المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ـ في أن الله تبارك وتعالى يختبر عباده بالمصائب - تسلية أهل المصائب

[المنبجي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول ـ في المصيبة وحقيقتها وما أعد الله لمسترجعها

- ‌فصل ـ في كلمة " إنا لله وإنا إليه راجعون

- ‌فصل ـ في تسلية أهل المصائب بالعلاج الإلهي والنبوي

- ‌فصل: في النظر في كتاب الله تعالى وسنة رسوله

- ‌فصل ـ في أن مرارة الدنيا هي حلاوة في الآخرة

- ‌فصل ـ في الاستعانة بالله والاتكال عليه والعزاء بعزائه

- ‌فصل ـ ومن أعظم المصائب المصيبة في الدين

- ‌فصل ـ في البشارة لمن تذكر المصيبة فاسترجع

- ‌فصل ـ في الفرق بين تمتع الدنيا الفاني والآخرة الباقي

- ‌فصل ـ في أن يوطن الإنسان نفسه على توقع المصائب وأنها بقضاء الله وقدره

- ‌فصل ـ في أن لا ننكر وقوع المصائب في الدنيا بجميع أنواعها

- ‌فصل ـ في المصائب المختصة بذات الإنسان

- ‌فصل ـ في أن المصائب والمحن دواء للكبر والعجب

- ‌فصل ـ في اعتراض المصاب على الأقدار ودلالته بعبادته

- ‌فصل ـ في أن الأفضل إبدال الشكوى والأنين بذكر الله تعالى

- ‌فصل ـ في أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها

- ‌فصل ـ في أن من سلم أمره في مصيبته واحتسب لله عوضه خيراً منها

- ‌فصل ـ فيمن طلب المصائب وفرح بها رجاء ثوابها

- ‌الباب الثاني ـ في البكاء على المصيبة وما ذكر العلماء في ذلك

- ‌فصل ـ فيما روي على النبي صلى الله عليه وسلم في البكاء على الميت

- ‌فصل ـ في التحذير مما يتفوه به المصاب من ألفاظ التظلم والشكوى

- ‌فصل ـ في البكاء والتأسف على من فرط في جانب الله تعالى

- ‌فصل ـ في أن الحزن لم يأمر به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث ـ في تحريم الندب والنياحة وشق الثياب

- ‌فصل ـ فيما ورد من تحريم ذلك، وما ورد من الوعيد عليه

- ‌فصل ـ فيما ورد من عذاب الميت بالنياحة

- ‌فصل ـ في أن البكاء لا ينفع الميت بل ينفعه العمل الصالح

- ‌فصل ـ في بيان أن الله سبحانه هو الفعال لما يريد

- ‌فصل ـ فيما يفعله الإنسان إذا أحس بدنو أجله

- ‌فصل ـ في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه

- ‌فصل ـ في أن ما أورده من الأحاديث لا يخالف قواعد الشرع

- ‌فصل ـ في وسوسة الشيطان للمريض ولأقاربه وأهله

- ‌فصل ـ فيما ذكر في النعي والمناداة على الميت

- ‌الباب الرابع ـ فيمن أصيب بفقد ثلاثة من الولد فأكثر والبشارة له بذلك

- ‌فصل ـ فيمن أصيب بأربعة من الأولاد

- ‌الباب الخامس: فيمن أصيب بفقد ولدين والاحاديث الواردة فيه

- ‌الباب السادس ـ فيمن أصيب بفقد ولد واحد

- ‌فصل ـ في بشارة من مات ولده وصبر

- ‌فصل ـ في الثواب على الولد الصغير والشيخ البالغ

- ‌فصل ـ في التأسي ببعض ما كان يفعله الصحابة والتابعون إذا نزلت بهم المصائب

- ‌فصل ـ في البشارات الهائلة لمن أصيب بمصيبة وإن لم تكن في ولده

- ‌الباب السابع: في ذكر السقط وثوابه، وزيارة القبور

- ‌فصل ـ في زيارة القبور وحكمها

- ‌الباب الثامن: في تطييب خاطر الوالدين على الأولاد

- ‌فصل ـ في معنى الفطرة التي نشأعليها كل مولود من بني آدم من ذكر وأنثى

- ‌فصل ـ في اختلاف العلماء في معنى الفطرة

- ‌الباب التاسع: فيمن مات له طفل رضيع أنه يكمل رضاعه في الجنة

- ‌فصل ـ في شفاعة الأطفال الرضع لوالديهم

- ‌الباب العاشر: في أنه يصلى على كل مولود مسلم ويدعى لوالديه

- ‌الباب الحادي عشر: في استحباب اصطناع الطعام لأهل المصيبة

- ‌الباب الثاني عشر: في الذبح عند القبور وكراهة صنع الطعام من أهل المصيبة

- ‌الباب الثالث عشر: في الثناء الحسن على الميت، وذكر محاسنه والسكوت عن مساويه

- ‌فصل: بشارة للمؤمن بعمله الصالح

- ‌فصل: في الكف عن ذكر مساوي الأموات

- ‌الباب الرابع عشر: في فرح العبد وتسليته بكونه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الخامس عشر: في استحباب التعزية لأهل المصيبة والدعاء لميتهم

- ‌فصل ـ في استحباب تعزية أهل الميت ووقتها

- ‌فصل: فيمن يكره تعزيتهم من أهل الميت وخاصة من النساء

- ‌فصل: فيما يفعله بعض الناس من الجلوس عند القبر يوم الدفن وبعده

- ‌فصل: فيما يجوز أن يلبسه المصاب وزيه

- ‌فصل: في أن التعزية قبل الدفن أو بعده

- ‌فصل: في الألفاظ التي وردت في التعزية عن النبي

- ‌فصل: فيما يقال عند العلم بوفاة أحد المؤمنين

- ‌فصل ـ فيما نقل إلينا من ألفاظ التعزية عن السلف والخلف

- ‌الباب السادس عشر: في وجوب الصبر على المصيبة

- ‌الباب السابع: فيما ورد بالصبر على المصيبة

- ‌فصل ـ في كلام السلف في الصبر

- ‌الباب الثامن عشر: في أن الشخص لا يستغني عن الصبر لا في المصيبة ولا في غيرها

- ‌فصل: في الحالات التي يحتاج فيها العبد إلى الصبر

- ‌فصل: في مشقة الصبر على السراء أيضاً

- ‌فصل ـ في التحذير من فتنة المال والأزواج والأولاد

- ‌الباب التاسع: في أن الصبر من أشق الأشياء على النفوس

- ‌فصل: في عقوبة من لم يصبر مع تمكنه من الصبر

- ‌فصل: في علامات الصبر ورضا النفس عن قضاء الله تعالى

- ‌االباب العشرون: في الرضا بالمصيبة

- ‌فصل: في أقوال السلف والخلف في الرضا

- ‌فصل ـ فيما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المصيبة وما نهى عنه

- ‌فصل ـ في تحقيق الرضا وأنه من عمل القلب

- ‌الباب الحادي والعشرون: فيما يقدح في الصبر والرضا وينافيهما

- ‌فصل: في أن شق الثياب ولطم الخدود ينافي الصبر والرضا

- ‌فصل: في البكاء والحزن الصامت لا ينافي الرضا والصبر

- ‌فصل ـ في أن من يبتلي بالمصائب هو أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين

- ‌فصل ـ في أن الشكوى والتحدث بالمصيبة ينافي الصبر والرضا

- ‌فصل ـ في أن الله تبارك وتعالى يختبر عباده بالمصائب

- ‌الباب الثاني والعشرون: هل المصائب مكفرات أم مثيبات

- ‌فصل ـ في سياق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

- ‌فصل ـ في قوله أيضاً رحمه الله في أن المصائب نعمة من نعم الله تعالى

- ‌الباب الثالث والعشرون: في الصدقة عن المصاب به وأفعال البر عنه

- ‌فصل: في ذكر اختلاف الناس في وصول ثواب إهداء القرب إلى الموتى

- ‌فصل: في الآيات والأحاديث الواردة في هذا الباب

- ‌فصل ـ من الأدلة المستحسنة قوله صلى الله عليه وسلم في الأضحية: بسم الله والله أكبر

- ‌فصل ـ في قوله تعالى " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى

- ‌فصل ـ في أن الدفن بجوار الصالحين يجلب نوال بركتهم

- ‌فصل: في استحباب القراءة عند القبر وما ورد فيها

- ‌فصل ـ فيما نص عليه الإمام أحمد بن حنبل في استحباب الدعاء للميت عقب دفنه

- ‌فصل ـ هل يصح إهداء ثواب نوافل العبادات للمسلم الحي

- ‌الباب الرابع والعشرون: في ذكر عمارة القبور

- ‌فصل ـ في أن العمارة ليست من الظاهر بل عمارة الأحياء والأموات في الباطن

- ‌فصل ـ في بكاء عثمان رضي الله عنه على القبور

- ‌فصل ـ في عدم استطاعة التمييز بين السعيد والشقي في القبر

- ‌الباب الخامس والعشرون: في أن الله يثبت الذين آمنوا عند المسألة

- ‌فصل ـ في أن النار والخضرة في القبر ليست كمثلها في الدنيا

- ‌فصل ـ في البرزح والبحث في ماهيته

- ‌فصل: في عرض أعمال الأحياء على أقاربهم الأموات

- ‌فصل ـ في تلقين الصغار وما قيل في التلقين عموماً

- ‌فصل ـ في حياة الميت في قبره والخلاف في ذلك

- ‌الباب السادس والعشرون ـ في اجتماع الأرواح وهيئاتها، وأين محلها، والخلاف في ذلك

- ‌فصل: فيما جاء في أرواح الشهداء وغيرهم وأمكنتها

- ‌فصل ـ في بيان مستقر الأرواح واختلاف مساكنها

- ‌فصل ـ " في قوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة " وكيفية ذلك

- ‌فصل ـ هل الأرواح محدثة عند خلق البدان أم قديمة

- ‌فصل ـ في دليل إضافة الروح إلى الله وتفسير تلك الإضافة

- ‌فصل ـ عن موت الأرواح والأبدان

- ‌فصل ـ في عذاب القبر على الروح والبدن

- ‌فصل: في عذاب القبر حق

- ‌فصل ـ في أن البلي يختص البدن

- ‌الباب السابع والعشرون: في عد الشهداء وفضلهم وأنهم أرفع درجات من الصالحين

- ‌فصل: في تسلية المصاب

- ‌فصل: في الشهادة المطلوبة: شهادة المعركة

- ‌الباب الثامن والعشرون: في ذكر الصراط ودرجات الناس في المرورعليه

- ‌فصل ـ في المرور على الصراط

- ‌الباب التاسع والعشرون: في ذكر سعة رحمة الله ومن مات على التوحيد

- ‌فصل ـ في رحمته وسعت كل شيء

- ‌فصل ـ في أن من مات موحداً داخل الجنة

- ‌الباب الثلاثون: في فضل الزهد في الدنيا والتسلية عنها والرغبة في الآخرة

- ‌فصل ـ في العجب ممن يسعى لدار الغرور

- ‌فصل ـ في أن شرور الدنيا كأحلام نوم

- ‌فصل ـ في اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً

- ‌فصل ـ في أن الدنيا دار ممر

- ‌فصل ـ في أن هذه الدار رحلة

الفصل: ‌فصل ـ في أن الله تبارك وتعالى يختبر عباده بالمصائب

أجر ما أعطاه من تلك المصيبة» .

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني أحمد بن عبد الأعلى، حدثني شيخ من آل ميمون بن مهران، أن الحجاج أصيب بابن له، فاشتد جزعه عليه، فدخل فغير ثيابه، ومس شيئاً من طيب، وجلس، وأذن للناس، فلم يتكلموا، فقال: حسبي ثواب الله من كل نكبة، وحسبي بقاء الله من كل هالك، تحدثوا.

‌فصل ـ في أن الله تبارك وتعالى يختبر عباده بالمصائب

والله تبارك وتعالى يبتلي عبده، ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه وصبره ورضاه بما قضاه عليه، فهو سبحانه وتعالى يرى عباده إذا نزل بهم ما يختبرهم به من المصائب وغيرها، ويعلم خائنة أعينهم وما تخفي صدورهم، فيثيب كل عبد على قصده ونيته، وقد ذم الله تعالى من لم يتضرع إليه ولم يستكن له وقت البلاء، كما قال تعالى:{ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} .

والعبد أضعف من أن يتجلد على ربه ولا يشكو إليه حاله، فإنه إذا كان سادات الخلائق، وهم الأنبياء المعصومون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، قد أثنى الله تعالى عليهم حيث شكوا ما بهم إلى الله تعالى، فقال تعالى عن بعضهم:{وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} وأثنى على أيوب بقوله: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} ، وعلى يعقوب:{إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} وعلى موسى بقوله: {إني لما أنزلت إلي من خير فقير} .

«وقد شكا إليه خاتم أنبيائه ورسله بقوله: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين» الحديث المشهور في دعاء الطائف، وهو دعاء عظيم، فالشكوى إلى الله تعالى لا تنافي الصبر ولا الرضا، بل إعراض العبد بالشكوى إلى غيره من جهله بخالقه وعدم

ص: 169

رضاه وصبره بما ابتلاه الله تعالى به، والله تعالى يمقت من يشكوه إلى خلقه ويحب من يشكو ما به إليه.

قيل لبعضهم: كيف تشتكي إلى من لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء؟ فقال:

قالوا: أتشكو إليه

ما ليس يخفى عليه

فقلت: ربي يرضى

ذل العبيد لديه

وذكر ابن أبي الدنيا، عن علي بن الحسن، قال: قال رجل: لأمتحنن أهل البلاء، قال: فدخلت على رجل بطرسوس، وقد أكلت الأكلة أطرافه، فقلت له كيف أصبحت؟ قال: أصبحت والله وكل عرق، وكل عضو، يألم على حدته من الوجع، وإن ذلك لبعين الله، أحبه إلي أحبه إلى الله عز وجل، وددت أن ربي قطع مني الأعضاء التي اكتسبت بها الإثم، وأنه لم يبق مني إلا لساني تكون له ذاكراً، قال: فقال له رجل: متى بدأت هذه العلة؟ قال: أما كفاك؟ الخلق كلهم عبيد الله وعياله، فإذا نزلت بالعباد علة، فالشاكي إلى الله ليس يشكي الله إلى العباد.

ص: 170