الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع ـ فيمن أصيب بفقد ثلاثة من الولد فأكثر والبشارة له بذلك
قال البخاري: باب فضل من مات له ولد فاحتسب، وقوله تعالى:{وبشر الصابرين} .
«حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، ثنا عبد العزيز، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم من الناس يتوفى له ثلاثة لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» ورواه مسلم من وجه آخر عن أنس.
قوله: «لم يبلغوا الحنث» أي لم يبلغوا سن التكليف الذي يكتب فيه الحنث.
وروى البخاري من حديث «سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار، إلا تحلة القسم» ورواه مسلم من هذه الطريق أيضاً.
قال العلماء: تحلة القسم ما ينحل به القسم وهو اليمين.
وجاء مفسراً في الحديث أن المراد به قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} .
وبهذا قال أبو عبيد وجمهور من العلماء.
والقسم مقدر أي: والله إن منكم إلا واردها.
وقيل: المراد قوله تعالى: {فوربك لنحشرنهم والشياطين} .
وقال ابن قتيبة: معناه تقليل مدة ورودها، قال: وتحلة القسم في هذا في كلام العرب، وقيل تقديره: ولا تحلة القسم، أي لا تحلة أصلاً، ولا قدراً
يسيراً تحلة القسم.
والمراد بقوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} : المرور على الصراط، وهوعلى جهنم.
وقيل الوقوف عندها، أعاذنا الله وإياكم منها.
وروى مسلم أيضاً هذا الحديث، معنى تحلة القسم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد وزهير بن حرب، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة به.
ورواه أيضاً من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري به.
ورواه الترمذي من حديث مالك به، وقال: حسن صحيح.
قال الترمذي: وفي الباب: عن معاذ وعمر وكعب بن مالك وعتبة بن عبيد وأم سليم وعائشة وأنس وأبي ذر وابن مسعود وأبي ثعلبة الأشجعي وابن عباس وعتبة بن عامر وأبي سعد وقرة بن إياس.
وقال الإمام أحمد: «حدثنا إسحاق، أخبرنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهم الله الجنة وآباءهم، بفضل رحمته.
قال: يقال لهم ادخلوا الجنة.
قال: يقولون حتى يجيء أبوانا.
قال: ثلاث مرات، فيقولون مثل ذلك.
قال: فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم» .
وروى البخاري من «حديث ذكوان، عن أبي سعيد، أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا منك يوماً، فوعظهن، وقال: أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كن لها حجاباً من النار، قالت امرأة: واثنان.
قال: واثنان» .
وقد روى الحديث محمد بن سيرين وأبو رزين وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
وأخرج مسلم «حديث أبي سعيد من حديث شعبة به، وعنده: فقالت امرأة:
واثنين واثنين واثنين يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين واثنين واثنين» ، وهذا الذي علقه البخاري، عن شريك، عن ابن الأصبهاني، قد رواه هو ومسلم من «حديث غندر، عن شعبة، عن ابن الأصبهاني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وقال فيه: لم يبلغوا الحنث» .
وقال عثمان بن إبراهيم المؤذن: «حدثنا عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين، يموت لهما ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهم الله وأبويهم الجنة، قال: يكونون على باب من أبواب الجنة، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم» ورواه النسائي من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق عن عوف الأعرابي.
وروى الإمام أحمد في مسنده «عن أبي وائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب النساء فقال: ما منكن امرأة يموت لها ثلاثة إلا أدخلها الله الجنة فقالت أجلهن امراة: يا رسول الله وصاحبة الاثنين؟ فقال: وصاحبة الاثنين في الجنة» .
وروى مسلم في صحيحه، «من حديث طلق بن معاوية، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتت امرأة بصبي لها، فقالت: يا نبي الله، ادع الله، فلقد دفنت ثلاثة، فقال دفنت ثلاثة؟ قالت نعم، قال: لقد احتظرت بحظار شديد
من النار» .
وقال البخاري في تاريخه قال علي بن هاشم: «حدثني نصر بن عمر ابن يزيد بن قبيصة، قال: حدثني أبي عن قبيصة بن برمة، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالساً، إذ أتته امراة، فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي، فإنه ليس يعيش لي ولد.
قال: وكم مات لك؟ قالت ثلاثة.
قال: لقد احتظرت من النار بحظار شديد» .
وقال سعيد بن منصور: «حدثنا عبيد بن زياد، ثنا أبي، عن زهير ابن أبي علقمة، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن لها مات، وكان القوم عنفوها، فقالت: يا رسول الله، قد مات لي ابنان، منذ دخلت في الإسلام، سوى هذا.
قال: لقد احتظرت من النار حظاراً شديداً» .
قال جماعة من الحفاظ: إسناد صحيح، لكن لا صحبة لزهير هذا، فيكون مرسلاً.
«أما قوله صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت بحظار شديد من النار» ، أي امتنعت بمانع وثيق، وأصل الحظر: المنع، وأصل الحظار، بكسر الحاء وفتحها: ما يجعل حول البستان وغيره من القبضان وغيرها كالحائط.
وفي هذه الأحاديث دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة.
وقد نقل جماعة من العلماء إجماع المسلمين على ذلك.
قال الماوردي: أما أولاد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فالإجماع محقق في الأطفال على أنهم بالجنة.
وأما أطفال من سواهم من المسلمين فجماهير العلماء على القطع لهم بالجنة.
قالوا: ويدل عليه قوله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} وتوقف بعض المتكلمين منهم وأشار أنه لا يقطع لهم كالمكلفين، وهو خطأ.
ولكنهم مستندون إلى «حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح: توفي صبي من الأنصار، فقالت عائشة: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه.
فقال: أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» .
وفي
الحديث الآخر: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم القيامة كافراً» أجاب العلماء عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم: إنما نهى عائشة عن المسارعة إلى القطع، من غير أن يكون عندها دليل قاطع، كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله: أعطه إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلماً.
قال النووي: رحمه الله في شرح مسلم: فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، فلما علم قال ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«مامن مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» وغير ذلك.
انتهى كلامه.
وقد تقدم عدة من الأحاديث تدل على ذلك كما سيأتي ما هو أتم من ذلك وأبين.
وما ورد من الأحاديث في الثلاثة من الولد ثم سئل عن الاثنين فقال: واثنين، فمحمول على أنه أوحي إليه عند سؤال الاثنين، وكذلك عند سؤال الواحد في بعض الألفاظ، والله تعالى أعلم.
وروى الإمام أحمد بإسناده، «عن شرحبيل بن شفعة، قال: سمعت عتبة بن عبد السلمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية، من أيها شاء دخل» رواه ابن ماجة، من حديث جرير بن عثمان الحمصي به.
وروى أيضاً، منفرداً به، لكنه من