المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخامسة: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحسن الكتابة - إمتاع الأسماع - جـ ١٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث عشر]

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بغلبة المسلمين على الأعمال الدنيوية

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بفتنة السفياني من الشام

- ‌وأما تأويله صلى الله عليه وسلم رؤيا زرارة فوقع كما قال

- ‌فصل في ذكر خصائص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التي لم يشركه فيها غيره

- ‌النوع الأول: في الواجبات والحكمة في اختصاصه عليه السلام عن ازدياده الدرجات

- ‌المسألة الأولى: صلاة الضحى

- ‌المسألة الثانية: صلاة الأضحى

- ‌المسألة الثالثة: صلاة الوتر

- ‌المسألة الرابعة: التهجد كان واجبا عليه

- ‌وأما سائر الأخبار التي ذكرناها عن عائشة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها وابن عباس وغيرهما فإنّها دلت على أن آخر السورة نسخ أولها فصار قيام الليل تطوعا بعد فرضيته بنزول آخر السورة

- ‌تنبيهات

- ‌المسألة الخامسة: صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل

- ‌المسألة السادسة: في السواك وكان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم على الصحيح

- ‌تنبيه

- ‌المسألة السابعة: مشاورة ذوي الأحلام في الأمور

- ‌وأما ما استشار فيه فهو الأمور الممكنات المتقاربة باختيار الفاعل

- ‌وأما ما كان من الأمور الدنياوية كالمساحة، والكتاب، والحساب

- ‌المسألة الثامنة: كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم مصابرة العدو وإن كثر عددهم، والأمة إنما يلزمهم الثبات إذا لم يزد عدد الكفار على الضعف

- ‌المسألة التاسعة: كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا رأى منكرا أن ينكره ويغيّره إنما يلزمه ذلك عند الإمكان

- ‌المسألة العاشرة: كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم قضاء دين من مات من المسلمين معسرا عند اتساع المال [ (1) ]

- ‌المسألة الحادية عشر:

- ‌المسألة الثانية عشر: كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا فرض الصلاة [صلاها] كاملة لا خلل فيها

- ‌المسألة الثالثة عشر: كان يلزمه صلى الله عليه وسلم إتمام كل تطوع يبتدأ به

- ‌المسألة الرابعة عشر: أنه كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يدفع بالتي هي أحسن

- ‌المسألة الخامسة عشر: أنه صلى الله عليه وسلم كلف وحده من العلم ما كلف الناس بأجمعهم

- ‌المسألة السادسة عشر: أنه صلى الله عليه وسلم كان يغان على قلبه فيستغفر اللَّه ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة

- ‌المسألة السابعة عشر: أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ عن الدنيا عند تلقى الوحي وهو مطالب بأحكامها عند الأخذ عنها [ (1) ]

- ‌المسألة الثامنة عشر: أنه صلى الله عليه وسلم كان مطالبا برؤية مشاهدة الحق مع معاشرة الناس بالنفس والكلام [ (2) ]

- ‌وأما الواجب المتعلق بالنكاح وهو القسم الأول من الواجبات فكان يجب عليه صلى الله عليه وسلم تخيير زوجاته بين اختيار زينة الدنيا ومفارقته وبين اختيار الآخرة والبقاء في عصمته ولا يجب ذلك على غيره

- ‌إحداها: أن عائشة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها قالت: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئا من عرض الدنيا إما زيادة في النفقة أو غير ذلك فاعتزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا فيما ذكرثم أخبره اللَّه تعالى أن يخيرهن بين الصبر عليه والرضي بما

- ‌ثانيها: في غيرة كانت غارتها عائشة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها

- ‌ثالثها: أن نسائه يغايرن عليه

- ‌رابعها: أنهن أجمعن وقلن: نريد كما تريد النساء من الحلي والثياب

- ‌خامسها: أن بعض نسائه التمست منه خاتما من ذهب فاتخذ لها خاتم فضة وصفّره بالزعفران فتسخّطت

- ‌سادسها: أن اللَّه سبحانه امتحنهن بالتخيير ليكون لرسول صلى الله عليه وسلم خير النساء

- ‌سابعها: أن اللَّه تعالى خيره صلى الله عليه وسلم بين الغنى والفقر فأمره تعالى بتخيير نسائه لتكون من اختارته موافقة لاختياره

- ‌ثامنها: أن سبب نزول الآية قصة مارية في بيت حفصة

- ‌تاسعها: أن سبب شربه صلى الله عليه وسلم العسل في بيت زينب بنت جحش

- ‌وهنا فوائد أخر:

- ‌أحدها: من اختارت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحياة الدنيا هل كان يحصل الفراق بنفس الاختيار

- ‌ثانيهما: هل يعتبر أن يكون جوابهن على الفور

- ‌ثالثها: هل كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم طلاق من اختارته

- ‌رابعها: لما خير صلى الله عليه وسلم زوجاته فاخترنه كافأهن اللَّه تعالى على حسن صنيعهن بالجنة

- ‌وأما نكاح غيرهن: فلم يمنع منه بل أحله اللَّه له على ما بيّن في كتابه

- ‌خامسها: إذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أحل له التزويج فهل ذلك عام في جميع النساء

- ‌سادسها: قال الماوردي: تحريم طلاق من اختارته صلى الله عليه وسلم منهن إذا قلنا به كما سلف لم ينسخ بل بقي إلى الموت

- ‌سابعها: هل كان يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يجعل الاختيار لهن قبل المشاورة معهن

- ‌النوع الثاني: ما اختص به الرسول صلى الله عليه وسلم من المحرمات

- ‌القسم الأول: المحرمات في غير النكاح

- ‌الأولى: الزكاة، فإنّها حرام عليه صلى الله عليه وسلم لا تحل له بإجماع العلماء على ذلك

- ‌وأما صدقة التطوع ففي تحريمها على النبي صلى الله عليه وسلم وتحريمها على آله أربعة أقوال:

- ‌الثانية: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يأكل البصل، والثوم، والكراث، وما له رائحة كريهة من البقول

- ‌الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل متكئا

- ‌الرابعة: تعليم الشّعر

- ‌الخامسة: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحسن الكتابة

- ‌السادسة: كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى يلقى العدو

- ‌السابعة: كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين أي لم يكن له أن يومئ بطرفه خلاف ما يظهره بكلامه

- ‌الثامنة: اختلف أصحابنا هل كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم أن يصلي على من عليه دين؟ على وجهين، وفي جوازه مع وجود الضامن على طريقتين

- ‌التاسعة: كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم أن يستكثر ومعناها: أن يعطي شيئا ليأخذ أكثر منه

- ‌العاشرة: أمره اللَّه- تعالى- أن يختار الآخرة عن الأولى

- ‌القسم الثاني: المحرمات المتعلقة بالنكاح

- ‌الأولى: إمساك من كرهت نكاحه ورغبت عنه محرم عليه على الصحيح

- ‌الثانية: نكاح الحرة الكتابية حرام عليه

- ‌الثالثة: في تسريه بالأمة الكتابية

- ‌الرابعة: في تحريم نكاحه صلى الله عليه وسلم الأمة المسلمة

- ‌النوع الثالث: ما اختص به من المباحات والتخفيفات توسعة وتنبيها على [أنّ] ما اختص به صلى الله عليه وسلم من الإباحة لا يلهيه عن طاعة اللَّه تعالى وهذا النوع قسمان أيضا: متعلق بغير النكاح ومتعلق به

- ‌القسم الأول: المباحات له صلى الله عليه وسلم في غير النكاح

- ‌الأولى: الوصال في الصوم أبيح له صلى الله عليه وسلم

- ‌الثانية: اصطفاؤه صلى الله عليه وسلم فيما يختاره من الغنيمة قبل قسمها من جارية أو غيرها بشيء ما اختاره من ذلك الصفيّ والجمع الصّفايا

- ‌تتمّة

- ‌الثالثة: كان له صلى الله عليه وسلم الاستبداد بخمس خمس الفيء والغنيمة وبأربعة أخماس الفيء فينفرد صلى الله عليه وسلم بذلك

- ‌وأما مال الفيء وهي الأموال الواصلة من المشركين بغير قتال ولا إيجاف بخيل ولا ركاب

- ‌الرابعة: دخوله صلى الله عليه وسلم مكة بلا إحرام

- ‌الخامسة: أبيحت له مكة يوما واحدا

- ‌السادسة: أنه صلى الله عليه وسلم لا يورث وأن ما تركه صدقة

- ‌وأما سهمه صلى الله عليه وسلم من خمس الخمس من الفيء والغنيمة

- ‌وأما سهمه صلى الله عليه وسلم من أربعة أخماس الفيء [ (1) ]

- ‌وأما الصفيّ فقد سقط حكمه فلا يستحقه أحد بعده صلى الله عليه وسلم

- ‌السابعة: كان له صلى الله عليه وسلم أن يقضي بعلمه وفي غير خلاف مشهود حاصله ثلاثة أقوال لجواز المنع، وفي غير الحدود، وشاهد حكمه عليه السلام بعلمه حديث هند بنت عتبة

- ‌الثامنة: كان له صلى الله عليه وسلم أن يحكم لنفسه ولولده على الأصح لأنه معصوم وفي من عداه صلى الله عليه وسلم وجه في حكمه لولده

- ‌التاسعة: كان صلى الله عليه وسلم يقبل شهادة من يشهد له

- ‌العاشرة: كان له صلى الله عليه وسلم أن يحمي لنفسه ولم يقع ذلك وليس للأئمة بعده ولا لغيره أن يحموا لأنفسهم

- ‌الحادية عشر: له صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج صلى الله عليه وسلم إليهما وعلى مالكهما البذل ويفدي مهجة الرسول صلى الله عليه وسلم بمهجته صيانة لمهجة الرسول صلى الله عليه وسلم ووقاية لنفسه الكريمة

- ‌المسألة الثانية عشر: أنه يجب على أمته صلى الله عليه وسلم أن يحبوه

- ‌أما جمال الصورة والظاهر، وكمال الأخلاق والباطن

- ‌وأما إحسانه وإنعامه على أمته

- ‌المسألة الثالثة عشر: أنه صلى الله عليه وسلم لا ينقض وضوؤه بالنوم بخلاف غيره

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بصلة بن أشيم [ (1) ]

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بولادة غلام له يسميه باسمه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره عليه الصلاة والسلام أمّ ورقة [ (1) ] بأنها ستدرك الشهادة فكان كما أخبر

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بالطاعون الّذي يأتي بعده

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بفتن تموج كموج البحر وأنها تكون بعد قتل عمر بن الخطاب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه

- ‌وأما إنذاره عثمان بن عفان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بالبلوى التي أصابته فقتل فيها

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بأقوام يؤخرون الصلاة

- ‌وأما ظهور صدقة صلى الله عليه وسلم فيما قال لعقبة بن أبي معيط في صبيته

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بالفتن من بعده فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم ووقعت الفتنة في آخر أيام عثمان وفي أيام علي رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما

- ‌وأما صدق إخباره صلى الله عليه وسلم بأن إحدى نسائه تنبح عليها كلاب الحوأب [ (1) ]

- ‌ذكر خبر وقعة الجمل تصديقا للفقرة السابقة

- ‌وأما إخبار اللَّه تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بما عزم عليه عمرو بن جحاش من إلقاء صخرة عليه حتى قام من مكانه

- ‌وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله عن أبيّ بن خلف: أنا أقتله، فقتله يوم أحد

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم على عتبة بن أبي وقاص

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم على ابن قميئة ومن وافقه في ضيعه

- ‌وأما تغسيل الملائكة حنطلة بن أبي عامر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه لما قتل بأحد وظهور الماء بقطر من رأسه تصديقا لإخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذلك

- ‌وأما غشي النعاس المؤمنين يوم أحد

- ‌وأما ظهور صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في إخباره أن قزمان في النار

- ‌وأما حماية الدبر عاصم بن ثابت حتى لم تمسه أيدي المشركين تكرمة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعلما من أعلام نبوته

- ‌وأما حماية اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ممن بعثه أبو سفيان بن حرب ليقتله وتخليصه تعالى عمرو بن أمية الضمريّ ومن معه من فتك المشركين وتأييدهما عليهم حتى قتلا منهم وأسرا

- ‌وأما رفع عامر بن فهيرة بعد قتله في بعث بئر معونة

- ‌وأما إعلام اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم يهاجم به المشركون من الميل على المسلمين إذ أضلوا ليقتلوهم

- ‌وأما حماية اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من غورث بن الحارث، وكفايته أمره

- ‌وأما إشارة الرسول صلى الله عليه وسلم حين ضرب بالفأس في حفر الخندق وإلى ما فتحه اللَّه من المدائن لأمته

- ‌وأما إخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأن المشركين بعد الخندق لا يغزون المسلمين، وكان كذلك

- ‌وأما قذف اللَّه عز وجل الرعب في قلوب بني قريظة

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء سعد بن معاذ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه في جراحته وإجابة اللَّه تعالى إياه في دعوته وما ظهر في ذلك من كرامته

- ‌وأما إسلام ثعلبة وأسيد بني سعية وأسد بن عبيد وما في ذلك من آثار النبوة

- ‌وأما امتناع عمرو بن سعدى القرظيّ من الغدر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما قتل أبي رافع بن أبي الحقيق واسمه عبد اللَّه وقيل سلام

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأن عبد اللَّه بن أنيس إذا رأى سفيان بن خالد نبيح فرق منه فكان كذلك

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم الحارث بن أبي ضرار بأمور فكانت كما أمره صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بموت منافق عند هبوب الريح فكان كما أخبر

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بموضع ناقته لما فقدت وإخباره بما قال المنافق في ذلك

- ‌وأما نفث الرسول صلى الله عليه وسلم شجة عبد اللَّه بن أنيس فلم تقح

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى الحديبيّة بأن قريشا لا ترى نيرانهم وإخباره صلى الله عليه وسلم بمجيء أهل اليمن وبشقاوة الأعرابي فكان كما أخبر

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح خيبر

- ‌وأما طول عمر أبي اليسر بدعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما رجيف الحصن بخيبر لما رماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكفّ من حصا

- ‌وأما ما صنعه اللَّه سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حتى فرت غطفان وتركت يهود خيبر

- ‌وأما إعلام اللَّه سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بما رآه عيينة بن حصن في منامه وبالصياح الّذي أنفره إلى أهله

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن رجل كان يقاتل معه بخيبر أنه من أهل النار، فقتل نفسه وصار من أهل النار

- ‌وأما إطلاع اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما غلّه من شهد خيبر معه

- ‌وأما نطق ذراع الشاة المسمومة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تخبره بما فيها من السم

- ‌وأما أن الأرض أبت أن تقبل ميتا قتل موحّدا

- ‌وأما تصديق اللَّه تعالى رؤيا رسوله صلى الله عليه وسلم بدخوله المسجد الحرام

- ‌وأما إطلاع اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما قاله المشركون في عمرة القضية

- ‌وأما تعيين أمراء غزوة مؤتة واحدا بعد واحد وكان ذلك إشارة إلى أنهم سيستشهدوا

- ‌وأما نعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيدا وجعفرا وعبد اللَّه بن رواحة يوم قتلوا بمؤتة قبل أن يأتي خبرهم إلى الناس

- ‌وأما إخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك الأشجعيّ بقصة الجزور المنحور في غزاة ذات السلاسل

- ‌وأما إغاثة اللَّه تعالى سرية بعثها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برزق أخرجه لها من البحر وقد جهدها الجوع تكرمة له صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما نعى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النجاشيّ في اليوم الّذي مات فيه بأرض الحبشة

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بنصر بني كعب على بني بكر فكان كذلك وإجابة اللَّه تعالى دعاءه في تعمية خبره عن قريش بمكة

- ‌وأما إطلاع اللَّه تعالى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالمسير إليهم

- ‌وأما وحي اللَّه تعالى بما قالته الأنصار يوم فتح مكة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأن مكة شرفها اللَّه تعالى لا تغزى بعد فتحه لها، ولا تكون دار كفر فكان كذلك

- ‌وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي طلحة أنه يأخذ مفتاح الكعبة ويضعه حيث شاء

- ‌وأما إعلام اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بما قالته قريش لما سمعوا أذان بلال رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه يوم فتح مكة

- ‌وأما عفوه صلى الله عليه وسلم عن سهيل بن عمرو يوم فتح مكة وبرّه له مع سوء أثره يوم الحديبيّة

- ‌وأما إخباره بإسلام عبد اللَّه بن الزّبعرى حين نظر إليه مقبلا

- ‌وأما صنع اللَّه تعالى له في إلقاء محبته صلى الله عليه وسلم في قلب هند بنت عتبة بعد مبالغتها في شدة عداوته

الفصل: ‌الخامسة: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحسن الكتابة

شاعر، قال أهل الفطنة منهم: واللَّه لتكيدنكم العرب، فإنّهم يعرفون أصناف الشعر، فو اللَّه ما يشبهه شيئا منها، وما قوله بشعر.

وقال أنيس أخو أبي ذر: لقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فلم يلتئم أنه شعرا. وقال: عتبة بن ربيعة لما كلمه: واللَّه ما هو بشعر، ولا كهانة، ولا سحر. وقد سقت هذه كلها بأسانيدها في موضعها من هذا الكتاب.

‌الخامسة: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحسن الكتابة

قالوا: وكان يحرم عليه ذلك، قال اللَّه- تعالى-: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ [ (1) ] قال ابن كيسان: واحد الآيتين أميّ، كان منسوبا إلى أمة، والأمة لا تكتب بالجملة، إنما يكتب بعضها، وقيل نسب إلى أمه، لأن الكتاب كان في الرجال، ولم يكن في النساء [ (2) ] .

[ (1) ] الأعراف: 157، وتمامها: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

[ (2) ] قال ابن حديدة الأنصاري (783 هـ) : روينا عن الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد اللَّه الخثعميّ ثم السهيليّ- رحمه الله في (الروض الألف) - وقد تكلم على كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبيّة-: وأنه محا اسمه وهو «رسول اللَّه» حين قال له سهيل بن عمرو:

ولو شهدت أنك رسول اللَّه لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فكتب:«هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللَّه» لأنه قول حق كله، فظن بعض الناس أنه كتب بيده، وفي البخاريّ:

كتب وهو لا يحسن الكتابة، فتوهم أن اللَّه- تعالى- أطلق يده بالكتابة في تلك الساعة خاصة.

وقال: هي آية، فيقال له: كانت تكون آية لا تنكر، لولا أنها مناقضة لآية أخرى وهو كونه أميا لا يكتب، وبكونه أميا في أمة أمية قامت الحجة، وأفحم الجاحد، وانحسمت الشبهة، فكيف يطلق اللَّه- عز وجل يده فيكتب لتكون آية؟ وإنما معنى «كتب» أمر أن يكتب، وكان الكاتب في ذلك اليوم عليّ بن أبي طالب- رضوان اللَّه عليه-، وقد كتب له عدة من

ص: 100

_________

[ () ] أصحابه صلى الله عليه وسلم منهم الخلفاء الأربعة [وغيرهم] ، ذكرهم عمر بن شبة في كتاب (الكتّاب) له، فجميعهم ثلاثة وعشرون، وقد تتبعت ما أغفله ابن شبّة- رحمه الله فبلغت بهم نحوا من أربعة وأربعين كاتبا مع الذين ذكرهم، خرجتهم من مصنفات علماء هذا الشأن. (المصباح المضيء) : 1/ 27- 28، باب في ذكر من كتب له من الصحابة، والكلام على كتابه صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبيّة، مختصرا.

وقال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: ولأن محمدا صلى الله عليه وسلم اشتهر بوصف النبي الأميّ، فصار هذا المركب كاللقب له، فلذلك لا يغيره عن شهرته، وكذلك هو حيثما ورد ذكره في القرآن الكريم.

والأميّ: الّذي لا يعرف الكتابة والقراءة، قيل: هو منسوب إلى الإمام، أي هو أشبه بأمه منه لأبيه، لأن النساء في العرب ما كنّ يعرفن القراءة والكتابة، وما تعلمنها إلا في الإسلام، فصار تعلم القراءة والكتابة من شعار الحرائر دون الإماء، كما قال عبيد الراعي- وهو إسلاميّ-:

هنّ الحرائر لا ربات أخمرة

سود المحاجر لا يقرأن بالسّور.

أما الرجال ففيهم من يقرأ ويكتب.

وقيل: منسوب للأمة، أي الّذي جاء حاله معظم الأمة، أي الأمة المعهودة عندهم وهي العربية، وكانوا في الجاهلية لا يعرف منهم القراءة والكتابة إلا النادر منهم، ولذلك يصفهم أهل الكتاب بالأميين، لما حكى اللَّه- تعالى- عنهم في قوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ [آل عمران: 75] .

والأمية وصف خص اللَّه- تعالى- به من رسله محمدا صلى الله عليه وسلم إتماما للإعجاز العلميّ والعقلي الّذي أيده اللَّه به، فجعل الأمية وصفا ذاتيا له، ليتم بها وصفه الذاتي، وهو الرسالة، لكي يظهر أن كماله النفسانيّ كمال لدنيّ إلهي، لا وساطة فيه للأسباب المتعارفة للكمالات، وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه، مع أنها في غيره وصف نقصان، لأنه لما حصل له من المعرفة وسداد العقل ما لا يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفة الكمالات الحق، وكان على يقين من علمه، وبينه من أمره، ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين، صارت أميته آية على كون ما حصل له إنما هو من فيوضات إلهية. (تفسير التحرير والتنوير) : 9/ 133.

ص: 101

وقال ابن النحاس: منسوب إلى أمه كما ولد، وقيل: نسب إلى أم القرى، وقال- تعالى-: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [ (1) ] يقول اللَّه- جل ذكره-: وما كنت يا محمد تتلو يعنى تقرأ قبله يعني من قبل هذا القرآن الّذي أنزلته إليك من كتاب ولا تخطه بيمينك يقول: ولم تكن تكتب بيمينك، ولكنك كنت أميا، إذا لارتاب المبطلون، يقول:

ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتب أو تخطها بيمينك، إذا لارتاب، يقول: إذا لشكّ بسبب ذلك في أمرك وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الّذي تتلوه عليهم المبطلون القائلون: أنه سجع وكهانة، وأنه أساطير الأولين.

قال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ شيئا ولا يكتب. وقال سعيد عن قتادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله، ولا يخطه بيمينه، ظقال: كان أميا، والأمي الّذي لا يكتب، وقال أبو إدريس الأوردي، عن الحكم، عن مجاهد:

كان أميا، والأميّ الّذي لا يكتب، قال: وكان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخط، ولا يقرأ كتابا، فنزلت هذه الآية: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [ (2) ] قال سعيد: إذا لقالوا: إنما هذا شيء تعلمه محمد وكتبه.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: المبطلون قريش، وقد زعم بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى تعلم الكتابة، وهذا قول لا دليل عليه، فهو مردود.

وتمسك القائل بأنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن الكتابة بما خرّجه البيهقيّ من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل، عن مجاهد، عن عون بن عبد اللَّه، عن أبيه، قال: لم يمت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ.

وقال مجاهد: فذكرت ذلك للشعبي، فقال: قد صدق، قد سمعت من بعض أصحابنا يذكرون ذلك.

[ (1) ] العنكبوت: 48.

[ (2) ] العنكبوت: 48.

ص: 102

قال البيهقيّ: إنه حديث منقطع، وفي روايته جماعة من الضعفاء والمجهولين [ (1) ] .

قال مؤلفه: يحيي بن المتوكل أبو عقيل المدني الحذاء الضرير [ (2) ] مولى آل عمر وصاحب بهيمة، روى عنهما، وعن محمد بن المنكدر، والقاسم بن عبد اللَّه العمري، وجماعة، وروى عنه ابن المبارك، ووكيع، وجماعة.

قال ابن معين: ليس بشيء، ومرة قال: ليس به بأس، ومرة قال:

ضعيف، وقال الدارميّ: هو ضعيف، وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه عن بهيمة، عن عائشة منكرة، لم يرو عن بهيمة شيء وما روى عنها إلا هو واهي الحديث، ومرة قال: يروي عن قوم لا أعرف منهم واحدا، ولم يحل عنهم.

وقال الفلاس: هو ضعيف، ومرة قال: فيه ضعيف، وقال السعديّ:

أحاديثه منكرة، وقال النسائي: ضعيف وقال ابن عدي: وعامة أحاديثه غير محفوظة، ومجالد بن سعيد بن عمير بن ذي يزن، أبو عمير الهمدانيّ، الكوفي، ضعفه يحيى القطان، وابن معين، والسعديّ، والنسائي، وقال ابن عدي: وعامة ما يروونه غير محفوظ.

وذكر النقاش في (تفسيره) عن الشعبي أنه قال: ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كتب، وأسند من حديث أبي كبشة السلوليّ أنه صلى الله عليه وسلم قرأ صحيفة لعيينة بن حصن.

قال ابن عطية: وهذا كله ضعيف، وتمسك أيضا بما

خرّجه البخاري [ (3) ] في كتاب الصلح في عمرة القضاء من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق، عن

[ (1) ](سنن البيهقيّ) : 7/ 42- 43، كتاب النكاح، باب لم يكن له صلى الله عليه وسلم أن يتعلم شعرا ولا يكتب.

[ (2) ] يحيى بن المتوكل العمري أبو عقيل المدنيّ، ويقال: الكوفيّ الحذاء الضرير، صاحب بهية، مولى العمريين، روى عن أبيه، وأمه أم يحيى وبهية ويحيى بن سعيد الأنصاريّ وغيرهم، عن يحيى بن معين وهو ضعيف، وليس حديثه بشيء، وعن عليّ بن المديني كذلك، كما ضعفه النسائي وغيره، قال ابن قانع: مات سنة (167) . له ترجمة في: (تهذيب التهذيب) :

11/ 237، (تاريخ بغداد) : 14/ 108، (الكامل في ضعفاء الرجال) : 7/ 206- 208.

ص: 103

_________

[ () ](3)(فتح الباري) : 5/ 380، كتاب الصلح، باب (6) كيف يكتب «هذا ما صالح فلان بن فلان فلان ابن فلان» وإن لم ينسبه إلى قبيلته أو نسبه، حديث رقم (2699) .

قال الحافظ: وقد تمسك بظاهر هذه الرواية أبو الوليد الباجي، فادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بيده بعد أن لم يكن يحسن يكتب، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه، ورموه بالزندقة، وأن الّذي قاله يخالف القرآن، حتى قال قائلهم:

برئت ممن شرى دنيا بآخرة

وقال إن رسول اللَّه قد كتبا

فجمعهم الأمير فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة وقال للأمير: هذا لا ينافي القرآن، بل يؤخذ من مفهوم القرآن، لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن، فقال: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ وبعد أن تحققت أمنيته، وتقررت بذلك معجزته، وأمن الارتياب في ذلك، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم فتكون معجزة أخرى.

وذكر ابن دحية أن جماعة من العلماء وافقوا الباجي في ذلك، منهم شيخه أبو ذر الهرويّ، وأبو الفتوح النيسابوريّ، وآخرون من علماء إفريقية وغيرها، واحتج بعضهم لذلك بما أخرجه ابن أبي شيبة، وعمر بن شبة، من طريق مجاهد عن عون بن عبد اللَّه قال:«ما مات رسول اللَّه حتى كتب وقرأ» قال مجاهد: فذكرته للشعبيّ فقال: صدق، قد سمعت من يذكر ذلك.

ومن طريق يونس بن ميسرة على أبي كبشة السلوليّ، عن سهل بن الحنظلية» أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاوية أن يكتب للأقرع وعيينة، فقال عيينة: أتراني أذهب بصحيفة المتلمس؟ فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصحيفة فنظر فيها فقال: قد كتب لك بما أمر لك» . قال يونس: فنرى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتب بعد ما أنزل إليه.

قال عياض: وردت آثار تدل على معرفة حروف الخط وحسن تصويرها،

كقوله لكاتبه:

«ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك» ،

وقوله لمعاوية: «ألق الدواة وحرف القلم، وأقم الباء، وفرق السين ولا تعور الميم» ،

وقوله: «لا تمد بسم اللَّه» .

قال: وهذا وإن لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم كتب، فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة، فإنه أوتى من كل شيء.

وأجاب الجمهور بضعف هذه الأحاديث. وعن قصة الحديبيّة بأن القصة واحدة، والكاتب فيها عليّ، وقد صرح في حديث المسور بأن عليا هو الّذي كتب، فيحمل على أن النكتة في

ص: 104

البراء، قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبي أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول اللَّه، فقالوا: لا نقرّبها، فلو نعلم أنك رسول اللَّه ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد اللَّه، فقال: أنا رسول اللَّه، وأنا محمد بن عبد اللَّه، ثم قال لعليّ بن أبي طالب: امح رسول اللَّه، قال: لا واللَّه لا أمحوك أبدا، فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الكتاب

- وليس بحسن يكتب- فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللَّه. وذكر الحديث.

ووقع في (أطراف أبي مسعود الدمشقيّ) أنه صلى الله عليه وسلم أخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب،

فكتب: مكان «رسول اللَّه» : «محمدا» وكتب: «هذا ما قاضى عليه محمد» .

وأخرجه الإسماعيلي، وقال ابن دحية في كتاب (التنوير) بعد أن عزاها إلى أبي مسعود: هي زيادة متلوّة ليست في (الصحيحين) ، وغفل- رحمه الله عن وقوعها في (صحيح البخاريّ) ، كما بيّنا، وليس في هذه الزيادة

[ () ] قوله: «فأخذ الكتاب وليس يحسن يكتب» لبيان أن

قوله: «أرني إياها»

أنه ما احتاج إلى أن يريه موضع الكلمة التي امتنع علي من محوها، إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة، وعلى أن قوله بعد ذلك:«فكتب» فيه حذف، تقديره: فمحاها، فأعادها لعليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكتب، وبهذا جزم ابن التين، وأطلق كتب بمعنى أمر الكتابة، وهو كثير كقوله: كتب إلى قيصر، وكتب إلى كسرى، وعلى تقدير حمله على ظاهره، فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف في ذلك اليوم وهو لا يحسن الكتابة أن يصير عالما بالكتابة ويخرج عن كونه أميا، فإن كثيرا ممن لا يحسن الكتابة يعرف تصور بعض الكلمات ويحسن وضعها وخصوصا الأسماء، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا ككثير من الملوك ويحتمل أن يكون جرت يده بالكتابة حينئذ وهو لا يحسنها، فخرج المكتوب على وفق المراد، فيكون معجزة أخرى في ذلك الوقت خاصة، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا. وبهذا أجاب أبو جعفر السمناني- أحد أئمة الأصول من الأشاعرة- وتبعه ابن الجوزي، وتعقب ذلك السهيليّ وغيره، بأن هذا وإن كان ممكنا ويكون آية أخرى، لكنه يناقض كونه أميا لا أن يصير يكتب بعد ذلك لعادت الشبهة. (فتح الباري) :

7/ 641- 642، كتاب المغازي، باب (44) عمرة القضاء، حديث رقم (4251) .

ص: 105

دليل، فقد تقرر في موضعه أن المقيد يقضي على المطلق،

ففي الرواية الأخرى: فأمر عليا فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللَّه، وله طرق عديدة في (الصحيحين) وغيرهما.

قال ابن دحية: وذكر عمر بن شبة في كتاب (الكتاب) له، أنه صلى الله عليه وسلم كتب يوم الحديبيّة بيده، ونحى في قوله إلى أنه قصر الكتاب عالما به في ذلك الوقت، ولم يعلمه قبله، وإن ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم، أن تعلم الكتاب في وقته، لأن ذلك خرق للعادة.

وقال بهذا القول بعض المحدثين، منهم أبو ذرّ الهروي، وأبو الفتح النيسابورىّ، والقاضي أبو الوليد الباجي، وصنف في ذلك كتابا، وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم كتب ذلك اليوم غير عالم بالكتابة، ولا مميز لحروفها، لكنه أخذ العلم بيده، فخط به ما لم يميزه هو فإذا هو كتاب ظاهر بين على حسب المراد.

قال: وذهب إلى ذلك القاضي أبو جعفر السمنانيّ الأصوليّ، قال الباجي:

كان من أوكد معجزاته صلى الله عليه وسلم أن يكتب من غير تعلم، قال ابن دحية: وهذا كله ليس بشيء، وقد ردّ على الباجي فيما ذهب إليه من ذلك ابن معوذ، وسمّع عليه بسبب المقالة، وتبعه كثير من فقهاء الأندلس وغيرهم بموافقته، منهم.

محمد بن إبراهيم الكناني، وأجاد فيما كتب، وبين أن ذلك لا يبطل المعجزة، واستأنس بمفهوم وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ وحكى في أثناء ذلك عن بعض أهل الأدب أنه زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن الشعر ولكنه كان لا يتعاطاه، قال: وإن ذلك أتم وأكمل مما لو قلنا إنه كان لا يحسنه.

وحكى البغوي في (التهذيب) الخلاف، فقال: وقيل: كان يحسن الخط ولا يكتب، ويحسن الشعر ولا يقوله، والأصح أنه كان لا يحسنهما، ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئة.

وقال القضاعي في (عيون المعارف) : أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن له أن يقول شعرا، ولا أن ينقله، وألحق الماوردي بقول الشعر روايته وبالكتابة والقراءة أي في كتاب لقوله- تعالى-: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ قال موسعة والصواب أن اللَّه- تعالى- إنما سأل نبيه صلى الله عليه وسلم ما فضّل به ملائكته

ص: 106

مع إعلاء ذكره وما خصّه به من بين أنبيائه إلا لما هو أفضل منه وأقوم بحجته على الكافرين به، وهو أنه صلى الله عليه وسلم بعث في زمن الفصاحة والبلاغة، فلو كان ممن يقرأ ويكتب لتوجه للطاعن الطعن مع أنه مع شدة فصاحة أهل بيته وتميزهم فيها على فصاحة قريش كلها وإتقان المعرفة بالكتابة والخط أن يأتي بما أتى به من القرآن فيتبع لقريش الحجة بذلك، وحاش له معرفة الكتابة ليكون له ذلك معجزا يبطل به دعواهم، ويحصن، حجتهم ويكذب أقوالهم، إذ كان قد أتى العرب من رجل أي ما أنجزه، ومنعهم عن الإتيان بمثله.

ص: 107