الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآثار الإسلامية. واغتنم المعلق على كتاب بلانشيه عن قلعة يي حماد، الفرصة فنوه بجهود الذين كتبوا عن الآثار الإسلامية مثل فايسات وشيربونو وفيرو، ولكنه اعتبر جهود هؤلاء معزولة وغير منسقة. وقال إن الأمر يحتاج إلى ثقافة خاصة لدراسة الآثار الإسلامية. ولاحظ أن العرب قد انشغلوا بالورق والمخطوطات أكثر من انشغالهم بالأحجار والآثار. ولذلك دعا زملاءه الفرنسيين إلى توجيه اهتمامهم إلى هذا الميدان (1). وقد أخبرنا جورج مارسيه سنة 1903 أن حكومة جونار أصبحت مهتمة بالآثار والفنون، وقام هو وأحد أقاربه بدراسة آثار تلمسان العربية، كما عرفنا. وفي سنة 1905 أصدر جونار قرارا يعتبر المعالم التالية في مدينة الجزائر آثارا تاريخية رسميا: ضريح حسن باشا بن علي في الشارع الذي يحمل هذا الاسم، وضريح الأميرة بحديقة مارنقو، وجامع سفير، وجامع سيدي محمد الشريف، كلاهما بشارع كليبر عندئذ، ثم عيون، مثل العين الواقعة بالأميرالية (2). وقد شمل القرار أيضا عدة معالم في بعض المدن الأخرى.
الزوايا والأضرحة في إقليمي قسنطينة ووهران
أ. بالنسبة للإقليم الأول هناك أعمال جرت سيما في بعض المدن مثل قسنطينة وبجاية، أدت إلى اختفاء عدد من الزوايا أو تحويلها عن غرضها. ولكننا هنا أمام مشكل من نوع آخر، ويتمثل في أن الدراسات المتوفرة لا
(1) إفريقية الفرنسية:. A.F سبتمبر 1897، ص 307. لم يوقع الكاتب: اسمه سوى بحرفي. O.H (ولعله اختصار لاسم أوكتاف هوداس وهو من المستشرقين - انظر فصل الاستشراق) وكتاب قلعة بني حماد ألفه M. P. Blanchet ونلاحظ أصداء ذلك في مجلة (المقتطف) المصرية سنة 1900. فقد جاء في الجزء الرابع، أول ابريل ص 366 أن فرنسا قد خصصت ميزانية ضخمة للآثار اليونانية بينما الجزائر (التي هي جزء من فرنسا) لم تخصص لها سوى ميزانية رمزية. وتساءلت (المقتطف) هل تجردت المسألة العلمية من السياسة؟ ولكن الجواب معروف.
(2)
انظر المجلة الإفريقية. R.A 1906، رقم 251، ص 137.
تعطينا البيانات الكافية عن كل بناية. فعندما نجد في قائمة معالم قسنطينة مثالا (سيدي فلان)، فإننا لا ندري هل هو مسجد أو ضريح أو زاوية، أو هو كل ذلك. ولذلك يصعب الفصل هنا ما دامت المعلومات غير كاملة. والمعلومات غير كاملة من جهة أخرى وهي أنها تذكر البناية ولا تذكر مصيرها عند الكتابة، فلا ندري هل كانت عندئذ ما تزال قائمة. أو اندثرت. ومن ذلك مثالا في مدينة قسنطينة:
1 -
سيدي عبد الهادي (جامع أو زاوية).
2 -
سيدي عبدالقادر (جامع أو زاوية).
3 -
سيدي عبدالرحمن القروي (جامع أو زاوية).
4 -
سيدي علي بن مخلوف (جامع ومدرسة)(1).
ولدينا معالم أخرى منسوبة إلى أصحابها لكن لا نعرف أيضا مصيرها ولا نوعها، ومن ذلك:
5 -
سيدي بو عنانة (بوعنان؟).
6 -
سيدي بو معزة.
7 -
سيدي بومنجل.
8 -
سيدي دبي.
9 -
سيدي الدرار (معدود في المساجد بناء على مقالة الشريف مقناوة. وسمي عليه أحد الموظفين بعد الاحتلال. ثم أصبح مسكوتا عنه. والغالب أنه اندثر أو هدم).
10 -
سيدي البياض. (لاحظ صفة الصنعة في الاسم، ولعله كان من الزنوج).
11 -
سيدي الفوال (نفس الملاحظة السابقة بالنسبة للصنعة).
12 -
سيدي الهواري (معدود في المساجد المندثرة، حسب الشريف
(1) انظر عنه معلومات إضافية في فقرة المساجد.
مقناوة. وكان المسجد موجودا زمن الاحتلال وتعين عليه موظفون ثم اندثر أو هدم).
13 -
سيدي الخزري.
لكن لدينا أسماء معلومة النوع والمصير، ومن ذلك بالنسبة للأضرحة:
14 -
ضريح السيدة زهراء بنت موسى بن عيسى المتوفاة سنة 898 هـ، فقد قال عنه شيربونو أنه لم يبق من كتاباته العربية إلا ما هو موجود على حيطان المدرسة الملاصقة لجامع سيدي الأخضر، وقد جيء بهذه الكتابات من جامع سيدي الفريش (؟) الذي هدم سنة 1848 لفتح طريق (1).
15 -
ضريح الشيخ المدرس حسن بن علي بن ميمون بن القنفذ المتوفى 664. وقد وجد حجر شاهده الرخامي في الجامع المذكور (سيدي الفريش)، لكن أين الضريح؟ وما مصيره؟ (2).
أما عن الزوايا فنحن نعلم من كتابات سابقة للعهد الفرنسي مثل منشور الهداية ورحلة الورتلاني، أن قسنطينة كانت تضم عددا منها. ومنها زوايا لأكبر العائلات عندئذ مثل زاوية الفكون، وزاوية ابن باديس، وزاوية ابن نعمون، فكيف كان مصير تلك الزوايا أثناء عمليات الهدم المنظم التي تعرضت لها المدينة، خصوصا عنك هدم دار أحمد باي وما حولها وعند مذ الطريق الوطني؟ إن ميرسييه الذي درس هذه الظاهرة سنة 1878 قد ذكر عددا من الزوايا التي (اختفت) أو التي حولت عن غرضها، أو التي سلمت إلى بعض الطرق الصوفية لتمارس فيها نشاطها، وهو نشاط ديني إسلامي، ولكنه ليس هو النشاط الذي نصت عليه أوقاف هذه المباني الدينية. ولعل السلطات
(1) شيربونو، مرجع سابق، 81.
(2)
ذكر شيربونو عددا من الكتابات وتواريخها التخليدية، لكن ذلك لا يهمنا هنا، ومن ذلك أيضا قبر رضوان خوجة (قائد الدار) الذي بنى له صالح باي زاوية باسمه، وقبور حسن بن باديس، وعبد الكريم الفكون، ويحيى بن محجوبة، وعلي التلمساني، ومحمد إبراهيمي المراكشي الخ
…
انظر شيربونو (الكتابات العربية) في (روكاي/ انوير)، 1856 - 1857، ص 131.
الفرنسية بإعطائها بعض الزوايا إلى الطرق الصوفية أرادت أن تضرب عصفورين بحجر واحد، الأول هو الاستيلاء على الأوقاف، والثاني هو تسكيت النقد الموجه إليها ثم استغلال ذلك للدعاية لصالحها على أنها راعية وحامية المسلمين ومتسامحة في الدين.
وإليك الآن ما ذكره ميرسييه عن بعض الزوايا:
16 -
زاوية ابن جلول، وتسمى أيضا زاوية الزواوي. وقد اختفت دون ذكر السبب لذلك.
17 -
زاوية التلمساني، وقد احتلتها فرقة فرنسية نسائية تسمى (أخوات بوسيكور) أو الإغاثة الجيدة. ولعلها كانت تابعة للكنيسة كما يبدو من اسمها. وفي مقالة الشريف مقناوة أنها هدمت.
18 -
زاوية نعمون (ابن)، وقد أصبحت مقرا للطريقة التجانية.
19 -
زاوية؟ وقد أصبحت مقرا للطريقة العيساوية.
20 -
زاوية؟ وقد أصبحت مقرا للطريقة الرحمانية.
21 -
زاوية؟ وقد أصبحت مقرا للطريقة الطيبية (1).
22 -
زاوية يحيى بن محجوبة، وقد هدمت سنة 1865، ودخل مكانها في المنزل رقم 13 الواقع على الطريق الوطني (ابن مهيدي حاليا). وقد وصفها شيربونو سنة 1856 واعتبرها نموذجا للفن المعماري الإسلامي (2).
23 -
زاوية النجارين، أصبحت مقرا للطريقة الحنصالية، حسب الشريف مقناوة.
24 -
زاوية ابن رضوان، أصبحت مقرا للمحكمة الإباضية، بناء على المصدر السابق.
(1) أرنست ميرسييه (قسنطينة قبل الاحتلال الفرنسي، 1837)، مجلة (روكاي) 1878، ص 43 - 96. والمعروف أن الطريقة الحنصالية كانت قوية ومتمركزة في قسنطينة بالذات، انظر لاحقا.
(2)
عن هذه الزوايا انظر تحقيقنا لكتاب (منشور الهداية) للفكون، وبيقوني (كتابة عربية في قسنطينة) في المجلة الإفريقية، 1903، ص 305. انظر سابقا.
وقد ذكرنا بالنسبة لبجاية عددا من البنايات الدينية التي تهدمت أو حولت، ولم نذكر ما يلي:
1 -
زاوية سيدي محمد التواتي التي كانت شهيرة في العهد العثماني - مدرسة وزاوية للضيافة - وقد أصبحت ثكنة عسكرية في عهد الاحتلال. وفيها نزل بيري رايس وخاله الريس كمال آخر القرن 15 م.
2 -
زاوية للالا فاطمة، وقد تحولت أيضا إلى سكنى عسكرية.
3 -
قبة سيدي محمد امقران، وقد خربت وأهملت خلال السنوات الأولى من الاحتلال. وقال فيرو إنها قد استرجعت سنة 1850 ولم يذكر بيانات أخرى عنها (1).
وقد كان في مدن الإقليم وقراه عدد كبير من الزوايا والقباب، ولا نعلم أن هناك من تعرض لها بسوء عدا عوامل الإهمال والحرمان من الأوقاف. وكانت لكل طريقة صوفية زاوية، تتفنن في بنائها وهندستها وتبييضها وزخرفتها. ومن هذه الزوايا ما وجد قبل الاحتلال مثل الزاوية التجانية بقمار، وزاون الحاج علي بن عيسى بتماسين. ومنها ما وجد بعد الاحتلال مثل زاوية الهامل وزوايا أولاد جلال وطولقة والخنقة وعميش (الوادي) وتقرت وبسكرة. غير أن بعض الزوايا قد تعرضت الهدم لمشاركة أصحابها في الثورات مثل زاوية الصادق بلحاج في الأوراس، وزاوية صدوق، وزاوية ابن فيالة، وزاوية مولاي الشقفة في نواحي البابور (2).
وفي كل مدينة أو قرية أيضا عدد من القباب الكبيرة والصغيرة للأولياء والصالحين والعلماء. كان بعضها محاطا بالتجلة والاحترام والرعاية، ثم عفى عليها الزمن، وتصدع بعضها ولم تبال به الأجيال اللاحقة لانشغالها
(1) شارل فيرو، المجلة الإفريقية، رقم 16، 1859، 299 - 302.
(2)
انظر يحيى بوعزيز (ثورات سكان الزواغة وفرجيوة) في مجلة (الثقافة)، 40، 1977، ص 11 - 21. والحركة الوطنية، ج 1، وكان القادة الفرنسيون أنفسهم هم الذين يأمرون الأهالي بهدم الزوايا نكاية وتشفيا. انظر لاحقا.
بأمور دنياها، رغم الزيارات التي كان البعض يؤديها إلى أهل التصوف والطرقية، ورغم العقائد والخرافات في ضرر ونفع البشر مع البشر. ولا نعلم أيضا أن السلطات الفرنسية قد تعرضت مباشرة إلى هدم أو تحويل هذه القباب عن أهدافها، بالعكس فقد كانت أحيانا تشجع العامة على التمسك بالخرافات والعقائد البعيدة عن الدين الإسلامي ليبتعدوا عن حقيقة الدين وينقادوا إليها.
…
ب. أما بالنسبة لإقليم الغرب فالإحصاء يثبت أن هذا الإقليم قد عرف بزواياه منذ القديم، وكانت الطرق الصوفية فيه منتشرة وذات نشاط واسع (1). وقد شهدت المنطقة حروبا سياسية/ دينية كبيرة أوائل القرن التاسع عشر. فلا غرابة أن تكثر الزوايا عندئذ. وقد تأثرت هذه الزوايا بالحروب التي جرت بين الفرنسيين والجزائريين أيضا إلى 1847، ثم حروب أولاد سيدي الشيخ وغيرها من الانتفاضات اللاحقة. ولذلك لا نستغرب أن تكثر الزوايا، ولاسيما بعد الستينات عندما تغاضت السلطات الفرنسية عن ذلك وحاولت إخراج المرابطين من مخابئهم لتعرفهم بسيماهم، ولتضرب بهم رجال السيف الذين أخذت تنتزع منهم ما أعطتهم مؤقتا من جاه وسلطان وثروات.
هذه المقدمة ضرورية لنعرف أن زوايا تلمسان ووهران ومعسكر ومستغانم ومازونة وغيرها لم تنقص بل ازدادت. وليس لدينا ما يثبت أنها قد تعرضت للهدم والاضمحلال كما حدث في العاصمة مثلي، ولكن هذا لا ينفي الوقوع أصلا، ولا سيما في مدينة مثل وهران. أما زوايا تلمسان العديدة في الأحياء القديمة فلم تبق على نشاطها وعمرانها كما كانت، بل تضررت أيضا، كغيرها، بالعوامل التي ذكرناها، وهي الاستيلاء على الأوقاف والإهمال والتطور الاجتماعي.
(1) بوليري، المجلة الشرقية والجزائرية، عدد 3 (1853)، 61.