الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنازلت التَّتَر غَزْنة وملكوها لوقتها، فقتلوا وسَبَوا، ولم يُبقوا عَلَى أحد، ثُمَّ أحرقوها [1] .
[زواج صاحب ماردين من بنت المُعَظَّم]
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : فيها توجّه الملك المُعَظَّم إلى أخيه الملك الْأشرف، فاجتمع بِهِ بحرّان. ثُمَّ دعاهُ صاحب ماردين، فبالغ في الخدمة، وقَدَّم لَهُ تُحَفًا.
وزوَّج المُعَظَّم بنتَهُ الواحدة بناصر الدّين صاحب ماردين [3] .
[اقتراب التَّتَر من بَغْدَاد]
وفيها جاءت الْأخبار بأنّ التَّتَر قاربوا بَغْدَاد، فانزعج الخليفةُ، وأمرَ النَّاس بالقُنوت، واستخدمَ، وأنفقَ، وحصَّن البلد [4] .
[استرداد دِمْيَاط من الفرنج]
وفي جُمَادَى الآخرة استردَّ المصريّون دِمْيَاط من الفرنج. ورجع المُعَظَّم من حَرّان، وحضر معه الملك الْأشرف بجيشه. قَالَ أَبُو المُظَفَّر [5] : فاجتمعتُ بِهِ وحَرّضته عَلَى نُصرة الإِسْلَام، وقلتُ: المُسلمون في ضائقة، وَإِذَا أخذت الفرنج الدّيار المصريّة ملكوا إلى حضْرَمَوت وعفّوا آثار الحرمين وَأَنْتَ تلْعب؟! اجتمعتُ بِهِ بسَلَمْية، فَقَالَ: ارموا الخيام. فسبقتُه إلى حِمْص وبشَّرت المُعَظَّم، وأصبحت أطْلابُ الْأشرف مارَّة عَلَى حِمْص، وجاء طلب الْأشرف، واللَّه ما رَأَيْت أجْمَل منه ولا أحَسْن رجالا وعُدَّة، فاتّفقا عَلَى أن يدخلا في السَّحَر إلى طرَابُلُس يشوّشون عَلَى الفرنج. فأنْطَقَ اللَّه الْأشرفَ فَقَالَ:«يا خوند! عَوَض ما نَدْخُل السَّاحل وتضعُف خيلنا ويضيع الوقت ما نروح إلى دِمْيَاط ونستريح» . فقال المعظّم: قول
[1] انظر أيضا: المختصر في أخبار البشر 3/ 128، وتاريخ ابن سباط 1/ 276.
[2]
في ذيل الروضتين 128.
[3]
الّذي قاله أبو شامة: «وزوّج المعظّم إحدى بناته ناصر الدين صاحب ماردين» ، وكذلك هو النص عند سبط ابن الجوزي (8/ 618) الّذي ينقل منه أبو شامة.
[4]
خبر التتر في: ذيل الروضتين 128، وتاريخ الخميس 2/ 412.
[5]
في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 619.
رُماة البُنْدق؟ قَالَ: نعم. فقبّل [1] المُعَظَّم قدمه. ونام الْأشرف، فخرجَ المُعَظَّم يصيح: الرحيل إلى دِمْيَاط، وساقَ إلى دمشق، وتبعته العساكر، وانتبه الْأشرف فدخل الحَمّام، فلم يرَ حول مخيّمه أحدا، فأخبروه فسكت، ثُمَّ سارَ فنزلَ القصير، فأقام أيَّامًا، ثُمَّ عرَض العساكر هُوَ وأخوهُ، وجَلسا في الطيّارة، وَالنَّاس يدعون لهما بالنّصر.
وأمّا فرنج دِمْيَاط فإنّهم خرجوا بالفارس والرَّاجل، وَكَانَ البحر زائدا جدّا، فجاءوا إلى تُرعة فأرسوا [2] عليها، وفتح المسلمون عليهم التّرع من كلّ مكان، وأحدقت بهم عساكر الكامل، فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء أصطول المُسلمين فأخذوا مراكبهم، ومنعوا عَنْهُم المِيرة من دِمْيَاط، وكانوا خلقا عظيما، وانقطعت أخبارهم عن دمياط، وكان فيهم مائة كند [3] ، وثمانمائة من الخيّالة، وصاحب عَكَّا، ومن الرّجّالة ما لَا يُحصى. فَلَمَّا عاينوا الهَلاك أرسلوا إلى الكامل يطلبون الصُّلح ويسلّمون إِلَيْهِ دِمْيَاط، فأجابهم، ولو طوَّل روحه يومين لأخذ برقابهم. فبعث إليهم ولده نجمَ الدّين أيّوب وابن أخيه شمس الملوك، وجاءت ملوكهم إلى الكامل فتلقّاهم وأنعم عليهم، فوصل إِلَيْهِ المُعَظَّم والْأشرف بالجيوش في تِلْكَ الحال في رجب، فعمل الكامل سماطا عظيما، وأحضر ملوك الفرنج، ووقف في خدمته الْأخَوان والْأُمراء، وَكَانَ يوما مشهودا. وقام راجح الحِلّيّ الشاعرُ فأنشد قطعة مليحة منها:
ونادى لسانُ الكَوْنِ في الْأرضِ رَافِعًا
…
عَقِيرَتَهُ في الخافِقَيْنِ ومُنْشِدا
أعُبَّادَ عيسى، إِنَّ عيسى وحِزْبه
…
ومُوسى جَمِيعًا يَنْصُرَانِ مُحَمَّدا [4]
وأشار إلى الإخوة الثّلاثة.
[1] تحرفت في المرأة إلى: «فقدّم» والتصحيح من: ذيل الروضتين.
[2]
تحرفت في المطبوع من المرأة إلى: «فأرسلوا» ، والمثبت من ذيل الروضتين.
[3]
الكند: هو الكونت. ويجمعها المؤرخون المسلمون آنذاك على: كنود. بمعنى الأمير.
[4]
البيتان مع أبيات أخرى في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 921، وذيل الروضتين 130، والبداية والنهاية 13/ 95، والسلوك 210، ودول الإسلام 2/ 123، والإعلام والتبيين 54، وورد البيت الأخير فقط في: مفرّج الكروب 3/ 105.