المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأهالي حق الزيارة لشيوخهم خارج الجزائر هي توسيط التجار اليهود، - تاريخ الجزائر الثقافي - جـ ٥

[أبو القاسم سعد الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الخامس

- ‌الفصل الأولالمعالم الإسلامية والأوقاف

- ‌مقدمة

- ‌مساجد العاصمة

- ‌آراء وتعاليق حول مصير مساجد العاصمة

- ‌بعض المساجد في إقليم العاصمة

- ‌مساجد إقليم قسنطينة

- ‌مساجد إقليم وهران

- ‌الزوايا في إقليم الوسط

- ‌الأضرحة في إقليم الوسط

- ‌تعاليق حول الآثار الإسلامية

- ‌الزوايا والأضرحة في إقليمي قسنطينة ووهران

- ‌الأوقاف

- ‌القرارات وتنفيذها

- ‌نماذج من أموال الوقف والإحصاءات

- ‌المساعدات الخيرية

- ‌(المكتب الخيري الإسلامي)

- ‌جمعيات الإغاثة الاحتياطية

- ‌الفصل الثانيالمنشآت والمراكز الثقافية (1)

- ‌ الصحافة

- ‌صحيفة (المبشر) الرسمية

- ‌جريدة المنتخب

- ‌المجلات الفرنسية

- ‌نشأة الصحف الجزائرية

- ‌الصحف السياسية والإندماجية

- ‌الصحف منذ 1940

- ‌المجلات العربية

- ‌التقاويم

- ‌الإذاعة والسينما

- ‌المطابع

- ‌الجمعيات والنوادي الثقافية

- ‌الفصل الثالثالمنشآت والمراكز الثقافية (2)

- ‌المكتبات

- ‌نظرة على مصير المخطوطات والوثائق

- ‌المكتبة العمومية (الوطنية)

- ‌المكتبة الجامعية

- ‌المكتبات العسكرية والبلدية والمدرسية

- ‌مكتبات الزوايا

- ‌المكتبات الخاصة

- ‌النساخة والنساخون

- ‌المتاحف

- ‌المسرح

- ‌نوع الفودفيل

- ‌نوع الكوميديا

- ‌ نوع الميلودرامة

- ‌ نوع الدرامة

- ‌المسرح الجزائري

- ‌الموسيقى

- ‌موسيقى البادية

- ‌آراء في الموسيقى التراثية

- ‌الفصل الرابعالجزائر في المغارب والمشارق

- ‌الهجرة نحو المغارب والمشارق

- ‌إلى الحجاز:

- ‌إلى المغرب:

- ‌إلى تونس:

- ‌إلى ليبيا:

- ‌إلى مصر:

- ‌إلى اسطانبول:

- ‌الروابط الروحية - الصوفية

- ‌الجامعة الإسلامية

- ‌بعض أعيان الجزائر في المشرق والمغرب

- ‌عائلة الأمير في المشرقالإخوة والأبناء

- ‌أبناء الأمير عبد القادر

- ‌إخوة الأمير عبد القادر:

- ‌زوار من المشرق والمغرب

- ‌زيارة الشيخ محمد عبده

- ‌مراسلات وأحداث

- ‌جمعيات وجرائد

- ‌مشاركات ورواسب

- ‌المحتوى

الفصل: الأهالي حق الزيارة لشيوخهم خارج الجزائر هي توسيط التجار اليهود،

الأهالي حق الزيارة لشيوخهم خارج الجزائر هي توسيط التجار اليهود، واستعمال الحجاج، والحوالات البريدية. وهي ادعاءات تعوزها الأدلة في الوقت الحاضر.

‌الجامعة الإسلامية

أشرنا في عدة مناسبات إلى حركة الجامعة الإسلامية وعلاقتها بالجزائر. وهذه الحركة تعني الروابط الحضارية والدينية والسياسية بين المسلمين وإنعاشها بعد الهمود والتخلف والتفكك الذي أصاب العالم الإسلامي عدة قرون. بدأت في محاولات وغارات الغرب على الشرق في العصر الحديث أثناء حملة نابليون على مصر وسورية. ولم تدم هذه الحملة سوى بضع سنوات ولكن آثارها بقيت، ولا سيما فكرة اليقظة ومحاولة التجديد واللحاق بالأمم الغربية في السلاح والجيوش. وكانت الهند المسلمة قد وقعت أيضا، فريسة لبريطانيا، كما وقعت أندونيسيا فريسة لهولندا، وكانت إيران وأفغانستان تواجه الضغوط البريطانية والروسية. ورغم أن الدولة العثمانية أخذت تجدد نفسها فإن قوى الضغط الداخلي كانت هي المتغلبة. وفي هذه الأثناء بالذات وقعت الحملة الفرنسية ضد الجزائر.

وبعد هذه الحملة استغاث الجزائريون بالقوى الإسلامية واستنجدوا بسلاطين المسلمين ولكنهم لم يحصلوا على القوة أو النجدة المطلوبة للضعف والتفكك والتخلف الذي أصاب العالم الإسلامي كما ذكرنا. وبحكم الجوار كان أول المتأثرين بالحملة الفرنسية ضد الجزائر هم أهل المغرب العربي. فتدخل سلطان المغرب (عبد الرحمن بن هشام) بعض الوقت لأسباب مختلفة، وأنجد المستغيثين، ولكنه واجه ضغوطا كبيرة من فرنسا، فكان عليه أن يتراجع بل أن يتحالف في آخر المطاف مع الفرنسيين ضد الأمير عبد القادر. وكان مسلمو المغرب قد آووا مسلمي الجزائر وساعدوهم بالمال والسلاح، ولكن السياسة الرسمية تغلبت على العواطف الأخوية والدينية. وكانت تونس الشعبية قد وقفت نفس الموقف فآوت الجزائريين وخدمت

ص: 514

القضية الإسلامية، ولكن الباي (حسين ثم أحمد) كان تحت ضغط فرنسا أيضا، فكان الباي يقدم المعونة إلى الفرنسيين بدل تقديمها للشعب الجزائري. فقد منع وصول النجدات العثمانية عن طريق تونس إلى الجزائريين، سيما إلى الحاج أحمد، باي قسنطينة. وأصبح قنصل فرنسا في تونس يتصرف بدون قيود، كما لو كان في بلاده. ومن جهة أخرى اتفق باي تونس وكلوزيل، قائد الجيش الفرنسي في الجزائر، على (شراء) إقليمي وهران وقسنطينة بدفع تونس أتاوة للحكومة الفرنسية.

وكان موقف باشا طرابلس مع المقاومة منذ البداية ولكن لا سبيل له إلى إنجادها إلا عن طريق تونس. كما أن السلطات العثمانية قضت بتغيير الحكم في ليبيا (1835) وألحقت الإيالة بالباب العالي مباشرة، ولعلها كانت تهدف إلى جعل ليبيا ركيزة قوية لحماية تونس من الوقوع في قبضة الفرنسيين من جهة ودعم المقاومة الجزائرية من جهة أخرى. وقد جرت عدة محاولات في هذا الشأن ولكنها باءت بالفشل، لضعف الدولة العثمانية نفسها وحربها مع محمد علي والي مصر، وكثرة مشاكلها في البلقان والبحر الأسود.

ومنذ انسحاب محمد علي والي مصر، من مشروع الحملة ضد الجزائر توجه اهتمامه نحو المشرق - نحو الحجاز وسورية بدل المغرب العربي. وكان محمد علي قادرا على التأثير في السياسة الفرنسية ونجدة الجزائريين، ولكنه في نفس الوقت كان طموحا لتحقيق مآرب أخرى على أنقاض الدولة العثمانية المتداعية. كما أن الفرنسيين كانوا يمنونه ويوجهونه نحو قواعد الدولة العثمانية وليس نحو أطرافها، كالجزائر. وكلما حاولت هذه الدولة التدخل لنجدة الجزائر وجدت جيش محمد علي عند إحدى مدنها وقلاعها. يضاف إلى ذلك المعارضة الدينية والعسكرية للإصلاحات في اسطانبول، وثورات البلقان، ومحاصرة فرنسا مضايق صقلية، وبذلك بح صوت الجزائريين في طلب النجدة الإسلامية، وكان عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في مواجهة الغزو الفرنسي.

ص: 515

هذه هي المرحلة الأولى من مراحل ظهور حركة الجامعة الإسلامية في نظرنا. أما المرحلة الثانية فقد أخذت في الظهور في السبعينات من القرن الماضي على 80 جمعية العروة الوثقى السرية وجريدتها العلنية، وبقيادة السيد جمال الدين الأفغاني. ولا نريد أن نطيل في كيفية ظهورها وتطوراتها والعراقيل التي واجهتها في الهند ومصر وفارس واسطانبول وكابول. ولكن نقول إن الجزائر في تلك الأثناء كانت واقعة تحت كلكل الاستعمار الفرنسي، وأنها كانت تتململ وتثور، كما حدث سنة 1871 - 1881، ولم تكن أبدا منعزلة عما يجري في المشرق من أحداث حتى قبل بدء المرحلة الثانية للجامعة الإسلامية.

فقد كانت حرب القرم فرصة لتجديد الصلات والعلاقات بين الجزائريين والمشرق، وبينهم وين العثمانيين. والتقى خلالها الجنود الجزائريون ببعض آبائهم وأجدادهم الذين هاجروا إلى المشرق وتطوع بعضهم للدفاع عن الدولة العثمانية. كانت حرب القرم فرصة لاستعادة الذكريات لقربها من عهد الاحتلال (ربع قرن فقط). ولا شك أن آباء المتطوعين قد حدثوهم عن الجزائر قبل الفرنسيين، والعلاقات السابقة بين المسلمين. وقد قام وفد جزائري بزيارة فرنسا لإهداء نابليون الثالث راية مطرزة بالذهب وتقديم كمية من المال، ونحو ذلك من الرموز. وكان الوفد يتألف من رجال الدين والتجار والأعيان (1). وكان أهل مدينة الجزائر وراء هذه اللفتة الحضارية، وكانت الرسالة التي حملها الوفد إلى نابليون تضم 300 توقيع من رجال الدين والعلماء والأعيان من القطر كله. وقد بقي الجنود الجزائريون في المشرق نحو عشرين شهرا، وكان عددهم حوالي 2200 جندي.

وكانت الصحف الفرنسية الصادرة بالجزائر تنشر أخبار حرب القرم.

(1) انظر تفصيل ذلك في كتابنا (الحركة الوطنية)، ج 1. وصل الوفد إلى باريس في 16 أبريل 1854.

ص: 516

كما كانت تنوه بدور الجزائريين فيها، وتبرز العلاقات بين الدولة العثمانية وفرنسا. ومن جهته كتب الشاعر الشعبي محمد بن اسماعيل، وهو من العاصمة، قصيدة طويلة، أشاد فيها بالدولة العثمانية والجامعة الإسلامية القديمة، والخلافة والمشاعر الدينية والروابط مع المشرق والتاريخ المشترك (1). إن حرب القرم جاءت لتذكر الجزائريين بالعلاقات بينهم وبين الدولة العثمانية (الخلافة). ونحن لا نستبعد أن يكون استعجال الفرنسيين في استعادة الفرقة الجزائرية وراء الخوف من ازدياد التأثير على الجزائريين في المشرق سواء من المهاجرين السابقين أو من العثمانيين أنفسهم (2).

ومع الحرب السبعينية وجدنا حركة محيي الدين بن الأمير عبد القادر الذي حاول تثوير الجزائر من جهة تبسة وسوف. وقد جمع الأنصار من الغاضبين الجزائريين في تونس وليبيا، وراسل أعيان الطرق الصوفية وأعيان الأجواد والعلماء داعيا إياهم للجهاد، منذ خريف 1870. وكان من نصرائه ناصر بن شهرة. ويبدو لنا أن الأمير محيي الدين كان يحمل دعم الخلافة العثمانية، وربما موافقة أبيه غير العلنية (3). إن محاولة محيي الدين والمقرانيين لا يجب أن ينظر إليها على أنها محاولة فردية أو معزولة بعضها عن بعض من جهة ولا أنها منفصلة عن دعم الدولة العثمانية وتأييد الأمير عبد القادر، سيما بعد القبض على نابليون الثالث، من جهة أخرى.

كذلك نريد أن نربط بين حركة الأمير محيي الدين وظهور (الجمعية الخيرية الإسلامية) في الجزائر سنة 1871. وهي الجمعية التي بقيت غير معروفة إلا قليلا. وكانت العريضة الأولى التي وجهتها إلى الباب العالي

(1) انظر عنها فصل الشعر، وكان قد نشرها وعلق عليها محمد بن أبي شنب.

(2)

تذهب الروايات الفرنسية إلى أن سبب استعادة الفرقة بسرعة هو عدم فعاليتها، رغم أن صحافة الوقت أكثرت من الإشادة بشجاعة الجزائريين في الحرب، بما في ذلك إطراء جنرالات الإنكليز لهم. ولسنا ندري كيف يحسن الجزائريون الحرب في كل المعارك إلا في حرب القرم.

(3)

عن تدخل محيي الدين في أحداث الجزائر انظر لاحقا.

ص: 517

مؤرخة في 25 سبتمبر 1871. والعريضة كانت تذكر بالمساعدة الموعودة، وكون أعضائها قد حملوا السلاح للدفاع عن الدين، وأن الذي وعدهم بالمال والسلاح هو مصطفى فاضل، أحد إخوة الخديوي إسماعيل، باشا مصر. وهناك عريضة أخرى أرسلتها الجمعية الخيرية إلى الباب العالي أيضا بتاريخ 28 مارس 1872. وهي في طلب النجدة وتوسيط إحدى الدول الأجنبية لاستعادة الجزائر إلى حظيرة الدولة العثماية. كما أشارت العريضة الثانية إلى أحداث الصحراء وهزيمة الفرنسيين فيها، وهي إشارة إلى الحرب التي تزعمها الفارس بوشوشة وجماعة المدقانة من الشعانبة وغيرهم (1)، وللجمعية مراسلات أخرى ليس هنا محل تفصيلها.

ومنذ الثمانينات بدا للفرنسيين أن هناك جهودا منسقة من حركة الجامعة الإسلامية مع الطرق الصوفية في الجزائر. وقد أشرنا إلى كتابات لويس رين الذي تصور أن الطرق الصوفية أصبحت عبارة عن (جمعيات سرية). تعمل على تحطيم الوجود الفرنسي بالتعاون مع أعداء فرنسا في الخارج. وفي نفس الفترة (13 نوفمبر 1884) ألقى الضابط الفرنسي ني NEY محاضرة في اجتماع الضباط، جاء فيها أن هناك مطبعة كبيرة في اسطانبول تطبع جريدة رائجة جدا في أفريقية وآسيا، يبلغ سحبها مائة ألف نسخة، وأن لها تأثيرا عظيما. وقال إن للجريدة مراسلين في تمبكتو، وسمرقند، ومصر، والحجاز، والهند، الخ. وأن صاحب تحريرها صحفي سوري (2).

أما المرحلة الثالثة لحركة الجامعة الإسلامية فهي تلك التي تولاها الباب العالي بنفسه وأخرجها من يد السيد الأفغاني. وذلك منذ آخر

(1) عن نشاط الجمعية الخيرية الإسلامية انظر عبد الجليل التميمي (بحوث ووثائق مغربية) 1972، ص 109 - 129.

(2)

لم يذكر اسمه ولا اسم الجريدة، ولكنه يعني بدون شك جريدة (الجوائب) لأحمد فارس الشدياق، انظر لويس فينيون (فرنسا في شمال افريقية)، باريس، 1887، ص 205 هامش 1. وكان بعض الجزائريين يراسلونها.

ص: 518

الثمانينات. ويؤرخ الفرنسيون تبني السلطان عبد الحميد سياسة الجامعة الإسلامية باحتلال بلادهم لتونس (1881). وقد كتب بعدئذ السيد غبريال شرمس كتابا بعنوان (مستقبل تركيا) حلل فيه سياسة الدولة العثمانية. وذكر فيه أن فرنسا أيضا (دولة إسلامية) بما لها من رعايا مسلمين، وكانت فرنسا تؤيد وحدة الدولة العثمانية من جهة أوروبا، ولكنها لا تؤيد قوتها ولا نفوذها من جهة شمال أفريقية. وكان لاحتلال تونس وسياسة الدولة العثمانية الإسلامية، ردود فعل في الجزائر والسودان ومصر أيضا.

ففي الجزائر حدثت ثورة بوعمامة (1881) وكانت لها في الحقيقة ظروف محلية ودولية. وبوعمامة من زعماء أولاد سيدي الشيخ ومن رجال الطرق الصوفية. وقد كان لثورته عواقب على الوضع بالمغرب الأقصى، ولها أصداء في السودان ومصر، حسب المصادر الفرنسية. كما أن نشاط بوعمامة قد تعزز بدعم الطريقة السنوسية له. وأثناء ثورته حل الجنود العثمانيون في طرابلس (وهي عثمانية) ووقعت ثورة في سفاقص واحتلت القيروان. وقد انتشر الحماس في القاهرة عند سماع الناس بثورة بوعمامة، وربما بالغوا في أهميتها، حسب تعبير فينيون. كما حدثت ثورة عرابي بمصر ووقعت معركة التل الكبير وضربت الإسكندرية بعد هيجان شعبي. ولكن القضاء على ثورة عرابي لم يخلص الإنكليز من الخطر، فقد كان عليهم أن يواجهوا ثورة المهدي السوداني. وقد تساءل فينيون سنة 1887 عما إذا كان يمكن للملاحظ أن يربط بين هذه الثورات المتعاصرة، فيكون عرابي إنتاجا مباشرا لبوعمامة، والمهدي خليفة لعرابي؟ ثم إن حركة الجامعة الإسلامية كانت متصلة الأطراف، ذلك أن ما كان يحدث عندئذ (الثمانينات) فى السودان الغربي قد يكون له، في نظر فينيون، تأثير أيضا على أهل المغرب العربي (1).

وقد وظفت حركة الجامعة الإسلامية في مرحلتها الأخيرة العديد من رجالات الجزائر وتونس، سواء من الأصول المهاجرة أو من الزعماء الذين

(1) فينيون، مرجع سابق، ص 209? 210.

ص: 519

اختاروا المشرق بعد احتلال تونس. جندت الدولة العثمانية بعض أبناء الأمير عبد القادر بد وفاته سنة 1883. وعلى رأسهم الأمير محيي الدين الذي أصبح له شأن في الجيش العثماني، كما أرسله السلطان في مهمات أخرى نحو المغرب الأقصى. ومنهم الأمير محمد الذي أصبح المتكلم باسم العائلة في المشرق، وهو مؤلف كتاب (تحفة الزائر) الذي أهداه إلى السلطان عبد الحميد الثاني في عبارات فخمة ومطولة (1). ولكن بعض أبناء الأمير اختاروا الجانب الفرنسي، ومنهم الأمير عمر والأمير الهاشمي. وإذا كان الأخير قد اكتفى بالاستقرار في الجزائر بأولاده (ومنهم الأمير خالد) لعجزه، فإن الأمير عمر ظل يوالي السياسة الفرنسية في المشرق إلى أن قتل سنة 1916 على يد العثمانيين في سورية. إن الصراع عندئذ كان على أشده بين أنصار الباب العالي وأنصار فرنسا، أو إذا شئت بين العاطفة الإسلامية - العثمانية والعاطفة الموالية للفرنسيين. وقد ساعدت هجرة محمد بيرم الخامس ومحمد الخضر حسين والمكي بن عزوز وصالح الشريف وإسماعيل الصفائحي والثعالبي والأخوين باشر حانبه (علي ومحمد) - وكلهم من تونس - على بلورة السياسة الإسلامية نحو شمال افريقية.

ويجب أن نلاحظ أن هؤلاء جميعا لم يكونوا يعملون في إطار الوطنية الضيقة التي نعرفها اليوم في أقطار شمال افريقية، بل كانوا يعملون في إطار الجامعة الإسلامية، على توحيد الجهود لتحرير المغرب العربي من الاستعمار الفرنسي. وكانت جهودهم متضافرة مع المهاجرين السابقين وأحفادهم. ومنذ احتلال المغرب الأقصى دخل موضوع تحريره أيضا ضمن مطالبهم. وكانت لهم صحفهم مثل (الإعلام) لبيرم في القاهرة، و (المهاجر) لمحمد شطا والأمير علي في دمشق. كما أن جرائد (المقتبس) و (المؤيد) وكذلك (المنار) و (المفيد) و (الأسد الإسلامي) و (المنهاج) كانت تغطي أخبارهم.

(1) انظر دراستنا (العثور على النسخة المخطوطة من كتاب (تحفة الزائر)) في كتابنا أبحاث وآراء، ج 2.

ص: 520