الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالثة: كان له صلى الله عليه وسلم الاستبداد بخمس خمس الفيء والغنيمة وبأربعة أخماس الفيء فينفرد صلى الله عليه وسلم بذلك
قال ابن سيده: والغنم والغنيمة والمغنم، الفيء، وغنم الشيء غنما، فاز به وتغنمه واغتنمه، وانتهز غنمه واغتنمه الشيء جعله له غنيمة [ (1) ]، قال:
والفيء الغنيمة، وقد فيئت فيئا واستفأت.
وكانت الغنيمة لغة: ما يناله الرجل والجماعة بسعي، غير أنهم جعلوا على أن المراد بقوله- تعالى-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فإنما هو مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر، وهذا التخصيص لا تقتضيه اللغة [ (2) ] ، لكن عرف الشرع قيد اللفظ بهذا النوع، وسمى الشرع ما يصل من أموال الكفار باسمين: هما الغنيمة، والفيء ما ناله المسلمون من عدوهم بسعي كما تجاف الخيل والركاب يسمى غنيمة، ولزم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عرفيا، وكل مال دخل على المسلمين من غير حرب، ولا إيجاف، فخراج الأرضين وجزية الجماجم، وخمس الغنيمة، ونحو ذلك مما يؤخذ من المشركين عفوا يسمى فيئا.
[ (1) ](لسان العرب) : 12/ 445- 446.
[ (2) ] قال الأزهري: الغنيمة ما أوجف عليه المسلمون بخيلهم وركابهم من أموال المشركين، ويجب الخمس لمن قسمه اللَّه له، ويقسم أربعة أخماسها بين الموجفين: للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم واحد. وأما الفيء فهو ما أفاء اللَّه من أموال المشركين على المسلمين بلا حرب ولا إيجاف عليه، مثل جزية الرءوس وما صولحوا عليه فيجب فيه الخمس أيضا لمن قسمه اللَّه، والباقي بصرف فيما يسدّ الثغور من خيل، وسلاح وعده، وفي أرزاق أهل الفيء، وأرزاق القضاة، ومن غيرهم، ومن يجري مجراهم.
وقد تكرر في الحديث ذكر الغنيمة، والمغنم، والغنائم، وهو ما أصيب من أموال أهل الحرب، وأوجف عليه المسلمون الخيل والركاب. (لسان العرب) : 12/ 446.
وقال عطاء بن السائب: الغنيمة ما ظهر عليها من أموال المشركين والفيء ما ظهر عليه من الأرضين، والأصل في الغنيمة قول اللَّه- تعالى-:
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [ (1) ] والأصل في الفيء قوله- تعالى-:
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [ (2) ] وقد كانت الغنيمة محرمة على الأنبياء وأحلها اللَّه- تعالى- لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فجعلها اللَّه- تعالى- ملكا له صلى الله عليه وسلم خالصا دون غيره لقوله- تعالى-: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [ (3) ] والأنفال هي الغنائم، والنفل هو الزيادة من الخير، فسميت الغنائم أنفالا لأنها زيادة، ثم نسخ اللَّه- تعالى- هذه الآية بقوله- تعالى-:
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ [ (4) ] الآية. وقال أبو عمر بن عبد البر: وأجمع على أن هذه الآية نزلت بعد قوله- تعالى-: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ [ (5) ] وإن أربعة أخماس الغنيمة مقسومة على الغانمين، وعن قوله- تعالى-: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ [ (6) ] نزلت في حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر، انتهى.
فلما أضاف- تعالى- مال الغنيمة إلى الغانمين، ثم استثنى منه خمسه لرسوله صلى الله عليه وسلم، ومن سمى معه من أهل الخمس بقوله- تعالى-: لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ دل على أن الباقي من بعد أخماسه ملك الغانمين، فصار مال الغانمين مقسوما على خمسة وعشرين سهما منها لأهل الخمس، وهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وذي القربى،
[ (1) ] الأنفال: 41.
[ (2) ] الحشر: 7.
[ (3) ] الأنفال: 1.
[ (4) ] الأنفال: 41.
[ (5) ] الأنفال: 1.
[ (6) ] الأنفال: 1.