الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السمعيات: معناها - مصدرها
مقدمة
…
هذا هو القسم الثالث من أقسام علم التوحيد الثلاثة: الإلهيات - النبوات - السمعيات وتسمى الغيبيات أيضاً: وسميت مباحثه بالسمعيات، لأنه لا طريق لمعرفتها إلا الكتاب والسنة: والأصل في وصولهما إلينا السماع فقط أو مع القراءة. فلا دخل للعقل في الوصول إلى ما يذكر في هذا القسم ويجب الإيمان به كالملائكة والجن والأرواح واليوم الآخر والجنة والنار إلا بالفهم عن الكتاب والسنة الصحيحة. أما تسميتها بالغيبيات فلأنها أمور غائبة عنا ولا أثر لها في حياتنا يدلنا عليها دلالة قطعية. ونحن فيما سبق اقتنعنا وآمنا بوجود الله تعالى بأدلة قطعية يقينية. وآمنا بوجود صفات الله تعالى بأدلة قطعية يقينية. وآمنا برسل الله تعالى وصفاتهم بأدلة قطعية يقينية. وآمنا بكتب الله تعالى التي أنزلها على رسله بأدلة قطعية يقينية. نحن ملزمون نتيجة هذا الإيمان بالله وصفاته ورسله وكتبه أن نؤمن بما جاء في الكتاب الذي أنزله الله تعالى على رسولنا من أجلنا، وأن نعمل بما جاء فيه، وهذا الكتاب نصوصه كلها (حروفه وكلماته وآياته وسوره) وردت إلينا بدليل قطعي، والذي ينكر شيئاً مما ورد عن الله بدليل قطعي يكفر بسبب هذا الإنكار. وأما معاني كتاب الله تعالى فمنها ما هو قطعي لم يختلف فيه العلماء بل أجمعوا كلهم عليه، وهذا إنكاره كفر أيضاً، مثل قوله تعالى:{قل هو الله أحد} .
ومنها ما هو ظني لم يتفق عليه العلماء، بل اختلفوا فيه فلك أن تأخذ برأي منهم ما دام هذا الرأي متفقاً مع اللغة ومع الأصول والموازين الإسلامية. وذلك مثل قوله تعالى:{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]. فإن القرء في اللغة يطلق على دم الحيض كما يطلق على الطهر منه، لذلك اختلف الفقهاء فيه وفي الأحكام المترتبة عليه. كما أنه يجب الإيمان بأن رسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم بين لنا كتاب الله، وأوضح شرعه. قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44]. كما يجب الإيمان بأننا مكلفون بالأخذ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبية لقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله، إن الله شديد العقاب} [الحشر: 07]. وهنا يقال: إن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث: إن كان متواتراً مقطوعاً به فإن الإيمان به واجب، وإلا كان كفراً: ويقال في نصه ومعناه ما قيل في القرآن. وإذا لم يكن الحديث متواتراً فإن إنكاره ليس كفراً، وإنما هو فسق إذا كان الحديث مجمعاً على صحته: والعمل بهذه الأحاديث واجب، وعليها بني أكثر الأحكام الفقهية، غير أن هذه الأحكام المأخوذة من الأحاديث