الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: {مِنْ قَبْلِكَ} ، أي: في الزمن.
قوله: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ} ، أي: نزل بهم عقوبة {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ، أو جزاء ما كانوا به يستهزئون، وإنما عبر الله تعالى عن الجزاء بالفعل للإشارة إلى سببه من وجه، وليعلم أن الجزاء بقدر العمل من وجه آخر، فالعقوبة سببها العمل الذي استحق به العامل أن يعاقب، فأطلق العقوبة على نفس العمل الذي هو السبب، ثانياً: إذا كان الإنسان يجازى بنفس العمل فهذا يعني أن الجزاء والعقوبة بقدر عمله.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: توكيد الجملة بأنواع المؤكدات.
فإذا قال قائل: أليس خبر الله تعالى صدقاً سواء اقترن بالقسم وأدوات التوكيد أو لا؟
فالجواب: بلى، لكن يذكر التأكيد لأسباب، منها:
أولاً: أن القرآن الكريم جاء باللسان العربي، واللسان العربي، يحسن فيه التأكيد إذا اقتضت الحال ذلك، وإلا فمن المعلوم أن الله إذا أخبر بخبر - وإن لم يؤكد - فهو حق وصدق، كما نشاهد الشمسَ، لكن القرآن بلسان عربي مبين.
ثانياً: تأكيد الله له بالقسم يدل على أهميته، وأنه من الأمور التي لا بد أن يقبلها الإنسان ويصدق بها.
ثالثاً: أنه قد يراد به دفع إنكار من أنكر مدلول الخبر، ككون الله عز وجل يؤكد قيام الساعة بالمؤكدات الكثيرة لرد إنكار المكذبين.
الفائدة الثانية: أنه ليس بغريب أن يستهزئ المشركون
بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا قد سبق من الأمم السابقة، واستهزاء المكذبين للرسول بأنواع متعددة منها قولهم:{لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)} [الزخرف: 31] كأنهم يقولون: محمد لا يستحق هذا، وكما في قولهم:{أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: 36] والاستفهام هنا للتحقير، يعني: مَنْ هذا الرجل الذي يذكر آلهتكم بالسوء؟ ليس بشيء وليس له قيمة، ومنها وصفهم إياه بأنه مجنون مخرف وما أشبه ذلك.
الفائدة الثالثة: عناية الله تبارك وتعالى بنبيه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، حيث ينزل عليه من القرآن ما يسليه به، وجهه أن ذكر استهزاء الأمم السابقة برسلها تسلية لرسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -؛ لأن كونه يعلم بأن الأمم السابقة كَذّبت رسلها يهون عليه الأمر، فإن الإنسان يتسلى بالمصائب إذا أصابت غيره وتهون عليه مصيبته، وقد أشار الله إلى هذا في قوله:{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)} [الزخرف: 39] مع أنه لو كان في الدنيا واشترك الناس في العذاب لهان عليهم ونفعهم وحملهم على الصبر، لكن في القيامة لا ينفع.
الفائدة الرابعة: تهديد المكذبين للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لقوله: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)} ، يعني: فاحذروا أيها المكذبون لمحمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، المستهزؤون به.
الفائدة الخامسة: الإشارة إلى أنه لا رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن قد لا تؤخذ هذه الفائدة من هذه الآية؛ لأن قوله تعالى: