الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما ليس من التوحيد
معنى التوحيد - النذر لغير الله تعالى - دعاء غير الله والاستغاثة به - الغلو في الأنبياء والصالحين - الرياء - السحر
إن القضايا التي ذكرت في هذا الكتاب وسبق الكلام عليها من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره من السهل الإيمان بها علمياً لأن الأدلة عليها قائمة واضحة، وإنكارها لا تسوغه العقول السليمة. ليس له دليل علمي يعتمد عليه. ولكن الأمر الذي تورط فيه كثير من المؤمنين هو إخلاص التوحيد لله تعالى، ولكي يتضح ذلك نبين لك معنى التوحيد أولاً، ثم نبين ما تورط فيه بعض المؤمنين حتى خرجوا من هذا التوحيد حقيقة أو حكماً أو كادوا يخرجون.
معنى التوحيد
…
قال ابن القيم: التوحيد نوعان:
1 -
توحيد في المعرفة والإثبات: وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات بمعنى أن يعتقد المؤمن إثبات ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله وأنه تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو الخالق الرازق المهيمن المدبر العزيز العليم الحكيم المريد المتكلم إلى آخر ما يجب أن يتصف به تعالى من الصفات وما يسمى به من الأسماء.
2 -
توحيد في العبادة والقصد: وهو توحيد الإلهية والعبادة. بمعنى أن المؤمن لا يعبد إلا الله ولا يقصد إلا إياه ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالي إلا له، ولا يعادي إلا فيه، ولا يعمل إلا ابتغاء وجهه ورضاه وحبه، ولا يسأل إلا الله ولا ينذر إلا له، ولا يخضع إلا لعظمته وجلاله وأمره ونهيه.
والتوحيد بالمعنى الأول لم يكن مثار جدال ونقاش بين المسلمين والمشركين فإن المشركين كانوا يؤمنون بوجود الله تعالى، وبأنه هو الخالق الرزاق المدبر المهيمن المالك للسموات والأرض كما أخبرنا بذلك القرآن الكريم.
قال تعالى:
{ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} [الزخرف: 09].
وقال تعالى:
{ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون} [الزخرف: 87].
وقال تعالى:
أما التوحيد بالمعنى الثاني فهو الذي لقي المعارضة الشديدة من المشركين وهو الذي بسببه سمي الكفار مشركين وخلد في النار من مات منهم غير موحد توحيد الإلهية السابق. وكثير من المسلمين تورطوا في أفعال وأقوال واعتقادات تتنافى مع هذا النوع من التوحيد عن حسن قصد أو عن سوء قصد، وفي كلا الحالين لا يعذر أحد منهم بعمله المنافي لتوحيد الألوهية والعبادة والقصد بعد أن بلغته الدعوة واستبان له السبيل.
مع ملاحظة أن التوحيد بالمعنى الثاني هو الذي جاءت به الرسل، وهو الذي وقعت بسببه الحروب بين المؤمنين والمشركين، وهو الذي حاول المشركون القضاء على الدعوة إليه بكل طريقة استطاعوها متمسكين بأصنامهم.
وقال تعالى:
{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25].
وقال تعالى:
{والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون} [الزمر: 03].
وقال تعالى حكاية لقول المشركين المتعجبين من الدعوة في التوحيد:
{أجعل الآلهة إلهاً واحداً؟ إنّ هذا لشيء عجاب} [ص: 05].
وقال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله} [يونس: 18].
فإشراك غير الله مع الله تعالى في العبادة هو الكفر الذي حاربته الأديان وفضحت القائلين به، وهو الذي حاول الرسل القضاء عليه حتى يخلص التوحيد لله تعالى بلا شائبة من شرك خفي أو جلي.
قال تعالى:
{قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين.