الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجاورة (1). كل هذا والمنتخب لم تزد على أن تبنت السياسة الفرنسية نفسها تقريبا، ويبدو أن الذي أثار حفيظة الدوائر الاستعمارية ضدها هو الخوف من دورها في توعية الجزائريين بحقوقهم وكون بعضهم شارك في تحريرها واستبشر بظهورها كوسيلة للتعبير عن المظالم والتعسفات (2).
المجلات الفرنسية
بالنسبة للمجلات الفرنسية، ظهرت كذلك في الجزائر نماذج عديدة منها، هناك المجلات العلمية والتاريخية المتخصصة، وهناك المجلات الأدبية والمصورة والفنية. وظهرت بعض المجلات في العاصمة وأخرى في قسنطينة أو وهران. وكانت تصدر عن جامعة الجزائر مجلات أيضا مثل (ليبيكا). وقد تناولنا في فصل آخر المجلات التي كانت تصدرها الجمعيات التاريخية والأثرية مثل (روكاي) في قسنطينة و (المجلة الإفريقية) في العاصمة، والنشرة في وهران. فلا نكرر ذلك هنا (3). وقد ذكر البعض أنه كان بالجزائر حوالي 10 مجلات في شتى التخصصات، ومنها في غير ما ذكرنا الفلاحة والقانون، والسياحة مثل مجلة (الجزائر هيفيرنال) السياحية التي ظهرت سنة 1905. وفي سنة 1933 ظهرت مجلة (شمال إفريقية المصورة) ثم مجلة (ألجيريا) المصورة أيضا بطريقة فخمة. وكان لويس بيرتراند يصدر مجلة (إفريقية اللاتينية)، وهو من الأدباء الذين قيل عنهم إنهم يمثلون مدرسة الجزائر الأدبية المزيجة من الجزأرة والفرنسة والرومنة والكثلكة، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت مجلات أخرى في الأدب الفرنسي مثل (فونتين) لماكس فوشيه، و (لارش) لجان عمروش.
(1) كريستلو (المحاكم)، مرجع سابق، ص 239.
(2)
عن جرائد الدعاية زمن الحرب العالمية الأولى، مثل (فرنسا الإسلامية) و (أخبار الحرب) انظر كتابنا الحركة الوطنية، ت 2.
(3)
انظر فصل الاستشراق.
كما ظهرت (سيمون) و (الشمس) - صولاي (1).
وفي عام 1896 ظهرت نشرة بالعربية في باريس على يد (جمعية افريقية الفرنسية) أطلق عليها اسم (النصيحة للأجيال)، وكانت ترسل إلى أعيان كل بلدة في الجزائر. وبناء على الأسماء التي كانت ترسل إليها فإنها كانت مهتمة بالجيل المخضرم وليس المتفرنس. لقد كانت توزع مجانا على العدول والقياد والقضاة والمرابطين والتجار والمترجمين ورجال الدين. والظاهر أنها كانت توزع في تونس أيضا وفي بعض مناطق إفريقية الإسلامية، لأنها كانت تهدف، مثل الجمعية التي أنشأها، إلى الدعاية الاستعمارية الفرنسية ونشر التأثير الحضاري الفرنسي عن طريق اللغة العربية (2).
وأول مجلة باللغة العربية في الجزائر ظهرت سنة 1906 على يد امرأة فرنسية تسمى جوان ديريو J. Desrayaux، التي عرفت باسم جمانة رياض. وهو اسم اقتبسته من المشرق العربي الذي ذهبت إليه مع والدها. أما عنوان مجلتها فهو (الإحياء)، وهو عنوان جذاب يتناسب مع روح العصر المعبر عنها بالنهضة. وتعتبر (الإحياء) مجلة أدبية جامعة، والأدب هنا يطلق بمفهومه العام، لأنها في الواقع قد اهتمت أيضا بالحياة الاجتماعية والمرأة واللغة العربية والتعليم. وقد ظهرت الأحياء في وقت كانت فيه الجزائر ما تزال محرومة من الصحف والمجلات الأهلية. ولا يكاد الجزائريون يتغذون إلا من (المبشر) الرسمية جدا، أو من بعض الجرائد والمجلات السورية والمصرية والتونسية التي لا تكاد تصل إلى الجزائر.
ولنتفق على استعمال الاسم العربي لمؤسسة مجلة (الاحياء)، وهو جمانة رياض، لقد كانت جمانة فتاة غريبة غربة معاصرتها المغامرة إيزابيل
(1) قوانار (الجزائر)، مرجع سابق، ص 287.
(2)
أرشيف إيكس (فرنسا) رقم 81 H 10. وكذلك (افريقية الفرنسية). من الواضح أن هذه المجلة (النصيحة) لم تكن تصدر بالجزائر. ولكن قائمة الأعيان الذين أرسلت إليهم تجعل منها بوقا للدعاية الفرنسية وكأنها صادرة فعلا في الجزائر.
إيبرهارت، ولكن في اتجاه آخر، اهتمت هذه بالجوسسة والشهوات وحياة الصحراء والبداوة ثم بالإسلام والتصوف والسياسة. أما جمانة رياض فقد اهتمت بالأدب واللغة العربية والحركة النسوية في العالم العربي، وكذلك حركة الجامعة الإسلامية. وبينما ترجلت إيبرهارت وعشقت الفروسية وسمت نفسها (أحمد)، تمشرقت (جوان ديريو) وأحبت العرب وسمت نفسها جمانة رياض. كانت جمانة ابنة أستاذ فرنسي في الليسيه بالجزائر. وقبل أن تبلغ العشرين حصلت على دبلوم الدراسات العربية من مدرسة الآداب العليا (كلية الآداب فيما بعد). كما حصلت على (البروفي) الذي تعطيه الحكومة العامة بعنوان بروفي المراسل للجائزة العربية. وبتكليف من الحاكم العام، جونار، ومدير الشؤون الأهلية دومينيك لوسياني، قامت هي ووالدها بمهمة في تونس ومصر سنة 1906، وكانت المهمة في ظاهر الأمر لدراسة أوضاع مدارس البنات في الولدين، وقدما تقريرا حول ذلك إلى الحاكم العام.
وفي مصر اهتمت جمانة رياض بحياة المرأة، ونشاط المجلات والصحف العربية التي كانت تشرف عليها كل من لبيبة هاشم في القاهرة وأليسكندرا فيسينو بالإسكندرية. وهناك خطر ببال جمانة إنشاء مجلة مشابهة في الجزائر تكون في خدمة السكان العرب. فأصدرت (الإحياء) في العاصمة انطلاقا من هذه التجربة والرؤية، وذلك في أول محرم سنة 1325 (الموافق 15 فيفري 1906)(1). والإحياء تصدر مرتين في الشهر. وكانت مجلة (جريدة) عمومية وتحتوي على مقالات أدبية وموضوعات في القضايا المعاصرة. وقد جاءت في العدد الأول بمقالات من الصحف العربية، وتناولت خط سكة حديد الحجاز، وأحداث إيران والمغرب الأقصى، وأخبار الجمعية الأثرية الجزائرية، بالإضافة إلى الحديث عن الجريدة النسائية العربية
(1) عنوانها: بالجزائر العاصمة. واشتراكها السنوي 4 فرنكات في الجزائر وتونس وفرنسا. وثمنها 15 سنتيم. وكان العدد الواحد يحتوي على 8 صفحات، أطلق عليها اسم المجلة تجوزا فقط تبعا لمن وضعوها أول مرة ثم لشكلها. أما عدد صفحاتها فيدخلها في الجرائد.
(فتاة الشرق). وأما العدد الثاني فقد جاء فيه حديث عن التربية والتعليم، وعن مسلمي روسيا وطرابلس وإيران.
وتبنت مجلة الإحياء رفض الاندماج بين الجزائريين والفرنسيين. ودعت إلى تعليم العرب الجزائريين عن طريق استلهام حضارتهم الخاصة وتعليمهم لغتهم. كما دعت إلى ضرورة إصلاح مناهج التعليم التي أصبحت غير نافعة في نظرها، وإحياء معنويات الجزائريين وأخلاقهم بمساعدة الدين الإسلامي، وذلك بالرجوع إلى أصول هذا الدين وصفائه الأول. ونحن نفهم من ذلك أن صاحبة المجلة متأثرة بمدرسة الشيخ محمد عبده التي كانت لا ترفضها السلطات الفرنسية أيضا. وكان شارل جونار من أكبر المؤيدين لفلسفة تطور الجزائريين داخل حضارتهم بدعم وغطاء من فرنسا. ولا نستبعد أن يكون هو وسياسته وراء إنشاء هذه المجلة. وقد استعانت جمانة رياض ببعض المتعلمين الجزائريين، خريجي المدارس الفرنسية الحكومية، ومنهم الحاج صالح، والعلواني، وكلاهما غير معروف لنا (1). ويذهب البعض إلى أن عبد القادر المجاوي وعبد الحليم بن سماية قد ساهما فيها أيضا .. وقد صدر منها 34 عددا قبل أن تتوقف. أما صاحبتها فقد توفيت سنة 1914 (2)، وهي في ريعان الشباب مثل معاصرتها إيبرهارت. ومهما كان الأمر فإن المجلة لم تدم أكثر من سنة. ففي 1907 أعلنت مجلة العالم الإسلامي أن الإحياء (الصغيرة والهامة) قد اختفت رغم أن المشتركين فيها بلغوا مائتي مشترك، وهو (رقم محترم) حسب مجلة العالم الإسلامي. غير أن مؤسسيها (هكذا بالجمع) لم يستطيعوا مواجهة متطلبات جريدة ناضجة وقوية (؟) وفضلوا الانسحاب من الميدان مع تعويض المشتركين. ولا ندري ما الجريدة التي عجزت
(1) مجلة العالم الإسلامي، مارس 1907، ص 78 - 79. لا ندري سبب توقف (الإحياء) فهل كان يرجع إلى السياسة أو المال أو صحة صاحبة المجلة.
(2)
علي مرحوم (نظرة على تاريخ الصحافة العربية الجزائرية) في مجلة (الثقافة) عدد 42 - ديسمبر 1977، ويناير 1978، ص 21 - 40.
الإحياء عن منافستها (1). وربما كان المقصود بها جريدة (كوكب افريقية) التي سنتعرض إليها.
ومن المجلات المزدوجة التي ظهرت بعد الحرب الثانية (هنا الجزائر)، وكانت تصدر منذ 1952 عن محطة الإذاعة. أما رئيس تحريرها فقد كان الشاعر الرقيق الطاهر البوشوشي. وكانت تحتوي بالإضافة إلى البرامج الإذاعية، بعض المقالات والقصص والأخبار والصور. وقد شارك فيها عدد من الجزائريين بالكتابة مثل مولود الطياب وأحمد بن ذياب وأحمد الأكحل ونور الدين عبد القادر ومحمد الطاهر فضلاء. وكنا قد اطلعنا على مجموعة منها في الجزائر. وهي مجلة موجهة وتساير التطور الفني والمسرحي والأدبي في أوروبا (فرنسا) وتسوق بعض أخبار التمثيل والموسيقى في الجزائر والشرق. وكانت (هنا الجزائر) تهتم أيضا بأدب المشرق الحديث، وإيراد الطرائف والأخبار وفيها بعض الأسماء النكرة مثل ابن السبيل وابن غالب. وكانت ذات إخراج جيد وأوراقها صقيلة. وقد ضم العدد الخامس والخمسين (مايو - يونيو 1957)، هذه العناوين: زعماء الأدب العربي (جرجي زيدان، وأحمد شوقي، ولطفي المنفلوطي، وخليل جبران)، والأدب العربي (مع الجواري في عصورهن)، والأدب الافريقي. وهناك موضوع تحت عنوان (التاريخ)، وهو مترجم، وأجوبة على أسئلة السامعين، والموسيقى لغة فن وعلم، ومن رياض الشعر (مختارات من الشعر تبتدئ من الإمام الشافعي وصفي الدين الحلي وتنتهي بشوقي والعقاد) وقد ضم العدد أيضا قصة، وحديث الكتب والمجلات والبرامج الإذاعية. وفي العدد قسم بالفرنسية أيضا، غير أن القسم العربي أكبر حجما. وفي القسم الفرنسي نجد رسومات محمد ايقربوشن. وحكاية قبائلية، والفن
(1) مجلة العالم الإسلامي 1907، ص 585. وكان محمد ناصر قد نشر مقالة مسلسلة (ربما في جريدة السلام) عن مجلة الإحياء واطلعنا عليها في حينها، ثم لم نستطع الحصول عليها ونحن في الخارج، فكتبت إليه وهو بعمان، وإلى كتابة هذا لم يصلني منه ما طلبته.