الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم على عتبة بن أبي وقاص
فخرّج عبد الرزاق عن معمر، عن الزهريّ، عن عثمان الجزري، عن مقسم أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسر رباعيته، ودمي وجهه، وقال: اللَّهمّ لا يحل عليه الحول حتى يموت كافرا، فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار.
وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم على ابن قميئة ومن وافقه في ضيعه
فخرّج أبو نعيم [ (1) ] من حديث بن جريح، عن إبراهيم بن ميسرة، عن نافع بن عاصم، قال: الّذي دمي وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن قميئة رجل من هذيل، فسلط اللَّه عليه تيسا فنطحه حتى قتله.
وقال الواقدي في (مغازيه)[ (2) ]- وقد ذكر غزوة أحد-: وكان أربعة من قريش قد تعاهدوا وتعاقدوا على قتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعرفهم المشركون بذلك عبد اللَّه بن شهاب، وعتبة بن أبي وقاص، وابن قميئة [ (3) ] ، وأبيّ بن خلف، ورمى عتبة يومئذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأربعة أحجار وكسرت رباعيته- أشظى [ (4) ] باطنها اليمنى السفلى وشج وجنتيه حتى غاب حلق المغفر في وجنته، وأصيبت ركبتاه فجحشتا، وكان حفر حفرها أبو عامر الفاسق كالخنادق للمسلمين، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واقفا على بعضها ولا يشعر به، والثبت عندنا أن الّذي رمى في وجنتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابن قميئة والذي رمى في شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أبي وقاص،
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 488- 489، حديث رقم (424) وسنده منقطع.
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 1/ 243- 246.
[ (3) ] في بعض المراجع: «قمئة» .
[ (4) ] أشظى: كسر.
وأقبل ابن قميئة وهو يقول: دلوني على محمد، فو الّذي يحلف به، لئن رأيته لأقتلنه! فعلاه السيف ورماه عتبة بن أبي وقاص مع تجليل السيف، وكان عليه صلى الله عليه وسلم درعان، فوقع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الحفرة التي أمامه فجحشت ركبتاه، ولم يصنع سيف بن قميئة شيئا، إلا وهن الضربة بثقل السيف، فقد وقع لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وانتهض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وطلحة يحمله من ورائه، وعلي آخذ بيديه حتى استوى قائما.
حدثني الضحاك بن عثمان عن ضمرة بن سعيد، عن أبي بشير المازني، قال: حضرت يوم أحد وأنا غلام، فرأيت ابن قميئة علا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالسيف، فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقع على ركبتيه في حفرة أمامه حتى توارى، فجعلت أصيح- وأنا غلام- حتى رأيت الناس ثابوا إليه، قال: فانظر إلى طلحة بن عبيد اللَّه آخذا بحضنه حتى قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
ويقال: إن الّذي شج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جبهته ابن شهاب، والّذي أشظى رباعيته وأدمى شفتيه عتبة بن أبي وقاص، والّذي رمى وجنتيه، حتى غاب الحلق في وجنتيه ابن قميئة، وسال الدم من في شجته التي في جبهته حتى أخضل الدم لحيته صلى الله عليه وسلم.
وكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم عن وجه رسول اللَّه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى اللَّه- عز وجل؟
فأنزل اللَّه- عز وجل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [ (1) ] الآية.
وقال سعد بن أبي وقاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: سمعته يقول: اشتد غضب اللَّه على قوم أدموا وجه رسول اللَّه، اشتد غضب اللَّه على رجل قتله رسول اللَّه! قال سعد: فقد شفاني من عتبة أخي دعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لقد حرصت على قتله حرصا ما حرصته على شيء قط، وإن كان ما علمته لعاقا بالوالد سيّئ الخلق، ولقد تخرقت صفوف المشركين مرتين أطلب أخي لأقتله، ولك راغ مني روغان الثعلب، فلما كان الثالثة قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا عبد اللَّه ما تريد؟ تريد أن تقتل نفسك؟ فكففت، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
[ (1) ] آل عمران: 128.
اللَّهمّ لا يحولنّ الحول على أحد منهم!
قال: واللَّه، ما حال الحول على أحد ممن رماه أو جرجه! مات عتبة.
وأما ابن قميئة فإنه اختلف فيه، فقائل يقول: قتل في المعرك، وقائل يقول: إنه رمى يوم أحد بسهم، فأصاب مصعب بن عمير، فقال: خذها وأنا ابن قميئة! فقتل مصعبا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أقمأه اللَّه،
فعمد إلى شاة يحتلبها فنطحته بقرنها وهو معتقلها فقتلته، فوجد ميتا بين الجبال، لدعوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان عدو اللَّه قد رجع إلى أصحابه، فأخبرهم أنه قتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو رجل من بني الأدرم من بني فهر.