المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل يطلق الشاهد على الحاكم - تفسير العثيمين: الأنعام

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌ الكلام على البسملة

- ‌ حكم البداءة بـ "بسم الله" في أثناء السورة

- ‌قوله: (الرحمن)

- ‌قوله: (الرحيم)

- ‌ قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

- ‌كلُّ حمدٍ مدحٌ، وليسَ كلُّ مدحٍ حمدً

- ‌ من مات مقتولًا فقد مات بأجله

- ‌ جميع أسماء الله مشتقة

- ‌الإسرار: نوعان:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الاية الكريمة:

- ‌ الواجب على المؤمن أن يرد كل قول يخالف الكتاب والسُّنَّة

- ‌ خطر الإعراض عن الآيات

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ المراد بالقرن

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ الاستدلال بالأعلى على الأدنى

- ‌(بان) و (أبان) يأتيان بمعنى واحد

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ تأكيد المعقول بالمحسوس

- ‌ حكم مَنْ يدعي أنه يستطيع أن يخبر بمكان السحر

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ السخرية والاستهزاء بالرسل موجب للعقاب

- ‌ المعاصي سببٌ للعقوبة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ جواز إجابة السائل نفسه

- ‌ من الفصاحة أن يذكر السبب بعد المسبَّب

- ‌ الاستغناء بذكر أحد الضدين عن الآخر

- ‌أقسام السمع التي وصف الله بها نفسه

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر

- ‌ أفعال العباد مخلوقة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ صحة النهي عما لا يمكن أن يقع

- ‌قوله: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ}

- ‌(أل) في قوله: {الْفَوْزُ} لبيان الحقيقة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌النكرة في سياق الشرط تفيد العموم

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ الحكمة من الزكاة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ هل يجوز أن نطلق على القرآن أنه شيء

- ‌ شهادةَ اللهِ أكبرُ شهادةٍ

- ‌هل يطلق الشاهد على الحاكم

- ‌ حكم أتباع أهل الضلال من العوام

- ‌ وجوب البراءة مما عليه المشركون

- ‌ الفرق بين المداهنة والمداراة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ أعظم الكذب

- ‌ حكم الكذب على الله في مدلول الأدلة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ هل للمعاصي والظلم أثر حسي

- ‌ ضابطُ المناصرةِ

- ‌ كيف يمحق الله الكافرين وهم منتصرون

- ‌القراءات في هذه الآية

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ ليس كل مستمع بمنتفع

- ‌ الكتب التي ينصح بها لمطالعة كلام المتكلمين

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ تعلق علم الله تعالى بالمستحيل

- ‌هل يمكن أن يستحيل الشيء لذاته ويعلمه الله

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ الفرق بين الذكاء والعقل

- ‌ الأعمال محل الثناء والقدح

- ‌ أقوى طرق الحصر

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ تفضيل الآخرة على الدنيا

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ علم الله تعالى بما في القلوب

- ‌ أحكام الدنيا تجري على الظاهر

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ الحكمة من إرسال الرسل مع تكذيبهم

- ‌المصدر المؤكد ينفي احتمال المجاز

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ لا بد لكل نبي من آية

- ‌مراتب القدر

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ المراد بالدابة

- ‌المراد بالكتاب اللوح المحفوظ

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌قوله: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ}

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ دواء قسوة القلب

- ‌ كل إنسان كافر فهو ظالم

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ الآية ليست مجرد علامة

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ المعاصي بريد الكفر

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌ إثبات الأسباب

- ‌ الألفاظ يتعين معناها بالسياق

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ الشرائع توقيفية

- ‌قوله: {لَعَلَّهُمْ

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ ما وجه كون العابد داعياً

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌ المراد بالوجه

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

الفصل: ‌هل يطلق الشاهد على الحاكم

الجواب: لا، بل بقي حيًا إلى الأجل المحتوم له، ونصره الله، فدل هذا على أنه صلى الله عليه وسلم حق، وشهادة الله كما سبق في التفسير أنها نوعان: قولية وفعلية، فالقولية كما تقدم في قوله تعالى:{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} ، والفعلية نصره إياه وتمكينه إياه.

الفائدة الثالثة: أن الله تبارك وتعالى حاكم بين النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وخصومه لقوله: {شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} .

فإن قال قائل: و‌

‌هل يطلق الشاهد على الحاكم

؟

فالجواب: نعم واقرأ قول الله عز وجل في سورة يوسف: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)} [يوسف: 26، 27]، فقوله:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ} ، يعني: حكم حاكم؛ لأنه لم يشهد إذ إنه يقول: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} الآية. {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ

} الآية.

ثم نقول: الحاكم في الواقع شاهد من وجوه ثلاثة:

الوجه الأول: أنه يشهد بأن الحكم كذا وكذا.

الوجه الثاني: أنه يشهد على المحكوم عليه بأن الحق عليه.

الوجه الثالث: أنه يشهد للمحكوم له بأن الحق له.

فالحكم متضمن الشهادة بلا شك، فيصح أن يطلق على الحاكم أنه شاهد.

الفائدة الرابعة: أن هذا القرآن موحى إلى الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كله، ليس فيه ولا كلمة ولا حرف غير

ص: 106

موحى إليه، وأبهم الفاعل؛ لأنه معلوم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أُمِرَ أن يقول:{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: 50].

الفائدة الخامسة: عظمة هذا القرآن؛ حيث أوحي من الله إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ولا شك في هذا - وآثار تعظيمه وعظمته كثيرة.

منها: أنه لا يقرأه جنب حتى يغتسل.

ومنها: أنه لا يمسه المحدث حتى يتوضأ.

ومنها: أنه لا يجوز أن تُدْخَلَ به الأماكن القذرة.

ومنها: أنه لا تجوز إهانته بأن يوضع بين القدمين مثلًا.

ومنها: أنه لا يسافر به إلى أرض العدو إذا كان يخشى عليه من الإهانة.

ومنها: أنه لا يجوز بيع المصحف على قول بعض العلماء، وعللوا ذلك بأنه ابتذال له، حتى قال ابن عمر رضي الله عنهما:"وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف"

(1)

؛ لأن الواجب على من استغنى عنه أن يبذله لغيره.

فالمهم أن تعظيم القرآن واجب وله صور، ذكرنا منها ما شاء الله.

الفائدة السادسة: أن القرآن الكريم كافٍ في الإنذار؛ لقوله: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} ، فمن لم يتعظ بالقرآن فلا وعظه الله، قال الله

(1)

أخرجه البيهقي في الكبرى (6/ 16)، وسعيد بن منصور (2/ 385)، وأبو داود في المصاحف (1/ 368)، وابن أبي شيبة (4/ 287).

ص: 107

تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)} [يونس: 57].

الفائدة السابعة: أن من بلغه القرآنُ فقد قامت عليه الحجة؛ لقوله: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ، ولكن هل من بلغه القرآن وهو لا يعرف اللغة العربية هل يقال: إنه قامت عليه حجة؟

الجواب: لا، والدليل قول الله تبارك وتعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4].

الفائدة الثامنة: أنه يجب على علماء المسلمين أن يبلغوا القرآن كلَّ أحد؛ لأنهم ورثة الأنبياء، ولكن من لم يكن لسانه عربيًا فإنه يُبلَّغ معنى القرآن بلسانه، ثم يُعطى القرآن فيقرؤه باللفظ العربي، ولهذا نرى بعض الذين لا ينطقون العربية يقرؤون القرآن بالعربية وهم لا يعرفون معناه، وهذا من آيات الله، أن الله تعالى يسر القرآن لهم حتى صاروا ينطقون به بالعربية مع أنك لو أعطيتهم قطعة من سطرين فقط ما استطاعوا أن يقرؤوها، لكن هذا من آيات الله، وربما نقول: إنه داخل في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: 17].

عندنا أيضًا مسألة أخرى إذا بلغ القرآن قومًا يعرفون اللغة العربية ولكنَّهم عاشوا في أحضان أئمة الضلال ولا يدرون شيئًا، إذ إن أئمة الضلال عندهم هم المبلغون عن الله ورسوله، فهل هؤلاء معذورون، أو غير معذورين؟.

والذي أرى أنهم معذورون، ولكن عليهم إذا نُبِّهوا للحق أن يبحثوا عنه فإن أصروا مع التنبيه، وقالوا:(إنا وجدنا آباءنا على أمة) فهم كفار، وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة عندي أنهم إن

ص: 108

بقوا على جهلهم، ولم ينبهوا للحق فهم معذورون وإلا فهم غير معذورين، وهذا فيمن يدين بدين الإسلام.

وأما من عَرَف أنه على غير الإسلام يتبع أئمته أئمة الضلال، وهو يعرف أنه غير مسلم؛ كالنصارى مثلًا واليهود، فهؤلاء كفرهم ظاهر، حتى هم بأنفسهم يعرفون أنهم من أمة الكفر، ولا ينتسبون إلى الإسلام.

ولو قال قائل: مسألة العذر مشكلة جدًا، وأنتم ذكرتم أنه يجب على صاحب البدعة الكفرية أن يبحث إذا بلغته الحجة، فهذا المبتدع إذا أخبره أحد من أهل السُّنَّة سيقول: هذا سني كافر، كيف آخذ من كافر فهو لن يقبل منا صرفًا ولا عدلًا، فكيف نأمره بأن يبحث؟

الجواب: إذا بلغه الحق من القرآن والسنة، فإن الحق فيهما واضح والحمد لله، فإن قال:(الحق على خلاف ما أنت عليه أيها السني) قلت له: بيني وبينك كتاب الله عز وجل.

فإن قال المبتدع: ألم تقرأ قول الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} [يونس: 62].

قلت: بلى أقرؤها لكن هذه الآية بالنسبة لهم ليس لك أنت.

فإن قال: لنا فَهْمُنا ولكم فهمكم، وفهمنا هو الصواب.

قلنا: معنى هذا أن هؤلاء مكابرون، مَنْ يفهم من قوله تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} أن هذا يعني: جواز عبادتهم، والله تعالى ملأ القرآن بالنهي عن عبادة غيره.

ص: 109