الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منتفية، فيجب على أمته أن يقتلوا من سبّه عليه الصلاة والسلام.
الفائدتان السابعة والثامنة: أن
المعاصي سببٌ للعقوبة
لقوله: {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ، وأن العقوبة بقدر العمل ولذلك عُبِّر به عنها، وهذا من عدل الله عز وجل، أما المثوبة فالحسنةُ بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
* * *
* قال الله عز وجل: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)} [الأنعام: 11].
قوله: {قُلْ} الخطاب للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
قوله: {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} (في) بمعنى (على)، وإنما أتت (في) بمعنى (على) لبيان أنه ينبغي أن يكون السير عميقاً، كأنما يسيرون في أجواف الأرض.
وهل السير هنا بالقلوب، أو بالأقدام؟
الجواب: يحتمل هذا وهذا، فالسير بالقلوب بأن يتأمل الإنسان ما جرى للأمم السابقة بما صح من تاريخهم، وأصح تاريخ للأمم السابقة ما جاء في القرآن، أو صحت به السُّنَّة، أو يكون المعنى سيروا في الأرض بأقدامكم، بأن ينظروا آثار المكذبين المهْلَكين كما في قوله تعالى:{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)} [الصافات: 137، 138] فصار السيرُ هنا يشمل السيرَ بالقلب، والسيرَ بالقدم لأجل الاعتبار.
فإن قال قائل: قولكم: (إن السير يشمل السير بالقدم لينظر
بالبصر) يشكل عليه أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - نهى عن دخول ديار المكذبين أو المهلَكِين؟
فالجواب: أنه عليه الصلاة والسلام لم ينه عنها مطلقاً، بل نهى أن ندخل فرحين بطرين معجبين بالآثار، وما أشبه ذلك، أما أن ندخل معتبرين باكين خائفين فلا، ولهذا قال:"لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين"
(1)
، فهناك فرق بين من يدخل هذه الديار ليعتبر ويخاف ويبكي، وآخر يدخلها للبطر والأشر والنزهة والإعجاب بالآثار، فالأول محمود، والثاني مذموم، وبذلك يزول الإشكال.
قوله: {ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} {انْظُرُوا} بأبصاركم أو ببصائركم؟ إذا قلنا السير بالقلب فالمراد انظروا بالبصائر، وإذا قلنا بالقدم فالمراد بالبصر وينبني على ما سبق.
وقوله: {كَيْفَ} خبر {كَانَ} مقدم، ويتعين أن يكون مقدماً؛ لأنه اسم استفهام، واسم الاستفهام له صدر الكلام؛ لأنه المقصودُ بالجملة، وإذا كان المقصودُ بالجملة كان حقه أن يقدم، ولهذا إذا قلت: أين زيد؟ تعين أن تكون (أين) خبراً مقدماً، ولا يجوز أن تقول: زيد أين، (فكيف) في محل نصب خبر (كان) مقدماً {عَاقِبَةُ} اسمها مؤخر، باعتبار تقديم الخبر وإلا فهو في مكانه.
وقوله: {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ، فماذا كانت؟ كانت
(1)
رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب: الصلاة في مواضع الخسف والعذاب (433)، ومسلم، كتاب الزهد والرقاق، باب: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم
…
(2980).