الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مذهب أحمد وغيره، ويؤيده ما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأحمد والترمذي عن بريدة أن امرأة قالت يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، فقال:"أوفي بنذرك". فيستفاد من الآية والحديث السابقين وجوب الحذر من الوقوع في المعصية بالنذر لغير الله تعالى، كما يستفاد مما سبق حرمة أكل المال المنذور لغير الله تعالى واستفادة الأشخاص به، لأنه سحت وشبيه بما كان يهدى لسدنة الأصنام فإن كان لا بد من صرفه في وجه الخير فليكن ذلك في بناء المساجد وتعميرها وبناء المستشفيات والملاجئ ونحوها مما ليس فيه تمليك لفرد أو لأفراد من الناس، والله الموفق.
6 - الاستعاذة بغير الله تعالى من الجن والشياطين وغيرها
معنى الاستعاذة: هو الالتجاء والاعتصام ولهذا يسمى المستعاذ به: معاذاً وملجأ. فالعائذ بالله قد هرب مما يؤذيه أو يهلكه إلى ربه ومالكه، واعتصم واستجار به والتجأ إليه. وهذا تمثيل وإلا فما يقوم بالقلب من الالتجاء إلى الله والاعتصام به، والانطراح بين يدي الرب والافتقار إليه، والتذلل له، أمر لا تحيط به العبارة. قاله ابن القيم رحمه الله، وقال ابن كثير: الاستعاذة هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر. والعياذ يكون لدفع الشر، واللّياذ يكون لطلب الخير.
وقد بين القرآن أن الاستعاذة بالجن والشياطين لا تفيد المستعيذ شيئاً.
قال تعالى:
{وأنه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً} [الجن: 06].
قال ابن كثير: أي كنا نرى أن لنا فضلاً على الإنس لأنهم كانوا يعوذون بنا: أي إذا نزل الإنس وادياً أو مكاناً موحشاً من البراري وغيرها - كما كانت عادة العرب في الجاهلية - يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان حتى لا يصيب شيء بسوء، فكلما رأت الجن أو الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادهم رهقاً: أي خوفاً وإرهاباً وذعراً، حتى يبقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذاً بهم.
وقال ملا علي قاري الحنفي: لا يجوز الاستعاذة بالجن فقد ذم الله تعالى الكافرين على ذلك وذكر الآية، وقال تعالى:{ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس، وقال أولياؤهم من الإنس: ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا، قال: النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله، إن ربك حكيم عليم} [الأنعام: 128].
فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه وامتثال أوامره وإخباره بشيء من المغيبات. واستمتاع الجني بإنسي تعظيمه إياه، واستعاذته به، وخضوعه له 1. هـ. هذا باختصار.
وقال ابن القيم: ومن ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به، وتقرب إليه بما يجب فقد عبده، وإن لم يسم ذلك عبادة بل يسميه استخداماً. وصدق، هو استخدام من الشيطان له، فيصير من خدم الشيطان وعابديه، وبذلك يخدمه الشيطان، لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عبادة، فإن الشيطان لا يخضع له ولا يعبده كما يفعل هو به.
وقد بين الله تعالى لنا كيفية الاستعاذة في سورتين تامتين من كتابه هما: {قل أعوذ برب الفلق} إلى آخرها، و {قل أعوذ برب الناس} إلى آخرها.