الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما صنع اللَّه تعالى له في إلقاء محبته صلى الله عليه وسلم في قلب هند بنت عتبة بعد مبالغتها في شدة عداوته
فقال الواقدي [ (1) ] : فحدثني ابن أبي سبرة عن موسى بن عقبة، عن أبي حبيبة مولى الزبير، عن عبد اللَّه بن الزبير- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة، وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عكرمة بن أبي جهل، وأسلمت امرأة صفوان بن أمية البغوم بنت المعذل بن كنانة، وأسلمت فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وأسلمت هند بنت منبه بن الحجاج، وهي أم عبد اللَّه بن عمرو بن العاص في عشر نسوة من قريش فأتين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح فبايعنه، فدخل عليه وعنده زوجته وابنته فاطمة، ونساء من نساء بني عبد المطلب، فتكلمت هند بنت عتبة فقالت: يا رسول اللَّه الحمد للَّه الّذي أظهر الدين الّذي اختاره لنفسه لتمسني رحمتك، يا محمد إني امرأة مؤمنة باللَّه مصدقة، ثم كشفت عن نقابها فقالت:
هند بنت عتبة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: مرحبا بك، فقالت: واللَّه يا رسول اللَّه ما كان على الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ولقد أصبحت وما على الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وزيادة أيضا، ثم قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليهنّ القرآن وبايعهن فقالت هند من بينهن: يا رسول اللَّه فما نماسحك، فقال: إني لا أصافح النساء إن قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة، ويقال: وضع على يده ثوبا ثم مسحن على يده يومئذ، ويقال: كان يؤتي بقدح من ماء فيدخل يده فيه ثم يدفعه إليهن فيدخلن أيديهن فيه والقول الأول أثبت عندنا: إني لا أصافح النساء.
قال كاتبه: وقد ثبت في الصحيحين وسنن النسائي، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أنها قالت: لا واللَّه ما مست يده يد امرأة قط في
[ (1) ](مغازي الواقدي) : 2/ 850- 851.
المبايعة، ما بايعهن إلا بقوله قد بايعتكن على ذلك، وفي لفظ: واللَّه ما مست يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه بايعهن بالكلام.
وخرّج النسائي من طريق مالك، عن محمد بن المنكدر، عن أميمة بنت رفيقة قال: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه على الإسلام، فقلت: يا رسول اللَّه نبايعك على أن لا نشرك باللَّه شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف، قال: فيما استطعتن وأطقتن، فقلت: اللَّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا نبايعك يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو كمثل قولي لامرأة واحدة، ترجم عليه بيعة النساء، وذكره أيضا في التفسير.
وقد خرّج البخاريّ ومسلم قول هند، فخرجه البخاريّ في الأحكام من حديث أبي اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليّ أن يعزهم اللَّه.
وقال البخاريّ: أن يعزوا من أهل خبائك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأيضا والّذي نفسي بيده، ثم قالت: يا رسول اللَّه إن أبا سفيان رجل ممسك، وقال البخاري:
مسيك فهل عليّ حرج أن أنفق على عياله من ماله بغير إذنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
لا حرج عليك أن تنفقي عليهم بالمعروف، وقال البخاريّ: فهل عليّ حرج من أن أطعم من الّذي له عيالنا؟ فقال لها: لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف.
ولم يقل في الحديث: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأيضا والّذي نفسي بيده [ (1) ] .
وخرّج البخاريّ في كتاب النذور في باب كيف كانت بمين النبي صلى الله عليه وسلم من حديث يحيى بن بكير، عن الليث، عن يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير، وخرّجه في آخر كتاب المناقب تعليقا وقال عبدان: حدثنا يونس، عن الزهري قال حدثني عروة.
[ (1) ] سبق تخريجه وشرحه.
وخرّج مسلم من حديث يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي الزهريّ، عن عمه قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت: يا رسول اللَّه ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليّ أن يذلوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليّ أن يغزوا من أهل خبائك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وأيضا، الّذي نفسي بيده قالت:
يا رسول اللَّه إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل عليّ حرج أن أطعم من الّذي له عيالنا؟ قال لها: لا، إلا بالمعروف، وقال البخاريّ: قال: إلا بالمعروف وقال في حديث الليث: وأيضا والّذي نفس محمد بيده، وقال فيه: أهل خباء من أهل خبائك أو أخبائك في الموضعين.
وذكره في كتاب (النفقات) مختصرا محذوفا من حديث يونس، عن ابن شهاب أخبرني عروة، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: جاءت هند بنت عتبة فقالت: يا رسول اللَّه إن أبا سفيان رجل مسيك فهل عليّ حرج أن أطعم من الّذي له عيالنا؟ قال: لا، إلا بالمعروف [ (1) ] .
وخرّجاه مختصرا من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وخرجه كذلك النسائي فظهر صحة حديث الواقدي.
تم بحمد اللَّه تعالى الجزء الثالث عشر ويليه الجزء الرابع عشر وأوله:
وأما إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب بما حدث به نفسه يوم الفتح من عوده إلى المحاربة وبما قاله لهند
[ (1) ](فتح الباري) : 9/ 629، كتاب النفقات، باب (4) نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد، حديث رقم (5359) .