الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله. وقد اختلف العلماء في الفرق بين الجن والشياطين. فهناك رأي يقول: هما جنس واحد، ويطلق الشيطان على المتمرد من الجن وهو الأرجح الذي تدل الأدلة عليه كما سبق بعضها. وعلى هذا رأى جمهور العلماء. وهناك رأي يقول: إن الحقيقتين متغايرتان. فالجن أجسام هوائية لطيفة تتشكل بالأشكال المختلفة، وتظهر منها الأفعال العجيبة، ومنهم المؤمن والكافر.
أما الشياطين فهي أجسام نارية شأنها إضلال الناس وإلقاؤهم في الغواية والهلاك.
من أي شيء خلق الجن؟ وما حقيقتهم
؟
خلق الجن من النار التي لهبها خالص من الدخان وصاف منه.
قال تعالى:
{وخلق الجانّ من مارج من نار} [الرحمن: 15].
وقال تعالى:
{والجان خلقناه من قبل من نار السموم} [الحجر: 27].
وقد مر حديث عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم" أخرجه أحمد ومسلم.
وأما حقيقتهم التي خلقوا عليها فالله أعلم بها، لأنه لم يرد ما يدل عليها. ولكن العلماء استنبطوا من الأدلة الصحيحة الكثيرة التي مر بعضها وسيأتي بعضها "أن الجن أجسام نارية تتشكل بالأشكال الحسنة والأشكال القبيحة، وأنهم يعقلون، ويأكلون ويشربون، وينامون، ويتزوجون، ويتناسلون، وأن منهم الطائع، ومنهم العاصي، كما سبق، غير أن الشياطين منهم لا يراد بهم إلا العصاة المردة.
وقد سمعت الجن النبي صلى الله عليه وسلم بدون أن يراهم أول مرة وفي هذه المرة نزل قوله تعالى:
{وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن} الآيات.
وجاء داعيهم إليه بعد ذلك فذهب صلى الله عليه وسلم إليهم ووعظهم وعلمهم، لأنه مرسل إليهم كما سبق.
قال علقمة: قلت لابن مسعود: هل صحب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ قال ما صحبه منا أحد، ولكن افتقدناه ذات ليلة وهو بمكة، فقلنا اغتيل (1) أو استطير ما فعل به؟ فبتنا بشر ليلة بات بها قوم حتى إذا أصبحنا أو كان وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حراء. قال: فذكروا له الذي كانوا فيه. فقال: أتاني داعي الجن، فأتيتهم فقرأت عليهم، فانطلق فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم. فقال صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم من الجن. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح فالحديث يدل على اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ورؤيته لهم ودعوتهم إلى الله ووعظهم بالقرآن، كما يدل على أنهم يأكلون ويشربون، ويدل على ذلك أيضاً الحديث الآتي: روى مسلم وأبو داود ومالك والترمذي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها". أما تزواج الجن وتوالدهم فيدل عليهما قوله تعالى في وصف حور الجنة:
{لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} [الرحمن: 74].
(1) اغتيل: مبني للمجهول - أي قتل سراً، واستطير - بصيغة المجهول - أي طارت، الجن حسب اعتقادهم في الجاهلية.