الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: أن يكونوا من المؤمنين.
ولهذا جاءت (لا نكذبَ) بالنصب؛ لأن الواو هنا واو المعية، فالثاني مع الأول، وكذلك (نكون) جاءت بالنصب؛ لأن الواو واو المعية. فهم تمنوا هذا كله، ولكنهم كاذبون فيما قالوا، ولذلك قال الله عز وجل:{وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28].
وفي قوله: {وَلَا نُكَذِّبَ} قراءتان قراءة بالرفع وقراءة بالنصب، فعلى قراءة النصب تكون الواو واو المعية، يعني: أنهم تمنوا أن يردوا ولا يكذبوا بآيات الله، وعلى قراءة الرفع تكون داخلة في قوله:{يَالَيْتَنَا نُرَدُّ} ، أي: مقول القول، والمعنى يقولون:{فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} ، فتكون الواو عاطفة على الجملة السابقة {فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ} وَلَا نُكَذِّبُ {بِآيَاتِ رَبِّنَا} والأول أبلغ، أي: قراءة النصب {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عطفًا عليها.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: شدة ندم الكافرين إذا وقفوا على نار جهنم، لكونهم يتمنون أمرًا لا يمكن أن يكون.
الفائدة الثانية: إثبات النار، وهي الدار التي أعدها الله عز وجل للكافرين، وقد جاء في الكتاب والسُّنَّة من أصناف العذاب، فيها ما هو معلوم لكثير من الناس.
الفائدة الثالثة: إثبات القول للناس بعد البعث، وأن الإنسان بعد البعث يقول ويفعل، كما يقول في الدنيا ويفعل.
الفائدة الرابعة: إقرار هؤلاء بآيات الله عز وجل لقولهم: {وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} .
الفائدة الخامسة: إقرارهم بأنهم ليسوا مؤمنين؛ لأنهم تمنوا أن يكونوا مؤمنين، ولكنَّ هذا لا ينفع إذ قد انتهى كل شيء.
الفائدة السادسة: جواز حذف المعلوم، والمعنى جوازه لغةً، وفي هذا يقول ابن مالك رحمه الله:
وحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا
…
تَقُولُ زيدٌ بعد مَنْ عِنْدَكُمَا
(1)
فحذف ما يعلم جائز سواء كان المبتدأ، أو الخبر، أو الفعل، أو الفاعل، أو في كل كلام، فما هو المقدر في هذه الآية؟ المقدر: لرأيت أمرًا عظيمًا.
* * *
* قال الله عز وجل: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)} [الأنعام: 28].
قوله: {بَلْ} إضراب لإبطال ما سبق من قولهم: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، أي: بل لن يؤمنوا ولو ردوا.
قوله: {بَدَا لَهُمْ} ، أي: ظهر {مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} ، فما الذي كانوا يخفونه من قبل، هل هو تصديق الرسل بما جاءوا به، ولكن جحدوا والجحد إخفاء ما كان معلومًا؟ أو ما كانوا يخفون من قبل من الكفر الذي كانوا يكتمونه، حيث إنهم كانوا يُظهرون الإيمان ويُبطنون الكفر؟
فعلى الأول يكون السياق في الكافرين، وعلى الثاني يكون السياق في المنافقين.
(1)
البيت رقم (136) في الألفية.