المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مكانة العبادة وصلتها بالعقيدة - تبسيط العقائد الإسلامية

[حسن أيوب]

فهرس الكتاب

- ‌الشيخ حسن أيوب ووراثة النبوة

- ‌المولد والنشأة

- ‌رحلة الشيخ العملية

- ‌الشيخ والحركة الإسلامية

- ‌عودته إلى مصر

- ‌مكانته عند الناس

- ‌تراث الشيخ العلمي والدعوي

- ‌الشيخ حسن أيوب في ذمة الله

- ‌داعية شعبي

- ‌التجربة الكويتية

- ‌تقديم

- ‌من أجل ثقافة إسلامية

- ‌مفهوم الثقافة:

- ‌الثقافة الإسلامية:

- ‌مصادر الثقافة الإسلامية:

- ‌أهمية الثقافة الإسلامية:

- ‌عناصر الثقافة الإسلامية:

- ‌أهمية علم العقائد

- ‌موضوعات هذا العلم

- ‌الواجب والمستحيل والجائز

- ‌حدود المعرفة السليمة

- ‌مفهوم الإيمان والإسلام شرعاً

- ‌حكم النظق بالشهادتين

- ‌بعض ما اعتبره الشرع منافيا للإيمان ومبطلا له

- ‌ما يجب في حق الله تعالى وما يستحيل وما يجوز

- ‌الصفة الأولى وجود الله - تعالى الأدلة على وجود الله تعالى

- ‌الطائفة الأولى من الأدلة (من أقوال العلماء)

- ‌الطائفة الثانية من الأدلة (من كتاب الله تعالى)

- ‌القرآن الكريم

- ‌القرآن والإنسان

- ‌القرآن وعبر الدواب

- ‌اللطيفة الأولى

- ‌اللطيفة الثانية

- ‌اللطيفة الثالثة

- ‌اللطيفة السادسة

- ‌اللطيفة التاسعة

- ‌اللطيفة العاشرة

- ‌أمام بيت النمل

- ‌اللغة التي يتكلم بها النحل

- ‌القرآن والعرض الشمولي للكون

- ‌الطائفة الثالثة من الأدلة - (من أقوال الفلاسفة والعلماء)

- ‌الطائفة الرابعة من الأدلة - (من تجاربنا)

- ‌الخلاصة

- ‌الصفة الثانية (هو الأول)

- ‌الصفة الثالثة (والآخر)

- ‌الصفة الرابعة (ليس كمثله شيء)

- ‌الصفة الخامسة (هو الغني الحميد)

- ‌الصفة السادسة (هو الله أحد)

- ‌الدليل على وحدانية الذات

- ‌الدليل على وحدانية الصفات

- ‌الدليل على وحدانية الفعل

- ‌الصفة السابعة (بكل شيء عليم)

- ‌الصفة الثامنة والتاسعة (كل شيء بإرادته وقدرته)

- ‌الصفة العاشرة (هو الحي القيوم)

- ‌الصفتان 11، 12 - (هو السميع البصير)

- ‌الصفة الثالثة عشرة (الكلام)

- ‌أسماء الله الحسنى

- ‌إشراقة الصفات

- ‌الجائز في حق الله تعالى

- ‌القضاء والقدر

- ‌منطقة الجبر

- ‌هنا لنا إرادة

- ‌الخلاصة

- ‌النبوات وإرسال الرسل

- ‌الفرق بين النبي والرسول

- ‌الإيمان بالرسل والأنبياء جملة وتفصيلا

- ‌هل يمكن اكتساب النبوة والرسالة

- ‌الفرق بين الرسل والفلاسفة وأشباههم

- ‌وظائف الرسل

- ‌ما يجب قي حق الرسل من الصفات وما يستحيل

- ‌1 - الأمانة أو العصمة

- ‌2 - الصدق:

- ‌3 - الفطانة

- ‌4 - التبليغ

- ‌الجائز في حق الرسل

- ‌المعجزة

- ‌تعريف المعجزة

- ‌إمكان المعجزة

- ‌دلالة المعجزة

- ‌ذكر بعض معجزات الرسل

- ‌معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌معجزة القرآن

- ‌بم كان إعجاز القرآن

- ‌أوجه الإعجاز في القرآن

- ‌ما اختص الله به محمداً صلى الله عليه وسلم دون المرسلين

- ‌أولاً - عموم رسالته:

- ‌ثانياً - خاتم النبيين والمرسلين:

- ‌ثالثاً - نصره الله بالرعب وبينه وبين عدوه مسيرة شهر:

- ‌رابعاً - جعل الله له ولأمته الأرض مسجداً وطهوراً:

- ‌خامساً - أحل الله الغنائم له ولأمته صلى الله عليه وسلم:

- ‌سادساً - أعطاه الله الشفاعة العظمى يوم القيامة:

- ‌سابعاً - جعله الله تعالى أفضل المرسلين:

- ‌الإيمان بكتب الله تعالى

- ‌الوحي

- ‌أصل معنى الوحي

- ‌أنواع وحي الله تعالى إلى أنبيائه

- ‌الأولياء

- ‌تعريف الولي

- ‌تعريف الكرامة

- ‌تحذير

- ‌السمعيات: معناها - مصدرها

- ‌مقدمة

- ‌الملائكة

- ‌الدليل على وجود الملائكة، ووجوب الإيمان بهم:

- ‌حكم إنكار الملائكة

- ‌عصمة الملائكة

- ‌الجن والشياطين

- ‌لطيفة:

- ‌من أي شيء خلق الجن؟ وما حقيقتهم

- ‌هل كان في الجن نبي منهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌صلة الجن بالإنسان

- ‌الجن تسخر لسليمان عليه السلام

- ‌ظهور الجن والشياطين في صور شتى

- ‌صرع الجن الإنس

- ‌تحضير الأرواح

- ‌الأجل

- ‌سؤال القبر، ونعيمه وعذابه

- ‌اليوم الآخر

- ‌1 - علامات الساعة الصغرى:

- ‌2 - العلامات الكبرى

- ‌1 - طلوع الشمس من المغرب: وهي أول الآيات الكبرى المؤذنة بتغيير أحوال العالم العلوي حتى ينتهي بقيام الساعة.روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى. وأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريباً" أخرجه أحمد وابن ماجه وأبو داود ومسلم واللفظ له.وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً". أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجه.والمعنى أنه إذا طلعت الشمس من المغرب فإن الإيمان حينئذٍ لا ينفع نفساً لم تكن مؤمنة قبل ذلك. كما لا تنفع التوبة نفساً كانت عاصية قبلها. وهذا بالنسبة لمن طلعت عليه الشمس وهو بالغ مكلف والله أعلم.وطلوع الشمس من المغرب يكون في يوم ثم تطلع من الشرق كعادتها وإذا طلعت من المغرب غربت في المشرق. وحينئذ يغلق باب التوبة إلى يوم القيامة على القول الراجح بالنسبة لمن طلعت عليهم وهم بالغون لقوله تعالى:{يوم يأتي بعض آيات ربك لا يفنع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً} [الأنعام: 158].والمراد ببعض آيات الرب طلوع الشمس من المغرب كما في الحديث السابق

- ‌2 - خروج الدابة:

- ‌3 - خروج المسيح:

- ‌4 - نزول المسيح عيسى عليه السلام وقتله الدجال:

- ‌5 - يأجوج ومأجوج:

- ‌6 - الريح التي تقبض أرواح المؤمنين:

- ‌مشتملات اليوم الآخر

- ‌1 - البعث:

- ‌2 - الحشر:

- ‌3 - الحساب:

- ‌4 - صحائف الأعمال:

- ‌5 - الميزان:

- ‌6 - الصراط:

- ‌7 - الحوض:

- ‌8 - الشفاعة:

- ‌9 - النار:

- ‌10 - الجنة:

- ‌11 - رؤية الله تعالى:

- ‌ما ليس من التوحيد

- ‌1 - إطاعة من حرم ما أحل الله وأحل ما حرم الله مع العلم بذلك

- ‌2 - الذبح لغير الله تعالى

- ‌4 - الذبح بمكان يذبح فيه لغير الله أو فيه معبود غير الله

- ‌5 - النذر لغير الله تعالى

- ‌6 - الاستعاذة بغير الله تعالى من الجن والشياطين وغيرها

- ‌7 - دعاء غير الله والاستغاثة به

- ‌8 - الغلو في الأنبياء والصالحين

- ‌9 - الرياء

- ‌10 - السحر

- ‌11 - إتيان الكهان والعرافين بجميع أنواعهم

- ‌12 - كل قول أو فعل يتنافى مع الإيمان

- ‌العبادات وصلتها بالعقيدة

- ‌معناها

- ‌العبادة حسب المفهوم الخاص

- ‌مكانة العبادة وصلتها بالعقيدة

- ‌آثار العبادة النفسية والاجتماعية

- ‌بين العقيدة والأخلاق

- ‌تقديم

- ‌معنى الخلق

- ‌الأخلاق طبيعية أم كسبية

- ‌خطر يجب تداركه

- ‌الإسلام ومكارم الأخلاق

- ‌الضمير والأخلاق

- ‌تكملة ذات أهمية - أهم الفرق الإسلامية

- ‌نشأة علم الكلام أو علم التوحيد

- ‌نشأة الفرق الإسلامية

- ‌الخوارج

- ‌المرجئة

- ‌الجبرية

- ‌القدرية الأولى

- ‌ المعتزلة

- ‌أهل السنة

- ‌الشيعة

- ‌الزيدية

- ‌الإمامية - الإثنا عشرية - الإسماعيلية

- ‌النصيرية

- ‌البابية - البهائية - القاديانية (الأحمدية)

- ‌خاتمة

- ‌المراجع

الفصل: ‌مكانة العبادة وصلتها بالعقيدة

وكذلك لو أحس إنسان أن كل آثار الصيام هو متصف بها فلا حاجة إلى صيامه رمضان، فإنه لا يجوز له أن يفطر ولو فعل لوجب تعزيره واعتبر فاسقاً ومجرماً، وهكذا قل في الصلاة والحج والذكر والدعاء والجهاد وغيرها.

وهذا بخلاف المعاملات الاجتماعية والمالية والاقتصادية وغيرها فإنها موقوفة على الحاجة إليها فإن وجدت الحاجة كانت وإلا فلا. وهذا غير رقم (2) فإن هذا جانب آخر مختلف عنه في النظر.

والخلاصة أن العبادات سميت بهذا الاسم وخصصت به عرفاً لأنها لم تصلح أن تؤدى إلا على وجه التعبد لله تعالى، ولذلك يوصف الملتزم بها، والمغرق فيها بأنه عابد وبأنه تقي وولي وصالح

الخ. بشرط الالتزام بالكتاب والسنة في جميع تصرفاته وأن يكون ذلك كله مبنياً على عقيدة سليمة.

العبادات وصلتها بالعقيدة

‌مكانة العبادة وصلتها بالعقيدة

1 -

حين تذكر العقيدة في الكتاب والسنة فإنما يراد بها العقيدة الحية المؤثرة التي تحدث تغييراً شاملاً في النفس، وفي الفكر، وفي الثقافة، وفي المبادئ والقيم، وفي السلوك والعمل، وفي تحديد الأهداف والغايات. ولن تكون العقيدة كذلك إلا إذا نشأت عن إعمال الفكر، واقتناع العقل، واطمئنان النفس إلى جميع قضاياها.

أماعقيدة التقليد والوراثة، والمناخ والبيئة، والتبعية وضياع الشخصية، عقيدة المحاكاة للآخرين في غباء، وترديد ما يقوله الكبار في بلاهة وبلادة وصغار، فإنها لا تصلح أن تسمى عقيدة ولا أن يكون لها اعتبار في نظر الإسلام.

وهي لذلك لا تكوِّن، شخصية، ولا تقوم معوجاً، ولا تنير لصاحبها طريقاً، ولا تعطيه عطاء جديداً يحدد له الهدف والغاية، ويرسم له السبيل والوسيلة.

إن العقيدة الحية أصحابها أحياء، في مشاعرهم ووجدانهم، في صدقهم مع الله وثباتهم، في حبهم لله وخوفهم منه، في ذكرهم لله واندفاعهم في

ص: 271

طاعته، في خشيتهم لله ونفورهم من معصيته، فهم لهم شخصية تميزهم عن جميع البشر، ولذلك كانوا غرباء.

إن الذين يدعون الإسلام والإيمان كثيرون، ولكن دعواهم يفضح كذبها سلوكهم المشين، وأخلاقهم السيئة، وانحرافهم عن الصراط المستقيم. وانخراطهم في سلك الغواية والضلالة والسقوط بدون خجل أو حياء.

إن أمتنا الإسلامية اليوم تعيش في تناقض كبير بين الكلمة التي تقولها، وبين الأعمال التي تميزها عن غيرها

فهي تنطق بكلمة الإسلام، وتردد شعائر الإيمان، وتكثر من قراءة القرآن .. بينما أعمالها تقليد لأعدائها، وحياتها في أكثريتها تعتبر ترديداً لحياة من غضب الله عليهم ولعنهم في جميع كتبه، وشعورها بشخصيتها شعور ناقص يزري بكرامتها ويحط من قدرها

ومكانتها الرائدة قد اهتزت كثيراً حتى في نفوس أبنائها

كل ذلك بسبب ضعف العقيدة، أو موتها. ولا أمل في إصلاح إلا على أساس إحيائها وتقويتها.

إن الذي يقول: "لا إله إلا الله والله أكبر" بعمق فكر، وصدق صلة، ولذة معرفة بالله، يشعر بزلزلة كيانه، وانفعال وجدانه وأركانه، وامتلاء قلبه بنور الله، وامتزاج روحه بفيض رحمة الله، وعزة انتمائه إلى حزب الله، ويجد أبواب السماء مفتّحة له، وملائكة الرحمة محيطة به وحملة العرش يستغفرون الله له ويطلبون له ولذريته وأزواجه وآبائه الرحمة والجنة، لذلك يندفع في حب يطلب رضاء الله بطاعته، ويسهر الليل عابداً، أو يقضي النهار صائماً، ويحمل سيفه مجاهداً ويضحي بنفسه وماله في سبيل ربه، لا يبالي بمشقة أو تعب، ولا يشكون من بلاء أو نصب، له في كل خير قدم ثابتة، وفي كل عبادة وفضيلة منزلة سامية.

لو منعته الصلاة لبكى وقال: "كيف تحرمني الركوع والسجود لعظمة الله؟ ".

ص: 272

ولو منعته الصيام أو الذكر لقال: "وكيف أحيا مؤمناً وأنا مقطوع الصلة بالله؟ ".

ولو دفعته إلى منكر لقال لك: "قتلي أهون من إقدامي على معصية الله".

وهكذا لا تجد مؤمناً صادقاً إلا وهو عابد صالح، ولا تجد عابداً صالحاً إلا وهو مؤمن صادق.

فالعقيدة الحية هي: اندفاع في العبادة الحقة، والعبادة الحقة ناشئة عن عقيدة حية.

العقيدة شجرة، والعبادة ثمرتها والعقيدة أصل والعبادة فروعه:

{ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء. تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون} [إبراهيم: 24 - 25].

فمن لا عبادة له فلا عقيدة له، ولذا جاء في حديث صحيح:

"من ترك الصلاة فقد كفر".

وأنت حين تقرأ القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف لا تجد العمل التعبدي إلا جُزءاً من العقيدة، وفرعاً قائماً على أصولها، وذلك في مثل قوله تعالى:

{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم

ص: 273

يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجاتٌ عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} [الأنفال: 02 - 04].

وقوله تعالى:

{إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون} [الحجرات: 15].

وجاء في حديث رواه البخاري وغيره:

"الإيمان بضعٌ وستون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق".

وجاء في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس:

"آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا الخمس من المغنم".

وانظر قوة الربط بين الإيمان بالله وتحكيم آياته وسنة رسوله في حياة المؤمنين وما يعرض لهم من قضايا في قوله تعالى:

ص: 274

{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} [النساء: 65].

وليس أصرح في نفي الإيمان عمن ادعاه وهو لم يعمل بمقتضاه من قوله تعالى:

{ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين} [النور: 47].

"ولهذا ذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهوية وسائر أهل الحديث وأهل المدينة وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين إلى أن اسم الإيمان يراد منه تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، بمعنى أن من آمن بقلبه ونطق بالشهادتين ولكنه لم يعمل بمقتضى الإيمان فإنه يسمى كافراً، بمعنى أنه كافر بنعمة الله تعالى، ولم يقم بواجب شكره، وليس المراد أنه كافر كفر التخليد في النار، فإن أحداً من المذكورين لم يقل بذلك". أ. هـ. ملخصاً من شرح الطحاوية ص 236.

وبناء على ما تقدم ندرك أن فيض العقيدة الصادقة الحية، ونور الإيمان الغامر المؤثر والشعور بالقرب من الله ومراقبته في كل لحظة وخطوة، كل ذلك يجعل العبادة أمراً مطلوباً للنفس، وضرورياً لها بحيث لو لم يفرضه الشرع لطالبت النفس بالإذن به لأن فيه متعتها وسعادتها وقوام حياتها، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يقول كما جاء في البخاري وغيره:

"وجعلت قرة عيني في الصلاة" رواه البخاري وغيره.

ص: 275

2 -

كل صاحب عقيدة يضبط سلوكه وجميع أقواله وأفعاله على مبادئ عقيدته، ويستمد قوة ارتفاعه أو هبوطه من الأصول التي اعتنقها وآمن بها. تجد ذلك واضحاً في حياة وتصرفات وسلوك الشيوعي والوجودي والانحلالي، كما تجده في سلوك الشيعي والسني والدرزي والقادياني والبهائي، كما تجده في سلوك اليهودي والنصراني والبوذي وغيرهم.

فما لم يظهر على المسلم أثر عقيدته فمعنى ذلك أنه إنسان غير عقائدي، وبالتالي فهو لا شخصية له

وأهم شيء يظهر ملامح عقيدته عباداته الممثلة في أركان الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر ودعاء وقراءة قرآن، وحب الله وخوف منه وتوكل عليه

الخ.

3 -

للعبادات في الإسلام وظائف تقوم بها، وآثار تتفرع عنها وتترتب عليها، ولا يحيط علماً بهذه الوظائف والآثار أحد غير الله تعالى، ونحن يظهر لنا منها قدر ما تطيق عقولنا، فمن أقام هذه العبادات فقد أقام كل ما تفرع منها، ومن أضاعها فقد أضاع كل آثارها .. فكيف يسمى نفسه بعد ذلك مسلماً أو مؤمناً على وجه الحقيقة من أضاع أهم ما في هذا الدين وحطم أعظم أركانه التي ما خلق إلا لأجلها؟ قال تعالى:

{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].

فالصلاة صلة مستمرة بين العبد وربه، تظهر فيها عبوديته لخالقه، وخضوعه لجلال الله وجماله وكماله

فمن قطع هذه الصلة فقد قطع عن نفسه موارد الرحمة، وحرم مناجاة ربه، وعاش مبتوراً ضائعاً تلعب به الشياطين كيف تشاء.

والصيام فترة تربية وتهذيب للنفس ومراجعة بين العبد وخالقه، تكشف للإنسان جوانب ضعفه، وتنمي فيه أسباب قوته، وتأخذه مما ألف واعتاد وهوى إلى ما يحب الله ورسوله، وفيه تربيته ونجاته وشفافية روحه.

ص: 276