانا سليمان والداً عن والد

- ‌278 - محمد الزرهونى الأصل الفاسى الدار

- ‌279 - محمد بن الطاهر بن محمد بن محمد فتحا بن السعيد

- ‌280 - محمد بن منصور الفويسى المراكشى

- ‌281 - محمد بن الطيب الشريف الحسنى العلوى البلغيثى

- ‌282 - محمد بن إدريس بن محمد العمراوى الوزير الأديب الكبير

- ‌283 - محمد أبو عبد الله بن على بن حرزهم المكناسى أصلاً ومنشأ ودارا

- ‌284 - محمد فتحا بن أبي سالم عبد الله بن الطاهر الشريف الأمرانى

- ‌285 - محمد بن العربى بن عمر الصنهاجى أصلاً المكناسى داراً ومنشأ

- ‌286 - محمد فتحا ابن الهادى غريط المكناسى النشأة والدار المراكشى الإقبار

- ‌287 - محمد بن عبد السلام بن عبود أبو عبد الله المكناسى أصلًا ومنشأ السلاوى الدار والمدفن

- ‌288 - محمد الوزير أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله غريط

- ‌289 - محمد أمزاج المكناسى الأصل الفاسى النقلة والدار

- ‌290 - محمد بن هاشم العلوى الحرونى المكناسى الدار والإقبار

- ‌291 - محمد بن محمد بن التهامى بن حمادى الحمادي المدعو السريح المكناسى

- ‌292 - محمد بن الهادى بن عبود المكناسى النشأة والدار والقرار والإقبار

- ‌294 - محمد بن المجذوب ابن عزوز يدعى الهويج بالتصغير المنكاسى

- ‌295 - محمد بن محمد بن أحمد المصمودى

- ‌296 - محمد بن الهادى الشريف الحسنى العلوى حفيد السلطان مولانا سليمان

- ‌297 - محمد بن سميه بن العناية ابن فقيرة الأنصاري المكناسى

- ‌298 - محمد بن محمد المترجم قبله يليه ابن محمد بن فقيرة

- ‌299 - محمد الأمرانى

- ‌300 - محمد الزهنى الزرهونى

- ‌301 - محمد فتحا الأمرانى

- ‌302 - محمد بن على النيار أبو عبد الله الأندلسى القص رى مولدًا ومنشأً المكناسى دارًا ووفاة

- ‌303 - محمد بن محمد بن الجيلانى بن المعطى السقاط الأندلسى الأصل المكناسى

- ‌304 - محمد بن عبد الله الغريسى المشرى الحسنى نزيل معسكر

- ‌305 - محمد الخرزة

- ‌306 - محمد بن عبد الله بن محمد الطاهر بن عبد القادر بن عبد الله بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌307 - محمد بن الأمين السيد المعطى المسطارى المكناسى النشأة والدار

- ‌308 - محمد بن إدريس بن الطيب الواسترى المكناسى

- ‌309 - محمد بن الخليفة التونسى الأصل المدني الدار، المغربى الرحلة والجوار

- ‌310 - محمد بن العربى المنونى المكناسى الأصل والنشأة والدار والإقبال

- ‌311 - محمد بن أحمد بن المكي السوسى

- ‌312 - محمد بن محمد فتحا المنونى الحسنى المكناسى النشأة والدار والوفاة

- ‌313 - محمد أبو عبد الملك بن زيدان

- ‌314 - محمد أبو عبد الله السوسى الأصل

- ‌315 - محمد أبو عبد الله الريفى

- ‌316 - محمد بن الهادى فَرْمُوج الصنهاجى الأصل المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌317 - محمد بن المهدى المنونى الحسنى المكناسى

- ‌318 - محمد بن الشريف الفقيه العدل مولاى عمر بن هاشم العلوى المدغرى

- ‌319 - محمد بن سميه بن هاشم العلوى الحرونى المدعو الشيخ التيكر

- ‌321 - محمد بن عبد الواحد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد

- ‌322 - محمد بن محمد فتحًا المتقدم الترجمة

- ‌323 - محمَّد بن العباس المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌324 - محمَّد بن أحمد حلام المكناسى

- ‌325 - محمَّد يدعى منصور أبو منصور أبو عبد الله المرابط

- ‌326 - محمَّد فتحا ابن عمنا مولاى على بن الكبير العلوى الإسماعيلى

- ‌327 - محمَّد بن عبد السلام الطاهرى

- ‌328 - محمَّد بن حمدوش المكناسى الخزرجى

- ‌329 - محمَّد بن إدريس سميه بن عبد السلام ابن يوسف البوعنانى. المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌330 - محمَّد أبو عبد الله الرجراجى المكناسى

- ‌331 - محمَّد دعى حمود بن محمَّد بن العربي بن محمَّد فتحا بن العربي

- ‌332 - محمَّد الشريف الأصيل ابن الحاج عبد الله بن البركة مولانا أحمد الوزانى

- ‌333 - محمَّد بن أحمد أبو عبد الله الوزانى الأصل المكناسى الدار والإقبار

- ‌334 - محمَّد اليزناسنى

- ‌335 - محمَّد غازى

- ‌336 - محمَّد القباب

- ‌337 - محمَّد بن عزوز

- ‌338 - محمَّد الغمارى

- ‌339 - محمَّد الإسحاقى

- ‌340 - محمَّد دادوش

- ‌341 - محمَّد الزرهونى الفقيه الأستاذ

- ‌342 - محمَّد الزولاتى

- ‌343 - محمَّد الجرارى

- ‌344 - محمَّد اقلال

- ‌345 - محمَّد المطاعى

- ‌346 - محمَّد البوعصامى

- ‌347 - محمَّد بن محمَّد البوعصامى

- ‌348 - محمَّد مخلوف الأستاذ

- ‌349 - مالك ابن العناية بن المفضل بن خدة الغرباوى الزاووى قرارا ومدفنا

- ‌350 - المختار بن الحاج الحبيب الأجراوى

- ‌352 - المكي ابن القاضى أبي القاسم العميرى

- ‌353 - المكي بن المختار الحناش

- ‌354 - المكي بن أحمد السوسى والد السيد فضول

- ‌355 - المكي أبو زكرى المكناسى الأصل والدار

- ‌356 - منانة مزوارة المكناسية

- ‌357 - المصطفى الشريف العلوى المدغرى ابن محمد الكبير

- ‌358 - المعطى بن العناية البخاري الغربوى السفيانى المعتكى من أولاد علال

- ‌359 - المعطى الشاوى المسكينى القرقورى نزيل مكناسة

- ‌360 - المعطى بن محمَّد بن الهادي بن عبود المكناسى

- ‌361 - مغيث أبو الفضائل زغبوش القرشي

- ‌362 - المفضل بن أحمد الفلوسى الزرهونى الوربى الأصل المكناسى النشأة والدار

- ‌363 - المفضل بصرى

- ‌364 - المفضل بن العدل الزكى السيد الهادي بن أحمد بن المجذوب صنو العارف بالله سيدي الطيب بن على بن عبد الرحمن بن على بن عزوز

- ‌365 - المفضل بن المكي بن أحمد السوسى

- ‌366 - المستضئ بنور الله ابن السلطان الأعظم أبي النصر والفدا إسماعيل

- ‌367 - مَسْلَمَة ويقال له بسلمة وسلامة ابن السلطان الأفخم أبي عبد الله محمَّد بن السلطان أبى محمَّد عبد الله ابن السلطان الأفخر أمير المُؤْمنين بالمغرب الأقصى أبي النصر إسماعيل الجد الأعلى

- ‌368 - مسعود الموقت ابن العلامة المشارك أبي محمَّد عبد القادر الطليطى الأَنْدلسيّ

- ‌369 - مسعود بن جلون

- ‌370 - مسعود البريشى

- ‌371 - المهدي الزريهنى بالتصغير

- ‌372 - المهدي بن عبد المالك بن إدريس بن عبد المالك بن المنتصر

- ‌373 - المهدي الكحاك

- ‌374 - المهدي بن العلامة الخير الدين أبي محمَّد الطيب بن الصغير بصرى

- ‌375 - المهدي قاضيها شيخ شيوخنا أبو عيسى ابن الطالب بن

- ‌376 - المهدى بن على الإسماعيلى

- ‌377 - المهدى بن فضول بصرى

- ‌378 - موسى بن محمَّد بن معطى العبدوسى وبه عرف أبو عمران

- ‌379 - موسى العزاف

- ‌380 - موسى بن الحجاج أبو عيسى المكناسى

- ‌381 - موسى بن عليّ الزرهونى

- ‌383 - الموهوب بن الإدريس الشبيهي

- ‌384 - المؤذن الكاتب

- ‌حرف الصاد

- ‌385 - صالح. قاضيها أبو محمد بن القاضي أبي العباس أحمد بن أحمد الحكَمى -بفتح الحاء والكاف

- ‌386 - صالح بن العربى بن صالح الطليقى الحلمونى البُخاريّ

- ‌387 - صالح بن يوسف البُخاريّ

- ‌388 - الصِّديق البُخاريّ الأجراوى

- ‌حرف العين

- ‌خلفاؤه:

- ‌حجابه:

- ‌أطباؤه:

- ‌عماله:

- ‌قضاته:

- ‌محتسبوه:

- ‌نظاره:

- ‌آثاره:

- ‌ما خلفه من الأولاد:

- ‌وفاته:

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح:

- ‌علائقه السياسية:

- ‌390 - عبد الله بن حماد يعرف بابن زغبوش المكناسى النشأة والدار

- ‌391 - عبد الله بن محمد بن عيسى

- ‌392 - عبد الله بن أبى مدين الحاجب العثمانى

- ‌393 - عبد الله بن الحسن اللخمى عرف بابن الأصفر

- ‌394 - عبد الله بن حمد -بفتح الحاء والميم من غير ألف

- ‌395 - عبد الله بن العريف

- ‌396 - عبد الله بن محمد بن موسى بن محمد بن معطى العبدوسى -بفتح العين وضمها- الفاسى المكناسى

- ‌397 - عبد الله بن محمد اليَفَرْنى

- ‌398 - عبد الله الخياط

- ‌399 - عبد الله بن إبراهيم بن الجندوز

- ‌400 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبود بن على بن عبد الرحمن بن أبي العافية المكناسى الشهير بابن القاضى

- ‌401 - عبد الله مولى الرئيس الأوحد أبى عثمان سعيد بن حكم

- ‌402 - عبد الله بن على المعروف بالحجام الصبيحى

- ‌403 - عبد الله الجزار

- ‌404 - عبد الله بن السلطان محمد الحاج الدلائى رحمه الله

- ‌405 - عبد الله بن المجذوب القصرى العبدرى

- ‌406 - عبد الله بن محمد سميه بن الخياط بن محمد فتحا

- ‌407 - عبد الله بن العرفاوى الخيارى المكناسى

- ‌408 - عبيد المدعو المظلوم

- ‌409 - عبد الحق قاضيها أبو محمد بن سعيد بن محمد المكناسى

- ‌410 - عبد الحق الزرهونى

- ‌411 - عبد الحق أبو محمد السحيمى

الفصل: ‌366 - المستضئ بنور الله ابن السلطان الأعظم أبي النصر والفدا إسماعيل

تراجعت أمواج هيجان الوجد، فبشروا المحبين بالقفول القريب إن شاء الله تعالى وحلول المنير المنير في برج السعد، ولو تذكرت الكراسى والمسجد ما تلى هناك غير ما مرة في أسباب الخروج من الأوطان والرحاب، من سفر لتجارة أو هجرة أو زيارة أولياء أو أحباب، لذهب في الوقت ما توهم لها من الأوصاف، وسطع سرورها ولها العيش طاب، فلتذكر ما كانت تسمعه، فالعاقل اللبيب لا يتحول عما ينفعه، ولو استحضر مع ذلك ما أعد الله تعالى في المقاصد الحسنة المستحسنة، الصارفة عن العقل غفلته ووسنه، لعاد الحنين والرد عليه بالنحيب ضحكا وسرورا، واستحسنت خدمة أسْكُفَّة هذا الوزير المبارك الأرشد الأسعد، المخلص في النصيحة للمسلمين القريب والأبعد، إجلالا وإعظاما وبرورا، فلن يكافئ إحسانه إلا أن نرفع جميعا أيدى الضراعة والابتهال، ونخلص له في ظل مولانا الإِمام، نصره الله على الدوام، ما أمكن العبد من مستجاب الدعاء وأكمل سؤال.

اللهم يا ذا الطول والحول والفضل والامتنان، أحسن عاقبتنا وعاقبته وبارك في عمره وأحسن في أثرنا وأثره وافتح بصيرتنا وبصيرة تلامذتنا أجمعين، واجعلنا ممن علم فعمل، وعمل فقبل يا قوى يا معين.

وفاته: توفي بمحروسة فاس يوم الأحد سابع ربيع الثاني عام عشرين وثلاثمائة وألف، ودفن بالزاوية الناصرية هنالك رحمه الله.

‌366 - المستضئ بنور الله ابن السلطان الأعظم أبي النصر والفدا إسماعيل

.

صفته وحاله: أبيض اللون، حسن النقد، مليح الوجه، أمه عودة الدكالية، قاله أبو عبد الله محمَّد بن عبد السلام بن أحمد بن محمَّد المعروف بالضيف الرباطى المولود سنة خمس وستين ومائة وألف حسبما قال ذلك عن نفسه في تاريخه.

ص: 385

كان المترجم منكوس الراية، مسيكا ذا خفة وقساوة وطيش، غير متأن ولا ناظر في العواقب، ولا متوقف في سفك الدماء، بويع له بعد أخيه أبي عبد الله محمَّد المدعو ولد عريبة عشية يوم السبت ثالث ربيع النبوى عام واحد وخمسين ومائة وألف، وهو يومئذ بسجلماسة، فوجه له عبيد البُخَارِيّ الذين سعوا في البيعة له شرذمة من الخيل تأتى به من تافيلالت وبمجرد ما اتصل به الخبر، خرج مسرعًا يطوى المراحل، ولما وصل صفرو، وخرج إليه أشراف فاس وعلماؤها وأعيانها وأدوا بيعتهم له، ولما حل بفاس ولى عليها القائد أَحْمد الكعيدى، واستخلف الكعيدى شعشوعا اليازغى، كما عزل قاضيها الشدادى، وولى مكانه السيد محمَّد الدلائى البكري، وأصلح ما كان بين الأدارسة وعامة أهل فاس هناك.

ونهض لمكناس عاصمة ملك والده، ولما دخلها كتب العبيد له البيعة العامة، ووافق عليها أهل الحل والربط ظاهرًا لما كان للعبيد من الاستبداد والسيطرة، ثم وفدت عليه بها الوفود بهداياهم وبيعتهم.

وكان وصوله لمكناسة في رابع عشر ربيع المذكور، وكان فاتحة أعماله بها بعثه بأخيه ابن عريبة السلطان المخلوع قبله المذكور موثقا بالأغلال لفاس، ومنها لسجلماسة سجينا ينضم لغيره من الأشراف الذين بالسجون هنالك، كما وجه السيد عبد المجيد المشامرى بو طالب، والشيخ أبا زيد عبد الرَّحْمَن الشَّاميّ يسجنان بفاس الجديد، وأمر بنهب دار المشامرى المذكور والتنكيل به وسومه سوء العذاب، فامتثل أمره فيه، ولم يزل المشامرى المذكور يتقلب في أنواع أليم العذاب إلى أن مات، وسبب محنة الرجلين شكاية مولاى عمر الأمرانى نهب داره بفاس بتداخل الرجلين.

ثم اشتغل بالبحث على ما في خزائن والده التي لم يلق لها بالا أحد من

ص: 386

إخوانه الذين تملكوا قبله لاحتياجه إلى ما يصرفه ابتغاء مرضات العبيد، ولم يترك خزينا من الخزائن إلَّا ونسف ما به نسفا حتَّى الحديد والكبريت الذي كان يعد بآلاف القناطر وملح البارود والشب والبقم وغير ذلك مما كان مدخرا من الغنائم التي كان يغنمها والده من أجناس الفرنج، وباع ذلك كله، فلم يجد المتحصل فيه شيئًا وأزال بعض السراجيب المذهبة والشبابيك، وألزم أهل الذمة بأداء ثمن ذلك.

ثم أنزل المدافع النحاسية من الأبراج فكسرها وضربها فلوسا كما فعل ذلك قبله أبو العباس أَحْمد بن إبراهيم السلطان العثمانى الذي هو أول من ضرب سكة النحاس الأحمر وموهها بالفضة، وكل ما ذكر لم يغن المترجم شيئًا، كما أفصح بذلك الزيانى في الروضة السليمانية وغيرها من كتبه، ثم وظف على أهل فاس أموالا طائلة عجزوا عن الوفاء بها، وألقى القبض على جماعة منهم وأودعهم السجون، وأمر ببيع عقارهم لاستيفاء ما بقي بذممهم مما وظف عليهم، وألزم التجار بشرائه، وقبض على بعض الأشراف العراقيين وهو السيد العربي بن السيد عبد الكريم صاحب الدار الكبرى بجرنيز بعد أن أوجعه ضربا، وزج به في السجن بدعوى أن خنائة بنت بكار زوج والده استودعت عنده أموالا.

ولم يترك بابا من أبواب القساوة إلَّا وطرقه، فكم استصفى من أموال، وأزهق من نفوس بغير حق، وذلك بإغراء من رفيقه أبي حفص عمر الأمرانى انتقامًا من أهل فاس، حيث إن داره نهبت على عهد أبي عبد الله محمَّد ولد عريبة أخ المترجم، ولم يدافع عنها أحد منهم وولى أَبا حفص المذكور على فاس، وأغرى البرابر على العيث في الطرقات وشن الغارات على الودايا، فانقطعت بسبب ذلك السابلة، وتعذرت أسباب المعاش، وأصدر أوامره بتوجيه أخيه المولى زين العابدين سجينا مقيدًا إلى تافيلالت بعد أن ضربه ضربا مبرحا، ولولا أن العبيد وجهوا من انتزعه من يد المتوجهين وبعثوا به لأبي العباس الكعيدى ببني يازغة واستوصوه خيرًا فاحتفظ به واعتنى بشأنه لهلك.

ص: 387

وكتب لصهره الباشا أَحْمد الريفى يأمره بالإيقاع بأهل تطاون لتخلفهم عن بيعته، وقد كانت بينه وبينهم عداوة وشحناء، فاغتنمها الريفى فرصة واقتحم تطاون على حين غفلة من أهلها فدمر ونهب وقتل من وجوهها نحو الثمانية، ووظف على من بقي ما ضاقوا به ذرعا مما لا طاقة لهم بوفائه.

وقد كان الحوات هو صاحب أمر المترجم ولم يزل حاملا راية الدفاع عنه والسعى في نصرته إلى أن قبضه الله إليه، وكانت وفاته في ثامن ربيع الأول عام اثنين وخمسين بعد أن دعا المترجم عليه بالهلاك.

وفي سابع جمادى الأولى من العام سرح المترجم أخاه ابن عريبة من عقاله.

وفي عاشر رجب عاثت فرقة من حجاوة وانضم إليها خليط من الرعاع وأطلقوا يد السلب والنهب في السابلة، ولما تفاحش أمرهم أرسل المترجم عليهم القبائل المجاورة لهم، وأمر بإلقاء القبض عليهم حيثما وجدوا والبعث بهم لمكناسة.

وفي السادس عشر من شوال أمر بضرب أعناق عدد من وصل لحضرته المكناسية من المتمردين المذكورين، وعلقت رءوسهم على أبواب المدينة وجدراتها، ولم يزل هذا شأنه معهم إلى أن تابوا وأنابوا.

وفي يوم السبت الرابع والعشرين من ذى القعدة الحرام وجه أخاه المولى بناصر لقتال عبدة لما كانوا عليه من التمرد والعيث في الطرقات والاستطالة على القبائل الحوزية، فقتل منهم عددًا وأرغمهم على الرضوخ للطاعة، ووظف عليهم مالا له بال، وآب لأخيه المترجم سالمًا غانما.

ولما كان عام اثنين وخمسين ومائة وألف، أوقع صاحب الترجمة بالباشا العياشى وتوالت الأمطار وقام النَّاس على ساق في الحراثة ركما عما كانوا عليه من

ص: 388

الفاقة والإملاق وعدم الدواب لتوالى السنين الشهباء عليهم جلهم كان بالفُئُوس والأغنياء منهم حرثوا على الحمر، قال في الدر المنتخب نقلا عن بعض المؤرخين لقد علمت أن سبعة اشتركوا في زوجة حمير، فحملوا عليها إحدى وعشرين وسقا، وأعطى الله تبارك وتعالى البركة في تلك السنة وتدارك عبادة باللطف بعد، الشدة هـ.

وفي يوم الثلاثاء سابع عشر صفر عزل السيد محمَّد البكرى الدلائى عن قضاء فاس، وولى مكانه أَبا عبد الله محمَّد بن عليّ الشدادى، وعزل أَبا العباس أَحْمد الصبيحى عن الإمامة والخطابة والتدريس بالحرم الإدريسى، وولى مكانه العلامة أَبا المواهب عبد الكبير السرغينى.

وفي الرابع والعشرين من صفر صدر الأمر السلطانى بين العشاءين بإخراج محمَّد مامى من الضريح الإدريسى، وقد كان مستجيرا به، فأخرج قهرًا ولما مثل بين يدي المترجم بمكناسة قتله من حينه.

وفي يوم الأربعاء ثالث ربيع الأول ألقى القبض على العربي بن عزوز ناظر القرويين لما تحقق لديه من اشتغاله بما لا يعنيه، واجتماعه مع لفيف من خاصته على الغناء والملاهى بداره، وسجنه مع جماعته ثم وقعت الشفاعة فيه للسلطان فعفا عنه ورده لمأموريته.

وفي سادس جمادى الأولى وقيل صبيحة يوم الاثنين الحادى عشر منه، نهض المترجم إسعافا لرغبة العبيد واتقاء لشرهم لجبل فازاز في عساكره وجنوده، حيث بلغهم أن السلطان عبد الله بويع له بمراكش وأحوازها، والحال أنَّه كان بعيدًا عنها، وأقام المترجم بجبال فازاز مدة تنيف على الشهر، ثم اعتراه انحراف في المزاج فانقلب لمكناس، ودخله في عاشر جمادى الثَّانية، ونزلت تلك المحال

ص: 389

بضواحى البلد فمدت يد التعدى بالنهب والإفساد في أجنة وبحائر البلد وأحوازها.

وفي فاتح شعبان قتل جماعة من رؤساء العبيد منهم البشا غانم، والقائد عبد المجيد سعدون، والقائد عيسى مفتاح، وأولاد الريفى.

وفي أوائل رمضان عزل بوعزة الزيزى عن حسبة فاس ووليها العدل الحاج محمَّد سوسان، وفي يوم الأربعاء رابع عشر رمضان أكلت قافلة بين فاس ومكناس وتعذر المرور في السابلة من يومئذ، وفي آخر رمضان المذكور عزل سوسانا.

وفي أوائل شوال كتب لأبي عيسى المهدي الفاسى يستقدمه لحضرته للوساطة في إصلاح ذات البين بينه وبين الباشا أَحْمد بن عليّ الريفى، إذ كانت حدثت بينهما وحشة تكدر بها جو الصفا وأصبح الريفى المذكور حجر عثار في طريق نجاح مساعى المترجم، وفي سابع شوال وجه أَبا عيسى للريفى بكتاب لفظه بعد الحمدلة والصلاة:

"الأجل الأسمى، المجاهد الأحمى، أخبرنا في الله تعالى الباشا أَحْمد بن على أمدك الله بمعونته، وأبقاك مصونا في حوز حمايته، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، وأمانه وتحياته.

أما بعد: أبعد الله عنك كل ما يطويه الفكر، وأبقاك سالم الأحوال في جميع الآصال والبكر، وقوى محاسنك بالجد، ومطالعك بالسعد، آمين فلقد اتصل بمقامنا العلي بالله الفقيه الجليل، العالم النحرير النَّبِيل، نجل السادات الأبرار، العلماء الصلحاء الأخيار، الأئمة الأعلام، والقدوة لمن أصلح الله حاله من الأنام، سيدي المهدي حفيد نبراس أولياء الله الأصعد، القطب الأوحد، أبي يعقوب سيدي يوسف الفاسى نفعنا الله ببركاته، وأفاض علينا من بحر كمالاته، آمين يَا رب العالمين.

ص: 390

ولما حل بنا دينا، وخاض معنا في ماء وادينا، أجللناه وأعظمناه، وفي داخل الأحشاء جعلناه، فتفاوضنا معه الحديث، القديم والحديث، وعقدنا له مجلسين فزنا فيهما بمحاورته، وحسن محاضرته، فألفيناه من حسن أوصافه، على طريقة أسلافه.

ولما كان من ينبوع الحكمة والعلم والصلاح، تطارحنا معه الحديث في جانبك من إفشاء ودك وتعظيم منصبك مما هو علينا واجب ومباح، وعرفناه بمالك عندنا من المرتبة السامية، والمحبة الشافعية النامية، وجلنا معه في السر والجهر، وأطلعناه على مكنون الجوانح والصدر، لتحقيقنا فيه أن مثله ممن تذاع بين يديه الأسرار، ومن يتحمل أداء الأمانة من صدق الأخبار، وما كتمنا عنه شيئًا مما هو في الخلد والضمير، فهو يخبرك بما سمع منا ولا ينبئك مثل خبير.

فاعقد له مجلسا سريا حتَّى يشفيك الغليل في جميع ما قلناه من الإبلاغ لك، فإنك تجد في ذلك بغيتك، ومنيتك وأملك، فإنَّه لم ينفصل عنا حتَّى اتضح له الأمر ظاهره وباطنه ووقف فينا على حقيقة الحال، ونفى الظنون والشكوك والمحال، وقد وجدنا فيه من محبتك، وكمال مودتك، ما حملنا على البرور به وقربه، زيادة على الوصف الذي هو قائم به.

فقد شرح صدورنا بطيب كلامه وحسن حديثه مما نحن فيه في جانبك أغرف.

وإلى إيذاعه والتحدث به من مثل هذا السيد ونشره بين أيدينا أشوق وأشوف، فهذا بلغك الأمانة التي حملناه فـ (اتهلا) فيه واستوص به خيرا ففي مثله تنفع الصنيعة والمعروف، ولا يستوى في إسداء النعم الشريف والمشروف.

فهذا السيد له شرف العلم وشرف الحسب وشرف الصلاح وشرف الدين، ولا يخفى عن علمك ما كان لسيدنا الوالد قدس الله روحه في سلفه الصالح من

ص: 391

صدق المحبة وخالص الوداد، وجميل الاعتقاد، فكان يؤثرهم ويعظم أقدارهم، ويرفع على سائر الديار ديارهم، مع ما أكرمهم الله به من العلم والصلاح والقيام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإظهار معالمها، والاصطفاء لحاملها وعالمها، وتشييدهم لبنيانها، وتدعيم أركانها، ووقوفهم في بثها وتعليمها، وحضهم على تخليصها.

فقد أعلوا منارها بوضع التآليف، وحسن التصانيف، فكثرت في ذلك دفاترهم، وعظمت عند العلماء والصلحاء والملوك وذوى السلوك مآثرهم، فناهيك بتلك الدار، وما لها من الحرمة والمقدار، حتَّى إن بعض علماء العصر ذكر في قوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتَّى يأتى أمر الله، وفي بعض الروايات وهم بالمغرب، قال: ولعلها أن تكون راوية سيدي عبد القادر الفاسى من كثرة ما تواتر عنها من وقوف أهلها في إحياء السنة، جعلنا الله وإياكم ممن يقوم بشروطها، ويختال إن شاء الله في حالها ومروطها.

فثق بهذا السيد في كل ما يبلغه عنا لسانه وبيانه، فهو كتابنا إليك حقيقة، وهذا الكتاب إنما هو عنوانه، ولما تحدثت معه على شأنك آليت له بأيمان غليظة على صدق ما حدثته به، ولا يعرف تلك الأيمان إلَّا من هو مثله، إذ لا يعرف الأشياء على حقائقها، وكشف دقائقها، إلَّا ذووها، ومعاده عليكم الرحمة والبركة وفي 7 شوال عام 1152".

وفي يوم الاثنين الخامس والعشرين من شوال أتت فرقة من آيت يوسف بقصد قتال الودايا وشبت بينهما حرب مات وجرح فيها من الفريقين عدد، ونشأت عن ذلك قلاقل وفتن، وفي آخر شوال المذكور رفض عبيد البخارى طاعة الباشا الدكالى لقبح سيرته ومقابلته إياهم بغاية الصرامة والأذى حتَّى بالقتل، وولى مكانه القائد بو عزة مولى الشربيل وكان ممن حنكته التجاريب، ومن أهل السبقية في الخدمة السلطانية في العصر الإسماعيلي، عصر الجد والنجدة والحزم، فقام في

ص: 392

مأموريته أحسن قيام، وأحيا بسياسته وتدبيره ما أمكنه مما اندرس من رسوم الخلافة ونوامسها، وأمن بولاية هذا السياسى المقتدر كل من كان خائفًا يترقب.

ثم اتفق الباشا المذكور وَرُؤساء الديوان ومن يشار إليه من الجيوش على خلع المترجم والمبايعة لصنوه أبي محمَّد عبد الله، وتم الوفق على ما ذكر يوم السبت خامس عشر ذى القعدة، ولما اتصل الخبر بالمترجم بارح مكناسة ناجيا بنفسه في شيعته وأنصاره، ويوهم أنَّه يريد زيارة أبي محمَّد عبد السلام ابن مشيش، وكان الزمن زمن برد قارص وأمطار هاطلة، ولما علم العبيد بذلك اقتفوا أثره فوقع بينهما قتال كانت الكرة فيه على العبيد، فولوا الأدبار منهزمين وسار المترجم إلى أن وصل طنجة، فاستقبله الباشا أَحْمد الريفى بالإجلال والترحيب، وبقى في ضيافته أيامًا، ثم استنجد الباشا المذكور وصديقة السلوى في نصرته، وشد عضده حتَّى يرجع لمكناسة، وينكل بمن سعى في خلعه من العبيد.

ولما تعذر ذلك وحالت الظروف بينه وبين ما يريد، طلب من الباشا الريفى أن يوجه لمراكش، فأسعف رغبته وزوده بجميع ما يحتاج إليه: يكفيه من مئونة ومال ودواب لحمل أثقاله وأثقال أتباعه، وشيعته رسله من قبيلة إلى أخرى، إلى أن قطع تلك الجبال الفحصية، ووصل إلى كارت ومنها إلى الصحراء، ولما لم يحصل على ضالته المنشودة انقلب راجعا إلى أن وصل للقصبة التي كان بناها بجبال مسفيوة بناء محكما بواسطة أَخيه وخليفته بمراكش المولى بناصر.

ثم دخل لمراكش فوفدت عليه القبائل الحوزية بهداياها وبيعاتهم ما عدا قبيلتى أحمر وعبدة، ومن انضم إليهما فإنهم رفضوا طاعته ولم يبايعوه، فأرسل لهم سبحته وأمنهم إن هم دخلوا فيما دخل فيه غيرهم، فوجهوا له مائة فارس منهم ومعهم كسوة أبي محمَّد صالح فلما مثلوا بين يديه، قتلهم عن آخرهم وأعطى خيلهم لدكالة.

ص: 393

وفي عاشر ربيع الثاني من عام ثلاثة وخمسين ومائة وألف اجتمع على جيش السلطان عبد الله الذي كان بآكدير شيعة المترجم من قبائل أحوار مراكش كالرحامنة ودكالة وزمران ومسفيوة ووقع بين الفريقين حرب شديد كانت الهزيمة فيه أولًا على أتباع المترجم، ثم رجعت الكرة على الجيوش التي بآكادير لاشتغالهم بالسلب والنهب ولم يأخذوا بالأحوط والحزم، فأَتاهم من خلفهم خليفة المترجم صنوه المولى بناصر واستولى على جميع ذخائرهم وأمتعتهم حتَّى الأخبية، ثم وقعت ملحمة أخرى بين الفريقين المذكورين في التاسع والعشرين من جمادى الأولى كانت الهزيمة فيها على المترجم وأتباعه ففر إلى القصبة التي كان بناها بمسفيوة.

وفي أوائل محرم عام خمسة وخمسين دخل المترجم مكناسة عاصمة ملك أَبيه، وأتت الوفود لتهنئته وتقديم الطاعة إليه.

وفي أواخر المحرم أرسل الباشا أَحْمد الريفى لأهل فاس يطلب منهم تجديد البيعة للمترجم فلم يجيبوه لذلك، فاغتاظ وأضمر لهم سوءًا، وخرج المستضئ لمضايقة فاس إلى أن يرضخوا لطاعته ونزل بظاهر فاس يوم الثلاثاء رابع عشرى ربيع الأول وصار يشن الغارة على البلاد.

وفي خامس عشرى الشهر وقع القتال بين العبيد أتباع المترجم ومن انضم إليهم، وبين أهل فاس وأشياعهم، وكان الحرب سجالا، ثم وافى السلطان عبد الله جيش جرار من البرابر، ولما رأى المترجم أنَّه لا قبل له بهم فر ليلًا وحمل أمتعته وترك الأخبية مضروبة فارغة ليس بها ما يطلق عليه اسم شيء غير رجل أنهكه المرض، ولما أصبح الصباح زحفت إليهم الجنود البربرية فأخبرهم ذلك السقيم المخلف بحقيقة الواقع، وسار المترجم على بلاد شراكة والحياينة فنهبوا

ص: 394

الزرع والماشية، وسار على ورغة إلى أن دخل تازا ثم آب لمكناسة، ولم يدخلها لفشو الطاعون بها إذ ذاك.

وفي عشية يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من المحرم فاتح عام ستة وخمسين ومائة وألف، نزل المترجم وصهره أَحْمد الريفى بالعسال من مزارع فاس قرب وادى سبو، وأعجبتهم كثرة جنودهم المجندة منقسمة على قسمين قسم مع المترجم، وقسم مع الريفى، وفي يوم الخميس رابع عشرى الشهر وقعت مناوشة خفيفة بين محال المترجم ومحال أهل فاس.

وفي يوم السبت سادس عشرى الشهر وقعت معركة عظيمة مات فيها خلق، ولما كان زوال يوم الخميس الثاني والعشرين من صفر حشد الريفى ومتبوعه جنودهما وقطعوا قنطرة سبو، يريدون استئصال الجنود الفاسية، فقذف الله في قلوب شيعة المترجم الرعب بدون قتال فولوا الأدبار، ووقع فيهم الطعن والقتل فازدحموا على القنطرة وسقط في الوادى عدد كثير منهم، وفر المترجم لبنى حسن واحتمى بهم، وسار الريفى على بلاد صنهاجة يطوى المراحل إلى أن وصل طنجة وترك جميع ما أتى به غنيمة.

ثم رجع المترجم بنواحى مكناس يأمل النصرة.

وفي ثانى جمادى الثَّانية دخل المترجم ومن انضم إليه من بني حسن والعبيد وشرذمة من البربر وذلك على حين غفلة من أهلها، ومدوا يد النهب والإفساد، وجاسوا خلال البلاد؛ فقاومهم أهل البلد وأخرجوهم ناكصين وقتلوا منهم عددًا عديدا وقاموا على ساق في تحصين البلاد.

وفي يوم الأحد التاسع عشر من رجب نزل المترجم على الرئيس عبد الحق فنيش صاحب سَلَا، وطلب منه النصرة فبايعه بسلا انتقامًا من السلطان عبد الله كما في تاريخ الضعيف، ثم تبع أهل سَلَا، في بيعة المترجم قبائل بني حسن وفرقة

ص: 395

من عبيد دكالة لا غير، وقد راود أهل الرباط على الدخول فيما دخل فيه أهل سلا، فأبوا من إجابته، فحاصرهم أربعة عشر شهرًا وبالغ في التضييق عليهم.

وكان ابتداء حصاره لهم في رمضان العام وألقى القبض على أبي عيسى المهدي مرينو الأَنْدلسيّ الذي صار قاضى الرباط بعد أن هم بقتله، ثم سرحه وخلى سبيله لحفظه مختصر خليل.

وفي رجب الفرد عام سبعة وخمسين اتخذ السلاليم وأراد التسور بها على الثغر الرباطى ليلا من ناحية البحر، ولما أحس بذلك على من الحرس الذي كان بالأبراج أخرج فيمن طلع نفضا مات منه خلق وكسرت تلك السلاليم، وتسارع أهل الرباط لالقاء القبض على من انفلت من الموت ممن هبط إلى مدينتهم.

وفي ذى القعدة من العام أوقع المولى عبد الله ببني حسن وقعة كادت أن تحص منهم كل شيء بتلماغت، ففر صاحب الترجمة لمسفيوة حيث كان اتخذ بها دارًا فشرده منها صنوه أبو محمَّد عبد الله، فذهب إلى مراكش، فوجد صنوه الذي كان خليفة عنه بها وهو بناصر قد لبى داعى الله.

وفي ثمانية وخمسين ثار المترجم بجبال مسفيوة واجتمع عليه هنالك بعض الغوغاء أَيضًا وسماسرة الفتن وبايعوه، فوجه صنوه أبو محمَّد عبد الله من يشرده ويبدد أحزابه وشبت بينهما حروب كان انطفاؤها بتشريد صاحب الترجمة عن جبال مسفيوة، ولجا إلى مراكش فطرده أهلها، فسار إلى دكالة فتامسنا ببني حسن، ولما لم يرفع له رأس في جهة من الجهات المذكورة صرف وجهته لطنجة وأعمالها، واستقر به الثوى بالفحص، فأقام به أيامًا عسف فيها أناسا منهم القائد عبد الكريم الريفى سجنه وسلمه واستصفى أمواله، فثار عليه بسبب ذلك أهل الريف وألقوا القبض عليه، وسلبوه من كل مال ومتمول وامتحنوه وأوثقوه وموا بتوجيهه لصنوه المولى عبد الله، ثم بدا لهم فسرحوه، فعند ذلك كتب لصنوه المذكور وكان يومئذ

ص: 396

بفاس يعتذر له عما صدر منه ويطلب منه محلا يستقر به فأجابه بقوله: إنك لم تأت إلى ذنبا ولم ترتكب في حقى عيبا، إنما كنت تطلب ملك أبيك كما كنتَ أَطلب ملك أبي، والآن فإن أَنْتَ أردت الخمول مثلى فأقم بآصيلا واسكن بها، فإنها أحسن من دار دبيبغ التي أَنَا بِها، وأَرح نفسك كما أرحتها، وإن كنت إنما تطلب الملك فشأنك وإياه فإنِّي لا أنازعك فيه والسلام.

فلما وصل إليه هذا الكتاب من صنوه السلطان المذكور انتقل لآصيلا واستوطنها، واعتنى بها وأصلح منها ما يحتاج إلى الإصلاح كما أَصلح دار الخضر غيلان التي بقصبتها وسكنها سنة أربع وستين ومائة وألف.

ثم اتصل به بعض الأشرار من قرناء السوء الذين يستفزهم الطمع فدلوه على التكسب بالبيع والشراء في الزرع بجلبه من الداخلية ووسقه للبلاد الأجنبية فَارْتأى برأيه وتصدى للاتجار في ذلك، حتَّى تضرر النَّاس ورفعوا شكاياتهم للسلطان، فصار يقرع من الندم على إذنه له في السكنى بالثغر المذكور، وأصدر أوامره إلى القائد أبي محمَّد عبد الله السفيانى بالزحف إلى المترجم وإرغامه على الخروج من آصيلا، وكتب لولده خليفته بمراكش أبي عبد الله محمَّد أن يبعث إليه من يعززه في إجلاء المترجم عن الثغر، فبعث سيدي محمَّد رفيقه ابن عمه أَبا العلاء إدريس ابن المنتصر في مائة فارس وأمره باللحوق بالقائد المذكور طبق إشارة والده، فسار أبو العلاء إلى أن لحق بالسفيانى ونزلا على آصيلا وأرغما صاحب الترجمة على إخلائها، ولم يقبلوا منه عذرًا في التأخير، فلم يسعه غير الخروج منها.

ثم استولى أبو العلاء على جميع أمتعته وأمواله وذخائره الحربية وغيرها، وتوجه بجميع ذلك لعمه السلطان أبي محمَّد عبد الله، وسار المترجم إلى أن نزل بضريح الشيخ أبي بكر بن العربي من فاس، ووجه ولده للسلطان يشكو بما فعل به خليفته ولده سيدي محمَّد فكان من جواب السلطان له قل لأبيك: لا سبيل لي عليه هو أعظم شوكة مني ومنك، فسر إلى بلاد أبيك وجدك وأرح نفسك من

ص: 397

التعب والموت قريب مني ومنك، فلما بلغه الجواب لم يسعه غير التوجه إلى صفرو، وذلك بعد أن ترك عياله بدار الشريف أبي محمَّد التهامى ونزل هو بدار الإمارة من صفرو.

ولما أوصل أبو العلاء للسلطان ما استولى عليه من أمتعة عمه المترجم أخذ السلطان البارود والسلاح، ووجه الباقي لربه قيل، ولما طال المثوى بصاحب الترجمة بصفرو، وبعث إلى آيت يوسى يندبهم لنصرته، والقيام بدعوته، فتخاذلوا عنه وأحالوه على آيت يدراسن وجروان وواعدوه بإسعاف رغبته إن أجابه المذكورون لمطلبه، ولما لم تنجح مساعيه بعث من أتى إليه بعياله وأثاثه من فاس وذهب إلى سجلماسة فاستوطنها، وذلك في عام ستة وستين ومائة وألف.

وكانت أيامه كلها غلاء ووباء ونحس مستمر، وما جلبناه في هذه الترجمة هو الزبدة واللباب مما في تواريخ أبي القاسم الزيانى وتابعيه، وتاريخ الضعيف، وتقاييد ابن إبراهيم الدكالى، مع مزيد إيضاح وتهذيب.

وزراؤه وقضاته وكتابه وعماله: فمن وزرائه العلامة أبو الحسن على بن سعيد العميرى آتى الترجمة، ومن قضاته أبو القاسم بن سعيد العميرى والشدادى، الأول على مكناس، والثاني على فاس.

ومن كتابه أبناء الوزير اليحمدى الحسن ومحمَّد.

ومن عماله الباشا محمَّد الدكالى، والباشا عبد المالك، والباشا سالم الدكالي.

بناءاته: منها داره التي لا زالت إلى الآن بمسفيوة أحواز مراكش مع قصبتها.

بعض ما قيل فيه من المدح: من ذلك قول بعض أدباء العصر ولفظه:

ظفرت فصل ونل قدرا رفيعا

أتاك الملك مستمعا مطيعا

ص: 398

وقد حقت لك العلياء فردا

فطب نفسًا بما تهوى جميعًا

مولاى المستضى قطب المعالى

لنا بنت العلا حصنا منيعا

نصحت فكنت ذا حزم وعزم

فمن قدام بابك لن يضيعا

إذا دعى الملوك لأى أمر

وكل الكل عنه وقد أضيعا

أطاع بهيبة المنصور رغما

وإن لم يجتهد فيه سريعًا

لك الأمر المطاع فدم هنيا

ودان لك الورى ريعا فريعا

وحق لمن وليت من البرايا

وقد خاف الحوادث أن يريعا

وينعش آمنًا بل مطمئنا

قرير العين لا يخشى مريعا

لأنك للرعية خير واق

تدافع عنهم الأمر الفظيعا

حميت بسيفك المسلول منهم

جنابا كاد قبلك أن يضيعا

وكم أوليت ذا بؤس نعيما

وذا بأس تغادره صريعا

تصول إذا الوغى شبت لظاها

على الأبطال منشرحا وليعا

كأنك فيهم ليث عبوس

يطارد من ظبا داى قطيعا

وأعجب ما رآه النَّاس طرا

مواهبك التي جلت صنيعا

سحائب في يمينك أم بحار

تناولت المشايخ والرضيعا

أقر بها الأنام فكل من قد

رآك غدًا سمانمه ربيعا

وصار لك المدا حقا ينادى:

ظفرت فصل ونل قدرًا رفيعا

وفاته: تُوفِّي بسجلماسة بلده سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف، رحمه الله وغفر لنا وله آمين.

ص: 399