الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما يلي: العود وله سبعة أوتار مزدوجة، والقيثارة ولها خمسة أوتار، والكمنجة الأوروبية ولها أربعة أوتار، والكمنجة العربية ولها وتران فقط، والطنبور وله ثمانية أوتار واعتبره من أسهل الآلات وأكملها. ثم القانون وهو ذو أبراج، ولكل برج فيه ثلاثة أوتار مركبة فيكون مجموع ما فيه من أوتار أربعة وعشرين وترا. أما الآلات النافخة فذكر منها نجيب الماضي: الناي والمزمار والأرغن والكرفت والسرناي والجناح، وكلها ذات ثقب إلا الأخير (1).
موسيقى البادية
وقد وصفت موسيقى البادية وأغانيها ورقصاتها في عدة مناسبات. فللبادية أيضا أعراسها وفروسيتها وحروبها وأحزانها ولها أشعارها وخيالاتها، ولها نساؤها ورقصاتهن المتميزة حسب المناطق. ونقصد بالبادية هنا ما عدا المدن، فالجبال والسهول والصحارى كلها بادية في هذا المعنى. وقد نسبت الحركات والرقصات والموسيقى إلى مناطقها أحيانا حتى شاع لفظ العبداوي (أولاد عبدي بالأوراس)، والنائلي، والسعداوي (بو سعادة)، والقبائلي، والقصراوي (قصر البخاري)، الخ. وفي البادية كانت المرأة أكثر تحررا في الظهور ولكن باحتشام. فهي التي تقوم بدور المنشط للحفلات بالزغاريد والرقص، ويكفي حضورهن ليأتي الرجال بالعجائب في الفروسية أثناء السباق، ودقة إطلاق البارود وسرعته، وتكون الحفلات في البادية أيضا فرصة للتعارف والتلميح بالخطبة بين الشبان والشابات، وإنشاد أشعار الغزل والفروسية، والجري في السباق مع خفة ومهارة.
ومنذ 1859 وصف أحد الكتاب الأجانب مقاهي بسكرة بأنها مقاصف للموسيقى والرقص النسائي. وقال إن المغنين كانوا في حضور دائم. ثم وصف النساء بأنهن كن مثقلات بالجواهر والملابس المزركشة، وكن يعتبرن
(1) نجيب ماضي (الموسيقى العربية) في مجلة (المقتطف)، فبراير 1895، ص 115 - 112.
ذلك أقصى أنواع الزينة، كما كان الوشم يعلو خدودهن (1).
والمرأة العربية ترقص وحدها، وقد تترافق مع زميلة لها أو أكثر. ويظل وجهها مغطى بحرير شفاف يظهر ملامح الوجه للمتأمل. ورقص المرأة لا يكون إلا في الحفلات التي تقام للمناسبة كالزواج والختانة وغيرهما حيث لا يحضر الرجال. وهي مناسبات قليلة ولا تدوم إلا لحظات. وهناك أمداح خاصة تقيمها النساء للنساء في غياب الرجال، وتدوم عدة ساعات وترقص النسوة فيها طويت على أنغام الدف والطبل وبعض الآلات الأخرى. أما أثناء الحفلات العمومية المكشوفة والتي يمكن أن يحضرها الرجال عن بعد، فإن النساء يرقصن فيها، ولكن بعد أن تتقدم فتيات صغيرات إلى الميدان مغطاة الوجوه ومحتشمات، ويبدأن الرقص بالمناديل الحريرية في حركات بطيئة، وعندما تنشط الموسيقى وتسرع الحركات تبدأ النسوة في الدخول إلى الحلبة والرقص، ثم تتشجع أخريات فيتقدمن أيضا للرقص، وشيئا فشيئا تزدحم الحلبة وتصخب الموسيقى وتسرع حركة الرقص على أصوات الغيطة والقصبة وزغاريد المشجعات وطلقات البارود المتقطعة. وكلما انسحبت بعض النسوة من الحلبة تقدمت أخريات إليها وهكذا، إلى أن ينتهي الحفل. وأحيانا، يتقدم أحد الرجال ويطلق البارود عند رأس راقصة تعبيرا عن الحب والإعجاب، كما تدل الطلقة النارية الدقيقة على المهارة في التسديد والفروسية.
وقد لاحظ أحد الكتاب، وهو أشيل روبير، الذي لم يعجبه الرقص العربي، أن الفن الكوريغرافيكي غير متطور عند العرب. وحكم بأن رقصاتهم لا تشبه في شيء رقصات الأوروبيين. فليس عند العربي نوع الفالس ولا البولكا. لأن المرأة لا ترقص مع الرجل، ولا وجود لحفلة رقص أو (بال) على الطريقة الأوروبية. ولا ترقص المرأة أمام العموم. والرجال لا يأتون الحفلات إلا كمتفرجين عن بعد، وليس في هذه الحفلات كراسي، وإنما الجميع يجلسون مباشرة على الأرض أو فوق أفرشة وبسط. والرقص في نظر
(1) ديتسون (الهلال والفرنسيون الصليبيون)، نيويورك 1859، ص 341.
روبير متشابه ولا يختلف إلا في نمط الحركات. وقال إن هذا الرقص لم يثر انتباهه رغم أنه حضره عدة مرات، لأن حركاته غير منسقة وغير منسجمة. ثم إن الموسيقى صاخبة وغير متلائمة مع الفن الكوريغرافي. وقد وصف رقصة السعداوي حيث امرأتان ترقصان بخفة ورشاقة ملوحة كل منهما بمنديلين من الحرير، وتتقدمان بخطى وحركات خفيفة إلى الأمام ثم تتراجعان إلى الخيمة وسط زغاريد النساء الأخريات. وقال إن بعض النسوة يمارسن أيضا. رقصة السيف. ولاحظ أن الراقصات يؤتى بهن من عالم غريب في مثل هذه المناسبات العامة. وأثناء حفلات الزفاف لا تشترك العروسة في الرقص (1).
وليس كل الأوروبيين لهم نفس هذا الرأي حول الموسيقى والرقص الجزائري. فقد رأى السيد بودلي أن الموسيقى تبدو حادة على الأذن غير المتعودة، ثم تصبح جميلة ومقبولة ومجحببة. والآلات لا تكاد تخرج في البادية عن الغيطة والدف والرباب والقصبة
…
وتتميز موسيقى الجنوب بالقصبة الطويلة والغناء المرافق بأشعار الحب والفروسية. وتصبح الموسيقى في هذه الحالة تصويرية للحكاية. وكما أن هذه الأشعار لا تكاد تخرج عن الغراميات والدين، فكذلك الغناء فإنه إما غرامي وإما مدائح وتوسلات دينية. وهناك رقص في غرداية حيث فرقة من الرجال تقف في صفين وتبدأ في حركات محددة، ثم تتقارب الصفوف ثم تنفصل لكي يرقص كل صف وحده، وهكذا. وقد عرفنا أن الرجال قلما يرقصون، ولكن هذا الكاتب يخبرنا أن بعضهم كان يرقص في المقاهي بالمدن فرادى أو رجلين معا، وأحيانا حتى مع المرأة. وأكد الكاتب أن هناك فرقا موسيقية متنقلة من الرجال والنساء خلال العشرينات من هذا القرن. ولعله يشير إلى التطور الذي حدث بإنشاء المسرح الذي تحدثنا عنه، مثل فرقة الزاهية لعلالو والمطربية ليافيل. كما أن هناك الرقص الزنجي الذي له فرق أيضا، من النساء والرجال، ولا شك أن ذلك موجود في الجنوب بالخصوص. وحركات اليدين عند الراقصات النائليات تمثل عند الكاتب أجنحة النسر، كما أن
(1) روبير (روكاي)، مرجع سابق، ص 60.