الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجائز في حق الرسل
وأما الجائز في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام فهو كل الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم ومكانتهم. فالرسل من البشر يجوز عليهم كل ما يجوز على البشر من الأمور الغريزية والعاطفية في حدود مكانة رسالتهم وما يتفق مع منزلتهم كرسل من الله إلى عباده.
فيجوز عليهم الأكل والشرب والاتصال الجنسي كما يجوز أن يرضوا ويفرحوا ويغضبوا ويستحيوا ويخافوا- كما يجوز أن يمرضوا بالأمراض التي لا تعجزهم عن أداء رسالتهم، ولا تنفر الناس منهم (وما قيل عن أيوب عليه السلام من أنه مرض مرضا نفر الناس منه يعتبر كذبا وافتراء عليه) وهكذا يجوز في حقهم جميع أعراض البشرية في حدود ما ذكر.
والدليل على ذلك مشاهدة تلك الأعراض بهم، كما أن هذه الأعراض لا تخل بمنصب الرسالة، قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (1).
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَاّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ} (2).
فالرسل رجال من البشر فيهم جميع خواص البشرية ولا يمتازون عنهم بشيء سوى أنهم رسل اختارهم الله لوحيه وهداية من شاء من خلقه، ففيهم جميع الأعراض التي تصيب البشر ولا تخل بالرسالة.
(1) فصلت: 6.
(2)
الأنبياء: 7.
أما الأعراض التي تخل بمنصب الرسالة مثل الإغماء الطويل والجذام، والبرص والجنون والعمى والأمراض المنفرة كلها ممتنعة عليهم.
وأما السهو والنسيان فلا يجوزان عليهما إلا فيما يتصل بأمر التشريع فقط كسهو الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة لتعليم الأمة. وأمل النسيان من جانب الشيطان فمستحيل عليهم إذ ليس للشيطان عليهم سبيل. وما كان قول يوشع {وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} (1) إلا تواضعا وتأدبا مع الله.
(1) الكهف: 63.