الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً"
(1)
.
الفائدة العاشرة:
صحة النهي عما لا يمكن أن يقع
لقوله: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، فشرك النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقع شرعاً، ومع ذلك نُهي عنه.
إذا قال قائل: ما هي الحكمة مع أنه لا يمكن أن يقع؟
قلنا: الحكمة فيما نعلم من وجهين:
الوجه الأول: دعوته إلى الثبات على الإخلاص، وإن كان الشرك لا يقع منه، حتى لا يشرك في المستقبل.
والثاني: طمأنة أمته إذا نهوا عن الشرك، بأن ذلك ليس بمستنكر، وليس فيه بأس؛ لأن الله أمر إمامهم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ألا يكون من المشركين.
وهل يؤخذ من هذا أنه يجوز أن نقول للشخص: (أنت مشرك) إذا فعل ما يكون شركاً؟
قلنا: يمكن أن نقول هذا، وذلك على حسب ما تقتضيه الحال، إن كنا نظن أننا إذا قلنا:(أنت مشرك) أخذته الحمية الجاهلية فاستكبر واستنكف؛ فإننا لا نخاطبه بهذا الأسلوب، وإن كنا نعلم أنه ممن يتقي الله، وأننا إذا قلنا:(هذا شرك فإن فعلت فأنت مشرك، وإن قلت فأنت مشرك) أخذه خوفُ الله عز وجل فأبعد عن ذلك إبعاداً كاملاً، فإننا لا بأس أن نقول له ذلك.
* * *
(1)
أخرجه البخاري: كتاب الوصايا، باب: هل يدخل النساء والولد في الأقارب، رقم (2753)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} ، رقم (206).
* قال الله عز وجل: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)} [الأنعام: 15، 16].
قوله: {قُلْ} ، أي: لهؤلاء وغيرهم معلناً هذا الإعلان المهم (إنك إن عصيت الله فإنك ستعذب).
وفي قوله: {إِنِّي} قراءتان (إنِّي) و (إنْ) وهما سبعيتان. {عَذَابَ} مفعول.
قوله: {أَخَافُ} ، يعني: إني أخاف عذاب يوم عظيم إن عصيت ربي، واليوم العظيم هو يوم القيامة كما قال الله تعالى:{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1].
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الفائدة الأولى: أنه يجب على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن يعلن الجزاء يوم القيامة وأنه يخافه إن عصى ربه.
الفائدة الثانية: أن المعصية سبب للعذاب، والمعاصى على نوعين معاصٍ لا يغفرها الله وهي الشرك، ومعاصٍ تدخل تحت مشيئة الله وهي الكبائر، وهناك معاصٍ أخرى تكفرها الأعمال الصالحة وهي الصغائر، هذا فيما يتعلق بينك وبين الله عز وجل، أما حقوق الآدميين فلا بد من إيصال احقهم إليهم، إما باستحلال منهم في الدنيا، وإما بأعمال صالحة تؤخذ من أعمال هذا الظالم.
فإن قيل: إذا تاب الإنسان من ذنب فيه جناية على غيره فهل يسقط حق الغير أم لا؟
فالجواب: ظاهر النصوص أنه يسقط إذا كان غير مال،