الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبادات وصلتها بالعقيدة
معناها
العبادة مأخوذة من "عبد" بمعنى إنسان خاضع ذليل لسيده ومالك أمره قال تعالى:
{إن كلُّ من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً} [مريم: 93].
أي خاضعاً ذليلاً للرحمن.
وعبد الطريق ذلله، وعبد إنسان إنساناً أخضعه له، قال موسى عليه السلام رداً على فرعون في صلفه وكبريائه:
{وتلك نعمةٌ تمنها عليّ أن عبدت بني إسرائيل} [الشعراء: 22].
والمعنى: هل تعتبر إخضاعك بني إسرائيل لظلمك وجورك وإذلالك لهم نعمة تستحق أن تمن بها علي؟ إن هذا قلب للحقائق.
وعلم الله المسلمين أن يقولوا في كل ركعة من الصلاة:
{إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5].
والمعنى: لا نعبد أحداً غيرك، ولا نستعين بأحد سواك، فأنت وحدك المستحق للعبادة، وأنت وحدك المعين لمن يستعين بك.
وكل شيء أخضعت نفسك له خضوعاً يتنافى مع إسلامك فأنت عابد له وهو مستعبد لك ولو كان لا يعقل هذا الاستعباد ولا يقصده، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري:
"تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة".
وعبادة الله تعالى معناها الخضوع لله تعالى خضوعاً كاملاً في جميع ما جاء به كتابه الكريم، وفي جميع ما بينه نبيه العظيم، عليه أفضل الصلاة والتسليم مع شدة الحب لله، وشدة الخوف منه، وهي بهذا المعنى تشمل الخضوع لله في العقيدة وأنواع القرب كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها، وفي أنواع المعاملات كالزواج والطلاق والبيوع والشركات، والمداينات والتجارة والصناعة والزراعة، وفي أنواع الأخلاق كالوفاء، والصدق، والعدل والأمانة، وفي كل ما يتصل بنظام حياتنا الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بشرط واحد هو أن يريد المسلم بخضوعه وجه الله تعالى، ويطلب به رضاه. فإذا التزم المسلم بالعمل بالكتاب والسنة، وفعل ما أمره الله به، وترك ما نهاه الله عنه قاصداً بذلك وجه الله فهو عابد لربه يستحق على عبادته المثوبة في الدنيا والآخرة، ولو كان عمله في ظاهره عملاً دنيوياً محضاً، يشهد لذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص:
"إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك".
وجاءت أحاديث كثيرة صحيحة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن السلام على المسلم يرفع الدرجات عند الله، وأن كف اللسان عن الشر صدقة، وأن إعانة المحتاج صدقة، وأن زيارة الأخ في الله، وعيادة المريض المسلم، والتبسم في وجه المسلم، وإرشاده إلى ما ينفعه، والسعي على النفس أو الزوجة والأولاد. كل ذلك وغيره وغيره يعتبر عملاً تعبدياً يثاب عليه المسلم ويؤجر على فعله، كما يؤجر على الصلاة والصيام والصدقة.
ومن هنا ندرك أن معنى العبودية لله والخضوع له معنى عام شامل يدخل في دائرته كل أمر يفعل أو يترك على أساس الدين وشريعة الله تعالى مع
النية الصالحة. فمن شارك مسلماً والتزم في شركته العمل بالكتاب والسنة فهو عابد لله في هذه الشركة. ومن عاشر زوجته بالمعروف كما أمره الله يبتغي بذلك وجه الله فهو عابد لله. ومن تاجر فصدق في تجارته وبين ما فيها من عيوب يخشى الله في ذلك فهو عابد لله، ومن حكم بما أنزل الله في آية قضية بنية الخضوع لحكم الله فهو بذلك عابد الله. ومن اجتهد في طلب العلم - ولو كان علماً مادياً - يريد بذلك نفع أمته الإسلامية وكان صادقاً في إرادته فهو عابد لله.
والخلاصة أن كل إنسان مسلم يلتزم بالكتاب والسنة مبتغياً بذلك رضاء الله تعالى فهو عابد لله تعالى بالمعنى العام المطلق لكلمة "عبادة" كما سبق.
وهذا هو معنى العبودية الحقة التي يخرج بها الإنسان من الشرك والوثنية إلى الإسلام والتوحيد كما جاء في الكلمة التي أخبر الله ورسوله أنها كلمة التوحيد، وكلمة العبور من الشرك إلى الإيمان، والخلاص من جميع الآلهة من أجل الالتجاء إلى إله وحده هو الإله الحق
…
وهو الله تعالى والكلمة هي كلمة: لا إله إلا الله.
ومعناها: لا معبود يستحق العبادة إلا الله.
فقائلها يرفض الخضوع لجميع الآلهة ما عدا إلهاً واحداً هو الله، لأنه الإله الحق. فهو يكفر بآلهة القبور والقباب وكل من قدسه الناس من الموتى بغير إذن من الله.
ويكفر بآلهة الجن والملائكة والشياطين الذين توهمهم الناس فعظموهم وأحبوهم أشد من حبهم لله، ونذروا لهم النذور، وقدموا لهم القرابين، وجعلوهم شركاء في أموالهم بشكل يثير الاشمئزاز والنفور، ويخجل العقل البشري الواعي.
ويكفر بآلهة البشر الأحياء من العلماء والزعماء والكبراء الذين اتخذهم الناس آلهة يخضعون لهم فيما يغضب الله، وأرباباً يحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويتخذون للناس شرائع وقوانين مضادة لشريعة الله وقانونه.