الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمرت لأن أكون أول المسلمين. قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه} [الزمر: 11 - 15].
وإليك بعض ما ليس من التوحيد لتتقيه وتنأى عنه وتنهي الناس عن الوقوع فيه.
1 - إطاعة من حرم ما أحل الله وأحل ما حرم الله مع العلم بذلك
قال تعالى:
الأحبار: هم العلماء، والرهبان: هم العباد، وقد وقع النصارى في الشرك بسبب انحرافهم عن التوحيد الخالص لله وحده. وقد أمروا أن يعبدوا إلهاً واحداً هو الله وألا يتخذوا أحداً غيره رباً يعبد من دون الله، ولكنهم افتروا على الله وضلوا سواء السبيل فعبدوا المسيح واتخذوه رباً، كما عبدوا علماءهم وعبادهم، ولكن عبادتهم للعلماء والعباد كانت من نوع آخر غير عبادتهم المسيح عليه السلام.
فإنهم بالنسبة للمسيح تشعبت أقوالهم، فمنهم من قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم، ومنهم الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة: هم الأب والابن وروح القدس، ومنهم من قالوا: إن المسيح ابن الله. وكل ذلك ذكر في القرآن الكريم.
أما بالنسبة للعلماء والعباد فإنهم لم يقولوا فيهم: إنهم آلهة أو أبناء الإله،
ولكن أشركوهم مع الله تعالى فيما هو من خصوصيات الإله أصلاً وحقيقة وهو التحليل والتحريم. فإن الحكم على الشيء بكونه حلالاً أو حراماً هو تشريع من الله وحده ولا يحق لبشر أن يفعله إلا بإذن من الله تعالى وفيه الحدود المرسومة، كما أذن الله للرسل في ذلك باعتبارهم معصومين ومبلغين عنه تعالى وكما أذن للعلماء أن يجتهدوا فيما لا نص فيه.
وهذه الآية قد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم - وكان نصرانياً قبل أن يسلم - ولما جاء مسلماً دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه هذه الأية: قال: - أي عدي - فقلت إنهم لم يعبدوهم فقال: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم" - رواه أحمد والترمذي وحسنه، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى هذه الآية: هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين.
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر. وقد جعله الله ورسوله شركاً، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك المخالف دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء.
الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتاً لكنهم أطاعوا علماءهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنما الطاعة في المعروف".
ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام إن كان مجتهداً قصده اتباع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخده الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه.
ولكن من علم أن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من الشرك الذي ذمه الله ولا سيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باليد واللسان، مع علمه أنه مخالف للرسل. فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه، ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يحوز له تقليد أحد في خلافه، وإنما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال، وإن كان عاجزاً عن إظهار الحق الذي يعلمه. فهذا يكون كمن عرف أن دين الإسلام حق وهو بين النصارى، فإذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه، وهؤلاء كالنجاشي وغيره.
وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزاً عن معرفة الحق على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله، من الاجتهاد في التقليد. فهذا لا يؤاخذ إن أخطأ كما في القبلة. وأما من قلد شخصاً دون غيره من نظرائه بمجرد هواه، ونصره بيده ولسانه من غير علم أن معه الحق، فهذا من أهل الجاهلية، وإن كان متبوعه مصيباً لم يكن عمله صالحاً، وإن كان متبوعه مخطئاً كان آثماً كمن قال في القرآن برأيه، فإن أصاب فقد أخطأ، وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار. 1. هـ. وهو كلام قيم وتفصيل نادر فافهمه واحرص عليه.
وبهذا التفصيل الدقيق يتضح لك موضع الخطورة في اتباع الآخرين في التحليل والتحريم والتشريع. ويتبع هذا بالأولى أن يعتبر مشركاً كل من رضي بدين غير دين الإسلام وهو يعلم الإسلام. أو رضي بأي مبدأ أو مذهب من المذاهب الحديثة أو القديمة يناقض المبادئ الإسلامية ويضادها وهو يعلم أن ما ارتضاه لا يرتضيه الله ورسوله ولا هو من دين الإسلام في شيء. كما يدخل في هذا الشرك والكفر كل إنسان قدس وعظم أي دين أو مبدأ من المبادئ المضادة للإسلام وهو يعلم ذلك. فما بالك إذا قدمها على الإسلام وأخره؟؟!!!