الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المهم أن هذه الدواب أمم أمثالنا، ولها عجائب، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب مفتاح دار السعادة العجب العجاب من هذه الأمم.
قوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} فرطنا، يعني: أهملنا، و
المراد بالكتاب اللوح المحفوظ
، وليس الكتاب العزيز والسياق هو الذي يعين ذلك، ولأن الكتاب العزيز قال الله فيه:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، فالمراد بالكتاب هنا اللوح المحفوظ، يعني: ما أهمل الله شيئاً إلا كتبه في اللوح المحفوظ، ولا يشكل عليك أن تقول: كيف يُكتب كل شيء حتى أصناف الدواب؟ نقول: الواجب على الإنسان أن يؤمن بما أخبر الله به سواء أدركه عقله أم لم يدركه، ولو كان الإنسان لا يؤمن إلا بما أدركه عقله لم يكن مؤمناً حقاً، فكل ما أخبر الله به من هذا وغيره يجب علينا أن نؤمن به، ولا نعترض ولا نورد إيرادات سواء أدركناه بعقولنا أم لم ندركه، على أنه وجد الآن من صنع البشر أشياء صغيرة تحمل كلمات كثيرة جداً، وهي من صنع البشر، هذه الأقراص التي يسمونها الليزر تحمل كثيراً جداً من الكلمات.
لو قال قائل: قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} هل يؤخذ منه أن دعاء: "اللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه"؟
فالجواب: لا يثبت، هذا الدعاء معروف أنه منكر، ولا يجوز الدعاء به فقولهم:"رب لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه" هذا غلط، والدعاء - به يدل على أن هذا
الإنسان كأنه يقول: لا أبالي، بل الواجب أن تسأل الله أن يعافيك، ولا يرد القضاء إلا الدعاء لكن هذه كلمة من صوفي، أو شبهه وسارت على الألسنة.
فإن قيل: هل الإنسان مسير أو مخير؟
قلنا: - سبحان الله - فهذا الذي سأل هذا السؤال مخير أو مسير؟
من المعلوم أن الإنسان: مخير، فهو الذي اختار أن يسأل.
وقوله: {مِنْ شَيْءٍ} {مِنْ} زائدة للتوكيد، وقد مرّ بنا أنه ليس في كتاب الله تعالى شيء زائد لغير معنى أبداً؛ لأن القرآن لفظ ومعنى، لكن قولنا (زائد)، يُراد به: الزيادة الإعرابية، يعني: زائداَ إعراباً، أما معنىً فلا.
قوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} ، يعني: ثم بعد أن تنتهي الدنيا {إِلَى رَبِّهِمْ} الذي خلقهم عز وجل، وكتبهم في اللوح المحفوظ {يُحْشَرُونَ} ، أي: يجمعون كل شيء يحشر يوم القيامة، ولا تستغرب فتقول: كيف تحشر هذه الدواب والسباع والبهائم والطيور وغيرها؟ بل الواجب عليك أن تصدق، والمسألة فوق ما يدركه العقل، كلهم يحشرون إلى الله، وكلهم يقتص للمجني عليه من الجاني، حتى الشاة التي ليست لها قرون تقتص من الشاة التي لها قرون إذا نطحتها في الدنيا، وهذا من كمال العدل، ولهذا يظهر يوم القيامة من تمام عدل الله عز وجل ورحمته وغضبه أيضاً ما لم يكن سابقاً، حتى يظهر تمام العدل للخلائق جميعاً.