الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إطلاع اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما قاله المشركون في عمرة القضية
فخرّج أبو داود [ (1) ] من حديث مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن سعيد بن جبير أنه حدثه، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم وقد وهنتهم الحمى ولقوا منها شرا، فأطلع اللَّه- تعالى- نبيه على ما قالوه، فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين، فلما رأوهم رملوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد منا، قال ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط إلا إبقاء عليهم.
وخرّجه البخاريّ أيضا في باب كيف كان بدء الرّمل [ (2) ] ، وفي عمرة القضاء [ (3) ] من حديث سليمان بن حرب، وحماد بن زيد.
[ (1) ](سنن أبي داود) : 2/ 446، كتاب المناسك، باب (51) في الرّمل، حديث رقم (1886) .
[ (2) ](فتح الباري) : 3/ 599، كتاب الحج، باب (55) كيف كان بدأ الرّمل؟ حديث رقم (1602) .
[ (3) ]
(فتح الباري) : 7/ 647- 648، كتاب المغازي، باب (44) عمرة القضاء، حديث رقم (4256) ، وزاد ابن سلمة عن أيوب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم لعامه الّذي استأمن قال: أرملوا ليرى المشركون قوتكم.
والمشركون من قبل قعيقعان.
قوله: «باب كيف كان بدء الرمل» أي ابتداء مشروعيته، وهو بفتح الراء والميم هو الإسراع، وقال ابن دريد: هو شبيه بالهرولة، وأصله أن يحرك الماشي منكبيه في مشيه، وفي الحديث: جواز تسمية الطوفة شوطا، ونقل عن مجاهد والشافعيّ كراهته، ويؤخذ منه جواز تسمية الطوفة شوطا، ونقل عن مجاهد والشافعيّ كراهته، ويؤخذ منه جواز إظهار القوة بالعدة والسلاح ونحو ذلك للكفار إرهابا لهم، ولا يعد ذلك من الرياء المذموم، وفيه جواز المعاريض بالفعل كما يجوز بالقول، وربما كانت بالفعل أولى. (فتح الباري) .
وخرّجه مسلم [ (1) ] من حديث أبي الربيع الزهراني قال حماد: يعني ابن زيد عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: يقدم عليكم غدا قوم وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا.
قال ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم. اللفظ لمسلم، وهو أتم، فلم يذكر
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 9/ 15- 16، كتاب الحج، باب (39) استحباب الرمل في الطواف والعمرة، وفي الطواف الأول في الحج، حديث رقم (240) .
ومن حديث سفيان عن عطاء، عن ابن عباس قال: إنما سعى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورمل بالبيت ليرى المشركين قوته. حديث رقم (241) .
قال الإمام النووي: وأما يثرب فهو الاسم الّذي كان للمدينة في الجاهلية، وسميت في الإسلام المدينة، فطيبة، فطابة، قال اللَّه- تعالى- ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ. [ولم يأت ذكر «يثرب» في القرآن الكريم إلا على لسان المشركين أو اليهود أو المنافقين، قال تعالى: وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا، [الأحزاب: 13] .
وأخرجه النسائي في المناسك، باب (155) العلة التي من أجلها سعى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت، حديث رقم (2945) . قال الحافظ السيوطي في (حاشيته على سنن النسائي) : قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: فكان ذلك ضربا من الجهاد، قال: وعلته في حقنا تذكر النعمة التي أنعمها اللَّه على رسوله وأصحابه بالعزة بعد الذلة، وبالقوة بعد الضعف، حتى بلغ عسكره صلى الله عليه وسلم سبعين ألفا.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 1/ 485، حديث رقم (2681) ، وحديث رقم (2790) ، وحديث رقم (3526) كلهم من مسند عبد اللَّه بن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.