الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالبصير؟ المراد بالأعمى الكافر، كما قال تعالى {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)} [البقرة: 18] والمراد بالبصير المؤمن.
قوله: {أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} الاستفهام هنا للتوبيخ، يعني: أبعد هذا تعرضون فلا تتفكرون؟
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: أنه يجب على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن يُعْلِنَ للأمة ما أمر الله به {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} .
الفائدة الثانية: أن كل ما صُدِّر بـ {قُلْ} بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم كان ذلك دليلاً على أهميته، وأن الله تعالى أوصى نبيه أن يبلغه خاصة مما يدل على العناية به.
الفائدة الثالثة: أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لا يملك خزائن الله عز وجل، أي: خزائن الرزق، ولذلك يعيش صلى الله عليه وسلم الشهرين والثلاثة لا يوقد في بيته نار، ولو كان عنده خزائن الله لأدركها، مع أنه لو شاء دعا ربه أن يحقق له ما يريد، لكنه صلى الله عليه وسلم خُيّر بين أن يكون عبداً نبياً، أو ملكاً نبياً، فاختار أن يكون عبداً نبياً.
الفائدة الرابعة: أنه إذا كان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لا يملك خزائن الله، فإنه لا يجوز أن يطلب الرزق من الرسول مباشرة؛ لأنه لو طلب الرزق من الرسول مباشرة لكان هذا شركاً وتجاوزاً لما هو - عليه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
أما السؤال في حياته ففيه تفاصيل ليس هذا موضع ذكرها
(1)
، وقد يعطي وقد لا يعطي كما منع الأشعريين حين طلبوا رواحل يجاهدون عليها، قال: لا أجد ما أحملكم عليه.
الفائدة الخامسة: أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لا يعلم الغيب لقوله: {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} .
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم يحدِّث عن أشياء مستقبلة؟
فالجواب: بلى، ولكن بوحي من الله عز وجل، والله تبارك وتعالى يعلم الغيب، ولهذا نقول: كل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من أمور المستقبل فهو بوحي خاص من الله عز وجل، وحينئذٍ لا ينافي ما أخبر به من أمور الغيب ما ذكره الله تعالى في هذه الآية {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} ؛ لأن علمه بالمستقبل بما أوحى الله إليه ليس علماً ذاتياً أدركه بنفسه، لكنه علم من عند الله، كما أن الإنسان يرى الرؤيا الصالحة في المنام وينتفع بها في المستقبل، و"الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة"
(2)
.
الفائدة السادسة: الرد الصريح على من قالوا: أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يعلم الغيب، ثم لبَّسوا وشبهوا بما أخبر به من المغيبات التي أوحى الله إليه بها فيقال: الأصل أنه لا يعلم الغيب، وإذا جاء شيء تحدث به النبي صلى الله عليه وسلم عن
(1)
انظر: "فتاوى العقيدة" لفضيلة شيخنا المؤلف - رحمه الله تعالى -.
(2)
أخرجه البخاري: كتاب التعبير، باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً، رقم (6989)، ومسلم، كتاب الرؤيا، باب:(بدون)، رقم (2263).
المستقبل، فإننا نعلم كما تقدم أن ذلك وحي خاص من الله تبارك وتعالى.
لو قال قائل: بعض الناس يستعين بالجن فيخبر بأشياء بعيدة، فهل يكفر بهذا كفراً أكبر؛ لأنه يدعي علم الغيب النسبي؟
فالجواب: الذي يستعين بالجن فيخبرونه بأشياء بعيدة لا يكفر، وماذا فعل حتى يكفر؟ لكن إذا كان يتمتم وينزل رأسه فإنا نمنعه؛ لأنه شيء عارض، ولا نقول هذا شرك، والذي يراجع كلام شيخ الإسلام في الفتاوى في إيضاح الدلالة على عموم الرسالة وفي كتاب النبوات وبعض فتاويه في المجموع، عرف الموضوع وأن الجن ربما يُنتفع بهم على وجه مباح في أشياء مباحة.
الفائدة السابعة: أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بشر كغيره، لا يعلم الغيب، وينسى كما ننسى، ويلحقه الجوع والظمأ، والبرد والحر، وكل الخصائص البشرية تلحق النبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثامنة: أن المَلَكَ قد يتصور بصورة إنسان لقوله: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} ؛ لأنه لولا أنه يمكن تصوره بصورة إنسان ما احتيج إلى النفي، إذ إنه معلوم بدون نفي، وهذا هو الواقع، وقد جاء جبريل عليه السلام بصورة البشر.
الفائدة التاسعة: الرد على الذين قالوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} فإن الملائكة لا يمكن أن ينزلوا ليكونوا رسلاً إلى البشر، كما قال الله عز وجل:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)} [الأنعام: 9].
الفائدة العاشرة: كمال عبودية النبي - صلى الله عليه وعلى