الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول ـ في المصيبة وحقيقتها وما أعد الله لمسترجعها
قال الله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نعم العدلان ونعمت العلاوة.
{أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} الآية.
ذكره البخاري تعليقاً.
وقال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} .
قال علقمة وجماعة من المفسرين: هي المصائب تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم والآيات في هذا الباب كثيرة.
قال أهل اللغة: يقال مصيبة ومصابة ومصوبة.
قالوا: وحقيقته الأمر المكروه يحل بالإنسان.
وقال القرطبي: المصيبة كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه.
يقال: أصابه إصابة ومصابة وصابة.
والمصيبة واحدة المصائب.
والمصوبة بضم الصاد مثل المصيبة.
وأجمعت العرب على همز المصائب، وأصله الواو، وكأنهم شبهوا الأصل بالزائد، ويجمع على مصاوب، وهو الأصل، وعلى مصائب.
والمصاب: الإصابة.
قال الشاعر:
أسليم إن مصابكم رجلاً
…
أهدى السلام تحيةً ظلم
وصاب السهم القرطاس يصيبه صيباً: لغة في أصابه.
والمصيبة: النكبة ينكبها
الإنسان وإن صغرت، وتستعمل في الشر.
والوصب: المرض ـ والنصب: التعب.
وقال الإمام أحمد: «ثنا يونس، ثنا ليث ـ يعني ابن سعد ـ، عن يزيد ابن عبد الله، عن عمرو، بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أم سلمة، قالت: أتاني أبو سلمة يوماً من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً سررت به، قال: لا تصيب أحداً من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم اؤجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا فعل ذلك به.
قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت في مصيبتي وقلت: اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منه ـ وفي لفظ: خيراً منها ـ ثم رجعت إلى نفسي وقلت: من أين خير لي من أبي سلمة؟ فلما انقضت عدتي، استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أدبغ إهاباً لي، فغسلت يدي من القرظ وأذنت له، فوضعت له وسادة من أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة، ولكني امرأة في غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن، وأنا ذات عيال، فقال: أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل عنك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل ما أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي، قالت: فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم.