الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت، ولا خطر على بال بشر". قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} أخرجه السبعة إلا أبا داوود. وعنه قال: قلت يا رسول الله: الجنة ما بناؤها؟ قال: "لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها (1) المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من دخلها ينعم ولا يبؤس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم". (الحديث) أخرجه أحمد والدارمي والبزار وابن حبان والترمذي.
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم (2) الألوة (3)، أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء" أخرجه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه.
11 - رؤية الله تعالى:
إعلم أن أهل أجمعوا على أن رؤية الله تعالى ممكنة عقلاً واجبة نقلاً، واقعة فعلاً في الآخرة للمؤمنين دون الكافرين، بلا كيف ولا انحصار.
فيرى سبحانه وتعالى بلا حدود ولا مشابهة ولا كيفية من مقابلة أو اتصال شعاع، أو ثبوت مسافة بين الرائي وبين الله تعالى، فإن الحق أن الرؤية قوة يجعلها الله تعالى في خلقه، لا يشترط فيها الأشعة، ولا مقابلة المرئي ولا غير ذلك، فلا يلزم من رؤيته تعالى تحديد له، بل يراه
(1) ملاطها بكسر الميم: وهو الطين يصلح به الحائط.
(2)
المجامر ما يوضع فيه النار للبخور.
(3)
والألوة بفتح فضمة فواو مشددة مفتوحة. العود الذي يتبخر به - والكلام تشبيه لأن الجنة لا نار فيها.
المؤمنون رؤية تليق به كما يعلمونه كذلك، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة على ذلك. قال تعالى:{وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة} [القيامة: 22 - 23].
وقال تعالى:
{كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين: 15].
وقال جرير بن عبد الله: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال:
"إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر، لا تضامون (1) في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا". ثم قرأ:
{وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [ق: 39].
وعن صهيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى: "تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوههنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟ قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا:{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} أخرجه مسلم والأربعة إلا أبا داوود.
وأما رؤيته تعالى في الدنيا فهي ممكنة: ولذلك طلبها سيدنا موسى عليه السلام فعلق الله حصولها له على استقرار الجبل حين يتجلى الله تعالى له
(1) لا تشكون.
ولم يستقر الجبل حينئذٍ، ولم تحصل له عليه السلام مع إمكانها كما أشير إلى ذلك بقوله تعالى:
{قال رب أرني أنظر إليك، قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلّى ربه للجبل جعله دكاً وخرّ موسى صعقاً} [الأعراف: 143].
وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء يقظة بجسمه وروحه بعد السماء السابعة فالجمهور على أنها وقعت، وعلى ذلك الرأي بعض الصحابة ومنهم ابن عباس وأنس والحسن وغيرهم. وقال قوم: لم تقع له صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ومنهم بعض الصحابة والسيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، والخلاف في ذلك معروف ولكل أدلته (1) والله ولي التوفيق والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
(1)1. هـ. ملخصاً من الدين الخالص للشيخ محمود خطاب السبكي.