الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من خلص شرب من الحوض. وقيل: يشهد له ما تقدم من أن للحوض ميزابين يصبان فيه من الكوثر. ولو كان قبل الصراط لحالت النار بينه وبين وصول ماء الكوثر إليه. ولكن وصول ذلك ممكن. والله على كل شيء قدير ويمكن الجمع بأن يكون الشرب من الحوض قبل الصراط لقوم. وبعده لآخرين بسبب ما عليهم من ذنوب، فيؤخرون حتى يطهروا من الذنوب بالعذاب في النار.
هذا ولم يقم دليل صريح على شيء مما يذكر. فالواجب اعتقاده هو أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضاً تعدد أو اتحد، تقدم على الصراط أو تأخر. ولا يضرنا جهل ذلك، والله الموفق.
8 - الشفاعة:
وهي لغة الوسيلة والطلب. وعرفاً سؤال الخير للغير، وهي تكون من الأنبياء والعلماء العاملين والشهداء والصالحين.
فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء". أخرجه ابن ماجه، وهو حسن.
يشفع كل لأهل الكبائر على قدر منزلته عند الله تعالى.
والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أول من يفتح باب الشفاعة حين يشفع في فصل القضاء. وهي الشفاعة العظمى المختصة به، والتي يغبطه عليها الأولون والآخرون، وهي المقام المحمود المذكور في قوله تعالى:
{عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [الإسراء: 79].
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود في الآية فقال: "هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي". أخرجه أحمد والترمذي والبيهقي في الدلائل.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشمس تدنو
يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن. فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم فيقول: لست بصاحب ذلك ثم بموسى فيقول كذلك ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيشفع ليقضي بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة. فيومئذٍ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم". أخرجه البخاري وابن جرير.
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان وأبو داوود والترمذي وقال: حديث غريب.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع". أخرجه مسلم وأبو داوود.
والشفاعة خمسة أنواع:
1 -
الشفاعة في فصل القضاء لإراحة الخلق جميعاً مسلمهم وكافرهم من طول الموقف وأهواله. وهي مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم. وتسمى الشفاعة العظمى، وهي المقام المحمود المذكور في الآية.
2 -
الشفاعة في إدخال فريق الجنة بغير حساب. وهي مختصة به صلى الله عليه وسلم، أيضاً.
3 -
الشفاعة في زيادة الدرجات: وهذه ليست خاصة بالنبي إجماعاً.
وهذه الأنواع الثلاثة لم يخالف فيها أحد من علماء التوحيد.
4 -
الشفاعة في مرتكب الكبيرة المستحق دخول النار قبل أن يدخلها.
5 -
الشفاعة في إخراج مرتكب الكبيرة من النار.
وهذان النوعان أنكرهما المعتزلة والخوارج، وكل من قال: إن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، وأثبتها الأشاعرة والماتريدية وأهل السنة لوجود الأدلة في ذلك، وقد مر بعضها وهناك شفاعات أخرى داخلة تحت ما ذكر.