المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٤٤

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع والأربعون (سنة 611- 620) ]

- ‌[الطبقة الثانية والستون]

- ‌سنة إحدى عشرة وستّمائة

- ‌[ملْك خُوَارِزْم شاه كِرمان ومُكران والسّند]

- ‌[قصْد الفرنج بلاد الإسماعيلية]

- ‌[تبليط جامع دمشق]

- ‌[تدريس النورية]

- ‌[وفاة صاحب اليمن]

- ‌[أخْذ المعظَّم قلعة صرْخد]

- ‌[حجّ الملك المعظَّم]

- ‌سنة اثنتي عشرة وستّمائة

- ‌[بناء المدرسة العادلية]

- ‌[غارة الفرنج عَلَى بلاد الإسماعيلية]

- ‌[غارة الكرْج عَلَى أَذْرَبِيجَان]

- ‌[استيلاء الملك المسعود عَلَى اليمن]

- ‌[حصار المدينة]

- ‌[ملْك خُوَارِزْم شاه غزنة]

- ‌[ولاية القضاء بدمشق]

- ‌[إبطال ضمان الخمر]

- ‌[السهروردي رسولا]

- ‌[قتال قَتادة]

- ‌[كسر الفرنج]

- ‌[أخْذ غزْنة]

- ‌[أخْذ أنطاكية]

- ‌[حركة التتار]

- ‌[انهزام منكلي]

- ‌سنة ثلاث عشرة وستّمائة

- ‌[ترميم قبّة النسر]

- ‌[ترميم خندق باب السّر]

- ‌[الفتنة بين أهل الشاغور والعقيدة]

- ‌[مسير المُعَظَّم إلى الْأشرف]

- ‌[بناء المصلّى بظاهر دمشق]

- ‌[وعظ سبط ابن الْجَوْزيّ بخلاط]

- ‌[رسليَّة ابن أَبِي عصرون]

- ‌[وعظ سبط ابن الْجَوْزيّ]

- ‌[وقوع البَرَد بالبصرة]

- ‌سنة أربع عشرة وستّمائة

- ‌[زيادة دجلة]

- ‌[قدوم خُوَارِزْم شاه إلى بغداد]

- ‌[وصول الفرنج إلى عين جالوت]

- ‌سنة خمس عشرة وستّمائة

- ‌[نزول الفرنج عَلَى دمياط]

- ‌[نُصرة المُعَظَّم عَلَى الفرنج]

- ‌[رسلية خُوَارِزْم شاه]

- ‌[ضمان الخمر بدمشق]

- ‌[تغلّب الكامل عَلَى الفرنج بدمياط]

- ‌[وفاة كيكاوس]

- ‌[وفاة الملك القاهر]

- ‌[خوارزم شاه ورسل جنكيزخان]

- ‌سنة ستّ عشرة وستّمائة

- ‌[موت خُوَارِزْم شاه]

- ‌[تخريب أسوار القدس]

- ‌[استيلاء الفرنج عَلَى دمياط]

- ‌[لباس قاضي القضاة]

- ‌سنة سبع عشرة وستّمائة

- ‌[كسرة بدر الدين لؤلؤ]

- ‌[فتنة ابن المشطوب]

- ‌[زواج عدَّة أمراء]

- ‌[تدريس ابن الشّيرَازِيّ]

- ‌[عزاء ابن حمويه]

- ‌[عزْل ابن الشِّيرَازِيّ]

- ‌[موت صاحب سِنجار]

- ‌[وقعة البُرُلُّس]

- ‌[ولاية دمشق]

- ‌[حجّ المعتمد]

- ‌[مقتل آقباش الناصري]

- ‌[خروجٌ التَّتَار]

- ‌سنة ثمان عشرة وستّمائة

- ‌[الحرب بين جلال الدين وجنكزخان]

- ‌[زواج صاحب ماردين من بنت المُعَظَّم]

- ‌[اقتراب التَّتَر من بَغْدَاد]

- ‌[استرداد دِمْيَاط من الفرنج]

- ‌[مصافاة الْأشرف والكامل]

- ‌[ولاية العهد للخليفة]

- ‌[قضاء دمشق]

- ‌[بناء سور دمشق]

- ‌[طمع الفرنج بمصر]

- ‌سنة تسع عشرة وستّمائة

- ‌[الجراد بالشام]

- ‌[كثرة الحجيج]

- ‌[نقل تابوت العادل]

- ‌[ملْك صاحب المَوْصِل قلعة شوش]

- ‌[استيلاء التَّتَار عَلَى القفجاق]

- ‌[خروج غياث الدين لقتال جلال الدين]

- ‌سنة عشرين وستّمائة

- ‌[عودة الْأشرف من مصر]

- ‌[الوَقْعَة بين التَّتَار وَالقَفْجَاق والروس]

- ‌[تراجم رجال هذه الطبقة]

- ‌سنة إحدى عشرة وستمائة

- ‌[حرف الألف]

- ‌[حرف الباء]

- ‌[حرف التاء]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الدال]

- ‌[حرف الزاي]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف الصاد]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الياء]

- ‌وفيها وُلد

- ‌سنة اثنتي عشرة وستّمائة

- ‌[حرف الْألف]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الفاء]

- ‌[حرف الكاف]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الْيَاءِ]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة ثلاث عشرة وستمائة

- ‌[حرف الْألف]

- ‌[حرف التاء]

- ‌[حرف الجيم]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الزاي]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف الشين]

- ‌[حرف الصاد]

- ‌[حرف الضاد]

- ‌[حرف الظاء]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الغين]

- ‌[حرف الفاء]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الياء]

- ‌[الكنى]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة أربع عشرة وستّمائة

- ‌[حرف الْألف]

- ‌[حرف الباء]

- ‌[حرف التاء]

- ‌[حرف الدال]

- ‌[حرف الذال]

- ‌[حرف الراء]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الفاء]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الياء]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة خمس عشرة وستمائة

- ‌[حرف الألف]

- ‌[حرف الجيم]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الدال]

- ‌[حرف الراء]

- ‌[حرف الزاي]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الغين]

- ‌[حرف الفاء]

- ‌[حرف الكاف]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الياء]

- ‌[الكنى]

- ‌سنة ستّ عشرة وستمائة

- ‌[حرف الْألف]

- ‌[حرف الباء]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الدال]

- ‌[حرف الراء]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف الصاد]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الغين]

- ‌[حرف الكاف]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الياء]

- ‌[الكنى]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌[حرف الألف]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف الصاد]

- ‌[حرف الطاء]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الفاء]

- ‌[حرف القاف]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الياء]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة ثمان عشرة وستمائة

- ‌[حرف الْألف]

- ‌[حرف الباء]

- ‌[حرف التاء]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الخاء]

- ‌[حرف الدال]

- ‌[حرف الزاي]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف الشين]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الْقَافِ]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الياء]

- ‌[الكنى]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌[حرف الألف]

- ‌[حرف الباء]

- ‌[حرف الثاء]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الطاء]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف النون]

- ‌[حرف الهاء]

- ‌[حرف الياء]

- ‌[الكنى]

- ‌وفيها وُلِدَ

- ‌سنة عشرين وستمائة

- ‌[حرف الْألف]

- ‌[حرف الباء]

- ‌[حرف الجيم]

- ‌[حرف الحاء]

- ‌[حرف الراء]

- ‌[حرف السين]

- ‌[حرف الشين]

- ‌[حرف الصاد]

- ‌[حرف الضاد]

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف القاف]

- ‌[حرف الكاف]

- ‌[حرف الميم]

- ‌[حرف الياء]

- ‌[الكنى]

- ‌[وفيها ولد]

- ‌المتوفون عَلَى التقريب

- ‌[حرف العين]

- ‌[حرف الميم]

الفصل: سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ

سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَحَدُهُمَا- أَوْ قَالَ أَصْغَرُهُمَا- مِثْلُ أُحُدٍ» [1] . رَوَاهُ الدُّبَيْثِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» عَنْ صَالِحٍ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً بِعُلُوٍّ.

[حرف الضاد]

666-

الضِّيَاء بن الزَّرّاد [2] الدِّمَشْقِيّ.

القارئ بالْألحان وبالقراءات.

قَالَ أَبُو المُظَفَّر سبط الْجَوْزيّ [3] : اجتمعت بِهِ بخِلاط، وَكَانَ يتردّد إلينا، ويقرأ طيّبا، ثمّ داخل الدَّوْلَة، جاءني يوما يبكي، فَقَالَ: البارحة حضرت عند الْأشرف، وناولني قدحا. فامتنعت، وَهُوَ ساكت ينظر، فما زالوا بي حَتَّى شربته، فعضّ الأشرف على إصبعه وقال: وا لك فعلتها! حطّيت [4] الخمر على مائة وأربعة عشر سورة؟! والله لو خيّرت أن أحفظ القُرْآن كما تحفظه، وأدعُ مُلكي، لاخترتُ حفظ القُرْآن. ثُمَّ نزلت [5] حُرْمته فَكَانَ يدور البلاد عَلَى أصحاب القلاع لرسوم لَهُ عَلَيْهِم. فخرج من حَرّان ومعه ثلاثة غِلمان مُرْد، فنام في وادٍ، فقتلوه، وأخذوا ما معه، فظفر بهم الحاجب عَليّ فقتلهم بِهِ.

[حرف العين]

667-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة [6] بْن مِقْدام بْن نصر.

[1] أخرجه أحمد 2/ 246، ومسلم 945 و 946، والترمذي 1040، والنسائي 4/ 76، 77، وابن ماجة 1539.

[2]

انظر عن (الضياء بن الزراد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 631، 632، وفيه:«الزراد الدمشقيّ» بإسقاط: «الضياء بن» ، وذيل الروضتين 135.

[3]

في المرآة 632.

[4]

في المرآة: «حظيت» وهو تصحيف.

[5]

في المرآة: «تركت» .

[6]

انظر عن (عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة) في: معجم البلدان 2/ 113، 114، والتقييد لابن.

ص: 483

شيخ الإِسْلَام، مُوَفَّق الدِّين، أَبُو مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، الْجَمَّاعِيليّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، الصّالحيّ، الحَنْبَلِيّ، صاحبُ التّصانيف.

وُلِدَ بقرية جَمّاعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

وهاجَرَ فيمن هاجر مَعَ أَبِيهِ وأخيه، وَلَهُ عشر سنين. وحفظ القُرْآن، واشتغل في صِغره، وَسَمِعَ من أَبِيهِ سنة نَيّف وخمسين. وارتحل إلى بَغْدَاد في أوائل سنة إحدى وستّين في صُحبة ابن خالته الحَافِظ عَبْد الغنيّ، فأدركا من حياة الشَّيْخ عَبْد القادر خمسين يوما، فنزلا في مدرسته، وشرعا يقرءان عَلَيْهِ في «مختصر» الخِرقِيّ، وَسَمِعَ منه ومن: هبة اللَّه بن هِلال الدَّقَّاق، وَأَبِي الفَتْح ابن البَطِّيّ، وَأَبِي زُرْعَة المَقْدِسِيّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّب، وأحمد بن مُحَمَّد الرَّحَبيّ، وأحمد بن عَبْد الغنيّ الباجسْرائيّ، وَأَبِي المناقب حَيْدرة بن عُمَر العَلَويّ، وخديجة النَّهْرَوَانِيَّة، وشُهْدة الكاتبة، ونَفِيسة البَزَّازة، وسعد الله ابن الدَّجاجِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَأَبِي بكر بن النّقور، وأبي محمد ابن الخَشَّاب، وعَليِّ بن عَبْد الرَّحْمَن ابن تاج القُراء، ومَعمر بن الفاخر، وَعَبْد الواحد بن الحُسَيْن البارزيّ، وَعُمَر بن بُنَيْمَان الدَّلّال، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّكَن، والمبارك بن مُحَمَّد الباذرائيّ، وَأَبِي شجاع مُحَمَّد بن الحُسَيْن المادرائيّ، المبارك بن المبارك السِّمْسَار، وَأَبِي طَالِب المبارك بن خُضَيْر، وأَبِي حنيفةَ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخَطِيبيّ، وهبة الله ابن

[ () ] نقطة 330، 331 رقم 401، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 212، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 107 رقم 1944، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 627- 630، وذيل الروضتين 139- 142، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1962، وتاريخ إربل 1/ 391، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 121، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2023، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، وسير أعلام النبلاء 22/ 165- 173 رقم 112، والعبر 5/ 79، والمختصر المحتاج إليه 2/ 134- 1376 رقم 763، ودول الإسلام 2/ 124، ومرآة الجنان 4/ 47، 48، وفوات الوفيات 1/ 433، 434، والوافي بالوفيات 17/ 37- 39 رقم 30، والبداية والنهاية 13/ 99 101، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 133 149 رقم 272، والمنهج الأحمد 350، والقلائد الجوهرية 2/ 340- 344، وذيل التقييد للفاسي 2/ 27، 28 رقم 1101، والعسجد المسبوك 2/ 395، 396، وعقد الجمان 17/ ورقة 440، ومختصر طبقات الحنابلة 52- 54، والنجوم الزاهرة 6/ 256، والمقصد الأرشد، رقم 494، والدر المنضد 1/ 346، 347 رقم 988، وشذرات الذهب 5/ 88- 92، والتاج المكلّل للقنوجي 229- 231.

ص: 484

المحدث عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخطيبيّ، وهبة اللَّه ابن المحدّث عبد الله بن أحمد ابن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَيَحْيَى بن ثابت البَقَّال، وغيرهم.

تَفَقَّه عَلَى أَبِي الفَتْح بن المَنِّي، وقرأ عَلَيْهِ بقراءة أَبِي عَمْرو، وقرأ عَلَى أَبِي الحَسَن البطائحيّ بقراءة نافع.

وَسَمِعَ بدمشق من: أَبِي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي تميم سَلْمَان بن عَليّ الرَّحَبيّ، وَأَبِي المعالي بن صابر، وطائفة. وبالموصل من أَبِي الفضل الطُّوسِيّ الخطيب. وبمكّة من المبارك بن عليّ ابن الطَّبّاخ.

رَوَى عَنْهُ: البهاء عَبْد الرَّحْمَن، وابن نُقْطَة، والجمال أَبُو موسى، وَالضِّيَاء، وابنُ خليل، والبرزاليّ، والمنذريّ، والجمال ابن الصّيرفيّ، والشّهاب أبو شامة، والمحبّ ابن النَّجَّار، والزَّين بن عَبْد الدّائم، وشمس الدِّين بن أَبِي عُمَر، والعزّ إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عُمَر، والفَخْر عَليّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الكَمَال، والتّاج عَبْد الخالق، والعِماد عَبْد الحَافِظ بن بدران، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العِماد، وَأَبُو الفهم السُّلَمِيّ، وَيُوسُف الغسوليّ، وَإِبْرَاهِيم ابن الفَرَّاء، وزينب بنت الوَاسِطِيّ، وخلقٌ كثيرٌ آخرهم موتا التَّقيّ بن مُؤمن، حضرَ عَلَيْهِ قطعة من «الموطّأ» .

وَكَانَ إماما، حُجَّةً، مُفتيًا، مُصَنِّفًا، متفنّنا، متبحّرا من العلوم، كبير القدر.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بِقِرَاءَتِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ دِينَارٍ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ كَامِلٍ، حدّثنا ابن أبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مِكْتَلٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إلى الله أسواقها» [1] .

[1] أخرجه مسلم 288، وابن حبان 1591، والبزار في «مسندة» 408، والقضاعي في «مسند الشهاب» 130.

ص: 485

قَالَ ابنُ النَّجَّار- كَانَ يعني الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّين: إمام الحنابلة بالجامع. وقد سَمِعَ منه ببَغْدَاد رفيقه عَبْد العزيز بن طاهر الخَيَّاط سنة ثمان وستّين وخمسمائة.

وَكَانَ ثقة، حُجَّة، نبيلا، غزير الفضل، نَزِهًا، وَرِعًا، عابدا، عَلَى قانون السَّلَف، عَلَى وجهه النُّور والوقار، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه.

وقال فيه عمر ابن الحاجب: هُوَ إمام الْأئمة، ومفتي الْأمة، خصَّه اللَّه بالفَضْل الوافر، والخاطر المَاطِر، والعلم الكامل، طَنَّت بذكره الْأمصار، وضَنَّت بِمِثْلِهِ الْأعصار. قد أخذ بمجامع الحقائق النَّقلية والعقلية، فَأَمَّا الحديث فَهُوَ سابق فرسانه، وأَمَّا الفقه فَهُوَ فارس ميدانه، أعرف النَّاس بالفُتيا، وَلَهُ المؤلّفات الغزيرة، وما أظنّ الزمان يسمح بِمِثْلِهِ، متواضع عند الخاصَّة والعامَّة، حسن الاعتقاد، ذو أناة، وحِلْم، ووَقَار. وَكَانَ مجلسه عامرا بالفقهاء، والمُحدثين، وأهل الخير.

وصار في آخر عمره يقصده كلُّ أحد. وَكَانَ كثير العبادة، دائم التّهجُّد، لم نرَ مثله، ولم يرَ مثلَ نفسه.

وقال الضِّيَاء في «سيرته» [1] : كَانَ تام القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج العينين. كَأَنَّ النّور يخرج من وجهه لحُسنه، واسع الجبين، طويل اللّحية، قائم الْأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، مَتَّعه اللَّه بحواسّه حَتَّى تُوُفِّي.

رحل هُوَ والحافظ عَبْد الغنيّ، فأقاما ببَغْدَاد نحوا من أربع سنين، ثُمَّ رَجَعا وقد حَصَّلا الفقه والحديث والخلاف، أقاما خمسين ليلة عند الشَّيْخ عَبْد القادر، ومات. ثمّ أقاما عند أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، ثُمَّ انتقلا إلى رباط الشَّيْخ محمود النّعّال، واشتغلا على ابن المَنِّي.

ثُمَّ سافرَ هُوَ ثانية إلى بَغْدَاد سنة سبعٍ وستّين، هُوَ وَالشَّيْخ العِماد، فأقاما سنة. وَكَانَ لَحِقَهما عُبَيْد اللَّه أخوه، وَعَبْد الملك بن عُثْمَان، فَضَيّقا عليهما، لكونهما حَدَثين، فرجع بهما إلى دمشق.

[1] وهي في جزءين.

ص: 486

ثُمَّ حجّ سنة ثلاثٍ وسبعين ووالدي وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه، ورَدُّوا عَلَى درب العراق.

ذكر تصانيفه:

«البُرهان في القرآن» جزءان، «مسألة العُلُوّ» [1] جزءان، «الاعتقاد» جزء، «ذمّ التّأويل» جزء، «كتاب القَدَر» جزءان، كتاب «فضائل الصحابة» جزءان، «كتاب المتحابّين» جزءان، جزء «فضل عاشوراء» جزء، «فضائل العَشْر» ، «ذمّ الوسواس» جزء، «مشيخته» جزء ضخم، وغير ذَلِكَ من الْأجزاء، وصَنَّف:

«المغني» في الفقه في عشر مجلّدات كبار، و «الكافي» في أربعة مجلّدات، و «المقنّع» مجلّد، و «العمدة» مجلّد لطيف، و «التّوابين» مجلّد صغير، و «الرقّة» مجلّد صغير، «مختصر الهداية» مجلّد صغير، «التّبيين في نسب القُرشيِّين» [2] مجلّد صغير، «الاستبصار في نسب الأنصار» مجلّد، كتاب « [؟] ؟ ريب في الغريب» مجلّد صغير، كتاب «الرَّوضة» في أصول الفقه مجلّد، كتاب «مختصر العِلل» للخَلّال، مجلّد ضخم.

قَالَ الضّياء: رأيت الإمام أَحْمَد بْن حنبل في النوم، وألقى عليَّ مسألة في الفقه، فقلت: هذه في «الخِرَقيّ» فَقَالَ: ما قَصَّر صاحبُكم الموفّق في «شرح الخرَقيّ» .

قَالَ الضّياء: وكان- رحمه الله إماما في القرآن وتفسيره، إماما في علم الحديث ومُشْكلاته، إماما في الفقه، بل أوحد زمانه فيه، إماما في علم الخِلاف، أوحد زمانه في الفرائض، إماما في أصول الفقه، إماما في النحْو، إماما في الحساب، إماما في النّجوم السّيارة، والمنازل.

[1] طبع باسم «إثبات صفة العلوّ» ، بتحقيق بدر بن عبد الله البدر، وصدر عن الدار السلفية بالمملكة العربية السعودية 1406 هـ/ 1986 م.

[2]

طبع باسم: «التبيين في أنساب القرشيين» - تحقيق محمد نايف الديلمي- طبعة المجمع العلمي العراقي 1402 هـ/ 1982.

ص: 487

وسمعتُ الوجيه داود بْن صالح المُقرئ بمصر قَالَ: كنتُ أتردّد إِلى الشيخ أَبِي الفتح بْن المَنِّي، فسمعته يَقُولُ- وعنده الإمام موفّق الدّين- إذَا خرج هذا الفتى من بغداد، احتاجت إِلَيْهِ.

وسمعتُ البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهيم يَقُولُ: كَانَ شيخُنا أَبُو الفتح بْن المَنِّي يَقُولُ للشيخ الموفّق: اسكن هنا فإنَّ بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد، ولا تخلف فيها مثلك. وكَانَ الموفّق يَقُولُ: إنّ لي أولادا ولا يمكنني المُقام.

وكان شيخُنا العِماد يعظّم الشيخ الموفَّق تعظيما كبيرا، ويدعو لَهُ، ويقعد بين يديه كما يقعد المتعلّم من العالم.

وسمعت الإمام أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمود الْأصبَهانيّ يَقُولُ: ما رأى أحَدٌ في زمانه مثلَ الشيخ الموفّق.

وسمعتُ الإمام المفتي أبا عُبَيْد اللَّه عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الشافعيّ [1] يَقُولُ عَنْ شيخنا موفّق الدّين: ما رأيتُ مثلَهُ، كَانَ مُؤيّدًا في فتاويه.

شاهدتُ بخطّ شيخنا العِماد إِبْرَاهيم بْن عَبْد الواحد: وقفتُ عَلَى وَصِيَّة شيخنا وسَيّدنا الإمام العالم الْأوحد الصدر شيخ الإسلام موفّق الدّين، الّذي شهد بفضله وعِلمه المُؤالف والمُخالف، الناصر السّنَّة المحمّدية، والسالك الطّريقة النبويّة الْأحمدية، القامع البِدْعة المُرْدية الرديَّة.

وسمعت الإمام المفتي شيخنا أبا بَكْر مُحَمَّد بْن معالي بْن غَنِيمة ببغداد يَقُولُ: ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلّا الموفّق.

وَسَمِعْتُ الإِمَامَ الْحَافِظَ الزَّاهِدَ، أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اليونينيّ [2] يقول- وكتبه لي-

[1] كتب المؤلف بخطه في هامش نسخته: «هو ابن الصلاح» .

[2]

هو مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عيسى بن أبي الرجال اليونيني البعلبكي المتوفى سنة 658 هـ.

وسيأتي مرة أخرى في هذه الترجمة.

ص: 488

قَالَ: أَمَّا مَا عَلِمْتُهُ مِنْ أَحْوَالِ شَيْخِنَا وَسَيِّدِنَا مُوَفَّقُ الدِّينِ، فَإِنَّنِي إِلَى الْآنَ، مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ شَخْصًا مِمَّنْ رَأَيْتُهُ، حَصَلَ لَهُ مِنَ الْكَمَالِ فِي الْعُلُومِ وَالصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ الَّتِي يحصل بها الكمال، سواه، فإنّه- رحمه الله كَانَ كَامِلًا فِي صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ، مِنْ حَيْثُ الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ، وَالْحِلْمِ وَالسُّؤْدُدِ، وَالْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالأَخْلاقِ الْجَمِيلَةَ، وَالأُمُورِ الَّتِي مَا رَأَيْتُهَا كَمُلَتْ فِي غَيْرِهِ. وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ كَرَمِ أَخْلاقِهِ، وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ، وَوُفُورِ حِلْمِهِ، وَكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَغَزِيرِ فِطْنَتِهِ، وَكَمَالِ مُرُوءَتِهِ، وَكَثْرَةِ حَيَائِهِ، وَدَوَامِ بِشْرِهِ، وَعُزُوفُ نَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا وأهلها، وَالْمَنَاصِبِ وَأَرْبَابهَا، ما قد عجز عنه كبار الأولياء، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ» ، فقد ثبت بهذا أنّ إلهام الذِّكر أفْضَل من الكرامات، وأفضل الذِّكْر ما يتعدّى نفعُه إِلى العِباد، وهو تعليم العِلْم والسُّنَّة، وأعظم من ذَلِكَ وأحسن ما كَانَ جِبِلَّةً [1] وطَبْعًا، كالحِلم والكرم والعقل والحياء. وكان اللَّه قد جَبلهُ عَلَى خلق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغا، وأسبغ عَلَيْهِ النِّعم، ولطفَ بِهِ في كُلِّ حال.

قَالَ الضّياء: وكان لَا يكاد يناظر أحدا، إلّا وهو يَتَبَسَّم. فسمعتُ بعض الناس يَقُولُ: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسُّمه.

وسمعتُ الفقيه أَحْمَد بْن فَهْدِ العَلْثِيّ يَقُولُ: ناظر الموفّق لابن فَضْلان، يعني: يَحْيَى بْن مُحَمَّد الشّافعيّ، فَقَطَعَهُ الموفَّقُ.

قلتُ: وكان ابن فَضْلان يُضْرَب بِهِ المثل في المناظرة.

وأقامَ الموفَّق مدَّة يعمل حلقة يوم الجمعة بجامع دمشق، يناظر فيها بعد الصلاة، ويجتمع، إليها أصحابنا، وغيرهم، ثُمَّ ترك ذَلِكَ في آخر عمره.

وكان يَشْتَغل عَلَيْهِ الناس من بُكرة إِلى ارتفاع النهار، ثُمَّ يُقرأ عَلَيْهِ بعد الظهر، إمّا الحديث وإمّا من تصانيفه، إِلى المَغْرب.

وربّما قُرِئ عَلَيْهِ بعد المَغْرب، وهو يتعشَّى. وكان لَا يُري لأحد ضجرا،

[1] الجبلّة: الخلقة.

ص: 489

وربّما تضَّرَر في نفسه ولا يَقُولُ لأحدٍ شيئا، فحدّثني ولده أَبُو المجد، قَالَ: جاء إلى والدي يوما جماعة يقرءون عَلَيْهِ، فطوّلوا، ومن عادته أن لَا يَقُولُ لأحد شيئا، فجاء هذا القِطّ الّذي لنا، فأخذَ القلمَ الّذي يُصلحون بِهِ بفمه، فكسرَهُ، فتعجّبوا من ذَلِكَ وقالوا: لعلَّنا أطلْنا، وقاموا.

واشتغل الناس عليه مدّة ب «الخرقيّ» و «الهداية» ثُمَّ ب «مختصر الهداية» الّذي جَمَعَهُ، ثُمَّ بعدَ ذَلِكَ، اشتغل عَلَيْهِ الخَلْق بتصانيفه:«المُقْنِع» و «الكافي» و «العمدة» . وكان يقرأ عَلَيْهِ النحْو، ويشرحه ولم يترك الاشغال إلّا من عُذْر، وانتفع بِهِ غير واحد من البلدان، ورحلوا إِلَيْهِ.

وكان لَا يكاد يراه أحد إلّا أحَبّه، حتّى كَانَ كثير من المُخالفين يحبّونه، ويصلُّون خلفه ويمدحونه مدحا كثيرا. وكنتُ أعرف في عهد أولاده أنّهم يتخاصمون عنده، ويتضاربون وهو لَا يتكلّم، وكنّا نقرأ عَلَيْهِ، ويحضر مَنْ لَا يَفْهَم، فربَّما اعترض ذَلِكَ الرجل بما لَا يكون في ذَلِكَ المعنَى، فنغتاظُ نحنُ يَقُولُ: لَيْسَ هذا من هذا، وجرى ذَلِكَ غير مرَّة، فَما أعلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ قطُّ شيئا، ولا أوجع قلبَهُ.

وكانت لَهُ جارية تؤذيه بخُلُقها فَما كَانَ يَقُولُ لها شيئا، وكذلك غيرها من نسائِهِ.

وسمعت البهاء عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: لم أر فيمن خالطت أجملَ منه، ولا أكثر احتمالا.

وكان متواضعا، يقعد إِلَيْهِ المساكين، ويسمع كلامَهُم، ويقضي حوائجَهُم، ويعطيهم.

وكان حَسَنَ الأخلاق، لَا نكاد نراه إلّا متبسّما، يحكي الحكايات لجُلَسائه، ويخدمهم، ويَمْزح، ولا يَقُولُ إلّا حَقًّا.

وسمعتُ البهاء عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: قد صحِبناه، في الغزاة، فكان يمازحنا، وينبسط معنا، يقصد بذاك طِيب قلوبنا، فَما رأيتُ أكرمَ منه، ولا أحسن صُحبة.

ص: 490

وكان عندنا صِبْيان يشتغلون عَلَيْهِ من حوران، وكانوا يَلْعبون بعض الْأوقات إذَا خَلَوا، فشكى بعض الجماعة إِلى الشيخ أبي عُمَر. فَقَالَ: أخرجوهم من عندنا، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ أصحاب الموفَّق، فاذكروهم لَهُ، فقالوا لَهُ، فَقَالَ: وهل يصنعون إلّا أنهم يلعبون؟ هُم صبيان لَا بُدّ لهم من اللَّعب إذَا اجتمعوا، وإنّكم كنتم مثلهم. وكان بعض الْأوقات يرانا نلعب فلا ينكر علينا.

ولقد شاورته في أشياء متعدّدة، فيشير عليَّ بشيء، فأراه بعد كما قَالَ. وكم قد جرى عَلَى أصحابنا من غمّ وضيق صدر من جهة السلاطين واختلافهم، فإذا وصل الكلام إِلَيْهِ أشارَ بالرأي السّديد الّذي يراه، فيكون في رأيه اليُمن والبركة.

وكان أخوه الشيخ أَبُو عُمَر مع كونه الأكبر، لا يكاد يعمل أمرا حتّى يشاوره.

سَمِعْتُ الإمام الزّاهد أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسين اليُونينيّ [1]، قَالَ:

كنتُ بعض الْأوقات ألازم القراءة وبعضها أتركها، فَقَالَ لي الموفّق: يا فُلان، في صورة من يأتيك إبليس؟ قلت: في صورة أويس القَرَني، قَالَ: ما يَقُولُ لك؟

قلت: يَقُولُ لي: ما أحب أن أكون محدّثا ولا مفتيا ولا قاصّا، في نفسي شغل عَن النّاس، فَقَالَ: واللَّه مليح ما يقوله لك، أفيقول لك: هذه ليلة السجود فتسجد إِلى الصباح، هذه ليلة البكاء فتبكي إلى الصباح؟ قلت: لَا. قَالَ: هذا مقصوده أنك تُبطِل العِلْم وتفوتك فضيلته، وما يحصل لك فعل أويس. فبعد ذَلِكَ، ما جاءَني إبليس في هذا المعنى.

قَالَ الضّياء: وكان لَا ينافس أهل الدّنيا، ولا يكاد أحد يسمعه يشكو، وربّما كَانَ أكثر حاجة من غيره. وكان إذَا حَصَل عنده شيءٌ من الدنيا فَرَّقه ولم يتركه.

وسمعت البهاءُ عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: كَانَ فيه من الشِّجاعة، كَانَ يتقدّم إِلى العدو، ولقد أصابه عَلَى القُدس جُرح في كَفّه، ولقد رأيت أَنَا منه عَلَى قلعة

[1] انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 3/ 224- 229 رقم 939.

ص: 491

صَفَد، وكُنّا نُرامي الكُفّار، فكان هُوَ يجعل النشّابة في القَوْس، ويرى الكافر أنْه يرميه فيتَتَرَّسُ منه، يفعل ذَلِكَ غير مرَّة، ولا يرمي حتّى تمكنه فرصة، ولمّا ماتَ ابنه أَبُو الفضل مُحَمَّد بهَمَذَان، جاءَهُ خبرُه، فحدّثني بعض مَنْ حَضَرَهُ أَنَّهُ استرجع، وقام يصلّي.

قلتُ [1] : كَانَ فاضلا [2] ، مشتغلا، عاش نَيّفًا وعشرين سنة.

قَالَ [3] : ولمّا مات ابنه أَبُو المجد عيسى، وكُنّا عنده، صَبَرَ، واحتسَبَ.

وسمعتُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يطلب من أهل بيته أن يغسلوا ثيابه، ولا يطبخوا، ولا يكلّفهم شيئا، بل هُوَ عندهم مثل الضَّيف، إن جاءوا بشيءٍ أكلَ، وإلّا سكتَ.

وكان يُصَلّي صلاة حَسَنَةً بخشوع، وحُسن رُكوع، وسُجود، ولا يكاد يصلّي سُنَّة الفجر والمغرب والعشاء، إلّا في بيته، اتّباعا للسُّنَّة. وكان يصلّي كلّ ليلة بين العشاءين ركعتين بالم تنزيل السجدة، وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ 67: 1 وركعتين ب «ياسين» و «الدّخان» ، لَا يكاد يخلّ بهنَّ. وكان يقوم باللّيل سَحَرًا يقرأ بالسُّبع، وربّما رفع صوتَهُ بالقراءة، وكان حَسَن الصوت، رحمه الله عَلَيْهِ.

سَمِعْتُ الحافظ الزَّاهد أبا عَبْد اللَّه اليُونينيّ، قَالَ: لمّا كُنتُ أسْمَعُ شناعةَ الخَلْق عَلَى الحنابلة بالتّشبيه، عزمت عَلَى سُؤال الشيخ الموفّق عَنْ هذه المسألة، وهل هي مجرّد شناعة عليهم أو قَالَ بها بعضهم؟ أو هِيَ مقالة لا تظهر من علمائهم إلّا إلى من يؤثق بِهِ؟ وبقيت مدَّة شهور أريد أن أسأله، فَما يتّفق لي خُلُوّ المكان، إِلى أن سَهَّل اللَّه مرَّة بخُلُوّ الطّريق لي، وصعِدت معه إِلى الجبل، فلمّا كنّا عند الدّرب المُقابل لدار ابن محارب، وما اطّلع عَلَى ضميري سوى اللَّه عز وجل، فقلت لَهُ: يا سيّدي. فالتفت إليَّ، وأنا خلفه، فَقَالَ لي: التِّشبيه مُستحيل.

وما نطقتُ أَنَا لَهُ بأكثر من قولي: «يا سيّدي» . فلمّا قَالَ ذَلِكَ تجلّدت، وقد أخْبَر بما أريد أن أسأله عَنْهُ، وكشفَ اللَّه لَهُ الْأمر، فقلت له: لم؟ قال: لأنّ من شرط

[1] القول للذهبي.

[2]

المقصود أبا الفضل محمد ولد الموفّق.

[3]

القائل هو الضياء.

ص: 492

التشبيه أن نرى الشيء، ثمّ نشبّهه، من الّذي رأى اللَّه، ثمّ شبّهه لنا؟

وسمعت أبا عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر المقرئ يَقُولُ: جئت إِلى الشيخ الموفّق، وعنده جماعة، فسلّمت، فردّ عليَّ ردّا ضعيفا، فقعدت ساعة، فلمّا قام الجماعة، قَالَ لي: اذهب فاغتسل. فبقيت متفكّرا، ثُمَّ قَالَ لي: اذهب فاغتسل. فتفكّرت، فإذا قد أصابتني جنابة من أول اللّيل ونسيتها.

وسمعتُ الشريف أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن كَبّاس الْأعناكيَّ يَقُولُ: كنتُ يوما أتفكّر في نفسي، ولو أنْ لي شيئا من الدُّنيا لبنيت مدرسة للشيخ الموفّق، وجعلت لَهُ كلّ يوم ألف درهم، ثُمَّ إنّني قمت، فجئت إِلَيْهِ فسَلَّمتُ عَلَيْهِ، فنظر إليَّ وتَبَسَّم، وقَالَ: إذَا نوى الشخص نِيَّة خير كُتِبَ لَهُ أجرها! وقال أَبُو شامة [1] : - وذَكَر الشيخ الموفّق- فَقَالَ: كَانَ إماما من أئمَّة المُسلمين، وعَلَمًا من أعلام الدِّين في العِلْم والعَمَل. صنّف كُتبًا كثيرة حسانا في الفقه، وغيره. ولكنّ كلامه فيما يتعلّق بالعقائد في مسائل الصفات عَلَى الطّريقة المشهورة عَنْ أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح لَهُ الْأمر فيها عَلَى جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الْأخبار والآثار [2] . سَمِعْتُ منه «مُسْنِد» الشافعيّ بِفَوْت ورقتين، وكتاب «النَّصيحة» لابن شاهين.

وقال غير واحدٍ عن عِزّ الدّين بْن عَبْد السلام، شيخ الشافعية: إنّه سئل:

أيّما كان أعلم فخر الدّين ابن عساكر، أم الشيخ الموفّق؟ فغَضِبَ، وقال: واللَّه موفْق الدّين كَانَ أعلم بمذهب الشافعيّ من ابن عساكر، فضلا عَنْ مَذْهبه.

قَالَ أَبُو شامة [3] : ومن أظرف ما يُحكى عَن الموفّق أنّه كان يجعل في

ص: 493

عِمامته ورقة مَصْرُورة فيها رَمْل يُرَمِّل بِهِ الفَتَاوَى والإجازات، فخُطِفَت عِمامته ليلا، فَقَالَ لخاطفها: يا أخي خُذْ من العِمامة الورقة بما فيها، ورُدّ العِمامة، أغَطِّي رأسي، وأنت في أوسع الحِلّ، فظنّ الخاطف أنّها فضَّة، ورآها ثقيلة فأخذها، ورمى العِمامة لَهُ. وكانت [1] صغيرة عتيقة.

قَالَ [2] : وكان الموفّق بعد موت أخيه هُوَ الّذي يَؤُم بالجامع المُظَفَّريّ ويخطب، فإنْ لم يحضر فعبد اللَّه ابن أخيه يؤُم ويخطب. ويصلّي الموفّق بمحراب الحنابلة إذَا كَانَ في البَلَد، وإلّا صلّى الشيخ العماد، ثُمَّ كَانَ بعد موت الشيخ العماد يصلّي فيه أبو سليمان ابن الحافظ عَبْد الغنيّ. وكانَ المُوَفَّق إذَا فرَغَ من صلاةِ العشاء ولآخرة يمضي إِلى بيته بالرَّصيف، ويمضي معه من فُقراء الحلقة مَنْ قَدَّرَهُ اللَّه، فيقدِّم لهم ما تَيَسّر، يأكلونه معه.

وقال الضِّياءُ: سَمِعْتُ أختاي: زَيْنَب وآسية تقولان: لمّا جاءَ خالَنا الموتَ هَلّلنا، فهَلَّل، وجعلَ يستعجل في التّهليل، حتّى تُوُفّي، رحمه الله.

قَالَ: وسمعتُ الإمامَ أبا مُحَمَّد إسْمَاعيل بْن حَمّاد الكاتب يَقُولُ: رأيت ليلة عيد الفِطر كأني عند المَقْصورة، فرأيتْ كأنّ مُصحف عُثْمَان قد عُرِّجَ بِهِ، وأنا قد لحِقني من ذَلِكَ غَمٌّ شديد، وكأنّ الناسَ لَا يكترثون لذلك، فلمّا كَانَ الغد، قِيلَ:

مات الشيخ الموفّق.

وسمعتُ خالد بْن عَبْد اللَّه الحَبَشيّ يَقُولُ: إنّه رأى ليلة تُوُفّي الشيخ الموفّق كأنَّ القرآن قد رُفِعَ من المصاحف.

وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم الْمِصْرِيَّ يَقُولُ: رأيتُ وقتَ ماتَ الشيخ الموفّق في النّوم، كأن قد رُفعت قناديل الجامع كُلّها.

وسمعتُ الشريف عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد العَلَويّ يَقُولُ: رأينا ليلة الْأحد في قريتنا مُردك- وهي في جبل بني هلال عَلَى دمشق- ضوءا عظيما جدّا حتّى أضاء

[1] في الأصل: «وكان» وهو سبق قلم من المؤلف.

[2]

أبو شامة في ذيل الروضتين 140.

ص: 494

لَهُ جَبَل قاسِيُون، فقلنا قد احترقت دمشق، قال: وخرج أهل قريتنا الرجال والنِّساء يتفرّجون عَلَى الضَّوء، فلمّا جئنا إِلى بعض الطّريق سألنا: أيش الحريق الّذي كَانَ بدمشق؟ فقالوا: ما كَانَ بها حريق. فلمّا وصلنا إِلى هنا قَالَ لي ابني: إنَّ الشيخ الموفّق تُوُفّي. فقلتُ: ما كانَ هذا النُّور إلّا لأجله.

قَالَ الضّياء: وقد سمعنا نحو هذا من غيرِ واحدٍ يُحَدِّثه، أَنَّهُ رأى ذَلِكَ بحوران، وبالطريق.

وسمعت الْعَدْلَ أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن نصر بْن قَوّام التّاجر بعد موت الشيخ الموفّق بأيام. قَالَ: رأيتُ ليلة الْجُمُعة في الثُّلث الْأخير، الْحَقَّ عز وجل، وكأنّه عالٍ علينا بنحوٍ من قامة، يعني لَيْسَ هُوَ عَلَى الْأرض، وإلى جانبي رجلٌ خطر في قلبي أَنَّهُ الخَضِر عليه السلام، فذُكِرَ الشيخ الموفّق، فَقَالَ الحَقُّ للخَضِر: هل تعرف أخته وابنته؟ فَقَالَ: لَا. قال: بلى اذهب، فعزّهما في الموفّق. وخطر ببالي أَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: فإنّي أعْدَدتُ لَهُ ما لَا عَيْنٌ رأيت، ولا أذُن سَمِعْت، ولا خطَرَ عَلَى قلب بشر، ثُمَّ انتبهت.

وقد ساق الضّياء منامات كثيرة في سيرة الشيخ الموفّق، تركتُها خوف الإطالة.

ثُمَّ قَالَ: تَزَوَّج ببنت عَمَّته مريم بنت أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه بْن سَعْد، فولدت لَهُ أولادا، عاش منهم حتّى كَبُر: أَبُو الفضل مُحَمَّد، وأبو المجد عيسى، وأَبُو العزّ يَحْيَى، وصَفِيَّة، وفاطمة. فمات بنوه في حياته، ولم يعقب منهم سوى عيسى.

وتَسَرَّى، بجارية، ثُمَّ ماتت هي وزوجته بعدها، ثُمَّ تَسَرَّى بجارية، وجاءه منها بنت، ثُمَّ ماتت البنت، ورَوَّح الجارية، ثُمَّ تزوج عزيَّة بنت إسْمَاعيل، وتُوُفّيت قبله. ومن شعره:

أتغفل يا ابن أحمد والمنايا

شوارع يخترمنك عَنْ قريبِ

أغَرَّكَ أنْ تَخَطَّتْكَ الرَّزَايا

فَكَمْ للموت من سهم مصيب

كؤوس المَوْتِ دائرةٌ عَلَيْنا

وَمَا لِلْمَرْءِ بُدٌّ من نَصِيبِ

إِلى كَمْ تَجْعَلُ التَّسْويفَ دأبا

أما يَكفِيكَ إنذَارُ المَشِيبِ

ص: 495

أما يَكْفيكَ أنَّك كُلَّ حينٍ

تمُرُّ بقَبْر [1] خِلٍّ أو حبيبِ

كأنَّك قَدْ لَحِقْتَ بِهم قريبا

ولا يُغْنيك إفراطُ النَّحِيب

قَالَ الضّياء: تُوُفّي يوم السبت، يوم الفِطْر، ودُفن من الغدّ، وكان الخَلْق لَا يُحْصِي عددَهم إلّا اللَّه عز وجل. وكنت فيمن غَسَّلَهُ. تُوفِّي بمنزله بدمشق.

668-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي [2] بْن هبة اللَّه.

الشريف أَبُو مُحَمَّد ابن الزَّوَّال، الهاشميُّ، العَباسِيُّ، البغداديُّ.

وُلِد سنة ثمانٍ وخمسمائة.

وسَمِعَ من: يَحْيَى بْن ثابت، وأبي المعالي الباجسرائيّ، وأبي محمد ابن الخَشّاب.

وهو من بيت حِشمة وتَقَدُّم.

تُوُفِّي في ليلة عاشوراء.

وقد ناب في القضاء ببغداد، ثُمَّ عُزِلَ من القضاء والعدالة، بسبب تزوير.

ولم يكن محمود الشهادة.

669-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] بْن عُثمان التَّمِيمِيُّ.

أَبُو مُحَمَّد البجَائيُّ المغربيّ، المعروف بابن الخطيب.

سَمِعَ من الحافظ أَبِي مُحَمَّد عَبْد الحقّ الإشبيليّ. وأخذَ عَنْ أَبِي القَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى القُرَشي «مختصَرهُ» في القراءات. وسمع «صحيح» مسلم من أبي عبد الله ابن الفَخّار. وأجازَ لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفِيّ.

وَلِيَ قضاءَ سَبْتَةَ، ثُمَّ قضاء بَلَنْسِية. وكان وجيها، ذا حشمة وثروة ولم يكن الحديث من شأنه.

[1] في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 146 «بغير» .

[2]

انظر عن (عبد الله بن أحمد بن علي) في: معجم الأدباء 2/ 51 في ترجمة أبيه، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 93 رقم 1914، والمختصر المحتاج إليه 2/ 137، 138 رقم 764، ولسان الميزان 3/ 249.

[3]

انظر عن (عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 923.

ص: 496

حَدَّث بيسير.

ومات بتُونس في ربيع الْأوّل. قَالَه الْأبّار.

670-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ [1] بْنِ عَبْدِ الله.

أبو القاسم التفليسي المغازلي الصُّوفيُّ، نزيلُ بغدادَ.

شيخ مُعَمَّر.

قَدِمَ بغداد واستوطنها، وصَحِبَ الشيخ أبا النَّجيب، وسَمِعَ معه من:

هبة اللَّه بْن أَحْمَد الشِّبليّ، وابن البَطِّي، وأبي زُرْعَة.

وحَدَّث.

وقيل: إنه جاوزَ المائة.

روى عَنْهُ: الدُّبَيْثيُّ، والزَّين خالد، وجماعةٌ.

وتُوُفّي في سادس عشر ربيع الْأوّل.

671-

عَبْد اللَّه بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ [2] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد المَلِك بْن عليّ.

أَبُو مُحَمَّد اللَّخْمِيُّ، الْبَاجِيُّ.

أخذَ قراءةَ نافع، وأبي عَمرو، عَنْ أَبِي مُحَمَّد بْن مُعاذ.

وسَمِعَ من أبي عبد الله ابن المجاهد الزّاهد، وكان من كبار أصحابه.

وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وأبي القَاسِم بْن حُبَيْش.

وحَدَّث بيسير.

وعُمِّرَ، وأسنّ، وكُفَّ بصره. وكانَ يقُرئ القرآنَ.

وتُوُفّي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سنة.

[1] وردت هذه الترجمة في الأصل قبل سابقتها، ثم كتب المؤلف- رحمه الله بإزائها «م» دلالة على وجوب تأخيرها.

وانظر عن (عبد الله بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 97 رقم 1925، والمختصر المحتاج إليه 2/ 147، 148 رقم 781.

[2]

انظر عن (عبد الله بن عبيد الله) في: غاية النهاية 1/ 430 رقم 1807.

ص: 497

672-

عَبْد اللَّه بْن عُمَر [1] بْن عَبْد اللَّه.

القاضي جمالُ الدين أَبُو مُحَمَّد الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ.

قاضي اليَمَن.

وُلِدَ بدمشق في حدود سنة ثلاثين وخمسمائة، وعاش تسعين سنة.

وسَمِعَ بالإسكندرية من السِّلَفِيّ، وغيره.

وتَوَجّه من دمشق صُحبة شمس الدُولة توران شاه بْن أيّوب، إِلى اليمن، وأمَّ بِهِ، وتقَّدمَ عنده، فولّاه قضاءَ اليمن. وحَصَّل أموالا، وعادَ إِلى دمشق.

وحَدَّث، روى عَنْهُ: الشَّهاب القُوصِيُّ، وفَرَج الحَبَشِيُّ، والزَّين خالد النابُلُسي، وعِدَّة.

سَمِعَ من عليّ بْن أَحْمَد الحَرَستانِيّ.

ومات فِي ربيع الأول.

673-

عَبْدِ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [2] بْن اليُسْر [3] .

أَبُو مُحَمَّد القُشَيريُّ، الغَرْناطِيُّ.

مُعْتَنٍ بالقراءات عَرِيق فيها من أعمامه وأخواله. اختَصَّ بأبي خالد بْن رِفاعة، ولَزِم أبا الحَسَن بْن كَوْثر، فأكثَرَ عَنْهُ.

وسَمِعَ من عَبْد الحقّ بْن بُونُه، وجماعةٍ.

أخذ عَنْهُ ابن مَسْدي، وأرَّخَ موتَه بمَرَّاكُش عَنْ نَيِّفٍ وستّين سنة [4] .

[1] انظر عن (عبد الله بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 96 رقم 1922، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 168.

[2]

انظر عن (عبد الله بن محمد بن خلف) في: غاية النهاية 1/ 448 رقم 1869، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 4/ 228، 229 رقم 393.

[3]

غاية النهاية وهو تصحيف.

[4]

جاء في الذيل والتكملة أنه «توفي في نحو سبع وعشرين وستمائة» ، وأعتقد أنه من الناسخ، أراد «نحو سنة» فشطح قلمه وكتب «نحو سبع» .

ص: 498

674-

عَبْد الحميد بْن مَرِي [1] بْن ماضي بْن نامي.

أَبُو أَحْمَد الحَسَّانيُّ، المقدسيُّ الحنبليُّ.

نزيل بغداد، وبها تُوُفّي في جُمادي الآخرة.

حدَّث عن: ابن كليب، وأبي الفرج ابن الجوزيّ.

روى عَنْهُ: الضّياء، وغيرُه [2] .

675-

عَبْد الرَّحْمَن بْن إسْمَاعيل [3] بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن مسلم.

[1] انظر عن (عبد الحميد بن مري) في: معجم البلدان 4/ 319، وتاريخ إربل 1/ 315، 316 رقم 219، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 133، ومختصره 56، والمنهج الأحمد 350، والمقصد الأرشد رقم 663، والمشتبه 2/ 500، وتوضيح المشتبه 7/ 53، 54، وتبصير المنتبه 3/ 1100، والدرّ المنضد 1/ 346 رقم 987.

وقد اختلف في ضبط «مري» ، ففي معجم البلدان:«مرّي» بضم الميم وتشديد الراء. وتابعه محقّق «تاريخ إربل» وأضاف الفتحة فوق الشدة «مرّي» ! وورد في «المشتبه» : «مري» بضم الميم وإهمال حركة الراء. (انظر مادة: القراوي) ، ونقل ابن ناصر الدين عن «المشتبه» «مري» بفتح الميم وكسر الراء، وقال: كذا وجدته بخط المصنّف، وهكذا قيّده محقّق «توضيح المشتبه 7/ 53» ، اعتمادا على تشكيل المؤلف للأصل.

أما الدكتور بشار عوّاد معروف فقيّده بكسر الميم «مري» في (تاريخ الإسلام- الطبقة 62- ص 450) ولم يذكر المصدر الّذي اعتمد عليه لتقييده.

وتحرّف اسم «مري» إلى «موسى» في تبصير المنتبه، فانتبه.

[2]

وقال ابن المستوفي: ورد إربل غير مرة، وأقام بدار الحديث بالموصل، ورحل إلى بغداد وسمع الحديث. واستنشدته من شعره فأنشدني وكتبه بخطه في رمضان سنة ثمان عشرة وستمائة:

مظفّر الدين هذا قاصدا رجل

ناداك وهو بحمل الفقر موصوب

أبانه الدهر عن ربع فأبعده

ومن يحارب هذا الدهر محروب

وأنت أكرم من طاف لوفود به

ومن إلى شرف العلياء منسوب

يا من أعياد عيون المجد مبصرة

قميص نائله والمجد يعقوب

ومن له شرف ما مثله شرف

على قلوب عباد الله مكتوب

وعرضه عن جميع الدم ممتنع

وماله في ذوي الحاجات موهوب

وكنت أعد نفسي منك بغيتها

واليوم ها أنت والدنيا وأيوب

(تاريخ إربل) .

[3]

انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 106، 107 رقم 1943، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1457، وذيل الروضتين 136، والمختصر المحتاج إليه 2/ 195 رقم 1960، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 63 (8/ 169) ، والوافي بالوفيات 18/ 121.

ص: 499

أَبُو مُحَمَّد الزَّبِيديُّ، ثُمَّ البغداديُّ.

من بيتِ الحديث والفضل. كان فقيها، عالما، مُناظرًا، فرَضيًا.

وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين.

وسَمِعَ من: أَبِي الفتح بن البطي، وأحمد بْن عُمَر بْن بُنَيْمان، وجماعةٍ.

ووَليَ مشيخة رباط الشّونيزيّ.

روى عنه: الدّبيثيّ وقال [1] : تُوُفّي في يوم الجمعة سَلْخ رمضان.

676-

عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي السّعود الطّيّب بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن رزقون- بتقديم الراء.

أَبُو القاسم القَيْسِيُّ، من أهل الجزيرة الخَضْراء.

أخذَ عَنْ أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه.

تُوُفّي بالجزيرة عامَ عشرين.

677-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [2] بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحُسين.

الإمام المفتي فخر الدّين، أَبُو منصور الدّمشقيُّ، الشّافعيُّ، ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام.

[ () ] رقم 132، والبداية والنهاية 13/ 102، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 244.

[1]

انظر: المختصر المحتاج إليه 2/ 195، 196.

[2]

انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الكامل في التاريخ 12/ 438، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 630، 631، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 102، 103 رقم 1935، وذيل الروضتين 136- 139، ووفيات الأعيان 3/ 135، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2160، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2025، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والإعلام بوفيات الأعلام 255، ودول الإسلام 2/ 124، والعبر 5/ 80، 81، وسير أعلام النبلاء 22/ 187- 190 رقم 127، ومرآة الجنان 4/ 47، وفوات الوفيات 1/ 544، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 158 أ، ب، والبداية والنهاية 13/ 101، والوفي بالوفيات 18/ 235 رقم 286، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 76، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 386- 388 رقم 356، والعسجد المسبوك 2/ 396، 397، وعقد الجمان 17/ و 440، والنجوم الزاهرة 6/ 256، وشذرات الذهب 5/ 92، 93، وهدية العارفين 1/ 523، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 62، وديوان الإسلام 3/ 337، 338 رقم 1514، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 221، والتاج المكلّل للقنوجي 164، والأعلام 3/ 328، ومعجم المؤلفين 5/ 172.

ص: 500

ولد في سنة خمسين وخمسمائة.

وسَمِعَ من عَمّيه: الصّائن هبة اللَّه وأبي القاسم الحافظ، وعبد الرحمن ابن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، وحَسّان بْن تميم الزَّيّات، وأبي المكارم عَبْد الواحد ابن هِلال، وداود بْن مُحَمَّد الخالديّ، ومحمد بْن أسْعد العِراقيّ، وأبي المعالي بْن صابر، وجماعةٍ.

وتفقّه عَلَى الشيخ قُطْب الدّين النَّيْسَابُورِيُّ، حتّى بَرَع في الفقه. وزَوَّجه القُطب بابنته، فجاءَهُ منها وُلِد سمّاه باسم جَدّه قُطْب الدّين مسعود، ومات شابّا، ولو عاش لخَلَف جَدّه وأباه.

وقد وَلِيَ فخرُ الدّين تدريس الجاروخية، ثُمَّ تدريس الصَّلاحية بالقُدس، ثُمَّ بدمشق تدريس التَّقَوِيَّة. فكان يقيم بالقُدْس أشْهُرًا، وبدمشق أشهرا. وكان عنده بالتَّقوية فُضلاء الوقت، حتّى كانت تُسَمّى نِظاميَّة الشَّام. وهو أوّل من دَرَّس بالعَذْراوية، وذلك في سنة ثلاثٍ وتسعين، ماتت السّتّ عَذْراء بنت شاهنشاه بْن أيْوب، أخت عزّ الدّين فرخ شاه، فدُفنت بدارها، وكانت أمرت بدارها لأمِّها، فوقفتها الْأم عَلَى الشافعية والحنفية.

وكان لَا يَملُّ الشخص من النَّظر إِلَيْهِ، لحُسْن سَمْتِه، واقتصاده في لباسِهِ، ولُطفه، ونُور وجهه، وكان لَا يخلو لسانه من ذكر اللَّه في قيامه وقعوده. وكان يُسمع الحديث تحت النَّسْر، وهو المكان الّذي كَانَ يُسْمَعُ فيه عَلَى الحافظ أَبِي القَاسِم عمِّه.

قَالَ أَبُو شامة [1] : سألته مسائل فقهية، وكان المَلِك المُعَظَّم قد أرْسَل إِلَيْهِ ليُولّيه القضاء، فأبى، فطلبه ليلا، فأتاه، فتلقّاه، وأجْلَسه إِلى جانبه، فجلس مستوفزا، فأحضر الطّعامُ فلم يأكل منه شيئا، فأمرَه وألَحَّ عَلَيْهِ أن يتولّى القضاء، فَقَالَ: حتّى أستخير اللَّه تَعَالَى. فأخبرني من كَانَ معه قَالَ: رَجَعَ إِلى بيته، ووقف يُصَلّي، ويتضرّع، ويبكي إِلى الفَجْر، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْح، ودخل بيته الصّغير الّذي

[1] في ذيل الروضتين 137 فما بعد، بتصرف.

ص: 501

عند محراب الصّحابة- وكان أكثر النّهار يتعبّد ويُفتي ويُطالع فيه، ويجدّد الوضوء من طهارة المئذنة، وهذا البيت هُوَ الّذي كَانَ يخرج منه خلفاء بني أميَّة قبل أن يغيّر الوليد الجامع قَالَ: فلمّا طلعت الشمس أتاهُ من جهة السلطان جماعة، فأصرّ عَلَى الامتناع، وأشار بتولية ابن الحَرَسْتانيّ، فوُلّي. وكان قد خاف أن يُكْرَه عَلَى القضاء، فجَهَّزَ أهلَهُ للسفر، وخرجت المحابر إِلى ناحية حلب، فردّها المَلِك العادل، وعزَّ عَلَيْهِ ما جرى.

قَالَ: وكان يتورَّع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك أنّ عوامَّهُم يُبِغضون بني عساكر، لأنَّهم أعيان الشافعية الْأشعرية.

وعدل المَلِك المعظَّم عَنْ توليته المدرسة العادلية، لكونه أنكر عَلَيْهِ تضمين المُكوس والخُمور، ثُمَّ إنّه لَمّا حجّ أخذ منه التَّقَوِيَّة، وأخِذَت منه قبل ذَلِكَ الصّلاحية الّتي بالقُدس، وما بقي لَهُ إلّا الجاروخية.

وقال أَبُو المظفّر الجوزيّ [1] : كَانَ زاهدا، عابدا، ورِعًا، منقطعا إِلى العِلْم والعِبادة، حَسَنَ الْأخلاق، قليلَ الرغبة في الدُّنيا. تُوُفّي في عاشر رجب. ولم يتخلّف عَنْ جِنازته إلّا القليل.

قَالَ أَبُو شامة [2] : أخبرني مَنْ حضر وفاته، قَالَ: صَلَّى الظّهر، ثُمَّ جعل يسأل عَن العَصْر، فقيل لَهُ: لم يقرب وقتها، فتوضّأ، ثُمَّ تَشَهَّدَ وهو جالس، وقال: رضيت باللَّه ربّا، وبالإسلام دينا، ومحمد نبيا، لَقّنني اللَّه حُجّتي، وأقالني عَثْرتي، ورحِم غُربتي [3]، ثُمَّ قَالَ: وعليكم السلام. فَعلِمنا أَنَّهُ قد حضرت الملائكة. ثم انقلب على قفاه ميتا. وغسّله الفخر ابن المالكيّ، والتّاج [4] ابْن أخيه زَيْن الْأمناء. وكان مرضه بالإسهال وصَلّى عَلَيْهِ بالجامع أخوه زَيْن الْأمناء، ومن الّذي قدر عَلَى الوصول إِلى سريره؟

[1] في المرآة 8/ 631.

[2]

في ذيل الروضتين 139.

[3]

وزاد أبو شامة: «وآنس وحدتي» .

[4]

عبد الوهاب.

ص: 502

وقال عمر ابن الحاجب: هُوَ أحد الْأئمَّة المبرزين، بل واحدهم فضلا، وكبيرهم قَدرًا، شيخُ الشافعية في وقته. وكان إماما، زاهدا، ثقة، كثيرَ التَّهَجُّد، غزيرَ الدَّمعة، حسنَ الْأخلاق، كثيرَ التواضع، قليلَ التَّعصب، سلكَ طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ويزجي أكثر أوقاته في نَشْر العلم.

وكان مُطَّرح التّكلّف. وعُرِضَ عَلَيْهِ مناصبُ وولاياتٌ دينية فتركها. وُلِدَ في رَجَب سنة خمسين، وفي رجب تُوُفّي وكان الجمع لَا يَنْحَصر من الكَثْرة. حَدَّث بمكة، ودمشق، والقُدس. وصَنَّف في الفقه والحديث عِدَّة مصنفات. وسمعنا منه.

وقال الشِّهاب القُوصيّ في «مُعْجمه» : كَانَ شيخُنا فخُر الدّين كثيرَ البُكاء سريعَ الدُّموع، كثير الورع والخُشوع، وافرَ التّواضع، عظيمَ الخُضوع، كثيرَ التّهجّد، قليلَ الهُجُوع. مُبَرّزًا في علمي الْأصول والفروع. جُمِعَت لَهُ العلوم والزَّهادة. وعليه تفقّهتُ، وأحرزتُ الإفادَة. لازم القُطْبَ النَّيْسَابُورِيُّ حتّى بَرَعَ.

قرأتُ عَلَيْهِ من حفظي كتاب «الخُلاصة» للغزاليّ. وسمعتُ منه «الْأربعين البَلديَّة» لعَمِّه. ودُفن جوار تربة شيخه القُطْب.

وروى عَنْهُ: الزّكيّ البِرْزالِيُّ، والضّياء المقدسيُّ، والتّاج عَبْد الوَهَّاب ابن زَيْنَ الْأمناء، والزّين خالد، والكمال العَدِيميّ. وسمعنا بإجازته على عمر ابن القَوَّاس. وتفقّه عَلَيْهِ جماعة منهم: الشيخ عزّ الدّين بْن عَبْد السَّلام.

678-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُقْبِل [1] ، عفيفُ الدّين المِصْريُّ، الشَّرابِيُّ.

حَدَّث عَنْ أَبِي طاهر السِّلَفِيّ.

روى عَنْهُ: الزّكيُّ المنذريُّ، وغيرُه.

ومات في ذي الحجَّة.

679-

عَبْد الرَّحْمَن اليمني [2] الزّاهد.

نزيل دمشق.

[1] انظر عن (عبد الرحمن بن مقبل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 110 رقم 1954.

[2]

انظر عن (عبد الرحمن اليمني) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 631 وفيه «عبد الله» ، وذيل الروضتين 136، والبداية والنهاية 13/ 102.

ص: 503

ذكره أَبُو شامة فَقَالَ [1] : المقيم بالمنارة الشرقية بالجامع. وكان قوَالًا بالحقّ، عابِدًا. ولمّا خرج الفرنج حضر هو والشيخ فخر الدّين ابن عساكر، والشيخ جمال الدّين ابن الحَصيريّ، إِلى المَلِك العادل وأنكروا عَلَيْهِ عَدَم حِفْظ الثُّغور. وكان هُوَ أشدَّهم كلاما لَهُ. تُوُفّي في المحرّم.

680-

عَبْد السَّلام بْن المبارك [2] بْن أَبِي الغنائم عَبْد الجبار بْن مُحَمَّد بن عبد السلام.

أبو سعد، ابن البَرْدغُوليُّ، البَغْداديُّ العَتّابيّ.

شيخٌ صالحٌ متيقّظ، عالي الرواية.

ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

وحدَّث هُوَ، وأَبُوهُ، وعَمُّه الحَسَن، وهم من محلَّة العَتّابيين ببغداد.

سَمِعَ من: واثق بْن تمّام الهاشميّ، وأحمد ابن الطَّلّاية، وعبد الخالق اليُوسُفِيّ، وابن البطِّي.

روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، والبِرْزالِيُّ، وابنُ النجّار. وآخر من حدَّث عَنْهُ الجمال مُحَمَّد بْن أَبِي الفَرَج ابن الدّبّاب، سمع منه «جزء» ابن الطَّلّاية.

وتُوُفّي في المحرّم.

681-

عَبْد الواحد بْن المبارك [3] بْن أَبِي بَكْر بْن المُسْتَعمل الحَرِيميّ.

أَبُو منصور.

وُلِد سنة خمس، أو ستٍّ وأربعين وخمسمائة.

سمع من: أبي الوقت، وأبي عليّ ابن الخرّاز، وأبي المعالي ابن اللّحّاس.

[1] في ذيل الروضتين 136.

[2]

انظر عن (عبد السلام بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 143، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 93، 94 رقم 1915، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والمختصر المحتاج إليه 3/ 41 رقم 812، وسير أعلام النبلاء 22/ 191 رقم 129، والنجوم الزاهرة 6/ 257.

[3]

انظر عن (عبد الواحد بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 175، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 279، 280 رقم 159، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 99، 100 رقم 1932، والمختصر المحتاج إليه 3/ 78 رقم 892.

ص: 504

روى عنه: الدُّبَيْثِيّ، والبِرْزالِيُّ، وغيرُهما.

وتُوُفّي في جُمادي الآخرة [1] .

682-

عُثْمَان بْن مُحَمَّد [2] بْن أَبِي عليّ.

القاضي، الإمام عماد الدّين أَبُو عَمْرو، الكُرْديُّ، الحُمَيديُّ، الشّافعيُّ.

تفقّه بالمَوْصل عَلَى غير واحدٍ، ثُمَّ رَحل إِلى الإمام أَبِي سَعْد بْن أَبِي عَصْرون، واشتغلَ عَلَيْهِ مُدَّةً.

وقَدِمَ مصر، فَوَلِيَ قضاء دِمْياط، ثُمَّ قدِم ونابَ بالقاهرة عَنْ قاضي القضاة أَبِي القَاسِم عَبْد المَلِك المارانيّ. ودَرَّسَ بالمدرسة السَّيفيَّة، وبالجامع الأقْمَر، ثُمَّ حَجّ، وجاورَ إِلى أن مات في ربيع الْأوّل.

وكان فاضلَا، وقورا، حَسَنَ السمْت.

683-

علي بْن إِبْرَاهيم [3] بْن تُرَيْك بْن عَبْد المحسن بْن تُرَيْك.

أَبُو القَاسِم الأزَجِيُّ، البَيِّع.

ولد سنة خمسين وخمسمائة [4] .

وسَمِعَ من عَمّه أَبِي الفضل عَبْد المُحسن.

ومات في ذي القعدة [5] .

684-

علي بن أبي السعادات [6] المبارك بن عليّ بن فارس.

[1] وقال ابن النجار: كتبت عنه، وكان شيخا لا بأس به. (ذيل تاريخ بغداد) .

[2]

انظر عن (عثمان بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 97 رقم 1924، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 356، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 293، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 165، 166، والعقد الثمين 3/ ورقة 111، وحسن المحاضرة 1/ 191.

[3]

انظر عن (علي بن إبراهيم) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 3 رقم 511، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 110 رقم 1953.

[4]

وقع في ذيل تاريخ بغداد 3/ 3 «ذكر أن مولده في سنة خمس وخمسمائة» وهو خطأ.

[5]

وقال ابن النجار: حدّث باليسير، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا، وقد أجاز لي مروياته في ليلة الإثنين سلخ ذي القعدة سنة عشرين وستمائة.

[6]

انظر عن (علي بن أبي السعادات) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 165، 166، والتكملة.

ص: 505