الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللطيفة الثالثة
الأرانب تنتف شعر بطنها، فتجعله فراشا لأولادها، وبعض الحشرات أعظم منها شفقة وأكثر رحمة، فإنها تنتف شعرها كله، ولا تكتفي بجزء منه، ومتى باضت لفت بيضها في شعرها فجعلته أثوابا تصنعها لوقايته من الحر والبرد والعوارض الجوية ثم تموت.
اللطيفة السادسة
إن يعسوب النحل التي يقال لها أم النحل إذا ماتت اخترن واحدة منهن وهيأن لها مكانا أوسع خمس مرات وأخذن يخدمنها ويطعمنها الشهد الذكي الرائحة فتكبر سريعا لحسن المواد الغذائية فتأمر وتنهى وتعمل على مقتضى القوانين، ولا يخترنها إلا إذا كانت فيها تلك الصفات التي يعرفنها بالإلهام.
اللطيفة التاسعة
إن النحل إذا دخل عليه عدو من الحشرات مزقه، فإن كان العدو صغيرا رماه، وإن كان كبيرا اجتمع عليه ولسعه بعنف حتى يموت، ولما لم يكن في قدرته إخراجه فإن الجماعة تحضر صمغا من بعض النباتات فتلفه به وتغلفه .. فبالسم تخلصت من حياته وبالصمغ تخلصت من ضرره بعد موته، لأنه محنط .. (ويلاحظ أنني أترك بعض اللطائف لعدم أهميتها في الموضوع).
اللطيفة العاشرة
1 -
إن القنفذ يصعد إلى الكرم فيرمي بالعنقود، ثم ينزل فيأكل منه ما يكفيه، وإن كان له فراخ تمرغ على الباقي فيتعلق بشوكه فيذهب به إلى أولاده.
2 -
إن من بين الغراب والذئب ألفة، فإنه إذا رآى الذئب بقر بطن شاة سقط وأكل منها والذئب لا يضره.
3 -
إن الفأرة تأتي إلى إناء الزيت فتشرب منه، فإذا نقص صارت تشرب بذنبها، فإذا لم تصل إليه ذهبت وأتت بماء في فمها وتصبه فيه حتى يعلو لها الزيت فتشربه (1).
ويقول الدكتور مصطفى محمود: (2)
من الذي علم الكتكوت أن يكسر البيضة عند أضعف أجزائها ويخرج؟
من الذي علم الطيور الهجرة عبر البحار والصحارى إلى حيث تجد الغذاء الأوفر والجو الأحسن؟ وإلى حيث تتلاقح وتتوالد؟
…
ومن الذي يسدد خطاها طوال هذه الرحلة من ألوف الأميال فلا تضل؟
من الذي علم دودة القز أن تنسلخ من ثوبها مرة بعد مرة أخرى، ثم تنزوي في ركن لتبني لنفسها شرنقة من حرير تنام فيها ليالي طويلة مثل أهل الكهف ثم تخرج منها فراشة بيضاء جميلة؟
من الذي علم أبو ذنيبة كيف يصنع لنفسه ذنبا حين تقطع له ذنبه؟ .. لا أحد، إن العلم باطن في خلاياه .. كل خلية تعرف دورها معرفة تلقائية وتؤديه.
وبالمثل ما يحدث لنا حينما نجرح فتلتئم جروحنا من تلقاء نفسها .. وحينما تجرح الأشجار فتلتئم بنسيج من الفلين يملؤها بين شفرات جروحها.
وبالمثل مايحدث لنا بدون جراح وبدون أمراض حينما يحقق لنا جسمنا درجة حرارة ثابتة في الحر وفي البرد .. ويحتفظ لنا بوزن ثابت في ظروف مختلفة من الجوع والشبع. ويحتفظ بسلامته ووحدته في مواجهة جيوش جرارة من الميكروبات تعمل ليل نهار على تفكيكه وتفتيته وهضمه وأكله.
(1) ا. هـ. باختصار من تفسير الجواهر.
(2)
كتابه "لغز الحياة" مع ملاحظة أننا ننقل عنه ما يتصل بتخصصه أو ما له صلة به، وليس معنى ذلك أننا نوافقه على شطحاته الخاصة بتفكيره في الدين أو في القرآن فيراعى ذلك.
هذا التوازن الدقيق الذي يتحقق بفاعلية مستمرة في الداخل وحركة دائبة لتصحيح كل خطأ .. هو الذي يثير التفكير
…
إلى أن قال:
والتفسير العلمي للحياة بأنها نشاط كيماوي (كما يقول الطبيعيون المنكرون للصانع) تفسير غير كاف .. لأن الجسم الميت يحتوي على نفس المواد الكيماوية التي في الجسم الحي .. والتراب يحتوي على نفس المقادير من الحديد والنحاس والكربون
…
إلى أن قال: والمشكلة تحتاج إلى تفكير أكثر (1).
ثم يقول في موضع آخر: وبيننا اليوم حشرات عجيبة تأكل أنواعا عجيبة من الأطعمة، مثل ذبابة البترول، وذبابة التحنيط التي تعيش على أملاح تحنيط الجثث، وخنفساء الدائرة الكهربائية التي تعيش على أسلاك الرصاص
…
وكل حشرة تتحرك مثل عربة مصفحة تحيط بجسمها الرقيق صفائح من مادة كالصلب اسمها"الكيتين" تقاوم فعل جميع المهلكات الكيمائية
…
وهي تسلح نفسها بحراب وخناجر وأشواك ..
وبعضها يسلح نفسه بحويصله من السم متصلة بإبرة حامية (الزبان) يطعن بها أي عدو يقترب منه فيشله ثم يلتهمه، وبعضها يتلون بلون البيئة كفرس النبي الأخضر بلون الخضرة، أو الجرادة الصفراء بلون الرمال .. وبعضها يطلق غازات كريهة ليطرد أعداءه .. وبعضها يبني لنفسه قلاعا حصينة من الطين، وبعضها يحاكي في هيئته الونانير اللاسعة بدون أن يكون لها زبان ليضحك على مطارديه .. إلى أن قال: وأعجب ما في الحشرة ما يسمى بالمعرفة الغريزية .. فحشرة أبي دقيق تختار أوراق الكرنب لتبيض عليها مع أنها لا تتغذى على الكرنب ولا تحتاج إليه، وإنما تقودها إلى ذلك معرفة غريزية باطنية .. فالبيض سوف يفقس وسوف تخرج ديدان صغيرة لا تأكل سوى الكرنب، فيجب أن تبيض حشرة أبي دقيق على ورق
(1) من ص 7 - إلى ص 11.