الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مشاهير الجزائريين بالحجاز حمدان الونيسي، ومحمد البشير الإبراهيمي، وأحمد رضا حوحو، وعمار بن الأزعر. وقد استوطن الأول والأخير الحجاز وهاجرا هجرة دائمة، أما الثاني والثالث فقد رجعا إلى الجزائر بعد إقامة دامت سنوات وحملا معهما أفكارا جديدة. ولا نتكلم الآن عن (الزيارات) إلى مكة والمدينة، سواء من المشهورين كابن باديس أو المغمورين الذين تطول قائمتهم.
…
إلى المغرب:
واستقبل المغرب الأقصى أعدادا كثيرة من المهاجرين الجزائريين، سواء أولئك الذين وردوا عليه بنية الإقامة أو الذين اتخذوا منه منطقة عبور كما حدث أوائل هذا القرن. ومن الجزائريين من هاجر إلى المغرب ثم عاد منه بعد تغير الأحوال في الجزائر، لأسباب مادية أو عائلية. والهجرة إلى المغرب أخذت تضاعف مع الاحتلال، سيما من النواحي الغربة، فهناك أفراد وحتى عائلات وقبائل بأسرها لجأت إلى المغرب. وفي آخر العهد كان مع الأمير (سنة 1847) عدد من القبائل داخل الحدود المغربية. وكان الجزائريون يجدون في المغرب ما يجده الأخ من أخيه. وقلما حدثت أمور تعكر جو الأخوة. وإذا ما وقع ذلك فإنه يكون لسبب سياسي عابر أو تنافس شخصي سرعان ما يزول. وقد عطف المغاربة على الجزائريين في محنتهم من جهتين، الأولى كونهم إخوانا يعانون من البؤس والاحتلال الأجنبي، والثانية كونهم مجاهدين في حاجة إلى الإيواء والسلاح وكل أشكال المساعدة.
هل نذكر الوفود التي ترددت على البلدين؟ أو أعيان تلمسان ومعسكر ومستغانم ووهران وهم يرحلون إلى داخل الحدود الآمنة؟ وهل نذكر قبائل أولاد سيدي الشيخ وحميان وفليتة وبني عامر وغيرهم وهم في سوادهم الكبير يقصدون حماية الجار ونجدة الأخوان وغوث السلطان؟ إننا لن ندخل في تفاصيل ذلك، لأن هناك دراسات مطولة ومفصلة تناولت هجرة وأوضاع
الجزائريين في المغرب في مختلف المراحل. ولكننا نذكر أن معظم هذه الهجرة كانت بين 1830 - 1848، 1912. وفي أوائل الاحتلال هاجر بعض الأعيان من العاصمة أيضا أمثال مصطفى بو ضربة وابن أخيه أحمد الذي اشتهر بدوره في المفاوضات عند الحملة الفرنسية. ومنهم القاضي عبد العزيز الذي استقال من وظيفه (1834) احتجاجا. على تدخل السلطات العسكرية الفرنسية في المحكمة الإسلامية (1).
ورغم كثرة اللجوء إلى المغرب فإن عدد المهاجرين المستقرين فيه لم يكن كبيرا. فهل ذلك راجع إلى أنهم كانوا يتخذونه للعبور فقط؟ أو راجع إلى أن اللاجئين (المهاجرين) قد رجعوا إلى الجزائر بد استقرار الوضع؟ إن الغالب عندنا هو الاحتمال الثاني، لأن القبائل المهاجرة قلما كانت تطيل الإقامة في المغرب، أما الأفراد فكانوا يفعلون، ولا سيما إذا كانوا من ذوي العلم والثقافة والتجارة وغيرها من المهن الحرة. وإلى الحرب العالمية الأولى كان مجموع من كان بالمغرب من المهاجرين لم يتجاوز الثلاثين ألفا. وفي بعض المصادر التي ترجع إلى 1907 (قبل الحماية الفرنسية) فإن عدد المهاجرين الجزائريين بالمغرب بلغ العشرين ألفا، منهم خمسة آلاف في فاس، وهو عدد قليل بالقياس مثلا إلى تونس والشام، وبالنظر إلى كثرة المترددين على المغرب. ويذكر مصدر آخر يرجع إلى سنة 1908 أن عدد الجالية الجزائرية بوجدة كان فقط ألفا وخمسمائة (2).
يذكر بلير أن معظم المهاجرين في المغرب جاؤوا من معسكر، سيما الحشم والمشارف، ثم تلمسان ومستغانم والجزائر ووهران والبليدة
(1) انظر ذلك في فصل السلك الديني والقضائي.
(2)
دراسة ميشو بيلير M. BELLAIRE التي سماها (مسلمو الجزائر في المغرب) كما نشرها في (الأرشيف المغربي) المجلد 11، وقد نشرت منها (مجلة العالم الإسلامي) فصلا تحت عنوان (المسلمون الجزائريون في المغرب وسورية)، عدد 1907، ص 499 - 506. وكذلك دراسة أو تقرير موجان Maugin في (ملحق أفريقية الفرنسية)، سبتمبر 1908، ص 989 - 194.
ومليانة. ومنهم أعراش وقبائل هامة كأولاد سيدي الشيخ الشراقة والغرابة، والحميان وفليتة وجو عامر وأولاد عدة. بالإضافة إلى ذلك هناك عائلات وأسماء بارزة، منها عائلة المقري التلمسانية الشهيرة، ومحمد المقري (بضم الميم وسكون القاف) الذي أرسله السلطان مفاوضا باسمه في طنجة والجزيرة. وتوجد أسماء أخرى من عائلة أحمد بن يوسف الملياني، وعائلة شاوش بالعاصمة، والقنقاجي (القندقجي؟) بالبليدة، وعائلة أولاد التازي، الخ. وهذا كله قبل الحماية الفرنسية على الغرب.
أما الضابط موجان الذي درس الجزائريين في وجدة بالخصوص، فقد ذكرهم على خمس مراحل:
1 -
قبل الاحتلال.
2 -
غداة الإحتلال ويقصد بهم أولئك الذين حاربوا مع الأمير عبد القادر وربطوا مصيرهم بمصيره.
3 -
بعد الإحتلال، أي بعد 1842 واستيلاء الفرنسيين على عواصم ومدن الأمير ثم على زمالته.
4 -
الذين هربوا إلى المغرب للنجاة والأمان وأسباب أخرى. وهم الذين يسميهم موجان قتلة ولصوصا (!).
5 -
الذين جاؤوا إلى الغرب ليس تصد الهجرة ولكن عابرين للتجارة وحل قضايا العائلات كالإرث.
ومن بين هؤلاء المهاجرين عائلات شهيرة من المدن المعروفة مثل تلمسان وندرومة ومعسكر، وذكر منهم عائلة المشرفي، والمورالي. وأما المرابطون فمنهم أولاد عبد القادر. وقد جاء بعضهم من شلالة. وكان للجزائريين في وجدة نظام خاص بحياتهم، فكانوا يحتكمون إلى (الشيوخ) أو الكبار الذين كانوا يمثلونهم لدى السلطات المغربية (المخزن). ثم أصبح لهؤلاء الجزائريين (جماعة) يرأسها سي محمد المورالي ويساعده خمسة من الأعيان (سنة 1908). وبين المهاجرين تجار وطلبة ورجال دين.