الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما نعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيدا وجعفرا وعبد اللَّه بن رواحة يوم قتلوا بمؤتة قبل أن يأتي خبرهم إلى الناس
فخرّج البخاريّ من حديث حماد بن زيد عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم قال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف اللَّه، حتى فتح اللَّه عليهم. ذكره في غزوة مؤتة [ (1) ] وفي المناقب [ (2) ] والإسناد واحد.
وخرّج في كتاب الجهاد [ (3) ] من طريق ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال:
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 652، كتاب المغازي، باب (45) غزوة مؤتة من أرض الشام، حديث رقم (4262) .
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 126، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (25) مناقب خالد بن الوليد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، حديث رقم (3757) ، وشهد خالد بن الوليد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- عدة مشاهد ظهرت فيها نجابته، ثم كان قتل أهل الردة على يديه، ثم فتوح البلاد الكبار، ومات على فراشه سنة إحدى وعشرين، وبذلك جزم ابن نمير، وذلك في خلافة عمر بحمص،
وقد أخرج الحاكم وابن حبان من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى، قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف اللَّه صبّه اللَّه على الكفارة.
[ (3) ](فتح الباري) : 6/ 221، كتاب الجهاد، باب (183) من تأمر في الحرب من غيره إمرة إذا خاف العدو، حديث رقم (3063) . قال ابن المنير: يؤخذ من حديث الباب أن من تعين لولاية وتعذرت مراجعة الإمام أن الولاية ثبتت لذلك المعين شرعا، وتجب طاعته حكما، ولا يخفى أن محله ما إذا اتفق الحاضرون عليه، قال: ويستفاد منه صحة مذهب مالك في أن المرأة إذا لم يكن لها وليّ إلا السلطان، فتعذر إذن السلطان أن يزوجها الآحاد، وكذا إذا غاب إمام الجمعة قدم الناس لأنفسهم.
خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد اللَّه بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة، ففتح اللَّه عليه وما يسرني- أو قال: وما يسرهم- أنهم عندنا وقال: وإن عينية لتذرفان، ترجم عليه باب من تأمر في الحرب من غير إمرة.
وخرّجه في الجنائز [ (1) ] في الرجل يعني إلى أهل الميت بنفسه من حديث عبد الوارث عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد اللَّه بن رواحة فأصيب- وإن عيني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لتذرفان- ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له.
وقال موسى بن عقبة: وقدم يعلي بن منبه على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخبر أهل مؤتة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن شئت فأخبرني وإن شئت أخبرتك، قال: بل أخبرني يا رسول اللَّه، فأخبره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خبرهم كله ووصف له، فقال:
والّذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفا لم تذكره، وإن أمرهم كما ذكرت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم.
[ (1) ](فتح الباري) : 3/ 150، كتاب الجنائز، باب (4) الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه، حديث رقم (1246)، قال ابن المرابط: مراده النعي الّذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح، وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله، لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره، والصلاة عليه، والدعاء له، والاستغفار، وتنفيذ وصاياه، وما يترتب على ذلك من الأحكام.
قال ابن العربيّ: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:
الأولى: دعوة الأهل والأصحاب وأهل الصلاح، فهذا سنة.
الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة، فهذه تكره.
الثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم.
قال الزين ابن المنير: وجه دخول قصة الأمراء في الترجمة، أن نعيهم كان لأقاربهم وللمسلمين، الذين هم أهلهم من جهة الدين. (فتح الباري) .
وخرّج الحاكم [ (1) ] من حديث الحسن بن بشر حدثنا سعدان بن الوليد، عن عطاء، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ ردّ السلام، ثم قال: يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل، وميكائيل وإسرافيل، سلموا علينا فردي عليهم السلام، وقد أخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا قبل ممره على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بثلاث أو أربع فقال: لقيت المشركين فأصبت في جسدي في مقاديمي ثلاثا وسبعين بين رمية وطعنة وضربة، ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقطعت، ثم أخذت باليد اليسرى فقطعت، فعوضني اللَّه من يدي جناحين أطير بهما أخذت مع جبريل وميكائيل، أنزل من الجنة حيث شئت وآكل من ثمارها ما شئت، فقالت أسماء: هنيئا لجعفر ما رزقه اللَّه من الخير، ولكن أخاف أن لا يصدق الناس فأصعد المنبر فأخبر به، فصعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس إن جعفر مع جبريل وميكائيل، له جناحان عوضه اللَّه من يديه سلّم عليّ، ثم أخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين، فاستبان للناس بعد اليوم الّذي أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن جعفر لقيهم، فلذلك سمي الطيار في الجنة.
وخرّج البيهقي [ (2) ] من طريق أبي خليفة الفضل بن حباب الجمحيّ قال:
حدثنا سليمان بن حرب، عن الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمير قال: قدم علينا عبد اللَّه بن رباح الأنصاري، وكانت الأنصار تفقهه فغشيه الناس فغشيته فيمن غشيه من الناس، فقال: حدثنا أبو قتادة فارس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد، فجعفر، فإن أصيب جعفر، فعبد اللَّه بن رواحة، فوثب جعفر فقال: يا رسول
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 232، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، حديث رقم (4937) ، وقد سكت عنه الحافظ الذهبيّ في (التلخيص) ، وحديث رقم (4937) ، وقد حذفه الحافظ الذهبي من (التلخيص) لضعفه.
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 4/ 367- 368، باب ما جاء في غزوة مؤتة، وما ظهر في تأمير النبي صلى الله عليه وسلم أمراءها، ثم في إخباره عن الوقعة قبل مجيء خبرها من آثار النبوة.
اللَّه!: ما كنت أرهب أن تستعمل زيدا عليّ، قال: امض فإنك لا تدري أي ذلك خير، فانطلقوا فلبثوا ما شاء اللَّه فصعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المنبر فأمر فنودي الصلاة جامعة، فاجتمع الناس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: أخبركم عن جيشكم هذا، إنهم انطلقوا فلقوا العدو فقتل زيد شهيدا فاستغفر له، ثم أخذ اللواء جعفر فشد على القوم حتى قتل شهيدا شهد له بالشهادة واستغفر له، ثم أخذ اللواء عبد اللَّه بن رواحة فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا فاستغفر له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء وهو أمر نفسه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره. فمن يومئذ سمى خالد: سيف اللَّه.
وقال الواقدي في (مغازيه)[ (1) ] : حدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة، وحدثني عبد الجبار بن عمارة، عن عبد اللَّه بن أبي بكر زاد أحدهما على صاحبه في الحديث قالا: لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام، فهو ينظر إلى معتركهم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أخذ الراية زيد بن حارثة، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة وكرّه إليه الموت وحبب إليه الدنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تحبب إليّ الدنيا، فمضى قدما حتى استشهد، فصلى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: استغفروا له فقد دخل الجنة وهو يسعى، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فجاءه الشيطان فمناه الحياة وكره إليه الموت، ومناه الدنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا، ثم مضى قدما حتى استشهد. فصلى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: استغفروا لأخيكم فإنه شهيد دخل الجنة. فهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث شاء من الجنة، ثم أخذ الراية بعده عبد اللَّه بن رواحة فاستشهد، ثم دخل الجنة فشق ذلك على الأنصار فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أصابته الجراح معترضا قيل: يا رسول اللَّه ما اعتراضه؟ قال: لما أصابته الجراح فكل فعاتب نفسه، فشجع فاستشهد، فدخل الجنة، فسرى عن قومه.
[ (1) ](مغازي الواقدي) : 2/ 671- 672.
وخرّج الإمام أحمد [ (1) ] من طريق ابن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر، عن أم عيسى، عن أم جعفر ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء ابنة عميس قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [وقد دبغت أربعين منيئة، وعجنت عجيني، وغسلت بنيّ، ودهنتهم، ونظفتهم]، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ائتيني ببني جعفر، قالت: فأتيته بهم، فشمّهم وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول اللَّه! بأبي أنت وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: نعم، أصيبوا هذا اليوم [قالت: فكنت أصيح، واجتمع النساء إليّ وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أهله، فقال: لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما فأنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم] .
[ (1) ](مسند أحمد) : 7/ 513- 514، حديث رقم (26546) ، من حديث أسماء بنت عميس، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.