الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي تحدث هو فيها عن الخط وأنواعه. وسنتناولها في الحديث عن فن الخط. ومن أعماله البارزة نسخه للمصحف الشريف. وأبو يعلي هو الذي انتقد بعض معاصريه الذين عاشوا بمهنة الخطاطة والنساخة للكتب بالحروف العربية حتى استغنوا واشتروا المنازل ونحوها، ومع ذلك علموا أولادهم اللغة الفرنسية ولم يدخلوهم الكتاتيب القرآنية ولا الزوايا. وهو يقول عنهم إنهم عاشوا بالعربية وحادوا عنها بأولادهم. وكان يشير بذلك إلى بعض الأيمة والحزابين الذين خدموا العربية ونسخوا القرآن الكريم وغيره وعملوا في المطابع، ثم فضلوا الفرنسية عليها لأولادهم (1).
وهناك من اشتهر بنسخ المصحف الشريف فقط، مثل البشير بوكوشة والد الشيخ حمزة بوكوشة. فقد ذكر أن له خمسة وستين نسخة من المصحف. وهو من أهل وادي سوف، وتوفي سنة 1933 (2).
المتاحف
المتاحف العمومية جديدة في الجزائر، وهي من إنشاءات الفرنسيين. ولم يعرفها الجزائريون إلا في أشكال أخرى خاصة. فقد كانوا يحتفظون بالتحف الثمينة في منازلهم، وقد يخصصون لها جناحا أو جانبا من المنزل. وكانت الأشياء المتحفية تعلق في المنازل للزينة والتباهي. فكم من حوش كان يضم أسلحة فاخرة ومرصعة بالفضة وغيرها. وكانت أسنان الفيل وجلود الحيوانات، والرياش والقطع المعدنية ونحوها، تعتبر من أدوات التجميل في بيوت الأغنياء. وكذلك جهاز الفرس من سرج وعلاقة وخميسة ولجام مما يعتني به النبلاء ويدفعون من أجله الأثمان العالية. وكذلك ما يتمنطق به الفارس وما يلبسه في الحروب كالحزام والسلاح والحذاء والدرع والخوذة، إن هذه التحف كانت تحفظ وتتوارث في كل بيت، وهي جزء هام من التركة عند الوفاة، وكذلك الكتب المخطوطة، كما ذكرنا.
(1) جريدة (الإصلاح) عدد 58، 12 غشت، 1947 تحت عنوان (كتاب مفتوح).
(2)
حديث مع المرحوم حمزة بوكوشة في 22 مارس، 1991 بالعاصمة.
أما الفرنسيون فقد أنشأوا المتحف العمومي على غرار المكتبة العمومية وبموازاتها. وبدأوا ذلك في العاصمة منذ 1835 ثم تو سعوا فيه كلما احتلوا الأجزاء الأخرى من الوطن. وهكذا أنشأوا المتاحف في شرشال وقسنطينة وسكيكدة وتبسة وتلمسان ووهران. ثم عممت المتاحف فأصبح في كل مدينة وبلدية متحف. وبذلك أصبحت عندنا المتاحف البلدية والوطنية، والمتاحف المتخصصة في الآثار القديمة والمتخصصة في الآثار الأهلية، ومتاحف الفنون، ونحو ذلك.
وكانت عناية الفرنسيين منذ اللحظة الأولى للاحتلال متجهة نحو الآثار الرومانية من جهة والآثار الكنسية من جهة أخرى. ولذلك اهتموا بجمع كل ما هو روماني وكنسي. وانصبت حفرياتهم على هذا الجانب، وكانوا يعرفون اللاتينية مما ساعدهم على دراسة ما يعثرون عليه وتصنيفه وتحديد تواريخه. وقد بقيت من الآثار الرومانية الظاهرة والخفية أشياء كثيرة لم تؤثر فيها سوى عوامل الزمن، أما الجزائريون فقد حافظوا عليها ولم يرتكبوا ضدها ما ارتكبه الفرنسيون نحو الآثار الإسلامية، رغم أن الجزائريين لم يكونوا يعرفون اللغة اللاتينية ولا ينتمون إلى الجنس الروماني ولا إلى الكنيسة.
أنشأ الفرنسيون أول متحف متلازما ومتزامنا مع المكتبة سنة 1835 في عهد المارشال كلوزيل. وكان صاحب المشروع هو أدريان بيربروجر الذي كان محافظا للمتحف والمكتبة معا. وظل المتحف ملازما للمكتبة طيلة عقود. ولم ينفصلا إلا سنة 1897. فكان ينتقل معها إلى مكان أوسع من السابق كلما ضاق المكان الأول بهما. وكان المتحف يحتل دائما أحد الطوابق في نفس البناية. وقد قلنا إن افتتاح المكتبة والمتحف لم يحدث فعلا إلا سنة 1835 أو 1840، حسب بعض الروايات. وفي سنة 1841 كان المتحف يضم حوالي 400 قطعة أو مادة تنتمي إلى مختلف الفئات من التاريخ الطبيعي. وكانت المواد تختار من بين المحنطات والحيتان والطيور التي تنتجها الجزائر. كما يضم المتحف مختلف النماذج من النباتات والمعادن التي تستخرج من البلاد، ومجموعة أخرى من الحشرات والأصداف.
ومن جهة أخرى أصبح المتحف يحتوي على مجموعة من المسكوكات التي ترجع إلى الميداليات الرومانية وإلى ملوك فرنسا وكذلك المسكوكات القديمة الأخرى من كل نوع، وهي التي عثر عليها بعد إجراء الحفريات إلى ذلك الحين (1).
وبعد سنوات (1845) ضاق المكان بالتحف والمعروضات المتحفية، ففصلت عنه الأشياء التي ترجع إلى إنتاج الجزائريين (الأهالي) كالتحف الفنية والغريبة ووضعت في قاعات خاصة في ساحة الجنينة بينما ظل المتحف في ثكنة الإنكشارية هو والمكتبة. وقد أصبح المتحف منقسما إلى عدة فروع:
1 -
فرع التاريخ الطبيعي: وكان يضم بالإضافة إلى عدد من الحشرات والتحضيرات الزراعية (بلغت 45 عينة) 17 عينة محنطة، و 285 من الطيور، و 146 من الحيتان.
2 -
فرع المعادن: وضعت المعادن في خزائن خاصة، وقد بلغت سنة 1845 أكثر من 1، 200 نموذجا من المعادن المجلوبة من مختلف أنحاء الجزائر.
3 -
فرع الآثار: وكان عدد المحتويات ما يزال قليلا فيه، فهناك نماذج من أسنان الفيل وتجسيد الحيتان الخ.
4 -
فرع الكتابات والنقوش: والكتابات هنا لاتينية، وكانت بعدد كبير، ولكن ليست بذات أهمية، حسب المصدر الذي أخذنا منه. وكان هذا الفرع يضم أيضا 25 قطعة من المنحوتات المرمرية والتماثيل التي جلبت من رسقونيا وقطعة من تمثال ضخم جيء بها من قالمة، وتمثال وجد في الأبيار، الخ. كما يضم هذا الفرع كتابات عربية قالوا إنها ذات أهمية بالغة بالنسبة لتاريخ البلاد، وكانت بعدد كبير. وفي هذا الفرع أجزاء من شواهد قديمة (شواهد القبور) ولكن بدون تواريخ. وفيها شواهد مكسرة أو غير مقرؤة. وفي نفس السنة (1845) عثر على شاهد قبر حسن آغا قائد الدفاع عن
(1) السجل، سنة 1841، ص 108.
الجزائر ضد شارلكان سنة 1541. وقد أضيف إلى المجموعة.
5 -
فرع الميداليات والنقود: وقيل إن عددها كان كبيرا، ولكن فحصها لم يكشف عن أهمية خاصة لها حتى إلى سنة 1845. وترجع إلى عهد الامبراطورية الرومانية. أما مجموعة النقود العربية فما تزال قليلة عندئذ. ولكنها كانت تحتوي على بعض النقود المغربية القديمة. وبعضها من الذهب، أو الفضة أو النحاس، وهي ترجع إلى العهد الفاطمي. كما أن بعض النقود ضربت في مختلف المدن، وتعتبر من الأهلية. ومن هذا الفرع أيضا نقود أجنبية وأفريقية وأوربية، كانت تستعمل في الجزائر، ونقود أخرى كانت تستعملها الشركة الفرنسية للتبادل مع الجزائريين في مدينة القالة قبل الاحتلال، وهذه العملة تسمى (شكوطي؟).
بالإضافة إلى هذه الفروع، ضم المتحف نماذج من السيوف الأندلسية التي ترجع إلى القرن 15، وبعض الدروع التي كان بيربروجر قد اغتصبها من مالكيها من قسنطينة سنة 1837 مع المخطوطات التي أشرنا إليها. وهناك المصابيح، وكذلك بعض الجرار الخزفية المصنوعة في شرشال أو في تونس.
وظل المتحف في الجزائر يتحسن حاله وتثرى محتوياته إلى أن بلغ النضج والاستقلال عن المكتبة. ففي سنة 1838 انتقل إلى دار الحاج عمر التي أشرنا إليها في حديثنا عن المكتبة العمومية. وكان المتحف يقع في الطابق الأرضي من البناية. واحتل في هذا الطابق ثلاث قاعات أو غرف (أما الرابعة فكانت مخصصة لحلقة اللغة العربية). وكل قاعة كانت متخصصة في جانب من الجوانب، مثلا القاعة الثانية للآثار الرومانية، والثالثة لمجموعة الحيوانات. أما المجال الذي يقع بين الطابقين فقد وضعت فيه مواد متحفية مثل الأسلحة والآلات والأثاث العربي (1).
(1) السجل، سنة 1845 - 1846، ص 119 - 120. انظر السيدة روجرز (شتاء في الجزائر)، لندن، 1865، ص 334. عبرت هذه السيدة الإنكليزية عن إعجابها بمحتويات المتحف، وقالت إن الفرنسيين قد جلبوا إليه تماثيل نبتون وفينوس =
وقد تخصصت المتاحف بعد ذلك، فأصبح كل متحف تقريبا يضم أشياء معينة أو عصورا معينة.
وفي عهد كامبون نشأ المتحف الوطني في حي مصطفى باشا سنة 1897، وانفصل عن المكتبة، وتوسع وزيدت فيه أقسام شملت الآثار الإسلامية والبربرية ومصنوعات من القماش والخشب والجلود والزرابي والأسلحة والمطروزات والأثاث، وكذلك المجوهرات. وقد توسع المتحف أيضا في عهد جونار (سنة 1903 وسنة 1909)، وكان يقع في حديقة عمومية. وأصبح المشرف عليه هو المؤرخ والأثري ستيفان قزال S. Gsell، فطوره وأضاف إليه، وحصل له على ميزانية خاصة وقارة (بلغت سنة 1908 عشرة آلاف فرنك سنويا)(1).
وكان متحف شرشال له أهمية خاصة بالنسبة لهذا العهد. ذلك أن الفرنسيين اعتبروا أنفسهم ورثة الرومان وأن كنيستهم هي وارثة الكنيسة الكاثوليكية (الأفريقية)، فعملوا جهدهم على (اكتشاف) هذه الآثار وربط حاضرهم بماضيهم الذي قطعته، كما قال جان بوجولا، عدة قرون من (التوحش الإسلامي). وكانت شرشال ما تزال تحتوي على آثار رومانية ظاهرة. ولكنها كانت تابعة لدولة الأمير عبد القادر إلى آخر الثلاثينات تقريبا.
ومنذ احتلال المدينة سارع الفرنسيون بوضع أيديهم على مسجدها وجعلوه مأوى لما يعثرون عليه من التحف وما تجود به حفرياتهم الأثرية. ولذلك تضخم هذا المتحف (الجامع) بسرعة، حتى أصبح كما قيل من أكبر المتاحف في الجزائر خلال عشر سنوات. وبعد أن ازدادت الآثار به ضاق الجامع بها، فوضعت في دار أخرى واسعة تنازلت عليها السلطات، وربما كانت الدار راجعة إلى أحد الأغنياء الجزائريين الذين عارضوا الاستعمار فاستولت السلطات الفرنسية عليها. وكان أول محافظ لمتحف شرشال هو
= وبوخوس من شرشال. انظر أيضا (السجل)، سنة 1846 - 1849، ص 197.
(1)
جول كامبون (حكومة الجزائر)، الجزائر 1918، ص 404.
السيد (توماس) ثم (بيكي)، وقد قاما بجمع وتضيف ما يحتوي عليه المتحف من كتابات وتماثيل وميداليات الخ. وأصبحت هذه الأشياء مصنفة إلى فرعين: الفرع الأول يضم 19 قطعة كانت محفوظة بعناية وتعتبر مهمة للغاية من الناحية الفنية والأثرية والتاريخية للجزائر. والفرع الثاني تحفظ فيه الأشياء الأقل أهمية. وتحدثت الوثائق عن أن متحف شرشال سنة 1849 أصبح يضم أجنحة متخصصة كالتماثيل، والبرونزيات، والقبور، والرصاص، والنقوش، والزخارف المعمارية، والرخامات، والخزفيات الخ (1).
ذكرنا أن متحف شرشال بدأ في جامع المدينة، وكان ذلك سنة 1840، وتحت إشراف الجيش والموظفين الفرنسيين. ويبدو أن الجامع قد سقط أو هدم سنة 6 184 فظل المتحف يتنقل إلى أن استقر سنة 1856 حين منحه الحاكم العام المارشال راندون، مكانا مناسبا وعين عليه محافظا. وقد عرف المتحف الإهمال سنة 1869، ثم أعادت إليه إدارة الجمهورية الثالثة نشاطه ووفرت إليه الإمكانات، فتضاعفت الأشياء المجلوبة إليه، وقام عدد من الباحثين بالعناية به والكتابة عنه مثل لوتيلري، وشميتي، وويل، وهذا الأخير هو الذي أشرف على المتحف مدة طويلة وكتب أطروحته عنه ووضع له فهرسا (كاتلوقا). ويقول الباحث كانيا إن المتاحف كثيرة في الجزائر ولكن متحف شرشال يفوقها جميعا في النوعية والتحف الفنية. ولا غرابة في ذلك لأن الفرنسيين اعتبروا شرشال (القيصرية) امتدادا للعهد الروماني. وفي عهد الحاكم العام كامبون (1892 - 1897) أعطيت أهمية خاصة للمتاحف وعينت ميزانية للصيانة والتوسيع وجلب المزيد من التحف والتماثيل، كما أعيد تصنيف الأشياء القديمة في المتحف. وفي سنة 1900 كان المحافظ له هو (غيور). ونذكر أن السيد قوكلر قام أيضا بوضع فهرس (كاتلوق) لمتحف شرشال. كما قام ستيفان قزال بوضع (الدليل الأثري لضواحي الجزائر)(2).
(1) السجل، سنة 1846 - 1849، ص 197 - 199. فيه تفاصيل عن المعروضات عندئذ. انظر كذلك نفس المصدر، سنة 1845 - 1846، ص 120.
(2)
ر. كانيا (متحف شرشال) فى (المجلة الأفريقية)، 1900، ص 230 - 231. وكانيا =
وبناء على وصف فيكتور ويل للكاتلوق الذي قام به قوكلر GAUCKLER لمتحف شرشال فإنه يحتوي على قسمين رئيسيين: الأول هو النص والثاني هو مجموعة (ألبوم) من اللوحات. أما ويل V. WAILLE فقد اهتم بالنص فقط. وكان قوكلر ما يزال شابا عندما وضع الفهرس، ومع ذلك امتدح ويل عمله وقال إنه مكتوب برشاقة وفيه آراء جادة. وكان قوكلر قد أصدر أيضا فهرسا لمتحف قسنطينة. وكان عندئذ يعمل في مصلحة الآثار التابعة للحكومة التونسية (1).
وسرعان ما تكون متحف آخر في سكيكدة التي سماها الفرنسيون فيليبفيل على اسم ملكهم عندئذ (لويس فيليب). وقد ظلوا يستعملون الاسم حتى بعد الإطاحة بهذا الملك سنة 1848. فمنذ 1845 بدأت المحاولة في إنشاء متحف بهذه المدينة الجديدة. وبدأوا يجمعون له القطع الأثرية التي عثروا عليها أو اغتصبوها. وقيل إن بعض هذه القطع لها أهمية بالغة. ولكنهم استمروا في الحفريات في المدينة وما حولها بحثا عن الآثار الرومانية بالدرجة الأولى. وكان الرومان يسمون مكان سكيكدة (روسيكادة)(2). ومع تطور الزمن أصبح لسكيكدة متحفها الغني ومسرحها الروماني الذي كان محافظه سنة 1906 هو الأديب المعروف بعنصريته (لويس بيرتراند) والذي طالما تغني بالجزائر اللاتينية - الرومانية، التي (اشتراها) الفرنسيون بالقوة، وهو أيضا صاحب مدرسة الأدب الفرنسي في الجزائر (3).
= كان عضوا بالمعهد الفرنسي ومفتشا عاما للمتاحف العلمية والأثرية في الجزائر. وفي المصدر المذكور يوجد وصف للمتحف كتبه ويرجسكي محافظ متحف مصطفى باشا (متحف العاصمة)، ص 232 - 260، انظر كذلك 1 - 171.
(1)
ويل (كاتلوق متحف شرشال) في (المجلة الأفريقية)، 1895، ص 173 - 198.
(2)
السجل، سنة 1846 - 1849، ص 197 - 199.
(3)
عن ذلك انظر مجلة (روكاي)، سنة 1906، ص 71. وكان بيرتراند هو مؤسس مجلة (افريقية اللاتينية). وكان يقول فيها إن الفرنسيين بالجزائر إنما هم في بلادهم وليسوا دخلاء عليها. انظر أيضا شارل تيار (الجزائر في الأدب الفرنسي). وكان فرحات عباس ممن ردوا عليه سياسيا.
وكذلك أقام الفرنسيون متحفاه معتبرا في قسنطينة. وكان أيضا في شكل مكتبة ومتحف. واهتموا منذ 1837 بالآثار في هذه المدينة العريقة. فقد أرسل وزير المعارف عندئذ، السيد بيربروجر إلى قسنطينة في مهمة علمية، كما يسمونها. فوضع له هذا تقريرا مختصرا ووعد بتقرير مفصل، وجاء في المختصر ضرورة الاهتمام بالمعالم الأثرية الأدبية العربية التي ستؤدي الحروب إلى وضعها بين يدي الوزير، وضرورة إثراء متحف الجزائر بكل ما له صلة بالعلوم الطبيعية وبقايا الفنون العتيقة، كما أبدى إليه ملاحظات عن آثار إقليم قسنطينة التي كان بيربروجر سجلها قبل احتلال المدينة (سجلها في سبتمبر 1837) وأضاف إليها ما سجله عن آثار المدينة بعد احتلالها.
تأسس متحف قسنطينة على إثر الاحتلال (1837). وتولاه عدد من الفرنسيين، منهم أرقيل، وبرودوم، وهنقلي الذي كان مسؤولا عنه سنة 1903. وفي مجلة (روكاي) مقالات حول المتحف ومحتوياته وتطوراته، سيما سنة 1876 - 1877، وكذلك 1879 - 1880. وآخر ما نشر هنقلي قائمة طويلة ومفصلة عن محتويات المتحف. والغريب أنه قال إن بعض المحتويات قد فقدت من المتحف واعتبرها قد سرقت، مثل بعض الفخاريات والقناديل الرومانية، وعددها خمسة عشر قطعة، والميداليات القديمة وعددها 39 قطعة، و 16 قطعة فضية قيمتها التجارية تقدر بـ 400 فرنك.
أما الكاتلوق الذي وضعه هنقلي للمتحف فيتألف من عدة أقسام أو فروع:
1 -
فرع المسكوكات: وفيه الميداليات القنصلية، وميداليات الامبراطورية وامبراطورية الشرق. وكلها تتعلق بعهود رومانية. وكذلك نقود افريقية (المغرب العربي) القديمة، والنقود الاغريقية، والميداليات الحديثة. ولكن لا شيء حول المسكوكات الفينيقية ولا القرطاجنية ولا العربية - الإسلامية.
2 -
فرع الأشياء القديمة والغريبة: مثل الزجاجيات والقناديل الرومانية والفينيقية، والمنحوتات والفخاريات والفسيفساء، والأشياء المعدنية والأشياء العاجية والخشبية، وبقايا العظام، وكذلك الفخاريات والفسيفساء العربية. وهناك محتويات مختلفة ترجع إلى عهود حديثة.
3 -
فرع الفنون الجميلة: ومن ذلك مختلف الصور، والرسومات، والمنحوتات والمدموغبات Estampes. ومن ين ذلك صور تمثل احتلال قسنطينة من قبل الفرنسيين ومناظر الصيد، وصور الحياة العربية في عمومها في أقليم قسنطينة.
والحق أن الكاتلوق الذي وضعه هنقلي يعتبر من الأعمال الهامة. وقد شمل العهود والدول وجاء خصوصا جهد نوميديا، وعهد قرطاج، وعهد موريطانيا. كما لاحظ أن بالمتحف مجموعة من النقود العربية التي ما تزال غير مصنفة. وهناك حوالي 16 من سلسلة نقود فولاذية منصهرة بأشكال مختلفة، وهي من نقود الداي حسين باشا، آخر الدايات. وهي نقود فولاذية ذات ست عشرة زاوية. ومنذ 1903 انتقل المتحف إلى مقر بلدية قسنطينة (1).
وفي تبسة كذلك متحف هام تغلبت عليه الآثار الرومانية. وفي الكاتلوق الذي وضعه عنه سابتييه نجد محتويات هامة فصلها المحافظ في حوالي سبعين صفحة. فقد قسمه إلى اختصاصات منها الفخاريات، والفسيفساء، والتماثيل المرمرية أو الحجرية، أو القرمودية، ونماذج من الحمإ (الطين) المشوي ذي الأشكال، والمسلات، والأثريات، والكتابات، والزجاجيات، وأشياء برونزية، ومعادن مختلفة، وقطع من الفخار والحجارة (2).
(1) انظر مجلة (روكاي)، سنة 1904، من ص 1 إلى ص 397، مجلد 38، انظر كذلك مجلد 18، ص 20.
(2)
مجلة (روكاي) 1906، ص 1 - 70.