الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" رواه أحمد والنسائي، أما حقيقتهم فالله أعلم بها، لأن القرآن والسنة لم يذكرا شيئاً عن حقيقتهم وكل ما ذكر أن لهم أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وورد أن جبريل له ستمائة جناح كما ثبت بالدليل القطعي أنهم أقوياء جداً فهم الذين حملوا قرى قوم لوط وقلبوها.
ومنهم حملة العرش وبصيحة من ملك هلك قوم صالح، وبنفخة في الصور من الملك يصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، وبنفخة أخرى يبعث الخلائق أجمعون.
وبالجملة فالملائكة عالم خلقه الله تعالى على حقيقة يعلمها الله.
وهذا العالم من الملائكة ينفذ أوامر الله تنفيذاً دقيقاً فهو أشبه بالإدارة الربانية التي تتلقى الأوامر من الله لتنفيذها، وهذه الإدارة مكانها السماء، فهي مسكن الملائكة.
وليس الله تعالى في حاجة إليهم ولا إلى غيرهم، لأنه تعالى غني عن كل ما سواه، لكنه تعالى كما قال:
{وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} [القصص: 68].
وكما قال تعالى:
{فعالٌ لما يريد} [البروج: 16].
فالعالم كله عالمه وهو تعالى مدبر أمره، والأعلم بشأنه. ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ولا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء.
عصمة الملائكة
…
قول جمهور العلماء - وهو الحق الذي تدل عليه الآيات السابقة - أن الملائكة معصومون من الذنوب ومخالفة الله تعالى في أي أمر، وما ورد في القرآن مما يوهم غير لك يجب حمله على الوجه المناسب لعصمتهم.
فمن اعترض بأن إبليس كان من الملائكة فعصى، أجيب بأن الله توصف الملائكة بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، وقد ذكر القرآن أن إبليس كان من الجن كما استثنى من الملائكة وذلك يدل على أنه منهم.
والتوفيق السليم أن يقال: إن إبليس كان من الجن حقيقة، وكان من الملائكة حكماً، أي إنه لشدة عبادته وبعده عن المخالفة أول الأمر كان شبيهاً بالملائكة فأخذ حكمهم.
ومن اعترض بقول الملائكة لله في آدم قبل خلقه:
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} [البقرة: 20].
أجيب بأن الملائكة لم ترد بهذا القول غيبة آدم ولا تزكية أنفسهم ولا الظن السيء كما قد يتوهم، إنما أرادوا السؤال عن الحكمة في خلق آدم في الأرض، وكانوا قد علموا عن الله تعالى ما يحصل من ذريته من الإفساد، أو كان قولهم سببه أن الأرض كانت مسكونة قبل آدم بمخلوقات أفسدت وسفكت الدماء.
ومن اعترض بأن هاروت وماروت كانا ملكين فعلما الناس السحر، وتعلم السحر للسحر معصية، أجيب بأن هاروت وماروت قيل إنهما كانا ملكين بكسر اللام، وقرئ بذلك، وحينئذ فلا إشكال لأنهما آدميان، والقول الثاني أنهما نزلا بأمر الله في زمن كثر فيه السحر والسحرة ودعوى السحرة أنهم أنبياء، لأنهم يأتون بأمور خارقة للعادة فنزل الملكان في صورة بشر وعلما الناس علم السحر حتى يكذبوا السحرة في ادعائهم النبوة، وتعلم السحر للتوقي من ضرره غير محظور وغير ممنوع. بل قد يكون مطلوباً وبهذا تثبت عصمة الملائكة، وتسقط الاعتراضات الموجهة إليهم.