الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لدورها في التاريخ. ولكن ذلك تصادف مع حاجة الاحتلال إلى الزوايا وشيوخها ضد رجال السيف والخيام (العائلات الكبيرة). ومن ثمة وقع نوع من التقارب المؤقت بين شيوخ الزوايا والسلطات إلى نهاية الثمانينات تقريبا (1).
وهناك ملاحظة أخرى نذكرها بخصوص الزوايا خارج المدن، وهي أنها بقيت (مستقلة) بمرابطيها وورثة صلحائها إلى ما بعد 1870. فبعد هذا التاريخ بدا للفرنسيين أن الزمن قد حان لتشجيع الزواي على حساب الأجواد أو رجال السيف والبارود أو الاعتماد على المرابطين بدل أهل السلطة. ولذلك أخذ الفرنسيون يتغاضون عن انتشار الزوايا والتكثير منها، كما لاحظنا في الطرق الصوفية، ولكن الموقف المالي منها بقي هو هو لم يتغير. فقد استولى الفرنسيون على أوقاف هذه الزوايا، وأبقوا مع ذلك على حق الزيارات بشرط الولاء لفرنسا وتقديم الخدمات لها عند الثورات.
الأضرحة في إقليم الوسط
وإذا رجعنا إلى الحديث عن القباب أو الأضرحة فإننا هنا أمام عدد هائل منها، سواء في مدينة الجزائر أو غيرها. فعبارة (قبة سيدي فلان) أو (ضريح الباشا فلان) كثيرة في الجزائر عموما، وفي العاصمة على الخصوص. كما أن المقابر أو الجبانات متعددة، سواء تلك التي كانت تتخذ طابعا عاما أو تلك الداخلة في أرض تابعة لولي من الأولياء.
وليس من غرضنا هنا أن نأتي على قائمة طويلة من القباب، ولكن غرضنا يتمثل في شيئين: كون هذه البنايات ذات طابع ديني وعمراني - حضاري، وكون أوقافها اغتصبتها السلطة الفرنسية، وهي من أموال وأملاك
(1) انظر فصل الطرق الصوفية. وكان في مليانة عدد من الزوايا، مثل زاوية سيدي أحمد بن يوسف، وزاوية القلعي وزاوية سيدي محمد، وزاوية ابن قاسم. ولا نعرف الآن مصيرها تحت الاحتلال. ولكن الزاوية الأولى ظلت تعمل رغم أنها فقدت أهميتها لارتباط أهلها بالعهد العثماني وفقدانها للأوقاف.
المسلمين. ولذلك فإنا سنكتفي بذكر ما علمنا أنه هدم أو حول عن غرضه الإسلامي. أما ذلك الذي بقي قائما ولو في حالة متدنية، فإننا لن نذكره هنا سواء في العاصمة أو في غيرها. كما أننا سنحاول عدم إعطاء كل التفاصيل حول كل بناية، إلا إذا رأينا ذلك ضروريا وفيه فائدة عامة. ويجب أن نلاحظ أيضا أن بعض الكتاب لم يذكر كل التفاصيل عن كل بناية، مع اختلاف أزمنة الكتابة. فهذا مثله أشيل روبير الذي نشر بحثه سنة 1918 لم يذكر من الثماني عشرة قبة التي جاء بها سوى عدد قليل قال عنه إنه هدم. بينما الذين سبقوه بفترة طويلة ذكروا أن بعضها قد هدم. ومن ذلك:
1 -
قبة بنت جعفر الكتانية: وهي من القباب التي قال عنها ديفوكس إن معاول الحضارة قد هدمتها. وكانت ضمن مقبرة باب الواد التي أزالها الفرنسيون منذ أوائل الاحتلال والتي ضاعت معها معالم وكتابات تاريخية هامة. ولهذه القبة أوقاف تتمثل في حانوت الخ.
2 -
قبة سيدي محمد النشا: نفس الملاحظات السالفة عن المكان ومناسبة إزالة القبة. فالقبة كانت خارج باب الواد، تحت زاوية الشيخ الثعالبي. وكان لهذه القبة أوقاف تتمثل في ضيعة وحانوتين، الخ.
3 -
قبة الحاج باشا: حدث لها نفس المصير، وكان مكانها خارج باب الواد. ومن أوقافها ثلاثة حوانيت. وقد رجح ديفوكس أن (الحاج باشا) هو الذي حكم بالنيابة سنة 1543 بعد حسن آغا الذي حارب ضد حملة شارلكان (1541)، وكان الحاج باشا من الذين ذكرهم هايدو الإسباني، وقد توفي بالحمى عن 80 سنة، وكان حسب هايدو، حاكما محبوبا ومحترما. وفي كلاين أخبار أخرى عن هذه القبة. فقد استولى عليها الجنود سنة 1833، ثم سلموها إلى الدومين سنة 1848. وفي هذه السنة استولت عليها الكنيسة ووظفتها للحلقة (السمينار) الكبيرة. والغريب أن كلاين يذكر أن عرب المنطقة طلبوا المرابط (الرفات؟) سنة 1846 فأعطى لهم. ويبدو أن الأرض هناك كانت لعائلة عبد اللطيف الشهيرة.
4 -
قبة حسن باشا: وتصفها الوقفية بأنها قريبة من ضريح الشيخ الزراد، وأنها خارج باب الواد. وقد خضعت قبة حسن باشا لما خضعت له القباب السابقة من الإزالة عن طريق العنف. ولم يستطع ديفوكس تحديد من هو هذا الباشا لأن أسماء الحسن والحسين كثيرة في الباشوات.
5 -
قبة (ضريح) الشيخ الزراد: ليس هناك معلومات عنها عدا ما ذكر في رقم 4، وقد أزيلت القبة بنفس الطريقة السابقة، وهي العنف.
6 -
قبة سيدي الياقوت: وكانت لها وقفية ترجع إلى سنة 1130 (1718). وتقع القبة أيضا خارج باب الواد. وحصل لها ما حصل لسابقاتها.
7 -
قبة سيدي الكتاني: أثبتتها الأخبار الشفوية، والتقاليد، حسب تعبير ديفوكس، أي لم يجد بشأنها وثائق مكتوبة كالوقفيات. وهي قبة كانت على حافة البحر. وقد كد أوميرا أن مصيرها هو مصير القباب الست السابقة (1). ولعل نادي الكتاني اليوم يشير إلى هذه الخلفية التاريخية.
8 -
قبة سيدي المسعود: قال ديفوكس إن الناس في وقته أهملوها ولم يعد يذكرها أحد إلا رجل واحد من الجزائريين أكد له أنها كانت للشيخ سيدي المسعود، وأنها الآن (حوالي 1870) لصهر ديفوكس واسمه (جيلي Geylers)، والذي كان يعمل في الأشغال العامة بالعاصمة (2). وقد أكد أوميرا ذلك، فقال إن القبة عطلت واشتراها فرنسي يدعى (جيلي) وهو مقاول، فحولها إلى دار سكناه (3).
(1) المعلومات حول القباب السبعة مأخوذة من ديفوكس، 18 - 22، وكذلك أوميرا، 196 - 192. وعن رقم 3 معلومات في كلاين.
(2)
ديفوكس، 24. ومن ذلك نفهم أيضا لماذا كان ديفوكس يعرف من صهره مصير المعالم الأثرية والدينية التي كتب عنها.
(3)
أوميرا، 195. وأضاف أوميرا أن قبة سيدي المسعود كانت تقع على بعد حوالي 500 متر من المدية. وكانت من الحجم الكبير، وحولها جبانة كبيرة، وكان =
9 -
قبة سيدي السعدي: وكانت تابعة للجامع الذي يحمل نفس الاسم، وقد تحدثنا عنه في المساجد. أما القبة فقال عنها ديفوكس إنها ما تزال قائمة في وقته. وكانت تضم ضريح الشيخ سيدي السعدي (المقدس جدا) عند الأهالي. وكان الضريح مغطى بتابوت مزين بالأعلام، وكان الشيخ حيا سنة 1119 (1707)(1). وكان حفيد هذا الشيخ هو الذي تولى للأمير عبد القادر على زواوة وحارب الفرنسيين بلا هوادة.
10 -
قبة المرابط الطبيب: وقد هدمها الفرنسيون، وهي فيما يقال قبة بناها أحد الدايات لطبيب كان يعالجه. وبعد هدم القبة حملت الكتابة التي كانت عليها إلى المتحف، وحملت الرفات إلى حديقة مارنقو، حيث قبة صغيرة مفتوحة الجوانب الأربعة في المكان المسمى عندهم (بوسكي دي لارين). ويذكر ديفوكس أن إحدى العائلات في الجزائر تسمى ابن الطبيب (2).
11 -
قبة سيدي سالم: استولت عليها السلطات العسكرية منذ الاحتلال، وبقيت كذلك إلى أوائل الستينات حين ضمت إلى أرض الليسيه.
12 -
ملجأ بو طويل: استولت عليه أيضا- السلطات العسكرية منذ 1830 وبقي عند فرقة المدفعية فترة طويلة. وحين زار نابليون الجزائر سنة 1860 خصص المبنى وكذلك جامع المصلى القريب منه لتكريم فرسان الامبراطور، وسماه الفرنسيون بعد ذلك جناح المائة حارس، وكتبوا عليه ذلك بخط أسود بارز على بياض ناصع. ولكن هذا الملجأ كان ضحية أخرى من ضحايا الليسيه الفرنسي فقد هدم لصالحه (3).
= المسلمون يترددون عليها كثيرا. وهذا دليل على ما قلناه من أن القباب كانت أكثر من قبور للأولياء.
(1)
ديفوكس، 25، عن سيدي السعدي انظر كتابنا الحركة الوطنية ج 1.
(2)
ديفوكس، 26.
(3)
نفس المصدر، 52، وكذلك أوميرا، 196. وقد أكد كلاين هذه المعلومات.
13 -
قبة سيدي هلال: هذا الضريح أو القبة أهانها الفرنسيون إهانة جديدة، بوضع بيت العاهرات قربها. وبعد أن كان المكان مقدسا كما يقول ديفوكس وكان يعج بالزائرين للقبة، هجرها المسلمون كما هجروا الحي كله. وكان وضع العاهرات قربها قد جرى لمدة طويلة بين 1832 - 1853. وشهد هذا المؤلف مناظر مزعجة كانت تبعث على الغثيان، بل إنها مناظر دموية، كما قال، كانت تجري عند جدران قبة سيدي هلال. ولم يؤرخ للضريح ولكنه قال إنه يرجع إلى زمن قديم. ومع ذلك فقد ذكر أن له وكيلا خلال الستينات (بعد أن تحول عنه بيت العاهرات؟) يدعى عبدالرزاق بن بسيط الذي تتوارث عائلته هذا المنصب (1).
14 -
قبة سيدي علي الفاسي: وهو من الأولياء المشاهير، وقد جاء ذكره في الأدب الشعبي منذ القرن 18 م، كما في الأنشودة التي نشرها فانتور دي بارادي (انظر سابقا). وادعى الفرنسيون أنه أثناء بناء إحدى الدور أصبحت القبة مهددة فحملت رفات الولي الفاسي إلى زاوية العباسي سنة 1841، بعد أن اختار له المفتي ذلك المكان (؟). وفي 1842 سلم مكان القبة إلى صاحب الدار الفرنسي ليتوسع في البناء على حساب الولي الصالح. وآخر وكيل لضريح الشيخ الفاسي، وهو أحمد بن الصفار، كان الداي حسن باشا قد عينه سنة 1791 (2).
15 -
مطاهر (ميضات): كانت تقع في باب عزون، قرب جامع خضر باشا. وقد ألحقها الفرنسيون سنة 1836 بثكنة عسكرية تسمى (البارك)، وبعد ثلاث سنوات ألغيت المطاهر وحولت عن أصلها (3).
16 -
قبة سيدي منصور: وتذهب بعض الوثائق إلى أن سيدي منصور قد توفي سنة 1054 (1644). وهذه القبة قد هدمها الفرنسيون سنة 1846.
(1) ديفوكس، 72.
(2)
ديفوكس، 78. وحسن باشا هو الذي فتحت وهران للمرة الثانية في عهده.
(3)
نفس المصدر، 191.
وحتى يضحك الفرنسيون على مشاعر المسلمين نشرت جريدة الأخبار في عدد 30 ديسمبر 1845، خبرا قالت فيه إن السلطات قد اتخذت إجراءات لنقل رفات سيدي منصور وأفراد عائلته من القبة إلى زاوية الشيخ الثعالبي. وقال الإخبر إن الرفات قد حملتها كوكبة من جنود الزواف (1). ومشى خلفهم حوالي أربعين من المسلمين. والملاحظ أن الجريدة قالت إن الرفات ستظل في زاوية الشيخ الثعالبي (مؤقتا). وكان سيدي منصور يسكن في دكانه فمات فيه وقبر هناك، وله عند نقل رفاته حوالي ثلاثة قرون. وكانت له أوقاف عظيمة لشهرته بين الناس (2).
17 -
قبة سيدي محمد بن خليفة: وكانت تقع غير بعيدة من قبة ومسجد سيدي السعدي، واختفت أيضا لفائدة الليسيه الفرنسي منذ الستينات (3).
18 -
قبة سيدي أبي التقى (بتقة): وهي قبة للفقراء والمرضى والعجزة. ويرجح أن سيدي أبا التقى كان معاصرا لحملة شارلكان على الجزائر سنة 1541، وكانت تقع على يمين باب عزون على حافة البحر. وكان يديرها (بيت المال) باعتبارها من المؤسسات الخيرية العامة، ولها أوقاف عامة وأخرى من بيت المال. وكان لها بالإضافة إلى ذلك حمامات وجبانة وميضات عمومية. ومنذ أوئل الاحتلال احتلتها على التوالي فرقة الهندسة العسكرية ثم الأشغال العمومية. وبين 1842 و 1854 سلمتها السلطات الفرنسية على التوالي لتكون سوقا للزيت ثم سوقا للحبوب، وقد قاومت مع ذلك، ولم تسقط نهائيا، كما قالوا، إلا أثناء عمليات بناء ساحة نابليون وشارع قسنطينة (4).
(1) أصل الكلمة (الزواوة)، وهي أقدم من تاريخ الاحتلال. واستعمال الجنود الزواوين في الخدمة العسكرية كان شائعا في الجزائر وتونس، قبل 1830.
(2)
نفس المصدر، 202.
(3)
أوميرا، 195.
(4)
ديفوكس، 206. وتذكر المصادر أن هذه المؤسسة الخيرية - الاجتماعية كانت أيضا مسكنا لحفار القبور الذين يصونون الجبانات. انظر أوميرا، 192.
19 -
قبة سيدي بوحمى: وهي مسماة على رجل كان قد اشتهر بالمداواة من الحمى، وكانت تقع في مواجهة دار الصابون. وينطقه العامة سيدي بوحمه. ومصير هذه القبة هو الهدم ودخولها في الطريق العمومي (1).
20 -
قبة لاله تسعديت: حدث لها ما حدث لما قبلها.
21 -
قبة سيدي عبد الحق: كانت خارج باب عزون، ويتبعها جامع صغير وزاوية وجبانة. ودخلت أيضا في الطريق العام بعد هدمها.
22 -
قبة سيدي عيسى (زاوية): وهي ترجع على الأقل إلى القرن الحادي عشر الهجري. احتلها الجيش الفرنسي. وما تزال إلى سنة (1870) تحت يده.
23 -
قبة سيدي علي الزواوي: ومعها جامع صغير وجبانة. وكانت أيضا خارج باب عزون، وتديرها عائلة بوخدمي. وفيها مياه جارية يعتقد الناس أنها تبرئ من الحمى، وتخصب العقيمات، وتحافظ على أمانة الزوجين. وقد استفاد الوكلاء من ذلك لكثرة من يتردد على الماء فيها، لكن السلطات الفرنسية بادرت إلى هدمها دون أن نعرف متى ذلك، وكانت القبة تقع بين شارعي روفيقو وايزلي (2).
24 -
قبة سيدي عبد القادر: كانت تعرف بنخلة شهيرة، قالت المصادر الفرنسية إن الريح أسقطتها (النخلة) سنة 1865. أما القبة نفسها فقد هدمها الفرنسيون سنة 1866 لفتح طريق عمومي، وهو طريق قسنطينة. وكانت النساء المسلمات متعلقات بهذه القبة كثيرا ويعتقدن في الماء الجاري هناك عقائد خرافية كالبرء من بعض الأمراض، وطلب الحمل، وطرد الأرواح الشريرة. وكانت في هذه القبة بئر يعقد العامة أن سيدي عبد القادر الجيلاني حفرها عندما زار الجزائر (!) ورغم أنه غير مدفون
(1) ديفوكس، 206.
(2)
ديفوكس، 208. حاليا بين شارعي ذبيح الشريف والعربي بن مهدي.
في هذه القبة، إذ هو دفين بغداد، فإن في القبة ضريحا مغطى بتابوت كانت عليه الرايات والأعلام من كل صنف ولون. وقول ديفوكس إن العامة كانوا يأتون إلى قرب هذ التابوت ويجلسون على ركبهم ويدعون الله ويستغيثون بالشيخ. ولا تذكر الوثائق تاريخ بناء هذه القبة لكن تاريخ تجديدها يرجع فقط إلى سنة 1223 (1808) على يد الداي أحمد باشا (1). وقد قال أوميرا إنه كان على فرنسا أن تبقى على القبة لأن معظم البلاد الإسلامية فيها قباب لهذا الولي.
25 -
قبة سيدي صاحب الطريق: وهي لشخص مجهول ذكرته الوقفية التي ترجع إلى سنة 1101 (1689) على أنه سيدي صاحب الطريق، ولعله كان أحد الدراويش أو المتصوفة الجوالة الذين يبيتون في الطرقات، ويتركهم الناس على هواهم. ومهما كان الأمر فإن الفرنسيين قد أزالوا هذه القبة منذ أول احتلالهم. وقد كانت القبة تقع تحت القوس حيث الدار التي كان يشغلها المتصرف العسكري. وفي مكان آخر ذكر ديفوكس أن هناك قبة أخرى تحمل نفس الاسم (سيدي صاحب الطريق)، وهي في نظره اسم لولي آخر. وهناك ثالثة بنفس الاسم هدمها الفرنسيون (2).
26 -
قبة سيدي بوشاكر (بوشاقور): وقد أزيلت زاويتها منذ 1844. ولكن الضريح والتابوت والأعلام الخاصة بالولي قد (اختفت) قبل ذلك بكثير (3). ولم يذكر ديفوكس إلى أين حملت هذه الآثار ولا متى وقع ذلك.
27 -
مطاهر: كانت تقع عند ساحة القصبة. وألغاها الفرنسيون وأدخلوها في الطريق العمومي منذ 1830. ويجب أن ننبه هنا إلى أن
(1) نفس المصدر، 208. أيضا أوميرا. وقد كانت للشيخ عبد القادر الجيلاني قباب في مختلف مدن الجزائر. وجاء ذكره في أنشودة بالقرن 18. انظر سابقار.
(2)
ديفوكس، 211، 233، 250.
(3)
نفس المصدر، 215.
الميضات والمطاهر والعيون عموما، كانت لها أوقاف خاصة، يجريها المسلمون.
28 -
قبة سيدي رمان: وقد عطلت وأصبح مكانها هو حديقة القيادة العسكرية لساحة القصبة (1).
29 -
قبة سيدي يعقوب: قرب المكان المعروف بسبع عيون جهة باب الواد. وكان الزنوج يحتفلون في هذه القبة ولهم عقائد في صاحبها.
30 -
قبة سيدي بلال: جهة الحامة. كانت أيضا مقرا لاحتفالات الزنوج يوم أول أربعاء من نيسان (أبريل). ولكن القبة كانت نصف مدفونة بالرمال سنة 863 1 (2).
31 -
قبة سيدي فرج: هذا الولي الذي شهدت قبته بداية الغزو الفرنسي للجزائر وعند أعتابها نزلت طلائع الحملة في 14 جوان 1830، كان مصيرها أيضا الهدم والاختفاء سنة 1847. فقد قرر الفرنسيون إقامة برج أو قلعة في المنطقة فعزموا على إزالة القبة من الوجود. وقد أفتاهم، كما قالوا، الشيخ مصطفى القديري، مفتي المالكية في التاريخ. ولذر الرماد في عيون العامة أحضر الفرنسيون كل مستلزمات الحفلة الدينية ومراسيم الاحترام. فحضر مدير الداخلية الفرنسي، ووقع التعرف على بقايا رفات الولي سيدي فرج (وشخص آخر يدعى سيدي روش)(3) من قبل الإمام الثاني للجامع الكبير، وكذلك مسؤول بيت المال. وحضر أيضا (العرب) - أي العامة عند الفرنسيين - ووضعت رفات الوليين في صندوقين من الخشب وحملا على
(1) نفس المصدر، 237.
(2)
السيدة روجرز (شتاء في الجزائر)، لندن 1865، ص 73.
(3)
تذهب الأسطورة إلى أن أحد القراصنة الإسبان اعتاد النزول على شاطئ الجزائر للتزود بالماء، وذات مرة عزم على خطف الولي سيدي فرج فحمله إلى سفينته وأراد التوجه به إلى إسبانيا فلم تتحرك السفينة رغم محاولاته. فعلم أن هناك كرامة، فأطلق الشيخ وآمن بصلاحه وأسلم على يديه وعاشا معا وماتا ودفنا معا. والاسم الشعبي لهذا الإسباني المسلم هو (روش).
بغل. وسار البغل، وسار الجمهور من حوله، إلى مقبرة سيدي محمد الحقار باسطاولي. ثم اختار المدعو محمد القسنطيني (الإمام؟) المكان الذي دفن فيه رفات كل ولي على حدة بعد حفلة دينية عادية (1).
32 -
قبة سيدي محمد بن عبد الرحمن: بقيت في أيدي المسلمين، وكانت بعيدة عن مركز الاستقرار الأوروبي في أول العهد، وهي اليوم بالحامة وتتبعها جبانة إسلامية كبيرة. وقد لاحظ جميع الكتاب أنها كانت مزارة للمسلمين في مختلف المواسم والمناسبات (2). ونذكر هنا أن سيدي محمد عالم متصوف، ومؤسس الطريقة الرحمانية في الجزائر فلا غرابة أن يزورها المريدون وغيرهم لأنها في نظرهم قبة شيخ الطريقة والبركة. أما معظم القباب الأخرى فيزورها الناس للبركة فقط لأن أصحابها لم يؤسسوا طرقا صوفية، عدا بعضهم مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني.
33 -
قبة سيدي الجامي (أو الجامع): انظر عن هذه القبة في المساجد. وقد حولت عن غرضها بعد أن احتلها الدرك الفرنسي، ومعها جبانة. ثم أعطيت إلى جمعية (الترابست) المسيحية وسميت باسطاولي الصغيرة.
وهناك مجموعة من القباب ذكرها ديفوكس وسكت عن مصيرها، ولا سيما تلك الواقعة في الفحص القديم للعاصمة، مثل بوزريعة، والأبيار، وحيدرة، وبئر الخادم، وبئر مراد رايس، والقبة، والقادوس، وتقصرين، والزحاولة، والمرادية.
34 -
غير أنه (أي ديفوكس) ذكر اختفاء قبة الشيخ المغزى، قرب الأبيار،
(1) ديفوكس، 253. وعن الشيخ مصطفى القديري انظر (أبحاث وآراء) ج 3.
(2)
أوميرا، 196. كان عبد الحميد بن باديس من الذين ذكروا أنهم زاروا ضريح الشيخ محمد بن عبد الرحمن، حوالي سنة 1919. انظر دراستنا (مراسلة غريبة بين ابن باديس وأحد علماء سوف)، في (تجارب في الأدب والرحلة). الجزائر، 1982.
دون بيان السبب، وأخبر أن سيدي المغزى هذا قديم يرجع في نظره إلى حملة شارلكان على الجزائر سنة 1541.
35 -
قبة سيدي إبراهيم، ولي البحارة، وهي تقع في مرسى الجزائر (1).
…
ونريد أن نلاحظ أن معظم القباب كانت تتبعها جبانات لدفن أموات المسلمين. وقد حافظ عدد من التسميات القديمة على نفسه إلى اليوم. وننبه الجيل الحاضر إلى أن قبة سيدي مرزوق في ابن عكنون مثلا هي التي أعطت اسمه إلى الحي المعروف باسمه اليوم (حي مرزوق، ومثله سيدي يحيى الطيار بحيدرة، وسيدي مبارك بوادي الرمان. كما ننبه إلى أن اسم ضاحية القبة جاء من (قبة الحاج باشا) الذي حكم الجزائر سنة 1545، فاختفى اسم المنشئ وبقيت القبة، أو كما يقول النحاة حذف المضاف إليه وبقي المضاف (2).
وقبل أن ننتقل إلى الحديث عن خارج العاصمة، نسوق المعلومات التالية عن جباناتها وما آلت إليه. لقد لاحظنا أن الجبانات كانت كثيرة وكانت تابعة في معظم الأحيان إلى القباب والزوايا. وبتعطيل وهدم هذه البنايات هدمت الجبانات أيضا وتعطلت معها. وقد لاحظنا أيضا، أن بعض الجبانات قد منع الفرنسيون الدفن فيها منذ الاحتلال. وكثر الجدال والنقاش حول موقف المسلمين من التعرض لمقدساتهم ومن نقض الفرنسيين اتفاق 1830 الذي تعهدوا بمقتضاه باحترام هذه المقدسات. كما دار النقاش بين الفرنسيين حول أهمية البنايات من الوجهة الأثرية - الحضارية، وكان بعضهم قد نظر إلى القضية نظرة أخرى جانبية، فيما يبدو، وهي مدى تعصب أو تسامح
(1) انظر مجلة الجي - ريفو Alger Revue، أكتوبر 1955. وذكر السيد أوميرا قبة أخرى هي: سيدي مبارك البحري، بين طريق قسنطينة وشارع الحرية.
(2)
عن قبة الحاج باشا انظر فقرة القباب رقم 3.
المسلمين إزاء ما قام به الفرنسيون نحو مؤسساتهم.
يقول السيد أوميرا لقد أدى إلغاء كل الجبانات إلى ظلم حقيقي لعدد من الوكلاء الذين كانوا يصونونها. فقد اختفت المداخيل والعلاقات مع اختفاء وهدم القباب والأضرحة، وهو هنا يرى أن كل القباب هي في الواقع جبانات لأن قبة الولي ليست وحدها في المكان. وهذا أمر حقيقي. ولكن ذكر الوكلاء وحدهم هنا فيه إجحاف بحقوق الآخرين الذين تضرروا من اختفاء وهدم الأضرحة والقباب والجبانات العامة. فقد كانت مداخيل هذه البنايات تستعمل لأغراض اجتماعية ودينية وتعليمية. ولذلك لا بد من تصحيح هذا الرأي.
في جولة دراسية قام بها الإسكندر جولي إلى منطقة التيطرى حوالي سنة 1904 بطلب من الإدارة الفرنسية، وجد أنها تضم عددا من القباب ولكنه لم يذكر ما إذا كانت قد تعرضت للهدم أو التعطيل. وقد أورد من ذلك قبة سيدي علي بن فارس بين وادي عروة ووادي الحاكم، وقبة سيدي ناجي قرب البرواقية، وقبة سيدي محمد ولد البخاري (وهو ابن مؤسس قصر البخاري). وقال جولي إن سمعة الشيخ سيدي البخاري كانت عظيمة بين أهل الناحية ويعتبرونه ناشر الدين الإسلامي هناك. ومع ذلك فإن قبته، رغم ارتفاعها وكبرها على غير العادة، تبدو حزينة ومتقشفة في بلاد نائية ذات طابع صحراوي. ومما قاله في هذا الشأن إن هناك علاقة بين الإنسان والبناء أو العمران. أما مدينة المدية فلم يصف. جولي قبابها، ونحن نعرف أن الأيدي قد تبدلت على هذه المدينة عدة مرات بين الفرنسيين والأمير من جهة وبين الأمير وبعض الطموحين الآخرين أمثال ابن المعطي، وموسى الدرقاوي من جهة أخرى. فهل تضررت القباب والبنايات الدينية من ذلك؟ إنا لا نشك في شيء واحد وهو أن حرمان البنايات الدينية (القباب) من أملاكها قد تسبب في تقشف وإهمال الخدمات الواجبة لها.
وليس لدينا دراسة عن وضع قباب مليانة وشرشال والبليدة والقليعة