الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تعالى:
وقال تعالى:
{ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنّا لهم حافظين} [الأنبياء: 82].
ظهور الجن والشياطين في صور شتى
…
قال تعالى:
ذكر ابن إسحق وغيره في سبب نزول هذه الآية أن المشركين جاءوا إلى غزوة بدر ومعهم إبليس في صورة سراقة بن مالك الكناني - وكان سراقة من أشراف بني كنانة. وكانت قريش تخشى كنانة على نفسها
فقال لهم إبليس أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه. فلما نزلت الملائكة ورآها إبليس نكص على عقبيه وهرب، فقال له الحارث بن هشام - وتشبث به - إلى أين يا سراقة؟ أين تفر؟ فلكمه إبليس لكمة طرحه على قفاه ثم قال: إني أرى ما لا ترون الخ ....
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فذعته (1)، ولقد هممت أن أوثقه (2) إلى سارية (3) المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان {هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي} فرده الله خاسئاً.
وقد روى النسائي على شرط البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وجدت برد لسانه على يدي ولولا دعوة سليمان لأصبح موثقاً حتى يراه الناس.
وعن أبي أيوب أنه كان في سهوة (4) له، وكانت الغول (5) تجيء فتأخذ فشكاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"فإذا رأيتها فقل باسم الله أجيبي رسول الله".
قال فجاءت فقال لها فأخذها فقالت إني لا أعود، فأرسلها، فجاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، ما فعل أسيرك؟ قال أخذتها فقالت إني لا أعود فأرسلتها، فقال: إنها عائدة فأخذتها مرتين أو ثلاثاً كل ذلك تقول لا أعود وأجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: "ما فعل أسيرك؟ " فأقول أخذتها فتقول: لا أعود فيقول: "إنها عائدة" فأخذتها فقالت أرسلني وأعلمك شيئاً تقوله فلا يقربك شيء، "آية الكرسي". فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:"صدقت وهي كذوب".
(1) ردعته.
(2)
أربطه.
(3)
عمود.
(4)
مكان بالمنزل.
(5)
الجن حين تظهر ليلاً تسميها العرب غولاً.
رواه أحمد والترمذي وروى البخاري مثل هذا الحديث عن أبي هريرة وروى الحافظ أبو يعلى مثله عن أبي بن كعب - راجع ابن كثير عند تفسير آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم
…
}.
وروى أبو نعيم عن الأحنف بن قيس قال: قال علي بن أبي طالب: "والله لقد قاتل عمار بن ياسر الجن والإنس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلنا: هذا الإنس قد قاتل. فكيف الجن؟ فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فقال لعمار: "انطلق فاستق لنا من الماء. فانطلق فعرض له الشيطان في صورة عبد أسود فحال بينه وبين الماء. فأخذه فصرعه عمار. فقال له: دعني وأخلي بينك وبين الماء. ففعل ثم أبى. فأخذه عمار الثانية فصرعه. فقال: دعني وأخلي بينك وبين الماء. فتركه. فأبى فصرعه. فقال له: مثل ذلك. فتركه فوفى له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قد حال بين عمار وبين الماء في صورة عبد أسود. وإن الله أظفر عماراً به. قال علي. فلقينا عماراً. فقلت: ظفرت يداك يا أبا اليقظان. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كذا وكذا. قال: أما والله لو شعرت أنه الشيطان لقتله. ولقد هممت أن أعض بأنفه لولا نتن ريحه".
حضور الشياطين كل شيء للإنسان إذا لم يذكر اسم الله تعالى.
روى مسلم والترمذي من حديث جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضر عند طعامه".
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله. اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً".
وروى مسلم من حديث سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها تركز رايته".
وروى مسلم وأبو داود عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل الرجل منزله فذكر اسم الله عند دخوله وعند طعامه. قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا ذكر اسم الله عند دخوله ولم يذكره عند طعامه يقول: أدركتم العشاء ولا مبيت لكم. وإذا لم يذكر اسم الله عند دخوله قال: أدركتم المبيت والعشاء".
وروى مسلم وأبو داود عن حذيفة قال: كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي طعاماً) لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده. وإنا حضرنا مرة معه طعاماً فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي فكأنما يدفع فذهب ليضع يده فأخذ يده. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها. فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يديهما". وروى مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن. قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم فليس يأمرني إلا بخير". وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جنح (1) الليل وأمسيتم فكفوا صبيانكم. فإن الشيطان ينتشر حينئذ. فإذا ذهبت ساعة من الليل فخلوهم (2)، وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله تعالى. وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئاً (3). وأطفئوا مصابيحكم".
(1) جنح الليل: أي أول الليل.
(2)
أي اتركوهم ليخرجوا.
(3)
أي غطوا آنيتكم فإن لم تجدو غطاء فضعوا عليها شيئاً ولو عوداً مع ذكر اسم الله.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: كان فتى منا حديث عهد بعرس فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله. فاستأذنه يوماً. فقال له: خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة. فأهوى اليها بالرمح لكي يطعنها لما أصابته غيرة. فقالت له: اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منصوبة على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به. ثم خرج فركزه (1) في الدار فاضطربت عليه فما ندري أيهما كان أسرع موتاً. الحية أم الفتى".
يؤخذ من هذا الحديث ومما سبق أن الجن يظهرون في أشكال كثيرة. وخصوصاً أول الليل وآخره وفي الخربات والأماكن المظلمة والصحارى. والأماكن النجسة. فعلى الإنسان أن يأخذ دائماً حذره وألا يؤذي شيئاً مما يظن أنه قد يكون منهم إلا بعد أن يظهر أذاه ثم ينذره ثم يذكر اسم الله ويرد اعتداءه ولو بقتله.
فقد روى الترمذي والنسائي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بالمدينة نفراً من الجن قد أسلموا. فإذا رأيتم من هذه الهوام شيئاً فآذنوه (2) ثلاثاً فإن بدا لكم فاقتلوه".
وقال الشيخ أبو العباس ابن تيمية: "قتل الجن بغير حق لا يجوز كما لا يجوز قتل الإنس بغير حق والظلم محرم في كل حال. والجن يتصورون في صور شتى. فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنيات فتؤذن ثلاثاً. فإن ذهبت فبها وإلا قتلت".
(1) ركزه فيها.
(2)
أعلنوه وأنذروه.