الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة: صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل
وكانت ثمانية أنواع:
النوع الأول: أن يصلي ثنتي عشرة ركعة يسلم في كل ركعتين، ثم يصلي ركعة واحدة، ويسلم.
وخرّج أبو داود [ (1) ] من طريق مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين.
النوع الثاني: أن يصلي ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين، ثم يصلي خمس ركعات متصلات لا يجلس إلا في آخرهن [ (2) ] .
خرّج النسائي [ (3) ] وغيره من طريق عبدة بن سليمان، قال: حدثنا هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر بينهن بخمس ركعات لا يجلس في شيء من الخمس إلا في آخرهن، ثم يجلس ويسلم.
النوع الثالث:
أن يصلي عشر ركعات يسلم في آخر كل ركعتين، ثم يوتر بواحدة.
خرّج مسلم [ (4) ] من طريق ابن وهب قال: أخبرني وهب، أخبرني عمرو ابن الحارث عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين
[ (1) ](سنن أبي داود) : 1/ 96- 97، كتاب الصلاة، باب (316) في صلاة الليل، حديث رقم (1360) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (1358) .
[ (3) ](سنن النسائي) : 3/ 266- 267، كتاب قيام الليل، باب (41) كيف الوتر بخمس، حديث رقم (1716) .
[ (4) ](مسلم بشرح النووي) : 6/ 262، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (17) صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، حديث رقم (122) .
- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي في ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء- وهي التي تدعو الناس العتمة- إلى الفجر، إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين، ويوتر لواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر، وجاء المؤذن، قام، فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
النوع الرابع: أن يصلي ثماني ركعات لا يجلس في شيء منهن جلوس تشهد إلا في آخرها، فإذا جلس في آخرهن وتشهد قام دون أن يسلم، فأتى بركعة واحدة، ثم يجلس ويتشهد ويسلم.
خرّج مسلم [ (1) ] من حديث سعد بن هشام المتقدم، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فيذكر اللَّه ويحمده، ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد، فيذكر اللَّه- عز وجل، ويحمده، ويدعوه، ثم ينهض، ثم يسلم. الحديث.
وخرّج النسائي [ (2) ] من طريق حماد عن أبي حمزه، عن الحسن، عن سعد ابن هشام، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات يقعد في الثامنة، ثم يقوم فيركع ركعة.
النوع الخامس: أن يصلي سبع ركعات لا يجلس ولا يتشهد إلا في آخر السادسة منهن، ثم يقوم دون تسليم، فيأتي بالسابعة، ثم يجلس ويتشهد ويسلم.
خرّج النسائي [ (3) ] من طريق معاذ بن هشام الدستوائي، حدثنا أبي عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام بن عامر، عن عائشة- رضي
[ (1) ] سبق تخريجه.
[ (2) ](سنن النسائي) : 3/ 67- 68، كتاب السهو، باب (67) أقل ما يجزئ من عمل الصلاة، حديث رقم (1314) ، باب (43) كيف الوتر بتسع، حديث رقم (1719) ، (1920) ، وأخرجه ابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع، حديث رقم (1191) .
[ (3) ](سنن النسائي) : 3/ 67، كتاب قيام الليل، باب (42) كيف الوتر بسبع، حديث رقم (1718) .
اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما كبر وضعف، أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة، ثم ينهض، ولا يسلم، فيصلي السابعة، ثم يسلم تسليمة
…
الحديث.
النوع السادس: أن يصلي سبع ركعات لا يجلس جلوس تشهد إلا في آخرهن، جلس وتشهد وسلم.
خرّج النسائي [ (1) ] من طريق سعيد، حدثنا قتادة عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، أن عائشة أم المؤمنين- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: لما أسنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم، صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن، ثم يصلي ركعتين بعد أن يسلم.
النوع السابع: أن يصلي خمس ركعات متصلات، لا يجلس ولا يتشهد إلا في آخرهن.
خرّج النسائي [ (2) ] من حديث سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرهن.
النوع الثامن: أن يصلي ثلاث ركعات يجلس في الثانية، ثم يقوم دون أن يسلم، ويأتي بالثالثة، ثم يجلس، ويتشهد، ويسلم كصلاة المغرب.
خرّج النسائي [ (3) ] من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة ابن أوفى، عن سعد بن هشام، أن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- حدثته أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم في ركعتي الوتر.
قال محمد بن نصر المروزي: فأما الوتر بثلاث ركعات فإنا لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثابتا مفسرا أنه أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن كما وجدنا عنه أخبارا أنه صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاث، لا ذكر التسليم فيها.
فذكر من طريق يونس عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث،
[ (1) ](المرجع السابق) : باب (42) كيف الوتر بسبع، حديث رقم (1717) .
[ (2) ](المرجع السابق) : باب (41) كيف الوتر بخمس، حديث رقم (1713) .
[ (3) ](المرجع السابق) : باب (36) كيف الوتر بثلاث؟ حديث رقم (1697) .
يقرأ في الأولى ب- سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [ (1) ] وفي الثانية قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [ (2) ] وفي الثالثة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [ (3) ] .
قال مؤلفه: وذكر في الباب عن عمران بن حصين وعائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، وعبد الرحمن بن أبزى، وأنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أسند ذلك محمد بن نصر عنهم من طريق عديدة، ثم قال:
فهذه أخبار منهم، تحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد سلم في الركعتين من هذه التي روى أنه أوتر بها، جائز أن يقال لمن صلى عشر ركعات يسلم بين كل ركعتين: فلا نصلي عشر ركعات، وكذلك إن لم يسلم إلا في آخرهن، جاز أن يقال: يصلي عشر ركعات، والأخبار المفسرة التي لا تحتمل إلا معنى واحدا أولى أن تتبع، ويحتج بها، غير أنا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خيّر الموتر بين أن يوتر بخمس أو بثلاث، أو بواحدة.
وروينا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن، فالعمل بذلك جائز عندنا، والاختيار ما بينا.
فأما الحديث الّذي حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم في ركعتي الوتر.
وفي رواية قد أسندها أيضا: كان لا يسلم في الركعتين الأولين من الوتر قال: فهذا عندنا قد اختصره سعيد من الحديث الطويل الّذي ذكرناه، ولم يقل في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاث لم يسلم في الركعتين الوتر، وصدق في ذلك الحديث، فكان يكون حجة لمن أوتر بثلاث بلا تسليمة في الركعتين، إنما قال: لم يسلم في ركعتي الوتر، وصدق في ذلك الحديث، أنه لم يسلم في
[ (1) ] الأعلى: 1.
[ (2) ] الكافرون: 1.
[ (3) ]
الإخلاص: 1، ثم زاد في آخره «ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ قال عند فراغه: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، يطيل في آخرهن» . المرجع السابق: باب (37) ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبيّ بن كعب في الوتر، حديث رقم (1698) ، (1699) ، (1700) .
الركعتين، ولا في الست، ولم يجلس أيضا في الركعتين، كما لم يسلم فيهما، واللَّه- تبارك وتعالى أعلم.
وقال ابن عبد البر: وأهل العلم يقولون: إن الاضطراب عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- في أحاديثها في الحج، وأحاديثها في الرضاع، وأحاديثها في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وأحاديثها في قصر صلاة المسافر، ولم يأت ذلك إلا منها، لأن الذين يروون ذلك عنها حفاظ أثبات:
القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، والأسود بن يزيد، ومسروق، ونظراؤهم، وقد أجمع العلماء على أن لا حد ولا شيئا مقدرا في صلاة الليل، وأنها نافلة، فمن شاء أطال فيها القيام، وقلت ركعاته، ومن شاء أكثر الركوع والسجود، واللَّه- تبارك وتعالى أعلم.