الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواجب والمستحيل والجائز
فيما سبق ذكرنا كلمات- الواجب-المستحيل-الجائز-وقد أردنا بها الواجب العقلي، والمستحيل العقلي، والجائز العقلي. وإليك تحديد معانيها ليتضح لك طريق البحث وإثبات قضايا هذا العلم. فالواجب العقلي: هوالأمر الثابت الذي لا يتصور العقل انتفاؤه. وهوقسمان:
1 -
ضروري بدهي يدركه كل إنسان بغير نظر، مثل صغر الولد في السن عن أبيه، وكون الواحد أقل من الإثنين والإثنين أقل من الثلاثة، وهكذا في العدد.
2 -
نظري، يعني يصل الإنسان إليه بعد النظر والتفكير، مثل إثبات قدم الإله، وبقائه، ووحدانيته وجميع صفاته الكمالية.
والمستحيل العقلي: هوالأمر الذي لا يتصور العقل وجوده، وهوقسمان كالواجب: 1 - ضروري بدهي، وهوما يدركه العقل بدون نظر وبحث مثل كون الأب أصغر من ابنه، وكون الواحد أكثر عددا من الاثنين.
2 -
نظري، وهوما يصل العقل إليه بعد نظر واستدلال، مثل: استحالة أن يكون الله متعددا، وأن يكون مخلوقا، وأن يموت .. الخ والجائز ويسمى الممكن: هوفي نظر العقل ما يقبل الثبوت والانتفاء، والوجود والعدم لذاته، وذلك مثل حياة الإنسان وموته، وصحته ومرضه، وغناه وفقره
…
الخ.
ويلاحظ أننا نسبنا الوجوب والإستحالة والجواز إلى العقل. فالعقل الإنساني إذا هوالذي يبحث، وهوالذي يحكم، وعلى أساس حكمة تبنى
النتائج. فلا مجال هنا في إثبات العقيدة للتقليد، ولا للوراثة، ولا للعادات، ولا للأهواء والشهوات. إنما المجال مجال العقل السليم الحر غير المغلول وغير المكبوت. وسوف نجد في كسيرتنا مع هذا العلم أننا نستل بآيات من كتاب الله تعالى، فلا يقال ولا يحق لأحد أن يقول: كيف تستدلون بكتاب الله تعالى على قضايا قررتم أن العقل هوالحكم فيها؟
لأننا نقول: إننا نستدل بكتاب الله تعالى فيما يعرضه علينا من آيات تحرك عقولنا تفتح لها مجالات البحث والمناقشة والمحاورة، ثم نترك الحكم على النتائج لعقولنا. فكتاب الله لنا هوالنور الذي يشع فندرك به السبيل ونعرف جوانب الطريق ومعالمه، وهوالهدى للضالين، والفيصل في قضايا العالمين. وما تخبط المتخبطون في أمور الدين إلا بسبب اعتمادهم عاى العقل وحده وبعدهم عن كتاب الله وهدى رسوله صلى الله عليه وسلم تقليدا للفلاسفة وأشياعهم من متكلمة المسلمين.
ويكفيك دليلا على أن كتاب الله يسلك هذا السبيل بالنسبة للنائين عنه قول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} (1)
وقوله تعالى:
{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22)} (2)
من الذي يجب عليه معرفة الله ومعرفة شرعه ومعرفة العقيدة السليمة؟ تجب هذه المعرفة على كل مكلف:
والمكلف هوالبالغ العاقل، سلين الحواس، الذي بلغته الدعوة. فالمعرفة: لا تجب على الصبي، ولكن تجب على وليهتعليمه العقيدة ومبادئ
(1) الكهف: 29
(2)
الغاشية: 21 - 22.
الدين، حسب قوة فهمه، لينشأ مسلما واعيا سليم العقيدة، ولتحفظه العقيدة من الزيغ إذا بلغ. ولا تجب المعرفة على مجنون، ولا على فاقد السمع والبصر معا: لأنه لا طريق لمعرفته، فإن وجدت طريقة للمعرفة وجبت عليه، كما لا تجب المعرفة على من مات قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .. يعني مات في فترة ليس فيها رسول مبعوث أويوجد رسول ولكنه مرسل إلى قوم آخرين، فالمرسل أليهم هم المكلفون المسؤلون، إذا بلغتهم دعوة رسولهم ومن لم تبلغهم دعوته فهم غير مسؤلين عنها. والدليل على ذلك قوله تعالى:
(1) الإسراء: 15