الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام النووي وغيره: معناه أنه لا ثواب له في هذه الصلاة. وإن كانت صحيحة ومجزية بسقوط الفرض عنه، ولا بد من هذا التأويل في هذا الحديث، فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم من أتى العراف إعادة صلاة أربعين يوماً.
12 - كل قول أو فعل يتنافى مع الإيمان
قال الشوكاني: الذي يسب الله أو رسول الإسلام، أو الكتاب، أو السنة، والطاعن في الدين، كل هذه الأفعال موجبة للكفر الصريح ففاعلها مرتد، حده حد المرتد (يعني القتل) قال الشارح: أخرج أبو داوود والنسائي من حديث ابن عباس أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها، فأهدر النبي دمها. وقال: وكفر من فعل هذه الأشياء لا يحتاج إلى برهان.
ومن اعترف بالدين ظاهراً وباطناً يفسر بعض ما ثبت من الدين بالضرورة بخلاف ما فسره الصحابة والتابعون وأجمعت عليه الأمة فهو الزنديق (أي الكافر) كما إذا اعترف بأن القرآن حق، وأن ما فيه من ذكر الجنة والنار حق، ولكن المراد بالجنة الابتهاج والسرور والفرح الذي يحصل بسبب الملكات المحمودة أو الأفعال الحسنة. والمراد بالنار هي الندامة التي تحصل بسبب الملكات (الأخلاق) المذمومة، وليس في الخارج جنة ولا نار
…
إلى أن قال:
والتأويل (أي التفسير) للكتاب والسنة تأويلان:
تأويل لا يخالف قاطعاً من الكتاب والسنة واتفاق الأمة، وتأويل يصادم ما يثبت بدليل قاطع فذلك هو الزندقة. فكل من أنكر الشفاعة أو أنكر رؤية الله تعالى يوم القيامة، أو أنكر عذاب القبر وسؤال منكر ونكير، أو أنكر الصراط والحساب فهو مبتدع فاسق وحده القتل (1).
(1) نفس المصدر السابق جـ 2 ص 296.
وعن ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً} [النساء: 65].
قال: يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال:"لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً". أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً (ضيقاً) مما حكمت وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة (1).
وبذلك ندرك إدراكاً لا شك فيه أن أي مسلم يدعى إلى تحكيم كتاب الله تعالى وسنة رسوله فلا يرضى بذلك ظاهراً أو باطناً فهو كافر بإجماع المسلمين، ومثله من تدعوه إلى دين الله وكتابه وسنة نبيه وأحكام الشريعة فإذا به يمتنع ويفضل التشريعات غير الإسلامية على التشريعات الإسلامية، لأن هذا يكذب آية الله التي أخبرت أن الإسلام كمل فلا نقص فيه، وأنه نعمة تمت ودين ارتضاه الله لسعادة عباده قال تعالى:
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} [المائدة: 3].
فمن لم يرض بحكم شرعي واحد فهو كافر، ومن ادعى أن دين الله ناقص فهو كافر، ومن لم يؤمن بأن شرع الله ودينه الإسلامي نعمة تامة فقد كفر. وهذا إجماع لا ينكره إلا مكابر مصادم صراحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
(1) تفسير ابن كثير جـ 1 ص 520.
وقال ابن كثير في معنى قوله تعالى:
{أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون} [النساء: 65].
ينكر تعالى على من خرج من حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم (جنكيزخان) الذي وضع لهم الباسق: وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى: من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها مجرد نظرة وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير (1).
وبذلك ندرك خطورة ما عليه الناس اليوم فإنهم جميعاً إلا من رحمه الله تعالى، قد انصرفوا إلى الأخذ من كل منهل غير الإسلام، وارتضوا كل تشريع إلا تشريع الله ورسوله، وحكموا بغير ما أنزل الله راضين مستسلمين حانعين أذلاء متسولين. فبماذا يحكم ابن كثير عليهم وقد حكم على من هم أقل منهم انحرافاً بالكفر والقتل؟؟.
سبحانك اللهم حول أمتنا إلى ربها ودينها ورسولها لتستحق نصرك وتأييدك. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المختار رحمة لسائر المخلوقات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات.
(1) تفسير ابن كثير جـ 1 ص 520.