الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
الجزائر في المغارب والمشارق
يذهب بعض علماء الفرنسيين إلى أن الجزائر كانت شرقية فحاولت فرنسا فصلها عن الشرق وإلحاقها بالغرب، وأن كل تاريخ الجزائر خلال العهد الاستعماري هو صراع بين الجاذبيتين: جاذبية الشرق الأصيلة وجاذبية الغرب الدخيلة. وكانت وسيلة تغريب الجزائر (فرنستها) هي الاندماج بكل نواحيه: الثقافية والإدارية والاجتماعية والذهنية. كتب عن ذلك عدد منهم وهم: إيميل غوتييه وأوغسطين بيرنار وأوغسطين بيرك. ومن هؤلاء من اعترف بفشل الاندماج ومن ظل يحاوله ويدعو إليه، خوفا من (ضياع الجزائر الفرنسية).
وكون الجزائر جزءا من كل هو الحضارة الإسلامية - العربية منذ القرن السابع الميلادي، لا يعني أبدا أنها لا تملك ذاتية خاصة تولدت عبر مراحل تاريخية طويلة، واصطبغت بصبغة ثقافية محلية متأثرة بالأرض والإنسان والعوامل المناخية والحضارات العتيقة. ولقد كون المغرب العربي عدة ممالك متحدة تارة ومنفصلة تارة أخرى، فترك ذلك أيضا بصماته على المنطقة كلها. وكان العهد العثماني أطول العهود التي برزت فيها الجزائر بذاتيتها الجغرافية والسياسية، وهي الذاتية التي حاول الفرنسيون تفتيتها بشتى الوسائل بدعوى أنه كان في الجزائر (شعوب) أو ذاتيات عديدة وأن هذه الشعوب كانت (محتلة) من قبل العثمانيين. ونحن نعتبر أن فشل الفرنسيين في تحقيق الاندماج دليل على قوة الذاتية أو الهوية الجزائرية التي تكونت مع الزمن وعلى قوة الحضارة الإسلامية - العربية التي تجذرت عبر القرون.
ولقد أغلق الفرنسيون حدود الجزائر نحو الشرق منذ الاحتلال. فحولوا التجارة إلى فرنسا ومنعوا الحج إلا بصفة استثنائية وانتقائية، ومنعوا الزوار من الشرق وتبادل العلماء والكتب والدراسة. وراقبوا الطرق الصوفية التي لها