الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك الأشجعيّ بقصة الجزور المنحور في غزاة ذات السلاسل
فقال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حبيب قال:
حدثت عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنت في الغزوة التي بعث فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- غزوة ذات السلاسل، فصبحت أبا بكر، وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فمررت بقوم وهم على جزور قد نحروها، وهم لا يقدرون على أن يعضوها، وكنت أمرأ جزارا، فقلت لهم: تعطوني منها عشيرا على أن أقسمها بينكم؟
فقالوا: نعم، فأخذت الشفرتين، فجزيتها مكاني وأخذت جزاء، فحملته إلى أصحابي، فأطعمنا، وأكلنا.
فقال أبو بكر وعمر: أني لك هذا اللحم يا عوف؟ فأخبرتهما، فقالا: لا واللَّه ما أحسنت حين أطعمتنا هذا، ثم قاما يتقيئان ما في بطونهما منه، فلما قفل الناس من ذلك السفر كنت أول قادم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجئته وهو يصلي في بيته، فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، فقال عوف بن مالك؟ فقلت: نعم بأبي أنت وأمي، فقال صاحب الجزور؟ ولم يزدني على ذلك شيئا [ (1) ] .
قال البيهقيّ [ (2) ] : قصر بإسناده محمد بن إسحاق، ورواه سعيد بن أبي أيوب، وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط أخبره عن مالك قال: غزونا وعلينا عمرو بن العاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وفينا عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فأصابتنا مخمصة شديدة، فانطلقت ألتمس المعيشة، فالتقيت قوما
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 4/ 404- 405، باب ما جاء في الجزور التي نحرت في غزوة ذات السلاسل، وما جرى لعوف بن مالك الأشجعيّ فيها، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عوفا بعلمه بها قبل أن يخبره عوف بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
[ (2) ](المرجع السابق) : 405.
يريدون ينحرون جزورا لهم، فقلت: إن شئتم كفيتم نحرها، وعملها، واعطوني منها، ففعلت، فأعطوني منها شيئا، فصنعته، ثم أتيت عمر بن الخطاب، فسألني من أين هو؟ فأخبرته، فقال: أسمعك قد تعجلت أجرك، وأبى أن يأكله، فلما رأيت ذلك تركتهما، ثم أبردوني في فتح لنا،
فقدمت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: صاحب الجزور؟ ولم يزد على ذلك.
وذكره البيهقيّ [ (1) ] من طريق يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابن عثمان، عن عبد اللَّه بن المبارك، ومن طريق عمرو، وحدثني يعقوب بن الربيع، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، فذكره.
وقال الواقدي- رحمه الله في (مغازيه)[ (2) ] : وكان عوف بن مالك الأشجعيّ رفيقا لأبي بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- في رحلهما، فخرج يوما عوف في العسكر، فمر بقوم في أيديهم جزور، وقد عجزوا عن عملها، وكان عوف هذا عالما بالجزر، فقال: أتعطوني عليها، وأقسمها بينكم؟ قالوا: نعم نعطيك عشيرا منها، فنحرها، ثم جزأها بينهم، وأعطوه منها جزءا، فأخذه، فأتى به أصحابه، فطبخوه، وأكلوا منه، فلما فرغوا قال أبو بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما-: من أين لك هذا اللحم؟ فأخبرهما، فقالا: واللَّه ما أحسنت حين أطعمتنا هذا، ثم قاما يتقيئان، فلما فعل ذلك أبو بكر، وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فعل ذلك الجيش.
قال أبو بكر وعمر لعوف: تعجلت أجرك، ثم أتى أبا عبيدة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال له: مثل ذلك.
وكان عمرو بن العاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حين قفلنا احتلم في ليلة باردة كأشد ما يكون من البرد، فقال لأصحابه: ما ترون؟ قد واللَّه احتملت وإن اغتسلت مت، فدعا بماء، فتوضأ، وغسل فرجه، وتيمم، ثم قام، فصلى بهم، فكان أول من بعث عوف بن مالك بريدا.
[ (1) ](المرجع السابق) : 405.
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 2/ 773.