الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين العقيدة والأخلاق
تقديم
حين تكون العقيدة حية في أنفس المؤمنين، فإنها تضيء جوانب النفس، وتكتسح جميع الظلمات، وتشرق بسببها شمس الحقيقة في القلوب، وينتفض الكيان الإنساني بها انتقاضة الحق فيرمي بالباطل بعيداً بعيداً حتى كأنه لم يوجد.
وهذه العقيدة كما عرفنا فيها جلال الربانية، وكمال الألوهية، وروح الكلمات القرآنية، ونور الإرشادات المحمدية، فلا مثيل لها على الإطلاق يمكن أن يملأ الوعاء الإنساني بالسعادة، ويحول الفكر الإنساني إلى التشبع بفيوضات الرحمة والعزة والقوة والاطمئنان والركون الكامل والخضوع الذليل السعيد لله الذي يقول للشيء كن فيكون.
فإذا أضيف إليها الأعمال التعبدية السابقة فإن هذه العقيدة تظل حية مؤثرة، وتزداد في النفس فاعليتها، وتدوم أنوار إشراقها، وتطهر القلوب بما يعلق بها من ران وصدأ من آن لآخر بسبب غلطة، أو ذنب يرتكبه الإنسان ساعة حمق وجهالة
…
وكل ابن آدم خطاء
…
كما جاء في الحديث الصحيح.
وبالعقيدة التي يرتكز عليها الفكر والتكوين العقلي الإسلامي، والتغيير إلى الخط الإلهي، وبالعبادة التي تنمي العقيدة، وتحافظ على إشراقها وحيويتها وفاعليتها يظهر الجانب الخلقي الجميل في الإنسان المؤمن أوضح ما يكون، وأحسن ما يكون. فالأخلاق الإسلامية وليدة العقيدة الإسلامية النقية المشرقة المؤثرة كما أنها أثر من آثار العبادة الحقة، والعبودية الصادقة لله وحده، ولا نقول:
إن هذا الأثر لازم للعقيدة والعبادة، ولكن نقول: إن شبيه باللازم في تأكد وقوعه، ما لم توجد موانع، ولذلك يربط القرآن والسنة كثيراً بين الإيمان والعبادة، وبين الأخلاق الإسلامية، فيقول تعالى في الصلاة:
{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر} [العنكبوت: 45].
ومعنى ذلك أن الصلاة الحقة تطهر الإنسان من الأخلاق الذميمة، وتنمي فيه الأخلاق الحسنة، وذكر الله أكبر تأثيراً وتطهيراً، وسيتضح أمر الأخلاق ومعناها فيما يأتي.
وقال تعالى في الزكاة:
{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103].
فالزكاة مطهرة من الذنوب ومزكية لفاعلها بمعنى أنها تنمي في نفسه جوانب الجمال والكمال بعد أن طهرته من العيوب والذنوب والنقائص، والآيات في ذلك كثيرة بالنسبة للعبادة.
وفي العقيدة يقول تعالى:
{إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات: 10].
ويقول تعالى:
{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [التوبة: 71].
{يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط (العدل) شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [النساء: 135].