الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولادته: ولد في شهر رجب الأصب بمدشر ازجن المشار عام خمسة وثلاثين ومائة وألف.
وفاته: توفى بمراكش زوال يوم الاثنين ثالث عشر رمضان سنة مائتين وألف، ودفن عند الغروب بروضة مولاى إبراهيم الشريف العلمى من حومة القصور الشهيرة.
261 - محمَّد بن العلامة النظار محمَّد بن عبد السلام البيجرى المكناسى
.
حاله: فقيه علامة، فاضل كامل، من بيت علم ومجد وقضاء، أديب شهير، حسيب نسيب، أريحى مهذب، ناثر ناظم خبير، كان وحيد عصره نظما ونثرا، وظرفا ولطفا ونبلا وأدبا وخبرا، وقريحة سيالة، وأجوبة بديهية مسكتة، مع مروءة وحياء وحشمة وسمت حسن، ودين متين، تعرض لذكره ابن عثمان المترجم بعد في رحلته المشار لها، وأتى بما تعاطاه معه من رائق مدام الآداب والظرف نظما ونثرا.
مشيخته: أخذ عن والده، وعن السيد الغازى بن عبود وغيرهما من فحول الأعلام.
الآخذون عنه: أخذ عنه: أخذ عنه السيد محمَّد فتحا بن محمَّد بصرى الآتى الترجمة وصاحب الثبت المشار له في ترجمة السيد التهامى أمغار وغيرها صغرى السنوسى، وتلخيص المفتاح، وألفية ابن مالك من النواسخ إلى الوقف، والخزرجية وغير ذلك، ووصفه بالعلامة الدراكة الفهامة سيدي محمَّد بن الإمام العلامة الهمام فريد عصره سيدي محمَّد بن شيخ أهل زمانه المنفرد في عصره وأوانه، سيدي عبد السلام إلخ، وحلاه في موضع آخر بالأديب الألمعى، الأحوذى اللوذعى، كما أخذ عنه غيره.
شعره: من ذلك قوله مخاطبا خله ابن عثمان عند أوبته من الديار الحجازية أنشأها حين بلغه نزوله بتونس آيبا:
تاق قلبى فما له استقرار
…
منذ جاءت من تونس أخبار
توقان وأنس اجتمع الضـ
…
ـدان عندي فلم يسع إنكار
باشتياق لمفرد في المعالى
…
تترامى دأبا به الأسفار
والتأنس بالتفكر في أو
…
صافه قد تؤنس الأفكار
قمر المجد سار في فلك السعـ
…
ـد فذاك السيار والدوار
وتحرك ذا بتحريك هذا
…
له في غاية له اقصار
أترى يسمح الزمان بقرب
…
منه متصل وتدنو الدار
فندال من النوى بسرور
…
في منادمة له أسرار
مثل ما قيض الإله له الألـ
…
ـطاف فيما جرت به الأقدار
نرتجى دومه عزيزا كريما
…
بالمنى في الهنا له استقرار
وقوله:
يا كريما عز وصفا
…
وعظيما جل إلفا
أنت أولى بالوفا من
…
كل من بالعهد وفي
فاجمع الشمل كما قد
…
فهت اكرم صاح ضيفا
إنما ينفع إلف
…
إلفه في ذاك عرفا
هكذا المزحة ظنا
…
بل يقينا منك يلفى
إنك المرء احتمالا
…
شأنها عندك خفا
فلتكن ساكن بال
…
ذو النهى إن هم عفا
كيف لا والشيب عال
…
رأسه والماء جفا
لكن الأليق حزم
…
ومن المحذار خوفا
فاسترب من يتزكى
…
واحذر المألوف إلفا
وقوله مجيبا إلفا له استدعاه:
السمع والطاعة منا لكم
…
واجبة والأمر ممتثل
نأتى على الرأس لمجلسكم
…
إن لم تسارع نحوه الأرجل
نثره: من ذلك قوله مراسلا خله المترجم بعد: المبرز في العلا، المحرز للمعلى، محيى فصاحة الأوائل، ومعيى سحبان وائل، كرم الله طلعته، وحتم على الدهر طاعته، هذا وما عسيت أُحلى، ولو حصلت لي ملكة المحلى، وأنت أعزك الله السفير بين الملوك، والوزير الذي هو في عقد الوزارة فاخرة السلوك، فأنى يوصل إلى الأوج من فلك مجدك، ولا يقال للزوج إن له معنى من معانى فردك، بيد أنك حفظك الله كريم الأخلاق، وحضرتك العلية حضرة الإطلاق، فبساط أنسك لا شك أنَّه أرفع، لكن انبساطك فيه أوسع للنفس وأنفع، وهو وإن كان به الفرش المرفوعة، والأكواب الموضوعة، وألوان الطعام، مما طار كما قيل وعام، أو من غيرهما كذلك المشرب بالطيب، المشبه بقلنسوة الخطيب، فخطابك البليغ أفضل من ذلك كله وأجمل، ومنزعك اللطيف أوصل للنفوس بها وأحل، لأنَّ ذوق معانى الكلام، ألذ من ذوق ما في الإناء من الطعام، ومما هزنى من ذلك الكلام، ولزنى في المداعبة معك كما لز الألف مع اللام، ما أودعته في رسالة الاستدعاء، من قولك والساق مشمر عن ساق، فإنَّه ذكرنى قول بعض المقاول:
لم أنس يوما ما قام يكشف عامدا
…
عن ساقه كاللؤلو البراق
لا تعجب إن قامت لذاك قيامتى
…
إن القيامة يوم كشف الساق
وإنى لما حضرت ذلك المجلس الأبهر، وأظهر فيه الساقى من شمائله ما أظهر، إنما تاه فكرى في لطف مناولته، ووصف مطالعته لرضاك ومحاولته، فغبت بذلك عن ملاحظة الساق المشمر عنه، بل وعن الساعد الذى كان أقرب إلى منه، نعم أتهم لك نفسى بنظرة أولى لمحياه، وكان القلب بها حياه، لكن قلت في الحين على الشذوذ إياى وإياه، فلعل السيد لنفسه هياه، والنظرة الأولى كما علمت معفو عنها، وإذا سمح قدرك العالى بالمداعبة معنا فهذا منها، والسلام.
وقوله مجيبا صديقه الحميم المذكور، عن رسالة تزرى بقلائد النحور: سيدي أدام الله لك السعادة، ولا قطع عنك من الإنعام ومديد الإكرام كما لم تقطع عادة، أن هذه النفوس كما جاء تصدى كما يصدى الحديد فتتأكد لذلك صقالتها التي هى لنورها كالتجديد، وأن مما اتفق عليه رؤساء الحكما، وأطبق عليه نجباء العلما، أنَّه لابد لها من رياضة، إذ التدريج حكمة هذا العالم وإن كانت القدرة فياضة، وصاحب القصر يهوى قبابه، وتارة رياضه، ويستحسن من أزهاره المختلفة ما خالطت حمرته بياضه.
ولذا قيل:
لا يصلح النفس إذ كانت مدبرة
…
إلا التنقل من حال إلى حال
وكما قيل أيضاً:
تنقل فلذات الهوى في التنقل
…
ورد كل صاف لا تقف حول منهل
وفى المعنى:
أفد طبعك المكدود بالجد ساعة
…
يريح وعلله بشئ من المزح